الفرق أن المؤتمر الوطنى يحكم والشعبى يعارض، هذا اذا تجاهلنا نظرية «اذهب الى القصر رئيساً وساذهب الى السجن حبيساً»، والتى أصبحت بعد المفاصلة فى عام 1999م، بعد عشر سنوات من حكم المؤتمرين معاً «اذهب الى المنشية معارضاً وسأظل فى القصر رئيساً»، والتى قد تكون بعد حين، مصالحة واندماجاً، الفرق أنهم سبعة فى رواية المحبوب عبد السلام «المجهر 3/7/2012م»، وهم خمسة سادسهم الشيخ ابراهيم السنوسى حسب إفادته «المجهر 2/7/2012م»، وأن المفاصلة أبقت على اثنين منهم فى القصر، وذهبت بأربعة منهم الى المنشية، فهذه الافادات المتتالية لاثنين من كبار قيادات تنظيم الحركة الاسلامية «الموحد» الذى حكم بلادنا حتى انقسم فى 1999م الى الوطنى والشعبى، ولم يتغير شيء، ولم تتوفر قناعة لدينا حتى الآن بأن هناك شيئاً تغير فى فكر الجماعة او سلوكها، ولم تختلف الحبكات الدرامية والفبركات الفكرية والسياسية التى استندت إليها الحركة الاسلامية فى الاستيلاء على السلطة فى 1989م، او التبريرات لطرفى المفاصلة، وأننى اذ استغرب لافادات واعترافات الشيخ السنوسى بأنهم دبروا ونفذوا الانقلاب، فالاكثر غرابة حديثه عن المشروع الحضارى، «المشروع الحضارى انتهى، لتغير سلوك الحكام فساداً وظلماً، مخالفين دولة الإسلام»، يا شيخنا هل ظهر الظلم والفساد بعد المفاصلة؟ اين البضع التى اعترف بها الدكتور الترابى وهو رئيس البرلمان ويجلس على قمة الهرم التشريعى فى البلاد؟، يا شيخنا لقد بدأ ظلمكم منذ لحظة الاستيلاء على السلطة، ولا أحد يقول إن الوضع قد تغيرت وتيرته بعد المفاصلة، ولكننا رأينا الأسوأ، هذا تاريخكم ولن يمحى لمجرد أنك ومجموعتك خارج دست الحكم. ويمضى الشيخ السنوسي ليؤكد ذلك بقوله إن الإنقاذ لم يبق فيها شيء في القلب، ويتحسر الشيخ السنوسى حين يقول لوعادت الايام لن يكونوا خيارنا، يعترف بالوهم حين يقول الاستاذ المحبوب «كنا واهمين حينما ظننا أن تجربة الإسلاميين يمكن أن تصحح التاريخ الإسلامي». ويمضى للقول: «فى بداية الانقاذ كانوا على قلب رجل واحد، وكانوا يظنون أن لهم مشروعاً لانقاذ السودان، ولتصحيح التاريخ الاسلامي منذ الخلافة الراشدة»، هكذا اذن !! الاستاذ المحبوب عبد السلام في افادته للصحيفة قال كانوا سبعة، وستة كما يقول الشيخ ابراهيم السنوسى، لا فرق. وهم من خططوا ونفذوا انقلاب الإنقاذ فى يونيو 89م، واختلاف العدد قد يبدو شكلياً، ولكن له دلالات عميقة تتجاوز الارقام والأسماء التى أصبحت معروفة. وهنا أو هناك توجد مجموعة صغيرة تتحكم فى كل شيء، وتدير الامور من وراء ستار، والمجموعة انقسمت حسب تداعيات المفاصلة «قصر منشية»، وكونت فيما بعد المؤتمرين الوطنى والشعبى، وأن الايام لو عادت بهم كما افاد السنوسى لن يكون «علي عثمان» نائباً للأمين العام للحركة الاسلامية، وهو مسؤول عن الحصل قبل «عمر البشير» المجهر السياسى 3/7/2012م، فيما اكد المحبوب أن الانقاذ انتهت فى 1999م، وحاول أن يبرئ الترابى من مسؤولية الانقلاب، حيث افاد بأن الشيخ الترابى وعدداً من الاكاديميين كانوا بعكس «يس عمر الإمام وآخرين.. كانوا يريدون تأسيس عمل عسكرى». وبتاريخ 28 مارس 1998م قبل المفاصلة بشهور قليلة، وقع الدكتور حسن الترابى على دستور السودان لسنة 1998م، بصفته رئيساً للمجلس الوطنى، ذلك الدستور الذى نصت المادة «132» منه، على أن لرئيس الجمهورية أثناء حالة الطوارئ أن يتخذ بموجب قانون أو أمر، أياً من التدابير الآتية: «أ» أن يعلق بعضاً أو كلاً من الاحكام المنصوص عليها في فصل الحريات والحرمات والحقوق الدستورية.. الخ «ب» أن يحل أو يعلق أياً من الأجهزة الولائية، أو تعلق السلطات الممنوحة للولايات، بموجب الدستور، ويتولى بنفسه أعباء تلك الاجهزة وممارسة السلطات، أو يقرر الكيفية التى تُدار بها شؤون الولاية المعنية. المادة «134» نفاذ حالة الطوارئ، ينتهى نفاذ حالة الطوارئ فى أي من الحالات الاتية: أ انقضاء ثلاثين يوماً من صدور الاعلان اذا لم يوافق المجلس الوطنى بقرار على مد أجله، ب انقضاء الاجل الذى قرره المجلس، ج صدور إعلان عن رئيس الجمهورية برفع حالة الطوارئ، المادة «137» يستمر العمل بالمرسوم الدستورى الرابع عشر «تنفيذ اتفاقية السلام» لسنة 1997م، وهى الاتفاقية التى عُرفت باتفاقية الخرطوم للسلام، ووقع عليها الدكتور لام أكول التى تم تضمينها فى دستور 98م، وتنص المادة «139» «ز» على أن لجنوب السودان نظاماً انتقالياً لأجل يكون فيه اتحادياً وتنسيقياً للولايات الجنوبية، وينتهى بممارسة حق تقرير المصير، وبموافقة الدكتور الترابى رئيس المجلس الوطنى دارت رحى الحرب ردحاً من الزمان، وظلت البلاد فى حالة طوارئ حتى تم رفعها بعد توقيع اتفاقية القاهرة في عام 2005م. وبعد، هذه صحيفتكم، ولن ننساها إن نسيتم، ولا يمكن لعاقل أن يحسن الظن فيكم ويتوهم أن تساهموا إيجابياً على صعيد الحريات، أو استعادة الديمقراطية، ولذلك سيطول الانتظار حتى توقعوا على الإعلان الدستورى لقوى الاجماع الوطنى، وكفى، وهكذا تقومون بتصحيح التاريخ الإسلامى منذ الخلافة الراشدة !! المؤتمرون قبلوا دعوة الدكتور على الحاج حين قال: «خلوها مستورة»، وسوف لن نألو جهدنا في كشف المستور. أليس عليكم الاعتذار أهل المؤتمر الشعبي؟ هذا إن كنتم صادقين!!