خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    (خطاب العدوان والتكامل الوظيفي للنفي والإثبات)!    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    البرهان يزور جامعة النيلين ويتفقد مركز الامتحانات بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالجامعة    وزير الصحة المكلف ووالي الخرطوم يدشنان الدفعة الرابعة لعربات الإسعاف لتغطية    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    كمين في جنوب السودان    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير الإثيوبي: وضعنا أقدامنا على اليابسة وتنفس شعبنا الصعداء بفضل حسن تطبيق الفيدرالية
مركز أبحاث السلام يضع الفيدرالية الإثيوبية تحت المجهر
نشر في الصحافة يوم 14 - 07 - 2012

(نعم نحن نعد من الدول الأقل نمواً على كوكب الارض..وعانينا من الحروب الاهلية متبوعة بالفقر والتخلف..ولكننا وبعد نحو 21 عاما وضعنا اقدامنا على اليابسة وتنفس شعبنا الصعداء ونخطو بثبات لنكون ضمن افضل الدول الجاذبة للاستثمار في العالم وذلك بفضل الفيدرالية وحسن التطبيق)..هكذا بدأ السفير فوق العادة ومفوَّض الحكومة الإثيوبية في السودان أبادي زمو ،في الورقة التي تلاها خلال محاضرة نظمها مركز ابحاث السلام بجامعة الخرطوم في قاعة الشارقة مؤخراً.
وأمادو وهو قيادي في الجبهة الديموقراطية، ومقاتل تعرفه احراش وجبال الحبشة،خلال فترة المقاومة لنظام الدرق الذي قاده مانقستو هايلي مريام،وبترت يده-أي امادي- في احدى المعارك كما يروي سفير السودان السابق في اثيوبيا عثمان السيد،بالفأس، ويرى امادي انه قبل 20 عاما كانت كل المؤشرات والتوقعات تؤكد ان اثيوبيا في طريقها الى تكرار تجربة يوغسلافيا او الصومال، ولكن الآن وبعد 21 عاما اصبحنا اكثر وحدة ونتقدم بصورة تدهش وتذهل العالم، لافتاً الى انه من السهل ان تضع يدك على اسباب المشكلة..ولكن العبرة في التنفيذ والتطبيق.
يقول السفير الاثيوبي في ورقته ان الهدف من اعداد هذه الورقة هو اثارة النقاش حول القضايا الاساسية في السياسة الاثيوبية والتي لها علاقة وطيدة او مشابهة في الدول الافريقية الاخرى، ان لم تكن جلها .. والورقة لا تذهب بعيدا في تناول تلك القضايا بقدر ما انها تهدف الى تحويل الانظار والاهتمام لمزيد من البحوث..
وبينما تظل اثيوبيا في عداد البلدان الاقل نموا في العالم.. الا ان المؤشرات تؤكد انها تتغير وبسرعة وهذا يعود الى النقلة النوعية الجديدة في السياسات التي تتبعها في (اخذ التنوع كأساس للوحدة)، بجانب ان النقلة النوعية الجديدة تنظر للسلام والديمقراطية والتنمية كأعمدة ثابتة لبقاء أية دولة.. والتي تتطلب تطبيقها كحزمة واحدة وليست مفرقة متعاقبة الواحدة تلو الآخر..
أزمة القوميات وشروط المنتصر:
واستعرض أبادي خلال ورقته ماضي اثيوبيا..مشيراً الى انها دولة لها جذور ضاربة في التاريخ، والتي تعود الى عهد الامبراطورية (الأكسومية) في الألفية الاولى قبل الميلاد وحتى القرن العاشر الميلادي..ويؤكد ان اثيوبيا الحديثة اخذت شكلها الحديث في نهاية القرن التاسع عشر، تحت لواء الامبراطور منليك.. نجح الامبراطور منليك في توسيع حدود اراضي الحبش جنوبا وشرقا وغربا.. وهذا التوسع نتج عنه السيطرة على مجموعات تقليدية، لها لهجاتها ولغاتها الخاصة، بجانب انها تعتنق ادياناً مختلفة (اسلام وديانات تقليدية)، اضافة الى ان هذه المجموعات لها اسس وملامح اقتصادية خاصة ونظام حكم خاص بها.. وسعى الامبراطور منليك والاباطرة الذين تعاقبوا بعده الى نقل مجموعاتهم غير المتجانسة الى (الامة- الاثيوبية المتجانسة).. وكانت الاستراتيجية المستخدمة لهذا الهدف هو نشر او فرض الهوية القائمة - وهي فرض هوية المنتصر وثقافته ولغته ودينه مع انكار ورفض لغات وثقافات واديان المجموعات الاخرى المهيمن عليها - وفي حالات عديدة - فقدت المجموعات المهزومة اراضيها التقليدية والاستفادة منها، لصالح المجموعات الغازية.. وكان نتاج ذلك ظهور عدد من الثوار في خمسينيات القرن الماضي في مناطق (التقراي، الارومو) وفي مناطق اخرى.. كما ظهرت حركة احتجاجات ومنظمات من المزارعين في مناطق الامهرا..
في ستينيات القرن الماضي بدأ طلاب جامعة اديس ابابا في اثارة قضايا الامم والقوميات، وبذلك اعلنوا الحرب ليس ضد (لوردات الاقطاع) فحسب، وانما ايضا ضد الاستعباد والقهر للقوميات..
احد قادة الطلاب المشهورين ويدعى (وولقن) وهو امهري كتب في العام 1969م، في مجلة الطلاب ان (اثيوبيا ليست دولة واحدة، وانما مكونة من عشرات القوميات التي لها لغاتها الخاصة، وطريقة اللبس الخاص بها.. وتاريخها ، وعاداتها الاجتماعية وكيانها)، وتساءل عماذا تعني الدولة..؟ ورد بالقول «أليست الدولة مكونة من شعب له لغة خاصة، وطرق لبس خاصة به، وتاريخ خاص، وبالتالي فان اثيوبيا تضم شعب الارومو، وشعب التقراي، وشعب الامهرا.. لذلك يجب ان تكون هناك دولة جديدة، دولة تساهم فيها كل القوميات بالتساوي في ادارة شؤونها، دولة تمنح فيها كل القوميات فهي متساوية للحفاظ وتنمية لغاتها وتاريخها.. دولة لا تسيطر فيها قومية على اخرى)..وتبعا لهذه المفاهيم مع ارتفاع وتيرة المشاكل والتظلمات الاجتماعية، هب كل الشعب الاثيوبي ضد الامبراطور هيلا سلاسي، مما اضعف النظام واخيرا اقتلاعه واسقاطه، ولما لم تكن هناك احزاب سياسية منظمة، قفز الجيش الى السلطة وظل يحكم لنحو 17 عاما... وخلال حكم الجيش نجحت العديد من المنظمات الوطنية في تنظيم نفسها وبدأت تحارب وتقاتل النظام العسكري الوطني والذي كان مدعوما من السوفيت.. ومن بين تلك التنظيمات والقوى المسلحة كانت (جبهة تحرير اريتريا) و(الجبهة الديمقراطية للشعب الاثيوبي) ، وفي اقليم التقراي ظهرت (جبهة تحرير شعب التقراي)، والتي قاتلت نظام (الدرق) لنحو 17 عاما قتل فيها اكثر من 60 ألف مقاتل ونحو 100 ألف معاق ..
ضربة البداية (مؤتمر أديس 1991):
ويشير ابادي الى انه في العام 1991 خرجت جبهة تحرير ارتريا والجبهة الديمقراطية للشعب الاثيوبي - منتصرتان في حربهما ضد نظام منقستو هايلي مريام.. واقامت الجبهة الديمقراطية حكومة من كوادرها.. استمرت فقط لشهر واحد، وذلك للتحضير والترتيب لمؤتمر، وكان هذا المؤتمر علامة فارقة لوضع لبنات واساس متين لدولة اثيوبيا الحالية، لأن الجبهة الديمقراطية الحاكمة، لو اصرت في ذلك الوقت للانفراد بالحكم.. لكان مصير اثيوبيا الآن هو مصير يوغسلافيا او الصومال، كما تنبأ الكثيرون.. ولكن الجبهة الديمقراطية اتخذت قرارا حكيما، بدعوة كل الفصائل المسلحة وغير المسلحة، والشخصيات القومية المعروفة من داخل وخارج البلاد.. وكان في ذلك الوقت توجد 17 مجموعة مسلحة بما فيها جبهة تحرير ارومو وجبهة تحرير اوقادين، كل هذه الحركات شاركت في مؤتمر يوليو 1991م، والذي وضع بدوره فترة انتقالية لمدة (5) سنوات.. وتبنى المؤتمر وثيقة كانت بمثابة دستور للفترة الانتقالية، كما ان الوثيقة امنت بجانب الحقوق العالمية للاقليات، على حقوق كل القوميات.
وعلى اساس تلك الوثيقة تم تشكيل حكومة تضم كل القوى السياسية بالاضافة الى جبهة تحرير ارومو، كما تم تشكيل حكومات للاقاليم في 14 اقليماً على اساس عدد القوميات ، وقام كل اقليم بتكوين مجلس تشريعي ولائي وجسم تنفيذي وقضائي... وبذلك بدأ الناس في تنفس الصعداء... ما شكل بدوره اساسا متينا لاستقرار الدولة، رغم انسحاب جبهة تحرير أرومو من حكومة التحالف..
وبموجب استفتاء اجري، اصبحت اريتريا دولة قائمة بذاتها كما انه وعلى اساس الوثيقة، تشكلت مفوضية خاصة بالدستور، والتي بدورها اجرت مشاورات واسعة في جميع انحاء اثيوبيا، واعتمدت دستورا جديدا ارتكز على التنوع، واجيز بواسطة جمعية دستورية في الثامن من ديسمبر 1994.
تأكيد حق القوميات في الانفصال:
تم وضع الاساس القانوني للفيدرالية في اثيوبيا عبر الدستور الاتحادي، والذي شمل في مقدمته استراتيجية الدولة والامة الجديدة، وركزت الاستراتيجية على عنصرين هي: حماية حقوق القوميات وتأكيد وضمان وحدة الدولة الاثيوبية ،(الوحدة في التنوع).. حيث تضمنت مقدمة الدستور الآتي: (نحن شعب اثيوبيا على اختلاف قومياتنا ملتزمون وبقوة لممارسة كافة حقوقنا في تقرير المصير، ولبناء مجتمع سياسي مؤسس على القانون والقدرة على تأمين سلام نهائي، وضمان اقرار الديمقراطية والدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية الاجتماعية).. واختتمت مقدمة الدستور بالتأكيد على ان (شعب وقوميات اثيوبيا هي التي تبنت الدستور ..وان اي قومية او مجموعة لديها الحق غير المشروط في حق تقرير المصير، بما في ذلك الانفصال)..
وتضمن نص حق تقرير المصير (4) مكونات اساسية وهي (حق التحدث والتعبير ، وتنمية اللغات الخاصة بالقوميات وتشجيع ثقافاتها والمحافظة على تاريخها) ..كما تضمن الدستور حق الحكم الذاتي للقوميات عبر اقامة حكومات اقليمية على حدود تلك القوميات، ويكون لها تمثيل متساو في الحكومة الاتحادية.
وشرح الدستور من يملك حق تقرير المصير وعرّفه بالتالي: (اية مجموعة من الناس تتقاسم ثقافة واحدة او لها عادات متشابهة ، ولغات واحدة، لديها هويات واحدة او تركيبة نفسية واحدة)..
الوحدة في التنوع:
حدد الدستور (9) ولايات هي: (التقراي، الامهرا، الارومو، الصومال، قمز بني شنقول ، ولاية شعب الجنوب، قوميات وشعوب الولايات الجنوبية ، قامبيلا وهراري).
ويؤكد السفير الاثيوبي في ورقته ان تحقيق الوحدة يتطلب ليس فقط حكماً ذاتياً حقيقياً وانما ايضا يتطلب تهيئة الاقاليم للتعاون والاستعداد لارساء بلد مستقر، واحد اهم الآليات لذلك هو اشراك الجميع في العملية السياسية على المستوى الاتحادي، على اختلاف قومياتهم وتوجهاتهم..
وهنا تجدر الاشارة الى ان البرلمان الاثيوبي يقوم على نافذتين هي البرلمان الاتحادي والذي يتم انتخاب اعضائه عبر المنافسة الحرة بجانب برلمان الولايات الذي تمثل فيه كل قومية او مجموعة على الاقل بنائب بالاضافة الى التمثيل النسبي باعتماد ممثل لكل مليون شخص، وهؤلاء يتم انتخابهم من برلماناتهم الولائية..
وفي الختام يؤكد السفير الاثيوبي في ورقته، انه قبل 20 عاما كانت كل المؤشرات والتوقعات تؤكد ان اثيوبيا في طريقها الى تكرار تجربة يوغسلافيا او الصومال، ولكن الآن وبعد 21 عاما اصبحنا اكثر وحدة ونتقدم بصورة تدهش وتذهل العالم...!! واحد اهم الاسباب لذلك هو الاعتماد على النظام الفيدرالي والتطبيق الدقيق الذي يلازمه.
ولم يخفِ السفير الاثيوبي من انه لا تزال هناك مجموعات تعارض الفيدرالية الى الآن، وهؤلاء يتهمون الجبهة الديمقراطية الحاكمة بأنها مجموعات تدعم الانفصاليين بهدف تفتيت الدولة، وهذه المجموعة لا تمل ولا تكل وتعمل ليل نهار لتعديل النظام الفيدرالي، وعلى رأس هذه المجموعات بعض قادة الامهرا.. وهم منظمون في احزاب ومنظمات المجتمع المدني.. وفي الغالب تقوم هذه المجموعات بالمعارضة السلمية، بينما هناك مجموعات اخرى تحمل السلاح في وجه النظام الفيدرالي.
لا للاشتركية .. نعم لاقتصاد السوق الحر:-
يقول ابادي انه منذ البداية كانت الجبهة الديمقراطية التي تحكم اثيوبيا على قناعة تامة بان الفقر والتخلف وراء الحروب الاهلية وعدم الثقة والهجرات.. ويرى انه من السهل ان تشخص العلة ، الا انه ليس بالسهولة بمكان ان تجد وسائل اجتياز الازمة كما انه من الامور المعقدة جداً.. ان تتوصل للاستراتيجيات اللازمة لمحاربتها..هذه كانت اكثر تعقيدا.. وصعوبة، كما ا نه ايضا ليس من السهل انفاذ الخيار الذي تريد ان تتبعه..
ويكشف الدبلوماسي الاثيوبي ان الجبهة الديمقراطية كانت تتمسك خلال فترة المقاومة بتبني خط الاشتراكية لتجاوز ازمة البلاد.. وكانت تقاتل من اجل اثيوبيا اشتراكية.. ولكن بعد فترة من اخذ زمام الحكم في اثيوبيا من قبل الجبهة الثورية، اظهر عاملان اساسيان ان الحزب الحاكم لن ينجح في اجندته اليسارية ، الاول هو انهيار المعسكر السوفيتي، والثاني ان الاشتراكية لم تجد تجاوبا من الشعب الاثيوبي، وهذا الاخير يعزى الى ان نظام الدرق السابق كان قد اتخذ الاشتراكية اجندة له.. والكل يعلم ماذا كانت نتائجها من حروب وعدم ثقة وتخلف.. واي شيء يمكن ان تتخيله .. ومن هذا المنطلق قرر الحزب الحاكم التخلي عن الاشتراكية والتوجه نحو سياسة الاقتصاد الحر ومنذ العام (1991 - 2000) بدأت اثيوبيا وتحت حكم الجبهة الديمقراطية تسجل نسبة نمو سنوي تبلغ 5.5% ، وهذا ما وضع البلاد بين احسن الدول في افريقيا والتي سجلت نموا اكثرا من 5% ، ولكن للحقيقة فإن تخلف الدولة ومعدل الفقر المتدني.. حالا دون ان يلمس معظم المواطنين تلك النتائج..
قبل 20 عاما من الآن كان نحو 48% من سكان اثيوبيا يعيشون تحت خط الفقر المدقع... ونسبة التعليم كانت تحت 20% ومعدل دخل الفرد السنوي اقل من 100 دولار، كما ان اثيوبيا كانت الدولة الاقل نموا في كوكب الارض.. المجاعة والحروب الاهلية كانت ابرز ملامح الدولة.. وكل هذه العوامل اجبرت الجبهة الثورية لاتخاذ قرارات وخطوات نحو ما يجب اتخاذه وتطبيقه..
وضع اليد على مواضع الألم:
في العام 1991 - 2000 وبعد تحديد المشاكل ووضع اليد على مواضع الالم كان على الجبهة الديمقراطية ان تركض في الاتجاه المعاكس لتغيير الاوضاع وبسرعة، لأننا ادركنا اننا ان لم نفعل ذلك وبالسرعة المطلوبة.. فان الخيار الوحيد هو عودة الحرب الاهلية وانهيار الدولة..!كان علينا ان نسابق الزمن للاجابة على اسئلة محورية من شاكلة من هو عدونا الاول؟.. ولماذا لم تنجح معظم الدول الافريقية التي سبقتنا في انفاذ سياسة الاقتصاد الحر؟.. وكيف نجحت دول جنوب شرق آسيا في الانتقال بدولهم الى مراكز متقدمة؟.. وكيف سنتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؟.. لأن هناك دول افريقية وآسيوية ومن اميركا الجنوبية ظلت تتعامل مع البنك وصندوق النقد الدوليين .. وظلت اقتصادياتها تتدهور من اسوأ لأسوأ ..ولكن دولة مثل كوريا الجنوبية، كان اقتصادها مثل السودان واوغندا في ستينيات القرن الماضي.. نجحت ان تكون ضمن اكبر 10 دول من ناحية النمو ..رغم انها رفضت التعامل مع صندوق النقد الدولي.. لذلك قررنا وبعد دراسة كل التجارب ان نحذو حذو دول جنوب شرق آسيا، وخاصة تجربة كوريا الجنوبية وتايوان، وبالتالي يمكن وصف النظام القائم الآن في اثيوبيا بانه (الحكومة التي اتخذت التنمية كشرط اساسي لوجودها)... لقد اعلنت الحكومة الحرب على الفقر باعتباره العدو الاول.. لأن الفقر هو الذي يدفع بأية دولة للوقوع في احضان القوى الخارجية ..وعلى هذا الاساس قررنا في الجبهة الديمقراطية عدم الالتفات الى اية اجندة تصرفنا عن الهدف الاساسي وهو القضاء على الفقر ..وهذه السياسة بدأت في ان تأتي اكلها ومؤشرات ذلك يمكن ان ترى الآن بوضوح..
الديمقراطية ليس خياراً:
ويختتم السفير الاثيوبي حديثه بالقول..دول جنوب شرق آسيا، ليست بدول ديمقراطية وهي بدأت تتجه نحوها مؤخرا..ونحن في الجبهة الديمقراطية نؤمن تماما ان الديمقراطية ليست خيارا اوليا ، لذلك فإن الديمقراطية في اثيوبيا لا تزال في طور البداية.. وتتطور رغم انها ترتفع وتهبط.. هناك اكثر من 60 حزباً وانتخابات تقام على كل المستويات كل 5 سنوات..
ورغم ان اثيوبيا لا تزال بين الدول الاقل نموا تكافح من اجل اطعام 80 مليون نسمة، بيد انها اثبتت للعالم انها عبرت الحروب الى السلام والتنمية والديمقراطية .. كما انها نجحت في بناء الثقة مع كل جيرانها .. عدا إريتريا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.