أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير الإثيوبي: وضعنا أقدامنا على اليابسة وتنفس شعبنا الصعداء بفضل حسن تطبيق الفيدرالية
مركز أبحاث السلام يضع الفيدرالية الإثيوبية تحت المجهر
نشر في الصحافة يوم 14 - 07 - 2012

(نعم نحن نعد من الدول الأقل نمواً على كوكب الارض..وعانينا من الحروب الاهلية متبوعة بالفقر والتخلف..ولكننا وبعد نحو 21 عاما وضعنا اقدامنا على اليابسة وتنفس شعبنا الصعداء ونخطو بثبات لنكون ضمن افضل الدول الجاذبة للاستثمار في العالم وذلك بفضل الفيدرالية وحسن التطبيق)..هكذا بدأ السفير فوق العادة ومفوَّض الحكومة الإثيوبية في السودان أبادي زمو ،في الورقة التي تلاها خلال محاضرة نظمها مركز ابحاث السلام بجامعة الخرطوم في قاعة الشارقة مؤخراً.
وأمادو وهو قيادي في الجبهة الديموقراطية، ومقاتل تعرفه احراش وجبال الحبشة،خلال فترة المقاومة لنظام الدرق الذي قاده مانقستو هايلي مريام،وبترت يده-أي امادي- في احدى المعارك كما يروي سفير السودان السابق في اثيوبيا عثمان السيد،بالفأس، ويرى امادي انه قبل 20 عاما كانت كل المؤشرات والتوقعات تؤكد ان اثيوبيا في طريقها الى تكرار تجربة يوغسلافيا او الصومال، ولكن الآن وبعد 21 عاما اصبحنا اكثر وحدة ونتقدم بصورة تدهش وتذهل العالم، لافتاً الى انه من السهل ان تضع يدك على اسباب المشكلة..ولكن العبرة في التنفيذ والتطبيق.
يقول السفير الاثيوبي في ورقته ان الهدف من اعداد هذه الورقة هو اثارة النقاش حول القضايا الاساسية في السياسة الاثيوبية والتي لها علاقة وطيدة او مشابهة في الدول الافريقية الاخرى، ان لم تكن جلها .. والورقة لا تذهب بعيدا في تناول تلك القضايا بقدر ما انها تهدف الى تحويل الانظار والاهتمام لمزيد من البحوث..
وبينما تظل اثيوبيا في عداد البلدان الاقل نموا في العالم.. الا ان المؤشرات تؤكد انها تتغير وبسرعة وهذا يعود الى النقلة النوعية الجديدة في السياسات التي تتبعها في (اخذ التنوع كأساس للوحدة)، بجانب ان النقلة النوعية الجديدة تنظر للسلام والديمقراطية والتنمية كأعمدة ثابتة لبقاء أية دولة.. والتي تتطلب تطبيقها كحزمة واحدة وليست مفرقة متعاقبة الواحدة تلو الآخر..
أزمة القوميات وشروط المنتصر:
واستعرض أبادي خلال ورقته ماضي اثيوبيا..مشيراً الى انها دولة لها جذور ضاربة في التاريخ، والتي تعود الى عهد الامبراطورية (الأكسومية) في الألفية الاولى قبل الميلاد وحتى القرن العاشر الميلادي..ويؤكد ان اثيوبيا الحديثة اخذت شكلها الحديث في نهاية القرن التاسع عشر، تحت لواء الامبراطور منليك.. نجح الامبراطور منليك في توسيع حدود اراضي الحبش جنوبا وشرقا وغربا.. وهذا التوسع نتج عنه السيطرة على مجموعات تقليدية، لها لهجاتها ولغاتها الخاصة، بجانب انها تعتنق ادياناً مختلفة (اسلام وديانات تقليدية)، اضافة الى ان هذه المجموعات لها اسس وملامح اقتصادية خاصة ونظام حكم خاص بها.. وسعى الامبراطور منليك والاباطرة الذين تعاقبوا بعده الى نقل مجموعاتهم غير المتجانسة الى (الامة- الاثيوبية المتجانسة).. وكانت الاستراتيجية المستخدمة لهذا الهدف هو نشر او فرض الهوية القائمة - وهي فرض هوية المنتصر وثقافته ولغته ودينه مع انكار ورفض لغات وثقافات واديان المجموعات الاخرى المهيمن عليها - وفي حالات عديدة - فقدت المجموعات المهزومة اراضيها التقليدية والاستفادة منها، لصالح المجموعات الغازية.. وكان نتاج ذلك ظهور عدد من الثوار في خمسينيات القرن الماضي في مناطق (التقراي، الارومو) وفي مناطق اخرى.. كما ظهرت حركة احتجاجات ومنظمات من المزارعين في مناطق الامهرا..
في ستينيات القرن الماضي بدأ طلاب جامعة اديس ابابا في اثارة قضايا الامم والقوميات، وبذلك اعلنوا الحرب ليس ضد (لوردات الاقطاع) فحسب، وانما ايضا ضد الاستعباد والقهر للقوميات..
احد قادة الطلاب المشهورين ويدعى (وولقن) وهو امهري كتب في العام 1969م، في مجلة الطلاب ان (اثيوبيا ليست دولة واحدة، وانما مكونة من عشرات القوميات التي لها لغاتها الخاصة، وطريقة اللبس الخاص بها.. وتاريخها ، وعاداتها الاجتماعية وكيانها)، وتساءل عماذا تعني الدولة..؟ ورد بالقول «أليست الدولة مكونة من شعب له لغة خاصة، وطرق لبس خاصة به، وتاريخ خاص، وبالتالي فان اثيوبيا تضم شعب الارومو، وشعب التقراي، وشعب الامهرا.. لذلك يجب ان تكون هناك دولة جديدة، دولة تساهم فيها كل القوميات بالتساوي في ادارة شؤونها، دولة تمنح فيها كل القوميات فهي متساوية للحفاظ وتنمية لغاتها وتاريخها.. دولة لا تسيطر فيها قومية على اخرى)..وتبعا لهذه المفاهيم مع ارتفاع وتيرة المشاكل والتظلمات الاجتماعية، هب كل الشعب الاثيوبي ضد الامبراطور هيلا سلاسي، مما اضعف النظام واخيرا اقتلاعه واسقاطه، ولما لم تكن هناك احزاب سياسية منظمة، قفز الجيش الى السلطة وظل يحكم لنحو 17 عاما... وخلال حكم الجيش نجحت العديد من المنظمات الوطنية في تنظيم نفسها وبدأت تحارب وتقاتل النظام العسكري الوطني والذي كان مدعوما من السوفيت.. ومن بين تلك التنظيمات والقوى المسلحة كانت (جبهة تحرير اريتريا) و(الجبهة الديمقراطية للشعب الاثيوبي) ، وفي اقليم التقراي ظهرت (جبهة تحرير شعب التقراي)، والتي قاتلت نظام (الدرق) لنحو 17 عاما قتل فيها اكثر من 60 ألف مقاتل ونحو 100 ألف معاق ..
ضربة البداية (مؤتمر أديس 1991):
ويشير ابادي الى انه في العام 1991 خرجت جبهة تحرير ارتريا والجبهة الديمقراطية للشعب الاثيوبي - منتصرتان في حربهما ضد نظام منقستو هايلي مريام.. واقامت الجبهة الديمقراطية حكومة من كوادرها.. استمرت فقط لشهر واحد، وذلك للتحضير والترتيب لمؤتمر، وكان هذا المؤتمر علامة فارقة لوضع لبنات واساس متين لدولة اثيوبيا الحالية، لأن الجبهة الديمقراطية الحاكمة، لو اصرت في ذلك الوقت للانفراد بالحكم.. لكان مصير اثيوبيا الآن هو مصير يوغسلافيا او الصومال، كما تنبأ الكثيرون.. ولكن الجبهة الديمقراطية اتخذت قرارا حكيما، بدعوة كل الفصائل المسلحة وغير المسلحة، والشخصيات القومية المعروفة من داخل وخارج البلاد.. وكان في ذلك الوقت توجد 17 مجموعة مسلحة بما فيها جبهة تحرير ارومو وجبهة تحرير اوقادين، كل هذه الحركات شاركت في مؤتمر يوليو 1991م، والذي وضع بدوره فترة انتقالية لمدة (5) سنوات.. وتبنى المؤتمر وثيقة كانت بمثابة دستور للفترة الانتقالية، كما ان الوثيقة امنت بجانب الحقوق العالمية للاقليات، على حقوق كل القوميات.
وعلى اساس تلك الوثيقة تم تشكيل حكومة تضم كل القوى السياسية بالاضافة الى جبهة تحرير ارومو، كما تم تشكيل حكومات للاقاليم في 14 اقليماً على اساس عدد القوميات ، وقام كل اقليم بتكوين مجلس تشريعي ولائي وجسم تنفيذي وقضائي... وبذلك بدأ الناس في تنفس الصعداء... ما شكل بدوره اساسا متينا لاستقرار الدولة، رغم انسحاب جبهة تحرير أرومو من حكومة التحالف..
وبموجب استفتاء اجري، اصبحت اريتريا دولة قائمة بذاتها كما انه وعلى اساس الوثيقة، تشكلت مفوضية خاصة بالدستور، والتي بدورها اجرت مشاورات واسعة في جميع انحاء اثيوبيا، واعتمدت دستورا جديدا ارتكز على التنوع، واجيز بواسطة جمعية دستورية في الثامن من ديسمبر 1994.
تأكيد حق القوميات في الانفصال:
تم وضع الاساس القانوني للفيدرالية في اثيوبيا عبر الدستور الاتحادي، والذي شمل في مقدمته استراتيجية الدولة والامة الجديدة، وركزت الاستراتيجية على عنصرين هي: حماية حقوق القوميات وتأكيد وضمان وحدة الدولة الاثيوبية ،(الوحدة في التنوع).. حيث تضمنت مقدمة الدستور الآتي: (نحن شعب اثيوبيا على اختلاف قومياتنا ملتزمون وبقوة لممارسة كافة حقوقنا في تقرير المصير، ولبناء مجتمع سياسي مؤسس على القانون والقدرة على تأمين سلام نهائي، وضمان اقرار الديمقراطية والدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية الاجتماعية).. واختتمت مقدمة الدستور بالتأكيد على ان (شعب وقوميات اثيوبيا هي التي تبنت الدستور ..وان اي قومية او مجموعة لديها الحق غير المشروط في حق تقرير المصير، بما في ذلك الانفصال)..
وتضمن نص حق تقرير المصير (4) مكونات اساسية وهي (حق التحدث والتعبير ، وتنمية اللغات الخاصة بالقوميات وتشجيع ثقافاتها والمحافظة على تاريخها) ..كما تضمن الدستور حق الحكم الذاتي للقوميات عبر اقامة حكومات اقليمية على حدود تلك القوميات، ويكون لها تمثيل متساو في الحكومة الاتحادية.
وشرح الدستور من يملك حق تقرير المصير وعرّفه بالتالي: (اية مجموعة من الناس تتقاسم ثقافة واحدة او لها عادات متشابهة ، ولغات واحدة، لديها هويات واحدة او تركيبة نفسية واحدة)..
الوحدة في التنوع:
حدد الدستور (9) ولايات هي: (التقراي، الامهرا، الارومو، الصومال، قمز بني شنقول ، ولاية شعب الجنوب، قوميات وشعوب الولايات الجنوبية ، قامبيلا وهراري).
ويؤكد السفير الاثيوبي في ورقته ان تحقيق الوحدة يتطلب ليس فقط حكماً ذاتياً حقيقياً وانما ايضا يتطلب تهيئة الاقاليم للتعاون والاستعداد لارساء بلد مستقر، واحد اهم الآليات لذلك هو اشراك الجميع في العملية السياسية على المستوى الاتحادي، على اختلاف قومياتهم وتوجهاتهم..
وهنا تجدر الاشارة الى ان البرلمان الاثيوبي يقوم على نافذتين هي البرلمان الاتحادي والذي يتم انتخاب اعضائه عبر المنافسة الحرة بجانب برلمان الولايات الذي تمثل فيه كل قومية او مجموعة على الاقل بنائب بالاضافة الى التمثيل النسبي باعتماد ممثل لكل مليون شخص، وهؤلاء يتم انتخابهم من برلماناتهم الولائية..
وفي الختام يؤكد السفير الاثيوبي في ورقته، انه قبل 20 عاما كانت كل المؤشرات والتوقعات تؤكد ان اثيوبيا في طريقها الى تكرار تجربة يوغسلافيا او الصومال، ولكن الآن وبعد 21 عاما اصبحنا اكثر وحدة ونتقدم بصورة تدهش وتذهل العالم...!! واحد اهم الاسباب لذلك هو الاعتماد على النظام الفيدرالي والتطبيق الدقيق الذي يلازمه.
ولم يخفِ السفير الاثيوبي من انه لا تزال هناك مجموعات تعارض الفيدرالية الى الآن، وهؤلاء يتهمون الجبهة الديمقراطية الحاكمة بأنها مجموعات تدعم الانفصاليين بهدف تفتيت الدولة، وهذه المجموعة لا تمل ولا تكل وتعمل ليل نهار لتعديل النظام الفيدرالي، وعلى رأس هذه المجموعات بعض قادة الامهرا.. وهم منظمون في احزاب ومنظمات المجتمع المدني.. وفي الغالب تقوم هذه المجموعات بالمعارضة السلمية، بينما هناك مجموعات اخرى تحمل السلاح في وجه النظام الفيدرالي.
لا للاشتركية .. نعم لاقتصاد السوق الحر:-
يقول ابادي انه منذ البداية كانت الجبهة الديمقراطية التي تحكم اثيوبيا على قناعة تامة بان الفقر والتخلف وراء الحروب الاهلية وعدم الثقة والهجرات.. ويرى انه من السهل ان تشخص العلة ، الا انه ليس بالسهولة بمكان ان تجد وسائل اجتياز الازمة كما انه من الامور المعقدة جداً.. ان تتوصل للاستراتيجيات اللازمة لمحاربتها..هذه كانت اكثر تعقيدا.. وصعوبة، كما ا نه ايضا ليس من السهل انفاذ الخيار الذي تريد ان تتبعه..
ويكشف الدبلوماسي الاثيوبي ان الجبهة الديمقراطية كانت تتمسك خلال فترة المقاومة بتبني خط الاشتراكية لتجاوز ازمة البلاد.. وكانت تقاتل من اجل اثيوبيا اشتراكية.. ولكن بعد فترة من اخذ زمام الحكم في اثيوبيا من قبل الجبهة الثورية، اظهر عاملان اساسيان ان الحزب الحاكم لن ينجح في اجندته اليسارية ، الاول هو انهيار المعسكر السوفيتي، والثاني ان الاشتراكية لم تجد تجاوبا من الشعب الاثيوبي، وهذا الاخير يعزى الى ان نظام الدرق السابق كان قد اتخذ الاشتراكية اجندة له.. والكل يعلم ماذا كانت نتائجها من حروب وعدم ثقة وتخلف.. واي شيء يمكن ان تتخيله .. ومن هذا المنطلق قرر الحزب الحاكم التخلي عن الاشتراكية والتوجه نحو سياسة الاقتصاد الحر ومنذ العام (1991 - 2000) بدأت اثيوبيا وتحت حكم الجبهة الديمقراطية تسجل نسبة نمو سنوي تبلغ 5.5% ، وهذا ما وضع البلاد بين احسن الدول في افريقيا والتي سجلت نموا اكثرا من 5% ، ولكن للحقيقة فإن تخلف الدولة ومعدل الفقر المتدني.. حالا دون ان يلمس معظم المواطنين تلك النتائج..
قبل 20 عاما من الآن كان نحو 48% من سكان اثيوبيا يعيشون تحت خط الفقر المدقع... ونسبة التعليم كانت تحت 20% ومعدل دخل الفرد السنوي اقل من 100 دولار، كما ان اثيوبيا كانت الدولة الاقل نموا في كوكب الارض.. المجاعة والحروب الاهلية كانت ابرز ملامح الدولة.. وكل هذه العوامل اجبرت الجبهة الثورية لاتخاذ قرارات وخطوات نحو ما يجب اتخاذه وتطبيقه..
وضع اليد على مواضع الألم:
في العام 1991 - 2000 وبعد تحديد المشاكل ووضع اليد على مواضع الالم كان على الجبهة الديمقراطية ان تركض في الاتجاه المعاكس لتغيير الاوضاع وبسرعة، لأننا ادركنا اننا ان لم نفعل ذلك وبالسرعة المطلوبة.. فان الخيار الوحيد هو عودة الحرب الاهلية وانهيار الدولة..!كان علينا ان نسابق الزمن للاجابة على اسئلة محورية من شاكلة من هو عدونا الاول؟.. ولماذا لم تنجح معظم الدول الافريقية التي سبقتنا في انفاذ سياسة الاقتصاد الحر؟.. وكيف نجحت دول جنوب شرق آسيا في الانتقال بدولهم الى مراكز متقدمة؟.. وكيف سنتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؟.. لأن هناك دول افريقية وآسيوية ومن اميركا الجنوبية ظلت تتعامل مع البنك وصندوق النقد الدوليين .. وظلت اقتصادياتها تتدهور من اسوأ لأسوأ ..ولكن دولة مثل كوريا الجنوبية، كان اقتصادها مثل السودان واوغندا في ستينيات القرن الماضي.. نجحت ان تكون ضمن اكبر 10 دول من ناحية النمو ..رغم انها رفضت التعامل مع صندوق النقد الدولي.. لذلك قررنا وبعد دراسة كل التجارب ان نحذو حذو دول جنوب شرق آسيا، وخاصة تجربة كوريا الجنوبية وتايوان، وبالتالي يمكن وصف النظام القائم الآن في اثيوبيا بانه (الحكومة التي اتخذت التنمية كشرط اساسي لوجودها)... لقد اعلنت الحكومة الحرب على الفقر باعتباره العدو الاول.. لأن الفقر هو الذي يدفع بأية دولة للوقوع في احضان القوى الخارجية ..وعلى هذا الاساس قررنا في الجبهة الديمقراطية عدم الالتفات الى اية اجندة تصرفنا عن الهدف الاساسي وهو القضاء على الفقر ..وهذه السياسة بدأت في ان تأتي اكلها ومؤشرات ذلك يمكن ان ترى الآن بوضوح..
الديمقراطية ليس خياراً:
ويختتم السفير الاثيوبي حديثه بالقول..دول جنوب شرق آسيا، ليست بدول ديمقراطية وهي بدأت تتجه نحوها مؤخرا..ونحن في الجبهة الديمقراطية نؤمن تماما ان الديمقراطية ليست خيارا اوليا ، لذلك فإن الديمقراطية في اثيوبيا لا تزال في طور البداية.. وتتطور رغم انها ترتفع وتهبط.. هناك اكثر من 60 حزباً وانتخابات تقام على كل المستويات كل 5 سنوات..
ورغم ان اثيوبيا لا تزال بين الدول الاقل نموا تكافح من اجل اطعام 80 مليون نسمة، بيد انها اثبتت للعالم انها عبرت الحروب الى السلام والتنمية والديمقراطية .. كما انها نجحت في بناء الثقة مع كل جيرانها .. عدا إريتريا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.