عندما يعود السودانيون من الخرطوموجوبا غدا لن يدخلوا الي اثيوبيا عبر مطار بولي الدولي بالعاصمة اديس، هذه المرة عليهم الابتعاد 585 كلم شمال شرقي العاصمة في مدينة بحر دار وذلك بسبب اعمال قمة الرؤساء، ورجحت المصادر وتأكيدات المسؤولين في الدولتين ان الجولة الرابعة ستكون الاخيرة وستخرج بنتائج حاسمة ونهائية، فبعودة الاطراف هذه المرة سيكون مر عام علي فراق الشطرين عن بعضهما البعض كحل نهائي لأزمة الحرب الاهلية التي دارت طوال عمر سنوات الاستقلال وان وقف ازيز مدافعها في فترات متباعدة . الناظر لحصاد الدولتين في عام فانه لا يخطئ نتائجة الكارثية جنوبا والنذر المماثلة والتي تخيم فوق اراضي الدولة الام، فالاقتصاد يتراجع بسرعة مخيفة للغاية، ويصفه المحلل السياسي والباحث الدكتور أحمد الحاج في حديثه مع «الصحافة» امس عبر الهاتف بان اقتصاد الدولتين يمضي بشكل غير عادي الي الخلف وهذا ما يمكن ان يقود الي اسوأ السيناريوهات ان لم ينزع المتفاوضون الأزمات الانية سريعا، و يشير الي ان محاولة اللعب علي الزمن ليست في مصلحة طرف بل ستقود الي عمل علي الارض مماثل بل اكبر فتكا مما حدث مؤخرا. ويري مراقبون ان حسم ملفات النفط والتجارة الحدودية يمكن ان تعطي دفعة وانتعاش لاقتصاد الدولتين، وكان الرئيس الجنوبي سلفا كير من جانبه كشف في خطابه في احتفالات مرور عام عن إن مشروعات التنمية في بلاده توقفت بسبب الخلافات مع السودان، لافتا الي ان المحادثات حول القضايا الخلافية مع الخرطوم لم تحدث اختراقاً في ملفات الأمن والحدود والبترول، وهو ما يعتبر المراقبون حال فشل الجولات التي تستأنف غداً بابا قد يقود لمواجهات عسكرية، ويقول جنرال عسكري فضل حجب اسمة ان حدث الامر ستكون كارثة حقيقية ، ويتابع بعيدا عن الاقتصاد المنهك في الدولتين ستكون المواجهة في شريط الحدود وحقول النفط مما يعني الاضرار بمصالح الشريك الاقتصادي الاكبر وتحميل حكومات الجوار مليارات الدولارات لتحمل ميزانية من تشردهم الحرب، فهي لن تكون بين الخرطوموجوبا وربما تدخلت عواصم اخري. وفي نهاية الاسبوع اجمعت تقارير عديدة لمراكز متخصصة صدرت حديثا علي ان لا مفر امام الدولتين سوي ان يجد احدهما الاخر، حتي يستطيعا مواجهة الصعوبات سويا والخروج منها او انتظار الانهيار، الذي بدأت مظاهره جلية في ساحة البلدين، لكن دبلوماسي رفيع قال ل»الصحافة» ان الجولة رغم التفاؤل فانها لن تضع حدا للكثير من الأزمات مستبعدا المواجهة العسكرية، ويري اخرون ان ما اعلنه الجانبان في اخر لقاء قبل اسبوع يدعم التوقعات القائلة ان نهاية الاسبوع الثالث ستأتي بحلول في اغلب ملفات التفاوض، وان استبعدت الحدود، وتقول مصادر «الصحافة» ان الحادي والعشرين هو يوم اخير للمباحثات بين الاطراف والتوصل الي حل في كافة القضايا، علي ان تقضي الوساطة ما تبقي من وقت في اعداد تقريرها الي مجلس الامن في الثاني من اغسطس. ويعقد مراقبون وعدد من المتابعين للشأن السوداني امالا في ان تكلل المساعي التي يبذلها الرئيس الاثيوبي ملس زيناوي لجمع الرئيسين البشير وسلفا علي هامش القمة الجارية الحاليا باديس بالنجاح، حتي تعيد الثقة بين الجانبين وتدفع مسيرة التفاوض التي تجري في بحر دار، وعندما سألت رئيس الوفد التفاوضي جانب السودان الوزير ادريس محمد عبدالقادر، عن رأيه في قرار انتقال مقر المباحثات، التي من المقرر ان يصلها الوفد صباح غد، لم يخف الوزير عدم رضائه واضاف كان افضل ان تبقي الوفود بالقرب من الرؤساء، هذا سيساعد كثيرا في المشاورات واحداث اختراقات مطلوبة، ويقول دبلوماسي افريقي ان اسباب نقل الجولة الي هناك بسبب توافد الحكام والرؤساء والمسؤولين المشاركين في القمة، واضاف هذا ما حملنا بالذهاب الي هناك. ويقع بحر دار الذي يسمونه بلغة الامهرا «تنش أبآي» اي نهر صغير، شمال إثيوبيا، الرحلة الي هناك لا تستغرق نصف ساعة من العاصمة أديس أبابا وعشر ساعات عبر طريق بري بديع ذي طبيعة ساحرة، يمتد حتي مدينة بحر دار، والتي تبعد عن شمال شرقي العاصمة اديس ابابا بنحو 585 كلم وهي مدينة تعود الي عهود قديمة، وأعاد إحياءها على الطراز الحديث الإمبراطور هيلاسيلاسي في العام 1950، حيث بنى فيها قصرا منيفا اتخذه كمصيف. وتمثل المدينة العاصمة السياسية لإقليم الامهرا بعدد سكان يتجاوز 200 ألف نسمة يتحدث أهلها الامهرية والانجليزية والعربية، حسب موسوعة ويكبيديا والتي اشارت ايضا الي احتضان المدينة الي اكبر جزيرتين داخل بحيرة تانا لهما تاريخ تليد يعود إلى اعماق سحيقة في التاريخ، ويتمثلان في جزيرتين للرهبان، احداهما للنساء الراهبات، يختفين تماما عن أعين الزوار، فيما الاخرى مخصصة للرهبان الرجال، ولا تفصل بين الجزيرتين سوى امتار قليلة، ولا يزال القائمون عليهما يحرصون على عدم دخول الحداثة اليهما، ويلحظ الزائر أن الادوات المستخدمة والطرق الصاعدة إلى الاديرة تتحدث عن حقب وحضارات سادت المكان، وتبدو محاولات الاستمساك بالارث في كل شيء داخل الجزيرتين. ونحن نستعد لحزم حقائب المغادرة الي بحر دار التي يفترض ان يصلها غدا وفدا التفاوض من الخرطوموجوبا، تبقي الاسئلة في مكانها هل سينزع الطرفان أزماتهما؟ ام علينا الانتظار لما بعد انتهاء المهلة وانتظار العواقب، يقول وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين ان الجولة التي تقرر انطلاقها نهاية الاسبوع ستحمل نهاياتها اخبارا سعيدة هذا عند وصوله غافلا من اديس ومعه اتفاق من سبعة بنود، يقول اخرون ان مدينة الهة الامهرا وسحر منابع النيل رابط الاطراف الثلاثة «الخرطومجوبا اديس» قد تحولها الي سبع اتفاقات ثمان، ينتظرها شعبا البلدين.