حلت الذكرى الأولى لاعلان دولة جنوب السودان «استقلالها» كما يحلو لمواطنيها القول ولكن جاءت الاحتفالات بالعيد الاول خافتة كما اظهرت التقارير الاعلامية الواردة من جوبا حيث غاب عنها الحضور الاقليمى والدولى عكس يوم الميلاد الذى شهد حضوراً كثيفاً لقادة دول الجوار الأفريقى وممثلى الدول الأوربية والعربية، وغاب السودان ايضاً رغم توقعات البعض بمشاركة حكومته بمستوى رفيع الا انها اكتفت بتمثيل وزارة الخارجية. وان كانت عاصمة الدولة الوليدة «جوبا» شهدت احتفالات صاخبة من المواطنين احتفالا بالعيد الاول للدولة فان الغياب الدولي والاقليمي ترك علامة استفهام كبيرة معلقة . وبحسب شهود عيان تحدثوا ل «الصحافة» من جوبا فان تعزيزات وترتيبات أمنية مشددة سبقت الاحتفال تحسباً لأى انفلات أمنى فى العاصمة تزامنت مع حركة دءوبة لنظافة وكنس شوارع العاصمة التى ازدحمت بالباعة المتجولين وهم يبيعون العلم الوطني الذى اعتلى البنايات و أعمدة الانارة تحضيراً لمراسم الاحتفالات بعيد الاستقلال، وامتلأت جوبا بلافتات عديدة تمجد الاستقلال خاصة أمام المطار الذى تزين مدخله بلوحة اعلانية بلغ طولها «20» قدماً تحمل صورة الرئيس سلفا كير الى جانب نائبه ريك مشار كتب عليها «معا نسير في أرض الحرية» وعبارات ترحيب احتفاءً بالقادمين الذى شكلوا حضوراً ضعيفاً كان مخيباً لأمال الجنوبيين بحسب مراقبين، حيث حضر الاحتفال الرئيس اليوغندي يوري موسفيني ،بينما غاب عن الاحتفال رؤساء «السودان، كينيا، أريتريا ، ورئيس وزراء أثيوبيا»، وناب عن الرئيس عمر البشير وزير الدولة بوزارة الخارجية صلاح ونسى، ورسم غياب رؤساء الدول الأفريقية وممثلي الدول الأوربية والعربية وامريكا من اول احتفال للدولة الوليدة باستقلالها الحيرة في وجوه المحتفلين؟. وعن الاحتفالات والحضور الضعيف لقادة الدول الأفريقية قال رئيس تحرير صحيفة المصير بدولة جنوب السودان ابراهام مرياك ل»الصحافة» عبر الهاتف أمس، ان الاحتفالات تمت بصورة عادية عبرت عن رضاء الشارع الجنوبى وعن ارادته التى اختارت قيام الدولة الوليدة واستقلالها عن السودان، وأوضح مرياك ان الأسباب المعلنة لغياب قادة الدول خاصة الأفريقية بحسب تصريحات حكومة الجنوب انه لاعلاقة لها بأى اسباب امنية وتخوفات من انفلات عقد الأمن بالعاصمة، وقال ان جوبا تنعم بالأمن والاستقرار وان الوفود التى حضرت احتفالات الذكرى الأولى لم تشهد اى من التوقعات التى كان رسمها البعض، وأرجع مرياك غياب قادة الدول الأفريقية عن احتفالات الذكرى الأولى لبلاده لترتيبات وارتباطات رؤساء الدول الأفريقية بقمة الاتحاد الأفريقى فى العاصمة الأثيوبية أديس ابابا والتى تزامنت مع احتفالات دولة جنوب السودان ما اضعف التواجد الرسمى للرؤساء الذين اكتفوا بممثلين لحكوماتهم، واكد مرياك ان الاحتفال حظى بحضور مقدر للوفود المشاركة، وأشار الى وصول برقيات رسمية من العديد من الدول خاصة الأوربية تهنئ دولة جنوب السودان بالذكرى الأولى لاستقلالها، واضاف «بحسب رأيي ان السبب الأساسى لغياب القادة الأفارقة من احتفالاتنا هو تزامنها مع القمة الأفريقية وليس بفعل اسباب امنية». المحلل السياسى صديق تاور أشار الى ان تجربة الدولة الوليدة وادارتها لشئونها خلال العام الماضى كان محبطاً لكل المتعاطفين معها ، وقال تاور ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس ان اصدقاء الدولة الوليدة وداعميها كانوا ينتظرون من حكومة جنوب السودان تقديم نموذج لدولة حسمت اطول نزاع وحرب اهلية فى القارة بتفرغها للبناء الداخلى والتنمية والسلم الاجتماعى فى مجتمع قبلى الا انها تحولت لأداة ومخلب قط لأيادى خارجية تتحكم فى دورها فى المنطقة، هذا الى جانب الفساد المستشرى والذى لم تتمكن من مداراته من اعين العالم والمتعاطفين معها والذين بدأوا يحسون ان قادتها كأنما اتوا من اجل الثروة وجمع مليارات الدولارات فى وقت يبحث فيه ملايين الجنوبيين عن الاستقرار والدواء والغذاء، وعزا تاور غياب الوفود الرسمية والمشاركة الضعيفة فى احتفالات الميلاد الأولى الى الأحباط الدولى والاقليمى من حكومة دولة الجنوب التى لم ترض طموحات مؤيديها اقليمياً ودولياً. اما المحلل السياسى الدكتور حسن حاح علي فيصف الحضور الضعيف من قبل رؤساء الدول خاصة من محيطها القارى بانحسار الاهتمام الاقليمى والدولى لعدم فاعلية دولة الجنوب وتأثيرها فى المنطقة، وقال حاج على ل «الصحافة» عبر الهاتف امس ان مشاركة الرئيس اليوغندى للاحتفالات موسفينى تعبر عن العلاقة القوية بين الدولتين والمصالح اليوغندية فى جنوب السودان والتى لاتخفى على احد، وقال لذلك حرص الرئيس اليوغندى موسفينى اكثر من غيره من القادة الأفارقة لحضور عيد الاستقلال الأول لجيرانه، وأشار الى ان الدولة الوليدة لم تحسم كثيرا من قضاياها خاصة مع شمال السودان فمازالت المفاوضات مستمرة ولم تفض الى نتائج ملموسة على أرض الواقع حتى الان هذا الى جانب احتلالها لمنطقة هجليج والتى وجدت انتقادات دولية واقليمية هزت من صورتها أمام العالم بالاضافة الى الأوضاع الداخلية المعقدة والنزاعات الاثنية والقبلية والصراعات بين مكونات الدولة الوليدة، وقال حاج على ان كل هذه الأوضاع ساهمت فى انحسار الاهتمام بدولة جنوب السودان ما اضعف المشاركة فى احتفالات عيد استقلالها، وقال المحلل السياسى «فى تقديرى ان قوة الدولة وتأثيرها فى محيطها الاقليمى تؤثر بشكل مباشر فى علاقاتها واهتمام الدول الأخرى بها» ، وأشار حاج على الى السعودية والوفيات التى حدثت مؤخراً لأمرائها وقال انها حظيت بمشاركة دولية واقليمية كبيرة نسبة لتأثير المملكة وقوتها، وأضاف «ان دولة جنوب السودان مازالت تفتقد الفاعلية والتأثير فى محيطها»، لم يستبعد حاج علي ان يكون تدهور الأوضاع الأمنية فى دولة جنوب السودان واستعار النزاعات الداخلية من الأسباب التى أدت الى احجام قادة الدول المختلفة والوفود الرسمية فى مشاركة الدولة الوليدة احتفال استقلالها الأول، وأشار الى وجود تقارير اممية ودولية تحدثت عن تدهور الأوضاع الأمنية فى دولة جنوب السودان.