الحراك السياسي الذي تشهده البلاد هذه الايام دفع عددا كبيرا من المهتمين بالشأن السوداني للتدافع نحو الخرطوم، ويأتي في مقدمة هذا الحراك، الانتخابات على مختلف مستوياتها، لان نتائج هذه الانتخابات لها اثرها المباشر على خريطة البلاد ومستقبلها السياسي .. وبين الذين توافدوا لمراقبة الانتخابات احدى المنظمات الامريكية وهي مبادرة قرطبة لتحسين العلاقات بين العالم الاسلامي والغرب. «الصحافة» جلست الى الامام فيصل عبدالرؤوف مؤسس المبادرة وحاورته في عدد من النقاط عن المبادرة والعلاقات الامريكية الاسلامية والانتخابات السودانية فإلى مضابط الحوار: ٭ حدثنا عن مبادرة قرطبة لتحسين العلاقات الاسلامية الغربية ؟ مبادرة قرطبة هي منظمة امريكية غير حكومية اسست في العام 2002م بالولاياتالمتحدةالامريكية بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م بهدف تحسين العلاقات بين العالم الغربي والاسلامي. ٭ هل جاء بروز المبادرة بهدف ازالة ما رسخته احداث سبتمبر في العقلية الامريكية التي ربطت بين المسلمين والارهاب؟ كنت في اعقاب الاحداث قد تلقيت الدعوة لالقاء عدد من المحاضرات في ذلك الوقت بهدف تحسين العلاقات ومن خلال هذه المحاضرات اقتنعت بضورة وجود ذراع له من اسباب الاستدامة ما يمكنه تبني التقارب بين العالم الاسلامي والغرب وبالذات في الولاياتالمتحدةالامريكية فكان قرار تأسيس المبادرة. ٭ الى أي مدى تمكنت المبادرة من تحقيق اهدافها؟ مكنت المبادرة الجهات الامريكية المعنية من الوقوف على الاسباب التي جعلت الشعوب الاسلامية ذات مآخذ على السياسة الخارجية الامريكية وكيف ان مواقف السياسة الخارجية الامريكية تجاه القضية المحورية الاسلامية التي هي قضية فلسطين دفعت بالمسلمين الى اتخاذ مواقف مناهضة للولايات المتحدةالامريكية، واقترحت المبادرة في كتاب اصدرته في العام 2004م ان يقوم الرئيس الامريكي بمخاطبة الامة الاسلامية من احدى عواصمها وان يلتزم في ذلك الخطاب بانتهاج سياسات خارجية جديدة .. اذكر ان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن كان قد قام باحدى زياراته المفاجئة للعراق وقلنا لماذا لا يقوم بوش بمخاطبة العراقيين من بغداد ولو تطلب الامر تسجيل ذلك الخطاب وبثه عقب مغادرته للدواعي الامنية حتى يقول للعراقيين ان امريكا لم تدفع بقواتها للعراق الا من اجل ازالة كابوس نظام صدام. ٭ ولكن الرئيس اوباما خاطب العالم الاسلامي من القاهرة هل جاء ذلك التوجه اقتناعا بمقترح مبادرة قرطبة؟ الرئيس الامريكي باراك اوباما ضمن الذين طالعوا الكتاب واعتقد ان محاضرته التي قدمها للعالم الاسلامي جاءت اثر قناعته برؤيتنا. وهنا لابد من الاشارة الى انه وفي اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر باتت هنالك رغبة عارمة وسط المفكرين وقادة الرأي الامريكيين في معرفة الاسباب الحقيقية لتلك الاحداث التي هزت المجتمع الامريكي بصورة غير معهودة علما انه وطيلة التاريخ الامريكي لم يحدث مثل هذا الزلزال فكل الحروب التي خاضها الامريكيون كانت خارج العمق الامريكي وحتى عندما قام اليابانيون بمهاجمة الولاياتالمتحدة في الحرب العالمية الثانية كان اقصى المواقع التي ضربوها في جزر هاواي وهي بعيدة عن العمق الامريكي غير ان زلزال 11 سبتمبر لم يضرب العمق الامريكي وحسب وانما استهدف اخطر المواقع مثل البنتاجون والبيت الابيض ومركز التجارة العالمية. كان الجميع مهتما بالاجابة على عدد من التساؤلات منها: لماذا حدث الزلزال؟ وماذا تفعل امريكا حتى لا تتكرر الاحداث؟ ٭ بعد ست سنوات من بروزها هل تمكنت قرطبة من خلق شخصيتها المستقلة؟ اقمنا علاقات قوية ومتينة مع العالم العربي و الاسلامي وعلى المستوى الامريكي ساهمنا في احداث تغيير. لقد بات هنالك توجه يقوم في مرحلته الاولى على تحليل اسباب الازمة مع الشعوب الاسلامية فيما تعتمد المرحلة الثانية على سبل معالجة تلك الازمة. ٭ ماذا بشأن زيارتكم للبلاد؟ لما كانت فكرة المبادرة قائمة على تحسين العلاقات بين الغرب والعالم الاسلامي فقد كان علينا السعي لوقف التدهور المريع في العلاقات السودانية الامريكية وفي سبتمبر الماضي قمت بزيارة للخرطوم في اطار السعي لاحداث التقارب فتلقينا الدعوة للمراقبة فاجبنا الدعوة. ٭ هل تمت محاولة تقريب الشقة بمباركة من الحكومة الامريكية؟ نعم كما تلقينا موافقة الخارجية الامريكية للمشاركة كمراقبين للانتخابات السودانية. ٭ اراكم كنتم متحمسين للمشاركة في الانتخابات كمراقبين؟ ايمانا منا بهذا العمل الهام قبلنا الدعوة خاصة ان هنالك حاجة ماسة لمراقبين مستقلين من العالم الاسلامي في وقت نجد فيه ان كل مراكز مراقبة الانتخابات من خارج الدول الاسلامية وهؤلاء ينظرون للمراقبة من خلال رؤى غربية. ٭ كيف كان استقبالكم من قبل الاحزاب والجهات المعنية بالعملية الانتخابية بالبلاد؟ وجدنا الترحيب من الجميع ولك ان تعلم بان مركز كارتر طلب التعاون معنا في مراقبة الانتخابات الفلسطينية التي كان مزمعا عقدها في يونيو وقد تأسفوا لعدم مشاركتنا في مراقبة الانتخابات الايرانية لان اسم كارتر ارتبط بازمة الرهائن بين الولاياتالمتحدةالامريكية وايران. ٭ ما هو تقييمكم للانتخابات السودانية؟ على المراقب لاي انتخابات الالمام بالظروف السياسية لذلك البلد والسودان معقد في تركيبته ليست السياسية وحسب بل ان التعقيد هو السمة العامة ما يتطلب الالمام بعمق بالحراك السياسي الراهن والوقوف على تاريخ الممارسة السياسية اضافة لضرورة الالمام بديناميكية الحراك السياسي. ٭ كيف تقيمون الوعي السياسي لدى العامة؟ الشعب السوداني يتمتع بروح ديمقراطية وهو يحب السلام تلمست ذلك من خلال التقائي باعداد كبيرة من الاخوة السودانيين من المتعلمين والمثقفين الذين التقيتهم خارج السودان كما ان تفاعلهم منقطع النظير وحرصهم على ممارسة الديمقراطية كان مفاجأة سارة بالنسبة لنا. لقد زرت الفاشروجوباوالخرطوم ورصدت عن قرب تفاعل اهل السودان مع الانتخابات بحماس غير معهود.. كنت تجد الشيخ صاحب السبعين وقد جاء ليدلي بصوته رغم المعاناة وكذلك المكفوفين، لقد قابلت نساء تجاوزن السبعين جئن لممارسة حقهن الدستوري. لقد حدثني احد الذين تقدموا للترشيح لمنصب الوالي وقال لي «انها المرة الاولى التي امارس فيها حقي الدستوري في التصويت رغم ان عمري 61 عاما.» الشعب السوداني كان ظمآنا يريد ان ينهل من الديمقراطية ما يعني ان مفهوم الديمقراطية راسخ لدى السودانيين. ٭ ما هي ابرز مطالب اهل السودان بوجهة نظركم؟ السلام والامن والحياة الكريمة هي المطالب المشتركة التي لمسناها في الفاشر وفي جوباوالخرطوم. ٭ كيف ترى النخب السياسية السودانية؟ لقد التقيت بعدد من السياسيين السودانيين منهم الصادق المهدي الذي جلست اليه وكذلك التقيت علي عثمان محمد طه ومولانا ابيل الير ومحمد دوسة ورئيس القضاء وكما تعلم فان السياسة هي في حالة حراك مستمر ومراقبة الحراك السياسي اشبه بمباراة في كرة القدم وبالتالي لا يمكنك ذلك التوجه من التحليل بصورة دقيقة الا بعد مشاهدة اللاعبين بصورة راتبة. ٭ كيف تقيم التجربة السودانية؟ لقد وقفنا على حالات نزاع وسمعنا عن خلافات بين وكلاء الاحزاب وفي الجنوب سمعنا عن ضغوط تعرض لها البعض ولكن من ناحية عامة وفي ظل الظروف التي يمر بها السودان فقد كانت الانتخابات حيوية للتطور الانتخابي. ٭ هل قمتم باعداد تقريركم النهائي وهل ثمة بعض الجهات تعتمد التقرير وتعتمده كمرجع؟ سنقوم باعداد التقرير بنهاية الانتخابات وبشأن المرجعية فقد باركت الخارجية الامريكية مشاركتنا في مراقبة الانتخابات كما اننا على صلة بالعديد من المنظمات الاسلامية الامريكية ذات النشاط المشابه.