هو عنوان لكتاب سطره قلم الكاتب المصري الكبير المرحوم «توفيق الحكيم» يحكي عن مسيرة المصريين نحو الحرية والانعتاق من حكم الفرعون الماثل الذي يحاكي في تجبره طغيان فرعون مصر القديم حينما قال لأهلها أليس لي حكم مصر وهذه الانهار تجري بأمري ؟. وصور الحكيم فيه معاناة شعب مصر في عهود التيه السياسي وحفز الأجيال الناهضة بأن الوعي الذي كان سمة أجدادهم القدماء الذين ساقوا الفرعون إلى مهلكه دون ان يشعر فاغرقوه في اليم بإذن الله، وهو مليم يتمتم بكلمات الحق في الزمن الضائع ..آمنت بالذي آمن به بنو إسرائيل. ومثلما عاني المصريون ومازالوا يعالجون جراحاتهم القديمة المنكوءة بفعل فراعنة الزمن الحديث، يظل أهل السودان في مسيرة تاريخية مستمرة نحو مرافئ الانعتاق بحثاً عن السلام والاستقرار الذي أصبح مثل فاكهة محرمة عليهم بسبب أن قوماً جبارين يحولون بينهم وما يشتهون، بل هم أقوام من قبائل شتى سلطهم الله على البلاد والعباد فعاثوا فيها فساداً كبيراً على مسمع ومرأى من العالم دون أن يردعهم عن التمادي في الجور والظلم رادع، إنهم فراعنة آخر الزمان لا سبيل الى الفكاك منهم إلا بسيف القائم وأصحابه الكرام ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام إن تعذر قبل ذلك سبيل، فالناس في ذلك الأوان يجمعون على صعيد واحد الخبثاء مع الخبثاء والطيبون مع الطيبين، ولا مجال لاختلاط الحابل بالنابل. إن عودة الوعي هو كتاب المرحلة المقبلة من عمر السودان المدفوع قسراً نحو هاوية التقسيم على أساس العرق والجهة والعروبة والإفريقانية، وسيكون هو آخر الكتب بالنسبة للجيل السابق للجيل الحالي ومن عاشوا في كنف الدولة السودانية بصورتها الجميلة الموروثة من الاجداد المنشدين لسيمفونية: جدودنا زمان وصونا علي الوطن علي التراب الغالي الما ليه ثمن إن التراب الغالي يتعرض اليوم للتضييع، على خلفية اقتسام السلطة والثروة ومنح حق تقرير المصير لكل من يحمل السلاح بحثاً عن القضايا المطلبية التي تنقلب بفعل الأيادي الاجنبية الى مطالب سياسية وجهوية وعنصرية ينصاع لها الضعفاء، وما الانتخابات المعيبة التي جرت في الأسبوع الماضي الا صورة من صور المخطط الأجنبي وشكل من أشكال آلية تمزيق النسيج الاجتماعي السوداني، وما جرى خلال الانتخابات ومرحلة الفرز ليس عملاً بطولياً وذكاءً يستحق تحفيز العاملين عليه، وإنما هو جريمة نكراء ستحيط بالمتورطين فيها ذات يوم إحاطة السوار بالمعصم، فينكرونها حين يبرز وجهها الآخر، ويتمنون لو أن بينهم وبينها أمد بعيد. والوعي المطلوب عودته يتمثل في صورة حاكم حكيم يجمع الناس على حكومة قومية جامعة تهيئ البلاد لفترة انتقالية تقام خلالها انتخابات حرة ونزيهة تأتي بحكومة سودانية صميمة لا علاقة لها بتنفيذ أجندة اتفاقيات التقسيم والتمزيق، فهذا التراب لا ينبغي أن يكون عرضة للمزايدة على تماسكه واستقراره، ولا يمكن أن تُقاد البلاد قسراً بانتخابات مضروبة لتكتب تقرير المصير لجنوب السودان، لأن هذا الأسلوب سينسحب على بقية الأقاليم الأخرى المتأزمة.