كل شعوب الدنيا تحب اوطانها وتحافظ على ترابها بالمهج والارواح ، وكل مؤسسات الحكم والوزارات السيادية في اقطار العالم تعمل في تناغم تام لرفعة الاوطان وتعزف جميعاً سيمفونية (الوطن العزيز) ..نعم كل الدنيا ماعدا في بلادي حيث يرقد الاجداد الشرفاء الذين ضحوا بارواحهم وابدانهم حتى غنى المغني ..والنهر يطفح بالضحايا وبالدماء القانية ما لان فرسان لنا بل فر جند الطاغية..وغيرها من اناشيد الحماس التي لم يجف عطر وعبق كلماتها رغم تغير الازمان وتبدل الرجال . ان ما يأسف له الشعب السوداني حقاً هو صبره على حكومة الانقاذ وهي تواجه الاستهداف الاجنبي ثم اكتشافه في نهاية المطاف ان وقفته كانت خاطئة وان هؤلاء القوم اصبحوا يستمتعون بإظهار الذلة لاعداء الوطن ويجاملون في تراب الوطن من اجل نيل حفنة من الدولارات او إتقاء شر يأتي من اعداء الحكومة..هذه هي الحقيقة المتكشفة اخيراً ومن الممكن ان تتفاوض الحكومة على جزء عزيز من تراب البلاد نظير مكاسب شخصية كما هو حاصل بالضبط في عدد من المسائل العالقة منذ سنوات..ان استيلاء بعض دول الجوار على اراضٍ سودانية وإهمال الحكومة استرداد تلك الاراضي او المطالبة علناً بإرجاعها الى حضن الوطن يخفي وراءه خيانة عظمى للبلاد وللشعب وللتاريخ السوداني الحافل بالبطولات . ان تاريخنا كان ابيضَ حتى سوده الجبناء ولوقت قريب كان الخليفة عبدالله ودتورشين التعايشي يطمع في غزو المملكة التي لا تغرب عنها الشمس وتزويج يونس ود الدكيم من الملكة فكتوريا قسراً بعد ان تعلن اسلامها وتنطق بالشهادتين..وهل كانت ستجد الملكة فكتوريا زوجاً وبعلاً افضل من يونس ودالدكيم ؟ نعم ضرب التعايشي احسن الامثال للحاكم السوداني الحكيم والقوي في آن واحد وتكفي دول الجوار شهادة ان جنود الخليفة دخلوا في معركة هادفة وقتلوا ملك ملوك الحبشة في عقر داره لايصال رسالة واضحة تتحدث عن حمى دولة المهدية وحدودها التي يجب ان تكون مرعية...هذا التاريخ الابيض يريد البعض ان يرمي به في سلة المهملات ويستن لنا سنناً جديدة في الجبن والانبطاح غير مستساغة وحينما تقول حكومة ولاية البحر الاحمر على لسان واليها ان السيد رئيس الجمهورية سيزور حلايب الواحدة التي نعرفها ونعرف تاريخها يخرج لنا وزير الخارجية ليفسر لنا ماهي حلايب المقصودة وكأن الشعب السوداني له ( قنابير !!!.) ان الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والسودان ينبغي ان يبدأ من حلايب وليس بالفرار من الحديث عن حلايب وقد سمعنا ان الاخوة الحكماء في مصر قالوا لا يجب ان تكون حلايب مصدر عكننة للعلاقات الازلية بين الشعبين ..قالوا ذلك لانهم يعلمون الظروف والملابسات التي جعلت حكومة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك تقرر الاستيلاء على حلايب بفرض الامر العسكري وليس وقائع التاريخ باعتبار ان تاريخ حلايب اتضح ووضح منذ انسحاب القوات المسلحة المصرية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر من حلايب حينما قرر الرئيس البطل المرحوم عبدالله خليل استرداد حلايب ولبس للحرب لبوسها (لبس خمسة) لا تقولوا تلك امة قد خلت فالامة السودانية متصلة بكبريائها وشموخها ومن المهم ان يدرك الجميع حقيقة ان اهل السودان لن يتركوا شبراً من اراضيهم لاحد من الناس سواء كان صديقاً ام عدواً محاربا . سيسطر التاريخ كافة المواقف البيضاء منها والسوداء ولذلك على السادة في وزارة الخارجية ان يقدروا لخطواتهم قبل الخطو موضعها حتى لا يفتحوا على انفسهم ابواب جهنم جراء التلاعب بسيادة السودان ، نحن نعلم اهتمامات الدبلوماسية السودانية وحكمتها المتجلية في القصائد العصماء التي سطرها البعض في التغزل باحدى الجميلات ولذلك عليهم ان يبرعوا في الدبلوماسية الشعرية دون ان يهدموا اركان التاريخ لان التاريخ سيحكي .