«فرح وسرور.. كان صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم». إن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة والعبادة، فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة، فهو نعمة عظيمة تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها». «1» الدور الأوربي في نيفاشا 2005م الدور السلبي للاتحاد الأوربي لسلطة الإنقاذ في أول عهدها باظهار العداء وحرمان «السودان» من الاستفادة من المساعدات الاقتصادية وفقاً لاتفاقية لومي، ثم فجأة التحول إلى الموقف الإيجابي لأغلب الدول الأوروبية «المانحة»!! تجاه قضايا السلام في السودان، يجعل الفرد المراقب يعيد النظر في أمر «اتفاقية نيفاشا 2005م»... بل وإعادة قراءتها بمنظار مختلف عن شكلها الايجابي الذي كان يدل على اجماع الكل بأن هناك وحدة جاذبة قادمة... إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك لحظة أن غابت بالتحايل مفردة الانفصال الحتمية عن طاولة التفاوض، والتي صارت في النهاية هي الواقع، وذلك ما يؤكد مدى الخدعة الذكية «الأوربأمريكية» التي وقع في فخها مفاوضو «الإنقاذ والحركة» منذ «أبوجا1» و«أبوجا2» وإلى نيفاشا ومنتجعات كينيا المتعددة، حيث التغيير الأكيد الذي ظل يعمل عليه المراقب الأجنبي، لاخراج مسرحية الانفصال بكيفية هي قمة الذكاء.. وكيف أن دول العالم الأول ما بينها ومستوى تفكير مفاوضي دول العالم الثالث من فارق يحسب بالسنين الضوئي، بالرغم من ادعاء الصبر على التحمل لما يطرحه الطرفان في طاولات التفاوض من «لغو وحديث». وما يؤكد ذلك أكثر توفر مساحة واسعة جداً ما بين ما سمى بدول الايقاد ودول شركاء الايقاد. فدول الايقاد هي دول الصحراء والفقر في إفريقيا «السودان الصومال إثيوبيا جيبوتي ...الخ» وشركاء الايقاد هي دول أوربا المانحة «السويد النرويج ...الخ» فدونكم اجتماعهم في «أوسلو 2000م»، فما هي المنح التي قدمت إلى الدول المعنية؟!! غير الوعود البراقة والتي ما انفك ينطق بها لسان حال المفاوض المحلي في نيفاشا من الطرفين. وكيف أن أحلام الوعود قد شيد لها الكثيرون «قصوراً من ذهب» وتم تسوير قدرها «بسياج من الفضة» وأقيمت لها أبواب ذات أعمدة من «البلاتين»!! ولكن تحول كل ذلك لأضغاث أحلام «ونمور من ورق». وقد يكون حسن الافتراض «والنية البيضاء» هي أمل الموقعين على اتفاقية نيفاشا، وهو ما قادهم لقيامها، ولكن أصحاب الوعود الأوربية من الشركاء لا يعرفون «للنيات الحسنة» قيمة دونما حسابات الربح والخسارة، ووفق المكاسب والذهنية الاستعمارية بثوبها الجديد «باسم العولمة» ومدخلاتها، لذا ولكي يتم الارتقاء في التعامل ما بين «دول الايقاد والشركاء» وخاصة في مستوى التفاوض كان لا بد من استصحاب ما حدث من «رسم للطرق الامريكية» في العديد من الدول «الشرق أوسطية» «العراق مصر ليبيا»، أضف إلى ذلك ما يحدث اليوم في الشام «وبالتحديد سوريا» كل ذلك بالضرورة يعكس لنا ماذا تريد وتبحث كتل الاستعمار الجديد في الأدغال الافريقية من فائدة ووسط دول النمور الآسيوية، وكل ذلك بهدف تأمين المستقبل لأجيالهم القادمة، ولو كان ذلك على حساب فناء تلك الشعوب المغلوبة على أمرها. ويبقى السؤال الجوهري لماذا القسوة التي تتبعها الأنظمة الحاكمة ضد رعاياها غير أنها عبارة عن أداة لاكمال مشروعات «الغرب» علماً بأنها هي الضحية المرتقبة لما فعلته أياديها بشعبها، لحظة قدوم حرمانها «القسرية» من الجلوس على كرسي السلطة، حتى اكتمال «الخطة الامريكية» لرسم الطريق، ليصيد الغرب عصفورتين بحجر واحد «تصفية النظام وكسر شوكة شعبه»، لذا لا بد أن تلتفت تلكم الأنظمة وهي تستخدم الأسلحة الفتاكة ضد شعبها كما يحدث في سوريا اليوم. «2» الراحل قرنق والمفاوضات وشيطان التفاصيل للراحل جون قرنق قولة مأثورة تقول: «إن الشيطان يكمن في التفاصيل»، فعليه كان لزاماً علينا أن نعيد السؤال: لماذا كلما خطت المفاوضات بين السودانيين خطوات إيجابية نحو «الحل الشامل» عادت كرة الفشل مرتدة إلى النقطة الأولى من التفاوض؟! من ضعف المفاوض أم قوة الشيطان؟! فهل اللعنة وشيطانها تكمن في التفاصيل كما قيل؟! «نعم.... ولا» وكيف؟!!. الاجابة عند دول التحالف وشركاء الايقاد بلوائحها المجمع عليها بمشروع العولمة الاقصائي العنصري، وبرسم طريقه الاستعلائي، حيث المحصلة النهائية لكل بداية حوارية جادة هو رأي «الرقيب» الممسك «بالقلم الأحمر» للتصحيح، ليكتب «اعد» في كل كراسة الاملاء عند الطرفين، ومهما اجتهد المفاوض وأحسن من التعبير أو اختار المفردات المنمقة مع حرصه على تجنب وقوع الأخطاء، إلا أن «الرافع الدولي» بما له من «املاءات» جاهزة ومسبقة ظل يلقي «الدرس» على الطلبة ويعيد الطاولة من جديد للتفاوض بعد أن يمنح كل مجموعة «صفر من عشرة» في كل «جولة للمفاوضات»، خاصة إذا كان الموقع في أديس أبابا، فكل اتفاقية مجمع عليها انتهت أخيراً إلى اعلان الحرب بين الطرفين من جديد، منذ أن كان السودان دولة واحدة ما قبل الانفصال في يوليو 2011م، واليوم بعد المفاجأة بلقاء الرئيسين «البشير وسلفا» والتفاؤل الذي عم الجميع في الوطن بعد اليأس الذي ملأ الساحة، وما ترتب من أزمات نتيجة لمخرجات الانفصال الاقتصادية العدائية والتي أهدرت قيم الموارد بين الدولتين من التي كان يحسبها البعض بأنها عرضية إلا أنها صارت هي «لب العلة» والمرض العضال الذي أصاب جسم السودان السليم في طرفيه «المركز والهامش»، والشيء المؤسف أن الدول التي تدعي أنها مانحة لم يعد الأمر يعنيها في شيء، بل ظل الرافع الدولي «يعدُ» و«يُعيد» بالوقوف إلى جانب الدولتين إذا ما تم «الفصل»، ولكن ها هو اليوم يلعب دور الحاوي واللاهي بالدمية لدولة السودانيين، كأنما هدف من ذلك الوصول إلى ذروة الفشل وتحقيقه لإنسان هذه المنطقة من العالم، لذا لم يكن السودان بمعزل عما هو حادث من تغيير «متعمد» في خريطة طريق الشرق الأوسط والأدنى تحت مسمى اعادة صياغة بنيات تلكم الشعوب «المهزومة معنوياً» وكيف لها القدرة على «فناء نفسها بنفسها» فقط إذا ما توفرت لها الإعانة ممن يستطيع أن يرسم لها الطريق، وتبقى ما تلك بالصدفة إذا ما تم التغيير الجذري للعديد من الأنظمة المتسلطة خلال العشرين عاماً الماضية «العراق تونس مصر اليمن ليبيا» وحتى الجزائر، وكيف تمت الردة لسلطتها طالما أن شكل التغيير لم يأت على «راسمي الطريق الغربي» «الامريكي الأوربي». ٭ ما المطلوب اليوم؟! المطلوب اليوم من قادة الشعوب المعنية بالأمر، الالتفات إلى ما يحاك ضدها من مؤامرات، وما يرسم لها من مكايد، وكيف هم فقط عبارة عن أداء في أيادي راسمي الطريق، وفي استطاعتهم وباسم شيطان التفاصيل وعونه أن يشكلوا الواقع كما ينبغي أن يكون. ٭ تبقى كفاية مجازر ويجب ايقاف شلالات «الدماء العربية» والتي روت الأرض حتى فاضت في الشرق الأوسط والأدنى، ومازالت لأمريكا القدرة على توظيف أعداء الشعوب في إكمال مشروعاتها العدائية ضد دول العالم الثالث، من التي تسعى جادة إلى فنائها على الآخر، حتى يحلو لها بناء أنموذج لانسان العولمة الآلي بالرغم من جريان ما تبقى من دماء في عروقه «المستلبة ثقافياً» منذ لحظة جلوسه واستهلاكه الفارغ للزمن في ما لا يفيد ويصلح، بعد أن فقد حمية الوجدان الانساني والروح الوثابة للطموح الهادف، دونما احساس بطعم للحياة بعد أن صارت الحياة عنده عبارة عن أحلام ذاتية يترصدها شيطان التفاصيل. ورغم ذلك لا بد أن ندرك بما تبقى لنا من «حس» ألا شيطان سوى هوى النفس الأمارة بالسوء. ففي هذا الشهر المبارك علينا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه في مدخل المقال، أن نراجع النفس ونتضرع إلى المولى العزيز أن يلطف بشعوبنا وبأرضنا الطيبة، وأن يفكنا من عقال الوعود الكاذبة، والاتفاقيات الخارجية «المتعددة» وغير المجدية، وفقط علينا أن نعود إلى «الضرا» والجلوس حول الطاولة الداخلية السودانية، والتي يمكن أن نجمع بينها في «صينية رمضان» في وقت الغروب وعند الإفطار، فتلك لحظات تسقط فيها كل النوازع العدائية والنوايا الشريرة، وتعود بها روح الصفاء، طالما أن هذا الشهر «هو لله لا للسلطة ولا لله» وهو ما يجزي به. لذا علينا أن نلتفت ونبحث عن نفحات قد نجدها في «بساط» الخرطوم بعد أن فقدناها في مآدب أديس أبابا، أو منتجعات نيجيريا وكينيا، في أبوجا ونيفاشا لماذا؟! لأنه إذا جلس هناك «باقان وإدريس» حول الطاولة ففي استطاعة جميع السودانيين أن «يلزموا الجابرة» هنا.... شفتوا كيف؟!