سكوت بالدوف الكرستيان ساينس مونيتور تجمع ملايين السودانيين في اليوم الأول من أيام الاقتراع الثلاثة في مراكز الاقتراع في جميع أنحاء البلاد لاختيار رئيسهم ومجالسهم الوطنية والولائية وولاتهم والمسؤولين المحليين الأخر وذلك في عملية اقتراع معقدة جداً قالت المفوضية القومية للانتخابات إنها عملية صممت لمنع التزوير. وقد قاطعت أحزاب كثيرة الانتخابات عموماً مشيرةً إلى مخاوفها من التزوير الذي تمارسه الحكومة، كما أن أكبر حزبين معارضين في البلاد يضمان مجموعة مسلحة متمردة سابقة تدير شئون جنوب البلاد ذي الحكم شبه الذاتي قد سحبتا مرشحيها للرئاسة تاركة الرئيس عمر البشير ليصبح المرشح مضمون الفوز. ولكن مع نشر 100000 جندي تقريباً على نطاق شمال السودان للحفاظ على الأمن ووقوف الشرطة في حالة تأهب قصوى، مرَّ اليوم الأول دون حدوث عنف يذكر. وبالنسبة لأولئك الذين صوتوا يوم الأحد فقد كانت التجربة تأكيداً على أن المواطنين العاديين لديهم السلطة على قادتهم وبالتالي فإن لهم كلمة فيما يتعلق بمستقبلهم ومستقبل بلادهم. طعم الديمقراطية يصف عبد المحمود فهمي الذي ولد في 1986م عام الانتخابات السودانية السابقة تجربة الإدلاء بصوته بأنها تجربة مذهلة. ولدى مراكز الاقتراع في جميع أنحاء العاصمة الخرطوم نجد حتى الذين عبَّروا عن شكوكهم حيال ما إذا كان الشعب السوداني مستعداً حقيقةً للديمقراطية يقولون إن هذا اليوم يعتبر فرصة تاريخية للسودان ليضع 22 عاماً من الحرب وراءه ظهرياً حيث يقول بهاء الدين إبراهيم محمد الذي يعمل مهندساً مدنياً ويدلي بصوته في أم درمان: (يمكنني أن أقول باعتباري إفريقياً وباعتباري عربياً إننا نحتاج لبعض الوقت لكي تترسخ الديمقراطية في السودان. وأنا في الواقع أؤيد الحكومة العسكرية ريثما يصل الناس إلى معرفة الكيفية التي يحكمون بها أنفسهم عبر الديمقراطية، فنحن نحتاج إلى قائد قوي. فإذا تذوق الناس طعم الديمقراطية فسوف يظنون أنهم أقوياء ومن ثم سينسفون هذه الديمقراطية ويعطون الجيش مبرراً للعودة إلى الحكم مرة ثانية). أما زوجته سلوى عوض التي تعمل مهندسة معمارية لا تختلف معه ولكنها تؤكد بصورة لطيفة على الناحية الإيجابية في الديمقراطية حيث قالت: (نحن نريد ديمقراطية قوية ونحن الآن نشتم نزراً يسيراً من هذا الشيء الذي يسمى بالديمقراطية إذ نشتم منها رائحة ال»دال» وال»ياء»، لذا دعونا نستمتع بها). وفرة بطاقات الاقتراع إن هذه الانتخابات ستكون عملية شاقة حتى بالنسبة للناخبين الذين اعتادوا على رمي بطاقات الاقتراع في ديمقراطية مهزوزة. ففي مراكز الاقتراع الشمالية هناك ثماني بطاقات اقتراع يتم ملؤها وتوضع في صناديق معينة، أما في الجنوب ذي الحكم شبه الذاتي فهناك اثنتا عشرة بطاقة يتم ملؤها حيث يدلي الناخبون بأصواتهم للانتخابات القومية ولحكومة جنوب السودان. ولكن الارتباك الحقيقي حدث الأسبوع الماضي عندما قام قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان الحزب المعارض الرئيس والحاكم في جنوب البلاد غير العربي وذي الطابع المسيحي بسحب مرشحهم للرئاسة ودعوا لمقاطعة عامة للانتخابات في الشمال. ولكن قائد الحركة الشعبية سلفا كير نفى قبل أيام فقط أن تكون هناك مقاطعة للانتخابات في الشمال. ويبدو الجنوبيون الذين يعيشون في الشمال الذين يبلغ عددهم 1.5 مليون مرتبكين في أن يصوتوا أم لا، ففي الحاج يوسف أحد أحياء الخرطوم بحري وهو حي فقير مكتظ بالنازحين الجنوبيين كان مركز الاقتراع هادئاً وبه ناخبون قليلون من كبار السن يدلون بأصواتهم. فأحد الجنوبيين المسنين الذي يسمي نفسه «علي» حتى نصحه صديق له أن يستخدم اسمه القبلي «شول أجينق» الاسم النمطي اللائق مع الحركة الشعبية العلمانية قال إنه (يصوت لأن الانتخابات ستحسن حياة الناس. فهل يريد منا هؤلاء الناس الذين يريدون مقاطعة الانتخابات أن نعود إلى الحرب أم أنهم يريدوننا أن نمضي إلى الأمام؟). وتقول إحدى ربات المنازل في أم درمان وتسمى هناء أحمد عبد النجيب إنها أتت للتصويت لكي تغير الوضع في بلادها. وتقول مواطنة من إقليم دارفور المضطرب والتي أجبرتها الحرب على مغادرة دارها: (الديمقراطية تتعلق بالآراء الشخصية، وشيء جميل بالنسبة لنا أن نشترك في الآراء، فنحن نريد التنمية ونريد حلّ المشكلة في دارفور، وهذا هو السبب الذي جعلني آتي إلى هنا لكي أرى الوضع الحالي يتغير إلى وضعٍ أفضل).