تشهد دولة أفريقيا الوسطى هذه الأيام احتجاجات عنيفة انتظمت شوارع العاصمة بانغى وتحولت الى اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة اصيب فيها عدد كبير من المحتجين، وامتدت التظاهرات الى مناطق اخرى خارج العاصمة مايشير بحسب مراقبين الى احتمال تمدد موجات الربيع العربى الى «صيف» افريقى ساخن يشهد ثورات يخشاها القادة الافارقة خاصة ان الأوضاع فى القارة السمراء تشابة الى حد بعيد الظروف التى قادت الى ثورات الربيع العربى فى تلك البلدان ،وان كان البعض يجزم بأن الأوضاع فى أفريقيا أسوأ بكثير من العالم العربى الا ان ضعف نسبة الوعى لدى الشعوب الأفريقية أثرت على انتقال الربيع العربى الى افريقيا وان بدأت بعض البلدان فى التململ. امس اتهم وزير دفاع أفريقيا الوسطى المعارضة بالوقوف خلف هذه الاحتجاجات العنيفة التي شهدت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في العاصمة بانغي، وكان عدد من الشباب الغاضب قام باغلاق الشوارع الرئيسية في العاصمة بحواجز مشتعلة ومن ثم دوت أصوات اطلاق النار مع سعي قوات الأمن لاخماد الاحتجاجات، كما قام الشبان بتخريب نصب تذكارية للرئيس فرانسوا بوزيزيه واقتحام السجن واطلاق سراح مئات السجناء، وأصيب فى هذه الاحتجاجات 15 متظاهرا وثلاثة من أفراد الأمن في الاشتباكات الدامية. وتجدر الاشارة الى ان أعمال العنف هذه قد نجمت عن اعلان بالاذاعة الرسمية لنتائج اختبار تقدم له ستمائة فرد للانضمام الى قوات الأمن من بين أكثر من خمسة آلاف مرشح، واتهم المحتجون الحكومة بالتلاعب في النتائج لصالح أفراد جماعة جبايا العرقية التي ينتمي اليها رئيس جمهورية افريقيا الوسطى بوزيزيه. وصرح وزير الدفاع جان فرانسوا بوزيزيه وهو في نفس الوقت نجل الرئيس، للاذاعة الرسمية «اننا نعرف أن الساسة تلاعبوا بهؤلاء الشبان، ولكن يجب على المعارضة أن تفهم أن هذه الأعمال تجلب العار عليهم وعلى الشبان»، وهى ذات العبارات التى استخدمت فى بلدان الربيع العربى من قبل القادة الذين اقتلعتهم الثورات، فهل انتقل مؤشر الربيع العربى جنوب الصحراء الى صيف افريقى داخل القارة السمراء وهل ستنجح احتجاجات افريقيا الوسطى بتحولها الى ثورة شعبية، وماهى تأثيرات هذا الحراك على السودان واستقرار الأوضاع فى دارفور. المحلل السياسى الحاج حمد محمد خير يقول ان الوعى الجماهيرى فى افريقيا اصبح فى تزايد مستمر وبدأت الشعوب تنظر الى حكامها على انهم بيادق شطرنج تحركها القوى الخارجية ، وقال محمد خير ل «الصحافة» ان الشعوب الافريقية بدأت تدرك ان النخب الحاكمة من اجل استقرارها السياسى واستمرارها فى الحكم ستعمل ما بوسعها لتقديم تنازلات للقوى الخارجية على حساب مواطنيها الذين يعانون الجهل والجوع والفقر والمرض، وقال محمد خير ان الأوضاع فى افريقيا الوسطى قابلة لقيام ثورة شعبية لتوفر كافة مقومات الثورة ليس فى افريقيا الوسطى بل فى اغلب بلدان القارة، الا انه اشار الى تدهور الاوضاع فى افريقيا الوسطى سيؤثر بصورة مباشرة على الأوضاع فى السودان خاصة دارفور، وقال محمد خير حالياً توجد علاقات جيدة بين الخرطوم وبانغى واتفاقيات عسكرية مشتركة لتأمين الحدود ما ساهم فى استقرار نسبى فى تلك المنطقة وان اى تدهور للأمن فى افريقيا الوسطى بالطبع يؤثر بصورة مباشرة على الأوضاع فى دارفور ما يخلق بيئة خصبة لتنامى الحركات وحرية حركتها. ويدعم الخبير اشناكينيج ليك مدير موقع ماكينزى المتخصص فى الشئون الأفريقية والتنمية الاقتصادية فرضية انتقال الربيع العربى الى صيف ساخن فى القارة الافريقية، ويقول ان من أكبر المخاطر بالنسبة للقارة هو تأثير الربيع العربي، و يمكن أن يتحول الى صيف افريقى، خاصة لوجود احتمال نشاط المعارضة فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتى يقودها الشباب، واوضح ان هناك عوامل عديدة لتنامى الاحتجاجات اهمها انعدام وجود فرص العمل بحسب احصائيات منظمة العمل الدولية «ILO»، وقال اذا نظرنا الى سوق العمل فى القارة نجد 63% من القوى العاملة تعمل فى «وظائف ضعيفة» وغير مستقرة وهناك أعداد كبيرة من الأفارقة من الشاب المثقف الذي يبحث عن ذاته وينظر الى القادة بانهم يبحثون عن مصالحهم وليس مصلحة القارة، واضاف ليك، نحن نشهد بالتأكيد الأسباب الجذرية وهي مشتركة في مختلف أنحاء القارة رغم ان نسبة النمو بلغت معدل 5 الى 5.5% في المتوسط، ولكن الناس على أرض الواقع لايشعرون بها ونسبة الفقر آخذة في الانخفاض بنسبة 1% سنويا فقط، وقال لِيك ان كل هذه العوامل تُشئ الى ان افريقيا ستشهد «صيف افريقى» مشابه للربيع العربى، وتوقع لِيك ان تتطور الاحتجاجات فى افريقيا الوسطى وقال «ربما تصبح الشرارة التى ستشعل ثورات افريقيا» لافتاً الى ان اقرب الدول القابلة للانفجار بعد افريقيا الوسطى نيجيريا. يشار الى ان الرئيس فرانسوا بوزيزيه تولى السلطة بالبلد الذي يتوسط افريقيا بانقلاب وقع عام 2003 قبل أن يفوز بالانتخابات عام 2005 حاصلا على تفويض جديد بانتخابات يناير الماضى الا انها رفضت من قبل معارضيه الذين قطعوا بتزويرها.