ظل أهل السودان في كافة قراهم وبلداتهم من منطقة كرن كرن بأرض الصعيد في النيل الأزرق الى ام درمان فلاتة الي الدالي والمزموم بسنار حتى تخوم فركة ووادي حلفا من بلاد السافل الى سمسم وعطرب في القضارف وودشريفي و حلة تاجوج في كسلا وكل قرى العرب بنهر عطبرة وحتى الدبيبات والدبكر وقرى جنوب كردفان التي تشرئب اعناقها لتطالع ابراج الضغط العالي الذي يعني تمدد احلام الفقراء . لقد كنت شهودا على المواطنين البسطاء في مئات القرى والفرقان في قبايل البلاد الاربع وهم يتحسسون سبل ادخال الامداد الكهربائي لمنازلهم بعد ان بلغت خطوط الضغط العالي مداخل القرى والبلدات في اعظم عملية خروج بالامداد الكهربائي قامت به الهيئة القومية للكهرباء المحلولة .. كان الناس يتحدثون عن التحول المرتقب في حياتهم وهو تحول بدأ بتغيير ملموس طال البيئة السكنية ولا اخالني اجانب الصواب لو قلت ان اعظم حركة شهدها قطاع المساكن بالريف كانت في سنوات 2007- 2008 - 2009 عندما تمددت خطوط (33) في كافة انحاء البلاد. ظل الناس يعولون كثيرا على الكهرباء في تغيير واقعهم الاقتصادي والاجتماعي وذهب الغالبية للتفكير في اقامة مشروعات صغيرة تخرج به من دائرة الفقر ولا غرو فايصال الامداد الكهرباء من اهم وسائل مكافحة الفقر وفقا لدراسات البنك الدولي وصندوق النقد خاصة ان الفرص مواتية من خلال توفر العديد من الموارد بكافة انحاء البلاد . ومما زاد من تطلعات واحلام البسطاء التأكيدات الصادرة عن رئيس الجمهورية ووزير الطاقة والتعدين السابق الزبير أحمد الحسن والمدير العام للهيئة القومية للكهرباء المهندس مكاوي محمد كانوا قد بشروا بان اسعار الكهرباء ستشهد انخفاضا كبيرا وان الكيلو للقطاع السكني لن يتجاوز العشرة قروش خاصة في اعقاب اكتمال مشروع سد مروي الذي سيمد الشبكة بحوالي 125 ميقاواط من التوليد المائي ذي التكلفة الصفرية علما ان التوليد الحراري الذي كانت تعتمد عليه الشبكة بنسبة 78% مكلف جدا اذ كانت الهيئة توجه 64% من ميزانياتها لوقود توربينات الوقود لوحده. قام وكيل وزارة الكهرباء وبتكليف من الوزير بتكوين لجنة من الخبراء وكان الغرض من اللجنة التقدم بدراسة لتعريفة جديدة للكهرباء وقد اشارت اللجنة في دراستها التي تقدمت بها للوكيل انه بعد اكتمال دخول كهرباء مروي فقد بات التوليد المائي يشكل غالبية انتاج البلاد من الكهرباء وانخفضت بالتالي تكلفة التشغيل بنسبة 54% فرأت اللجنة بخفض تعريفة الكهرباء بنسبة 30% بدلا من 54% حتى تتمكن الوزارة من مقابلة اية زيادات او طوارئ وعليه فإن تعرفة الكيلو وفقا لتوصية اللجنة هي 10 قروش للكيلو علما ان شركة كهرباء سد مروي تبيع الكهرباء من محطة توليدها بسعر (0,9) من القرش اي اقل من قرش واحد للكليو الواحد وبرغم ذلك تحقق عائدات ضخمة بلغت اكثر من (21)، مليون جنيه للنصف الاول من العام 2011 فيما لم تتجاوز مصروفاتها التسعة ملايين جنيه . وزارة الكهرباء والسدود فاجأت المواطنين عندما قذفت بتقرير الخبراء الى سلة المهملات وعمدت الى زيادة فاتورة الكهرباء بصورة دفعت برئيس الجمهورية الى رفض الزيادة ليتدخل النائب الاول موجها بايقاف الزيادات . يبدو ان المسئولين بوزارة الكهرباء يعتقدون ان ادارة الوزارة ماضية على طريقة السدود حيث لا مراجعة ولا مساءلة فقررت الزيادة برغم ان كل المؤشرات تشير الى تراجع تكاليف التشغيل ويرى الكثيرون بأن الزيادات جاءت لتأكيد قدرة الوزارة على اتخاذ هكذا قرارات دون استشارة حد ولو كان رأس الدولة الذي ظل يؤكد بخفض فاتورة الكهرباء. .. [email protected]