ينظر متابعون ومهتمون بتطورات الاوضاع في اقليم دارفور المضطرب الى الاحداث التي شهدتها ولايات الاقليم في الاسابيع الماضية بقلق بالغ، مشددين على انها تستوجب اتجاه الدولة الى اجراء ترتيبات ادارية ضرورية وعاجلة تشتمل على بناء عمليات امنية تتكامل فيها جميع ادوار الاجهزة الامنية المختلفة، فضلا عن الاسراع في تنفيذ بند الترتيبات الامنية بوثيقة الدوحة لاعادة دمج وتسريح كل المقاتلين في دارفور في المجتمع ونزع السلاح عن جميع المقاتلين، هذا بالاضافة الى محاسبة المتورطين والمقصرين بشكل مباشر في ما حدث من جرائم في كل من نيالا وكتم ومعسكر الحميدي. واعتبر خبراء وسياسيون احداث نهب اموال قوات اليوناميد من بنك الخرطوم في وسط مدينة نيالا واحداث الفوضى وعمليات الاغتيال في محلية كتم بولاية شمال دارفور، وكذا ملابسات الاحتجاجات الطلابية بنيالا ، وعمليات قتل واختطاف واحتجاز النازحين بمعسكر الحميدية للنازحين بولاية وسط دارفور وغيرها، بمثابة تحديات كبرى ومهددات مباشرة تواجه عملية السلام في الاقليم؛ وارجع رئيس الهيئة النيابية لنواب ولاية شمال دارفور الفريق أول الدكتور حسين عبدالله جبريل في اتصال هاتفي مع (الصحافة) امس الاحداث الاخيرة لاسباب عديدة منها عدم توفيق اوضاع المقاتلين الذين وقع معهم ولاة الولايات اتفاقيات جزئية محلية ولم يتم الايفاء بها لتأخر تنفيذ بند الترتيبات الامنية وتنفيذ عملية الدمج والتسريح ، واوضح الفريق حسين ان عدم تنفيذ الترتيبات الامنية والبنود الاخرى المرتبطة بالعملية السلمية وفق مانصت عليه الاتفاقية احدث حالة من الاحباط ساهمت بشكل مباشر في التوترات الامنية الجارية في ولايات دارفور مما اثر بصورة سلبية على معظم مجريات الامور في ولايات دارفور الخمسة، مبينا ان الحل الوحيد لكبح جماح هذه التوترات يتمثل في البدء الفوري في انفاذ بند الترتيبات الامنية وتنفيذ البنود الاخرى ذات الصلة بالعملية السلمية والمصالحات الاجتماعية لتطييب خاطر جميع مكونات المجتمع الدارفوري، ونزع بؤر الاحتقان وانهاء الفلتان وفرض هيبة الدولة، وشدد الفريق حسين على ضرورة الاتصال بالحركات الرافضة ومحاورتها للانضمام لعملية السلام. بيد ان الامين العام السابق لحزب الامة القومي الفريق شرطة صديق اسماعيل يرى في حديثه مع (الصحافة) ان تلك التوترات والاحداث الامنية التي حدثت في دارفور» جزء من المخططات الدولية الداعية لاحداث حالة من الفوضى في الاقليم»، وذلك بهدف جلب معالجات من الخارج تعطي العالم الحق في التزرع للتدخل واثبات ان هناك خللاً امنياً متقداً في الاقليم. واعتبر الفريق صديق ان في حادثة نهب اموال بنك الخرطوم التابعة لليوناميد من وسط مدينة نيالا «ما يدعو الى الشك والريبة» وذلك نظرا لوجود قرار صادر عن بنك السودان المركزي يمنع تحريك اية اموال بكميات كبيرة، الا في في ظل وجود حراسات مكافئة وكافية، ومضى الامين العام السابق لحزب الامة القومي ليؤكد ان هذه الحادثة توضح بجلاء الاهمال الفادح من ادارة البنك، مطالبا باجراء تحقيق دقيق حولها يوضح الحقائق والملابسات كاملة. لكن الفريق صديق اسماعيل تعامل مع احداث الاغتيال في كتم بشكل مختلف فقد رأى ان من ورائها « حالة من الاحتقان والاحساس بالظلم والاستخدام السئ للطاقات البشرية»، موضحا ان محلية الواحة اسم لمحلية صنعها والي شمال دارفور ولكنها ليست لها في الواقع ارض او حدود جغرافية، مما جعل محلية كتم تقوم باستضافتها نظرا لانها من اكثر محليات ولايات دارفور التي يتجمع فيها الرعاة . وقال الامين العام السابق لحزب الامة ان السبيل للخروج من ازمات الاقليم الامنية لا يمكن ان يتم الا بشئ من « المحاسبة الادارية والعمل على تكامل وتنسيق عمل الاجهزة الامنية، ورسم خارطة ادارية يتم بموجها التعامل والتعاون بين كل الاجهزة التنفيذية والتشريعية». وهذا تحديدا ما يتفق معه الكاتب الصحفي والمحلل عبدالله آدم خاطر، اذ اكد ان كل التوترات التي يشهدها اقليم دارفور تمثل امتحاناً اول لاختبار مدى جدية ومقدرة اطراف وثيقة الدوحة في المضي قدما في تنفيذ الوثيقة على الارض، واشار خاطر الى ان دورة العنف الجارية ترتبط بعناصر كانت على صلة ما بالمجموعات المتنفذة، معربا عن قناعته بان عملية الاستخدام السالب لهذه المجموعات جعلها الآن متطرفة وتمارس ذات العنف ضد نفسها، مبينا ان وثيقة الدوحة للسلام حملت في طياتها معالجات لكل هذه التفلتات، ويتابع خاطر « لذا يصبح من الضروري تطبيق كل الجوانب المتعلقة بايقاف العنف في الاتفاقية، واتاحة الحريات العامة لمواطني دارفور بغية ممارسة حقوقهم الطبيعية في الحياة»، واردف خاطر « اما احداث نيالا فسيكشف التحقيق فيها كل الاطراف المتورطة».