نأسف لبعض الجهات التى حاولت الاستثمار فى دماء الشهداء الذين سقطوا فى مدينة نيالا، ونأسى ونحزن لأن البعض يحاول المزايدة باسمهم، غير عابئ بالآلام والجراحات والمشاعر الانسانية، فى غير اكتراث لحالة اهلهم وذويهم، ولا يهم ان تلتهم نار الكراهية الاخضر واليابس، بعد ان تحترق اصابع الذين يشعلونها، تحركات في كل الاتجاهات، الحكومة الاتحادية والبرلمان والسلطة الانتقالية، وزارتا الداخلية والعدل، المجلس التشريعى للولاية، الجميع طالب بالتحقيق وكشف الحقائق وتقديم الذين تورطوا فى قتل المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة الى المحاكمة العادلة، السيد وزير الداخلية أقر باستخدام مفرط للقوة فى مواجهة المتظاهرين مما أدى الى استشهاد 13 مواطناً «بينهم 9 طلاب» وجرح 70 آخرين، هذه المظاهرات خرجت من المدارس وانضم إليها بعض المواطنين، وبغض النظر عن صحة الحديث باستغلال الحركات المتمردة لهذه التظاهرات من عدمه، وإنها كانت عنيفة ولجأت لتخريب الممتلكات، إلا أن ردة فعل القوات الحكومية التي واجهت التظاهرات كانت هى الاعنف، فهذه الاحتجاجات قامت لاسباب تقصير حكومة الولاية فى واجباتها، الغلاء الفاحش واختفاء الوقود وتقنين صرفه عن طريق الاجهزة الأمنية وانقطاع المياه والكهرباء، فهل قامت حكومة الولاية بواجباتها ووفرت احتياجات المواطنين ومن بعد ذلك خرجوا يتظاهرون ويحتجون؟ تراجعت الحكومة الاتحادية عن الزيادة فى اسعار الكهرباء منذ الاول من اغسطس، فلماذا لم تطبق الولاية هذا القرار؟، ولماذا استمر بيع الكهرباء للمواطنين بالاسعار التى تم إلغاؤها؟، وهل بعد اندلاع التظاهرات تمت مخاطبة المحتجين بمكبرات الصوت وتحذيرهم قبل اطلاق الرصاص الحى عليهم؟هل تم التدرج فى استخدام القوة كخراطيم المياه والعصى والهراوات والبمبان؟ وهل تم إنذار المتظاهرين باطلاق الرصاص الحى فى الهواء؟، وهل تم تقدير درجة خطورة الموقف وتهديد الممتلكات العامة من قبل قاضٍ؟ ومن هى الجهة التى امرت باطلاق الرصاص من أسلحة رشاشة مخصصة للقتال ضد القوات العسكرية المعادية، العدد الكبير للقتلى والجرحى يدل على ان هذه القوات غير مدربة لمكافحة الاحتجاجات السلمية، وان درجة تسليحها واستخدامها للعربات المدرعة يؤكد انها مخصصة لمهام اخرى غير التعامل مع التظاهرات السلمية، ومع ذلك يا هؤلاء.. القتل في الخرطوم أو فى نيالا هو القتل، والدم السودانى لا يختلف من مكان لآخر كما يريد ان يصور البعض، وكأن الحكومة تعاملت بلطف و «محنة» مع التظاهرات التى خرجت فى الخرطوم، ومن قبل قتل الناس فى بورتسودان، موكب صامت يحمل مذكرة بغرض تسليمها للوالى، بدون سابق إنذار يلعلع الرصاص ويستشهد 29 مواطناً ويسقط أكثر من سبعين جريحاً، وسقط عشرات القتلى والجرحى فى قرى امرى والمناصير وكجبار والشريك، فلم يقل احد ان الحكومة تعاملت بعنف وقوة مفرطة مع الهامش، بينما هى «تدلل» المواطنين فى المركز ولا تقتلهم، مثل هذا الخطاب لا يسقط النظام، هذا الخطاب لا يضر الحكومة ولا ينفع معارضيها سواء أكانوا في الحركات المسلحة او غيرها من الجهات التى تعارض الحكومة، ولكن من المؤكد انه سيترك أثاراً مدمرة على النسيج الاجتماعى والوحدة الوطنية، هذا الخطاب القائل بعنصرية القتل سيزيد من حدة الكراهية بين ابناء البلد الواحد، وشتان ما بين معارضة النظام وبث الكراهية، مع اقرارنا بحق كل المجموعات المتظلمة فى معارضة النظام بالوسائل التى تراها مناسبة، الا اننا نقف وبكل شدة ضد تحويل الصراع، ليكون بين هذه المجموعات السكانية التى ينتسب اليها النظام او معارضيه، وتفشل الدول لأسباب كثيرة، لا سيما التحديات الاقتصادية والأمنية الخارجية والداخلية، ولعل اهم الاسباب التى لا يتذكرها بعض الحكام الا بعد فوات الاوان هى رضاء المحكومين بحاكمهم، ومقدار التعاون والتفاهم الذى يجده الحاكم من رعيته، وفى دول كثيرة والسودان منها لا تهتم الحكومة بقياس اتجاهات الرأى العام ولا تستطيع ان تتنبأ بمآلات الامور لفترة قد تطول او تقصر، ردائماً تتفاجأ الحكومة وتفاجئ مواطنيها بسياسات لا يمكن توقعها او التكهن بنتائجها، هذه الولاية التى نكبت بمقتل نفر عزيز من ابنائها، سبق أن عبرت بالاحتجاجات والتظاهرات عن رفضها لتعيين هذا الوالى بمرسوم رئاسى، بعد عزل الدكتور عبد الحميد كاشا واليهم الذى انتخبوه، فى نفس الفترة تم نقل معتمد كوستى الى ربك فلم يجد القرار الرضاء من اهل كوستى ولم يفرح به اهل ربك، والاشد ايلاماً تبريرات والى الولاية السيد حماد اسماعيل، واتهامه للحركات المسلحة وإسرائيل بالوقوف خلف التظاهرات، يعنى نحن الشعب السودانى ان لم نقبل ما تفعلون، فالمعادل الموضوعى لذلك هوالتآمر مع إسرائيل والجهات المعادية، وهذا يمثل اقبح استخفاف وتسفيه لعقول الناس، هل قامت اسرائيل والحركات المتمردة بزيادة الأسعار وتسببتا في عدم توفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين؟ وهل قامت إسرائيل والحركات المتمردة بعزل عبد الحميد وتعيين حماد؟!