٭ التقى الكاتب المصري الساخر، علي سالم، بأحد أصدقائه في إحدى الندوات الأدبية، في وسط القاهرة فلم يعرفه، كان صديقه ممتلئ الجسم، يتفجر بالحيوية والنشاط لكنه تغير، ذبل الجسم منه ووهن العظم واعتراه الهزال وغشاه الفتور. ٭ فسأله في قلق: ما لك؟ هل تشكو من مرض أم تتبع رجيماً قاسياً؟ ٭ أجابه صديقه وبصوت مبحوح، وفي همس، كأن مجرد النطق يتعبه، الفيديو يا أخي، لقد فقدت عشرين جراماً من وزني بسبب الفيديو. ٭ اندهش علي سالم من الإجابة، فمشاهدة الفيديو ليست لها علاقة بشحم الإنسان ولحمه وعظمه، مما اضطره للسؤال: هل هناك إشعاعات معينة في جهاز الفيديو تؤثر على جسم الإنسان، وتفقده الوزن؟ أم أنت تقصد أنك اشتريت جهاز الفيديو بآخر ما تملك من النقود، ولم يعد لك ما تأكل به؟ ٭ أجاب الرجل: لا هذا ولا ذاك، ثم سكت قليلاً وأخذ نفساً وبدأ يحكي قصته التي ليست من صنع الخيال. ًَ٭ قال: بعد إلحاح من زوجتي اشتريت جهاز الفيديو، ثم قمت بالاشتراك في عدة أندية لتأمين الحصول على عدد من الأفلام شهرياً، وفتحت حساباً في محال استئجار الأفلام. ٭ لكن كل هذا لم يقنع زوجتي، فقد اكتشفت أن هناك تقاليد فيديوية أو فيدياوية لا بد من اتباعها، والالتزام بها من خلال شبكة محكمة من الأصدقاء والأقارب. ٭ صارت زوجتي تتصل بي يومياً: ألو حبيبي لا تنسى أن تمر على عمتي نعمة لتعطيها فيلم (طرزان في نيويورك) وتأخذ منها فيلم (الزلزال)، ثم تمر على خالتي سهير، وتعطيها فيلم (الزلزال)، وتأخذ منها فيلم (روعة الحب)، وعند ذلك ستجد نفسك قريباً من بيت أختك رشا، خذ منها فيلم (الشبح) وبالمرة عدي على ندى بنت شادية، واعطها، (الشبح) وخذ منها (فاجعة فوق السحاب). ٭ ألو حبيبي... ما تنسى تغشى ناس ماما في طريق عودتك، ماما ستكون انتهت من فيلم (سرحان يجد ابناً) هاته منها. ٭ ألو حبيبي.. وإنت خارج من ناس ماما عدي على سوزان أختي، أدخل المطبخ وافتح الدولاب، ثاني درج على الشمال، أنا خبأت فيه فيلم (الزنبقة السوداء) هاته معاك بدون ما تحس سوزان. ٭ ألو حبيبي نسيت أقول فيلم (سهرة مع النجوم) أخذته داليا بت أختك سماهر، هاته منها وإنت راجع. ٭ ألو حبيبي.. أوعك تنسى! ٭ هذا هو حالي منذ دخل الفيديو بيتنا، أسير أكثر من ثلاثين كيلومتراً على الأقدام، حتى ذبل الجسم واعتراه الهزال. ٭ سكت الرجل برهة، ثم نظر في ساعته، وانتفض واقفاً وهو يقول: لدي موعد مع نانسي صاحبة زوجتي، ستعطيني لها فيلماً جديداً، وانصرف. ٭ الآن ومع انتشار شبكات التلفزة والفضائيات والأطباق، انحسرت ظاهرة الفيديو وتبادل الأفلام، ويبدو أن هذا هو السبب المباشر في عودة اللحم إلى عظام بعض الأزواج. ٭ ولعله ليس غريباً أن يسمن الرجال في رمضان، ف «مصاقرة» التلفاز تجلب اللحم إلى العظم!! ٭ أو هكذا نتوهم!!