الحراك السياسى الذى يبتدره حزب الامة فى الساحة السياسية والنشاط الذى تعمل به كوادره يثير الاعجاب ويبعث على احترام هذا الحزب. ما يثير الاعجاب اكثر ان الحزب وهو يتبنى هذا الخط الوطنى الواضح والاسترايجية السليمة التى يعمل وفقها لم ينجر لدعوات المتطرفين من الطرفين لسنوات فى محاولة منهم لادخال البلاد فى نفق حروب لانهاية لها . فى الاسبوع الماضى أكد الامام السيد الصادق المهدى (عدم نية حزبه قيادة عمل مسلح ضد الحكومة، ونوه إلى مسعى حزبه إلحاق الحركات المسلحة بالعمل المدني) واضاف ( إن استمرار النزاعات الحالية سيقود إلى حدوث استقطاب ومواجهات وتمزيق البلاد، وتدويل قضاياها، كذلك محاولة الإطاحة بالنظام بالقوة ستقود إلى تفتيت البلاد وفتحها للتدخل الدولي لما له من مفاجآت كبيرة وخطيرة.).هذه الاستراتيجية التى تبناها الحزب بوعى ومسؤولية تاريخية عرف بها قادته تقابلها عناصر كثيرة بالداخل والخارج بالاستخفاف وسيل من الاتهامات لاينتهى. الحزب اذ يتبنى الاستراتجية السليمة لايتبناها كشعارات مجانية انما يرفق ذلك فى كل حين بخطة او مبادرة كالتى طرحها فى 11 يوليو2012م واسماها(مشروع اتفاقية سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل).تبنى الحزب للحوار متمسكا باستراتيجية سليمة جعلتة فى مرامى نيران الحكومة والمعارضة. الحكومة تعتبر ان اطروحات الحزب كلها ماهى الا محاولة لتفكيك الانقاذ سليما ولذا فهى مرفوضة. المعارضة الداخلية تتهم حزب الامة بموالاة الانقاذ وانه يعمل على تمييع الصراع السياسى مع النظام ويهدر جهود المعارضة بعدم تبنيه خطها بالكامل. الحقيقة ان حسابات حزب كحزب الامة تختلف عن حسابات احزاب ليست لها ادنى مسؤولية تجاه البلاد ولاتتمتع باى نفوذ فى الرأى العام ولا عضوية معتبره فكيف تطلب من حزب عريق ومسؤول ان يتبع اهواءها؟.ولذا ظل حزب الامة يجتمع مع التحالف المعارض ولكنه يتمسك باستراتيجية منفردة ومغايرة لخطه. اما علاقة حزب الامة مع الحركات المسلحة تكاد تكون منعدمة فالاستراتيجية التى تتبناها تجاه الحكومة تتناقض كليا مع خط الحزب على الرغم من المحاولات المستمرة من قبل الحزب لتجسير الهوة بينه وبينها ولعل اخرها هى تحركات د.مريم الصادق فى كمبالا.ورغم انى لم افهم ضرورة تلك التحركات حاليا فهى لم تحصد منها سوى اتفاق مبهم مع حركة مناوى والغريبة ان د.مريم اعتبرت الزيارة الاخيرة التي قامت بها الي كمبالا ولقاءها بالحركات المسلحة ناجحة كما كشفت عن لقاءات مع قوى الجبهة الثورية،و نقلت عنهم ايمانهم بضرورة الحل السياسي ومشاركتهم في المؤتمر.).للاسف ان فرحتنا بتصريحات الدكتورة لم تكتمل اذ سارعت الحركات بنفى ما رود فى تصريحاتها ( نفت الجبهة الثورية السودانية توصلها لاتفاق سياسي مع حزب الامة المعارض حول التحضير لعقد مؤتمر وطني للسلام والتغيير الديمقراطي في البلاد، مؤكدة ترحيبها بأي جهد يرمي لإسقاط النظام وتحقيق العدالة في السودان).يتضح من هذا التصريح ان الجبهة وحزب الامة انما يسيران على خطين متوزايين فى علاقتاهما بالنظام.لابأس ان يواصل حزب الامة الحاحه على الحركات المسلحة للدخول لحلبة الحل الساسيى ولكنى قليل الثقة بأن الحركات المسلحة مستعدة الان لقبول مثل تلك المبادرة. هناك حاجة ملحة لقراءة متأنية لمبادرة حزب الامة من كافة اطياف الساحة السياسية ومن قبل الحزب الحاكم بالذات.فهى مبادرة مطروحة للحوار قد تجد فيها الساحة كثيرا من المشتركات فتبنى عليها خطة للمستقبل او على الاقل تتوافق على اسس لعبة سياسية جديدة يكون الفيصل فيها انتخابات مبكرة تخرجنا من براثين هذا الصراع السياسى الذى رزحت البلاد تحت نيره ستين عاما والنتائج يحصدها الجميع الان حروبا وازمات تكاد تظلم المستقبل بالكامل.