في خطوة وصفت بالمفاجئة اقال الرئيس المصري محمد مرسي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس الاركان الفريق سامي عنان لينهي مرسي بذلك اطول حقبة من تولي العسكر مقاليد الامور هناك ،فقد استمرت المؤسسة العسكرية تمسك بزمام الحكم حتى في الفترة الانتقالية التي ترأسها المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي في اعقاب سقوط نظام محمد حسني مبارك الذي يعد امتدادا ل 60 عاما من الحكم العسكر في مصر. القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي دافع عنها امس الاول بالمسجد الازهر بالقول بانها لم تستهدف اشخاصا او مؤسسات وانما قصد منها ان يتفرغ المقالون لمهمة سماها بالمقدسة وهي حماية الوطن، واضاف مرسي في خطابه بمناسبة ليلة القدر ان القرار قصد منه ضخ دماء جديدة في المؤسسة العسكرية طال انتظارها على حد وصفه. الخطوة التي توقعها كثيرون في مصر بحق المشير طنطاوي احدثت مفاجأة من العيار الثقيل بحسب آخرين وذلك للسرعة التي تم بها اتخاذ القرار من قبل مرسي، رغم انه كان يحمل معه مخاطر الاصطدام بالمجلس العسكري، رأى البعض انها على صلة وثيقة بالاحداث الاخيرة في محافظة سيناء، والتي اشعرت الرئيس المصري بالحاجة الى فرض سيطرته على الامن خوفا من ان تصبح المنطقة الحدودية مابين مصر واسرائيل مأوى لمنظمات مسلحة تابعة للجانب الاسرائيلي او الفلسطيني او منفذا لتجار السلاح. فيما يرى اخرون ان قرار الاقالة جاء في اطار صفقة تجنب طنطاوي التداعيات القانونية للانتهاكات التي حدثت ابان توليه قيادة الفترة الانتقالية في اعقاب الاطاحة بمبارك، لكن اوساطا سياسية رجحت بان الامر يتم في اطار احكام الاسلاميين في مصر لسيطرتهم على مقاليد الحكم في كافة الاتجاهات ومنها الجيش، وان قرار اقالة طنطاوي وعنان تم بالتشاور معهما لضمان خروج امن لهما. لكن المحلل في الشوؤن الامنية العميد (م) حسن بيومي قال (للصحافة) ان قرار اقالة طنطاوي وعنان من رأس المؤسسة العسكرية في مصر قرار متسرع مضيفا بان ذلك ينسجم مع سلوك الاسلاميين في الحكم والذي عادة ما يتسم بالتسرع، وزاد « هم دائما متعجلون للتمكين ومرسي استبق هذه الخطوة بخطوات اخري تجاه الصحفيين وستعقب خطوة المؤسسة العسكرية القضاة والمحافظين»، واشار بيومي الى ان هذه العجلة في اتخاذ القرارات من قبل الاسلاميين ستؤدى الى اخطاء وصفها بالرهيبة، وابدى بيومي تخوفا من ردود الافعال التي يمكن ان تنتج من مثل هذه القرار، بخاصة وان مرسي جاء الى سدة الحكم باغلبية بسيطة على منافسه العسكري احمد شفيق، لافتا الى حالة الغضب التي تعتري القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمكونات الشبابية التي ترى انها شريك اصيل في ثورة 25 يناير وتطالب باشراكها في التشكيل الحكومي بعيدا عن تمكين الاسلاميين، غير ان العميد بيومي لم يستبعد ان تحدث قرارات مرسي ردود افعال داخل القوات المسلحة والجيش، ولربما تؤدي في حال عدم الرضا لحدوث اغتيالات كما حدث لرؤساء سابقين او حدوث انقلابات عسكرية؛ وقال بيومي ان الجيش هو صمام الامان في الخطوط الحدودية مابين مصر واسرائيل ومثل هذه القرارات المقللة لشأن الجيش يمكن ان تؤدى الى ان يتفاجأ المصريون بوجود اسرائيل داخل القاهرة، وانتقد بيومي النداءات التي اطلقها الاسلاميون الى التجمع بميدان التحرير لدعم قرارات مرسي وقال انها يمكن ان تحدث اضطرابات مابين الاسلاميين والمؤسسة العسكرية. فيما يرى المحلل السياسي صفوت فانوس ان قرار الاقالة كان متوقعا في ظل الصدام الطويل ما بين الاسلاميين والحكم العسكري باعتبار انها تحدد بشكل قاطع من الذي يحكم الآن على الارض الرئيس وحزبه ام المجلس العسكري، وتابع فانوس «في رأيي ان ما حدث هو ان مرسي تغدي بالعسكر قبل ان يتعشوا به، واقال القيادات ليصبح بذلك الرئيس الفعلي لمصر»، وبرر فانوس الحشد الكبير للاسلامين عقب صدور قرار الاقالة لسد الباب امام العسكريين بالقيام باي محاولة انقلابية على مرسي ليخضع بذلك الجيش للسلطة المدنية، لكن فانوس يشير الى ان التحدي الماثل الآن امام مرسي بعد جمع كل السلطات في يده وسيطرته على القوات المسلحة هو ازالة كافة المسببات التي ادت الى قيام ثورة 25 يناير والمتمثلة في التدهور المريع الذي يعيشه المواطن المصري في كل مناحي الحياة، والتي ربما ان تمت تغلق الباب امام اي تكنهات بفشله.