وفقا للمادة «222» يجرى الاستفتاء على تقرير المصير قبل ستة اشهر من نهاية الفترة الانتقالية ،استفتاء باشراف دولى لمواطنى جنوب السودان تنظمه مفوضية استفتاء جنوب السودان بالتعاون مع الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان على ان يصوت مواطنو جنوب السودان اما لتأكيد وحدة السودان بالتصويت باستدامة نظام الحكم الذى ارسته اتفاقية السلام الشامل وهذا الدستور او باختيار الانفصال ، اما المادة 226 اكدت انه اذا جاءت نتيجة الاستفتاء حول تقرير المصير لصالح الانفصال فان ابواب وفصول ومواد وفقرات وجداول الدستور الحالى التى تنص على مؤسسات جنوب السودان وتمثيله وحقوقه والتزاماته تعتبر ملغاة . والآن ما تبقى من عمر اتفاقية السلام يعد بمثابة الشوط الاخير فى السباق نحو النهاية لذا ستكون المنافسة حادة بين الشريكين والقوى الدولية ذات المصلحة بالدرجة الاولى ثم بقية القوى السياسية المحلية والاقليمية وان الاعداد لهذه المنافسة مشروع فيه العمل الخبيث والطيب ، كما اننا نعلم ان الجزء الهام من الاتفاقية ليس النصوص وانما هو عملية التنفيذ التى لم تحظَ بعناية كافية وقد ظهرت خلال الممارسة مسائل كثيرة داخلية وخارجية وخلافات سياسية وامنية بين الشريكين وتعثرت وتم وضع الحلول المؤقتة والكاملة لها ، فى وقت يرى فيه المراقبون ان ما تبقى من عمر الاتفاقية فيما يختص بعملية الاستفتاء اجل قصير يتطلب تفاهمات واسعة من اجل التوصل الى وحدة حقيقية فى وقت يرى فيه آخرون بضرورة تمديد اجل الاستفتاء الى اعوام اخرى باعتبار ان الاتفاقية ليست نصا مقدسا واعطاء فرصة جديدة لابداء حسن النوايا وجعل الوحدة جاذبة وطوعية لا لبس فيها ، كما ان المجتمع الدولى ينظر الى الامر باهمية قصوى فمنهم من يرى الوحدة وآخرون يدعون الى الانفصال بحجة او بدونها وهؤلاء لهم نظرتهم التاريخية دون ا المستقبلية . ويرى عدد من السياسيين والاقتصاديين والمفكرين واساتذة الجامعات انه لابد من تحسب للمرحلة المقبلة بوضع مقترحات يمكن تدارسها فى الحالتين كشأن استباقى للمرحلة المقبلة التى تعتبر الفيصل لما يؤول اليه حال السودان سواء كان موحدا ام منفصلا وقسموا المحاور الى امنية واقتصادية وعلاقات السودان بدول الجوار فى حال الانفصال ، وعلى الرغم من ان بعض المرقبين يقولون ان من اكبر نقاط ضعف الاتفاقية هى ان قسمة الشراكة لم تكن عادلة بين الشمال والجنوب فقد اعطت الحركة الشعبية اكثر مما لم تستطع تخفيفه بالحرب باعتبار انه عمل منظم ونوايا غير معلقة من القوى الخارجية الداعية للسلام وهى التى اعطت الحركة الشعبية للضرب تحت الحزام وجعلت الطرف الآخر فى حالة تنازل دائما ، ونقطة الضعف الثابتة وجود ثلاثة جيوش ومركزين سياسيين غير متعادلين حيث سمحت الترتيبات الامنية للجنوب بانشاء جيش مستقل ومنحتهم حرية تنظيم وتسليح وتدريب هذا الجيش بحجة حماية الاتفاقية وحماية نتائج الاستفتاء . واذا امسكنا بمعطيات الفترة الانتقالية فقد اثبتت القوى السياسية وجودها فى الساحة السياسية متمثلة فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية ولكن ظهور بعض الخلافات والانقسامات والتنافس الداخلى اضعف هذه الاحزاب عن الالتزام التام بالاتفاقية والعمل الجاد خلال الفترة الانتقالية فى وقت برزت فيه اقليات عرقية تتطلع الى الاستقلال او الحكم الذاتى وضمت صوتها الى الحركة الشعبية ، كما ان قوى سياسية فى الشمال والجنوب لم تستوعب بصورة كاملة مفهوم المشاركة السياسية وظلت فى حال ترصد وترقب بالاضافة الى وجود قوى خارجية مؤثرة ظلت تتحالف مع الجنوب وتعادى الشمال وتحد من حركة الحكومة ، كما ان الكراهية المتجزرة وعدم الثقة بين الشريكين والتى تمتد بين المواطنين تدعم عدم الثقة والاطمئنان . ويشير الفريق السر محمد احمد الى عدم التكافؤ فى القدرات بين والفوارق الاجتماعية فى التنمية بين الشمال والجنوب وسع الهوة بينهما وانعكس ذلك فى عدم قدرة حكومة الجنوب على التعاون بفعالية حول اعادة البناء وان تدخل كشريك فى اجراءات معقدة تتعلق بعملية اعادة البناء فى وقت ساءت فيه ادارة الموارد فى الشمال والجنوب والتوتر المتواصل فى مناطق ابيى وجنوب النيل الازرق وجبال النوبة والصراعات القبلية المسلحة بين قوات الحركة والمليشيات فى جنوب البلاد تعيق عملية بناء السلام ، ويستخلص الفريق السر انه فى قياس الزمن يبدو ان التواريخ التى حددتها الاتفاقية لم تراعِ واقعية الظروف المحيطة بعملية التنفيذ كما ان الشركاء الذين وقعوا الاتفاقية لم يحسبوا حسابا دقيقا عملية التعقيدات التى ستلازم عملية التنفيذ فى الداخل والخارج مضافا الى ذلك طبيعة الانطباعات التى اوردتها تترابط كلها مع ما يتوقع من احداث طارئة لتمثل بيئة امنية غير مريحة تحبط بنتائج الاستفتاء . وللدكتور عمر عبد العزيز بكلية الاقتصاد جامعة جوبا رأى حول مستقبل السودان حيث يقول انه على صعيد البيئة الدولية فان تجربة الحركة الاسلامية فى السودان قد وجدت من العداء ما وجدت وحاول خصومها خلال عقدين من الزمان عددا من السياسات والاستراتيجيات لتحقيق اهدافهم ابتداءا باجتثاث التجربة وتغير النظام مرورا بالاضعاف والتفريغ او الاحتواء مؤكدا ان الهدف الغربى سيظل قائما وتزداد حساباته تعقيدا مع خيارى الوحدة والانفصال ، فى ظل وجود عدد من دول الجوار لها مصالح امنية واستراتيجية واقتصادية وثقافية متداخلة مع السودان فمنها من يهتم بمياه النيل ومنها من يأمل فى انشاء شراكة اقتصادية قوية تضمن تحول الجنوب نحوه ، وفى الداخل يقول تعانى الساحة السياسية من هشاشة فى بناء الاحزاب ورؤيتها وبرامجها وصفها فى اربعة مجموعات الاولى الحركة الشعبية وحلفاؤها والتى واجهت صعوبات بشأن تحولها من حركة مسلحة الى حركة سياسية تفكيرا وتخطيطا بجانب صعوبات حكم الجنوب اما الثانية فهى كتلة المؤتمر الوطنى وحلفاؤه من احزاب الوحدة الوطنية والفارق بينهما كبير من حيث قوة التنظيم والتأثير والدعم الشعبى والثالثة هى احزاب معارضة وطنية تقف الى الصف الوطنى فى القضايا المصيرية وتعارض فى بعض القضايا كما ان المجموعة الرابعة تفتقد الى الرؤية الذاتية وتستند الى تحالفات ومواقف مترددة تهدف فى الغالب الاعم الى اسقاط المؤتمر الوطنى باى وسيلة ممكنه وتندرج مع هؤلاء حركات دارفور المسلحة . ويقول انه فى حل حدوث انفصال الا ان احتمالات المواجهة العسكرية ضعيفة فى السنوات الاولى للانفصال فالحركة الشعبية لن تدفع فى دخول حرب بالاصالة بسبب نزاع حقيقى بينها والشمال او بالوكالة باعتبار ضعف مفهوم الدولة لدى المواطن الجنوبى الذى تشكل القبيلة له التنظيم الذى يوفر الامن والاقتصاد والتماسك الاجتماعى وتحتاج الحركة لفترة من الزمن للوصول الى الحد الادنى من الشعور بمفهوم الدولة بين المواطنين، كما ان حفظ الامن يعد تحد صعب فى ظل البناء القبلى للجيش الشعبى وتجارب استهداف الاقليات القبلية ونزع سلاحها بالقوة التى عاشتها تلك الاقليات مع ضعف الخدمة المدنية بالاضافة الى حسم القضايا المعلقة مع الشمال خاصة تلك التى للشمال فيها اليد العليا مثل الارتباط الاقتصادى والجنوبيون فى الشمال . اما فى حالة الوحدة الطوعية يقول انه بالرغم من اشراقاته الا انه لايخلو من مشاكل معقدة فى الحالة الامنية تتمثل فى اقرار وجود الجيش الشعبى دستوريا وتكليفه بمهام محددة فى حفظ الامن فى الجنوب خلال الفترة الانتقالية دفعه لمزيد من التدريب والتسيح وبناء القدرات خلال الفترة الانتقالية الامر الذى يدعو الى التساؤل ما مصير هذه القوات والآله العسكرية وهل سيتم دمج كل الجيش الشعبى فى الجيش القومى بافراده وعتاده وعلى اى فكرة وعقيدة سيتم تأسيس الجيش القومى الذى ستكون نواته حسب الاتفاقية الوحدات المدمجة المشتركة وهل سيتخلى الشمال عن المشروع الاسلامى ام تتخلى الحركة الشعبية عن فكرة السودان الجديد ام يتم الالتقاء فى مساحة علمانية وسطى وكيف ستتعامل الدولة مع ملايين قطع السلاح غير المشروع الذى يختلف افراده فى دوافع التسليح وفلسفاتهم العسكرية من الفكر القومى الجهادى للدفاع الشعبى الى الفكر القبلى والدوافع الاقتصادية فى الجنوب والفكر الثورى والدوافع السياسية للجيش الابيض واكثر تعقيدا من ذلك ان الاتفاقية التى سحبت الجيش القومى من الجنوب وتركته للحركة تجاهلت ماذا لو كان القرار مع الوحدة وانشقت مجموعة مسلحة او رفضت الحركة الشعبية باكملها نتيجة الاستفتاء باى حجة ووضعت يدها على الجنوب بالقوة الا يكون ذلك تمردا ؟ وهل ستقاومه الحكومة من جديد وماذا ستفعل مع الالتزام الاخلاقى لمن اختاروا الوحدة فى الاستفتاء ؟. واكثر ما يؤرق المفكرين هى مسألة الترتيبات الاقتصادية والتى تشكل عاملا مهما يجب التفكير فيه ووضع استراتيجية يتفق عليها منعا لنشوب حرب او تداعيات سالبة مرة اخرى بسبب من الاسباب فيما يتعلق بالارض او المراعى او التداخلات بين الجانبين، فاذا نظرنا الى النصوص المرجعية فان المادة 219 تقر بان يكون لمواطنى جنوب السودان الحق فى تقرير المصير من خلال الاستفتاء لتحديد وضعهم المستقبلى بعد ان يتم انشاء مفوضية الاستفتاء لجنوب السودان . ويكون الشكل القانونى المقترح للترتيبات ما بعد الاستفتاء اذا ما جاءت النتيجة بتأكيد وحدة السودان فان اتفاقية السلام الشامل والدستور والمؤسسات القائمة عليها ستستمر فى ممارسة اعمالها بصورة عادية ، اما اذا جاءت النتيجة بالانفصال فان الشكل القانونى للترتيبات «يقترح» وفقا للدكتور عادل عبد العزير الفكى الباحث بمركز دراسات المستقبل ان يكون فى شكل اعلان او اتفاق او معاهدة يتم التوقيع عليها فوراعتراف جمهورية السودان بالكيان الجديد وبضمانات دولية تشمل دول الايقاد واصدقاء الايقاد. ففى حالة الانفصال فان محتوى الاعلان او الاتفاق او المعاهدة فى جوانبها الاقتصادية خاصة البترول « المسائل المتعلقة بتحديد الآبار والحقول المنتجة لدى كل طرق بعد ترسيم الحدود» ( يشكل العائد من البترول حوالى 45 % من الايرادات العامة فى شمال السودان فيما يشكل 99 % من الايرادات للجنوب) ويبلغ اجمالى انتاج البترول فى السودان 500 الف برميل يوميا الحقول المنتجة فى جنوب السودان تشكل 56 % منه فيما تشكل حقول منطقة ابيى 30 % وتنتج الحقول فى شمال السودان 14 % من الانتاج الكلى ) على ان يتولى كل طرف تعاقدات منفصلة جديدة مع الشركات العاملة داخل حدوده ، كما يتضمن الاعلان تسوية الالتزامات والحقوق تجاه الشركات القائمة بانتاج البترول فى زيت التكلفة ومصاريف التشغيل لكل بئر منتجة على حدة او الاتفاق على الادارة المشتركة للحقول الممتدة على طرفى الحدود « المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت نموذجا « . بالاضافة على التوافق على سعر تفضيلى للخام المنتج فى الجنوب والمسلم لمصفاة الخرطوم او اى مصفاة اخرى تنشأ فى الشمال « مع الوضع فى الاعتبار ان جزء من منتجات المصفاة كالبنزين يصدر برا لاثيوبيا « مقابل سعر تفضيلى لنقل الخام الجنوبى عبر خط الانابيب الموجود غالبه فى الشمال وسعر تفضيلى لاستخدام موانئ تصدير الخام على البحر الاحمر « بشاير وميناء الخير».ويقول عادل عبد العزيز الفكى الباحث الاقتصادى ان الاعلان اضافة الى ذلك ينص على تبادل الخبرات فى مجال الاستكشاف والتنقيب والادارة والاعتماد على ما امكن على عناصر الكيانين . وفيما يتعلق بشأن مياه النيل فان الاعلان يتضمن إقرار الكيان الجنوبي الجديد باتفاقية مياه النيل 1959 واعتبارها ضمن التزاماته الدولية. على ان يتضمن الاقرار الامتناع عن اي نشاط يمكن ان يؤثر سلباً على حصص دولتي السودان ومصر،والتوافق على اي مشاريع تستهدف زيادة ايرادات مياه النيل كمشروع قناة جونقلي يجب ان تتم بالاتفاق ما بين الكيان الجنوبي وحكومة السودان والحكومة المصرية، اضافة الى الاتفاق على الاستهداء بالمبادئ والاحكام الواردة في قواعد هلسنكي واتفاقية الاممالمتحدة لسنة 1997م بشأن استخدام المجاري المائية المشتركة في الأغراض غير الملاحية في كل المسائل خلاف التي تنظمها اتفاقية مياه النيل 1959م. وبشأن الديون الخارجية يجب العمل سوياً في جهود مشتركة تستهدف إعفاء كل أو جل ديون السودان الخارجية «أكثر من 30 مليار دولار» خصوصا أن السودان كان مستحقاً الإدخال ضمن مبادرات معالجات ديون الدول الأقل نمواً بمعايير المؤسسات الاقتصادية الدولية ،وفي حالة الفشل في الحصول على الاعفاء يتم حصر لكل القروض «بفوائدها» التي تم استخدامها لاقامة مشاريع تنمية بالجنوب، وتصبح التزاماً على الكيان الوليد بالجنوب ، كما يتم الاتفاق على الادارة المشتركة للمشاريع المشتركة العابرة والتي مولت في اوقات سابقة بقروض خارجية، وهي السكة حديد، طريق السلام، النقل النهري، الكهرباء اما الاتفاق بشأن الاتصالات ونطاق الترددات يتضمن الاتفاق على استمرار شركات الاتصالات التي استثمرت في البنية التحتية في جنوب السودان بدون حاجة لتراخيص جديدة. على ان يتم الاتفاق بشأن الترقيم والرموز باشراف الاتحاد الدولي للاتصالات والاتفاق باشراف الاتحاد الدولي للاتصالات على نطاق الترددات الممنوح للكيان الجنوبي وذلك المستبقي لحكومة السودان. اما حركة الحيوان والحياة البرية ستستمر عبر الحدود ما بين الشمال والجنوب وفقا لنسقها الطبيعى ويستدعى هذا ترتيبات مشتركة يتم الاتفاق عليها بشأن امن حركة القطعان وحمايتها من الاعتداءات والرعاية البيطرية والابلاغ عن الاوبئة الحيوانية وتوسيع المنطقة الخالية من الامراض جنوبا ، والمراقبة المشتركة للحياة البرية وتوفير الامن والرعاية لموارد شربها وطعامها. ويقترح بشأن التجارة العابرة واستخدام الموانئ والطرق البرية بالشمال ان يتم الاتفاق على أسعار تفضيلية بشأن استخدام ميناء بورتسودان وعثمان دقنة وأية موانئ شمالية أخرى للبضائع العابرة للجنوب، وأسعار تفضيلية لاستخدام الطرق بالشمال لهذه البضائع اثناء العبور. والهدف الاستراتيجي هو جعل استخدام ميناء ممبسا او اي ميناء آخر غير اقتصادي. واتفاق بشأن الحريات الأربع على غرار الاتفاق مع جمهورية مصر العربية يقترح الاتفاق على حرية الاقامة، حرية التملك، حرية العمل، حرية التنقل للمواطنين من شمال وجنوب السودان. وذلك حفظاً لحقوق هؤلاء المواطنين وعدم الاضرار بهم. [email protected]