الامارات .. الشينة منكورة    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العملة ووضعها بعد الإستفتاء
نشر في الصحافة يوم 25 - 12 - 2010


مقدمة
بدأ العد التنازلي واقترب موعد الاستفتاء على انفصال الجنوب أو استمرار وحدته مع الشمال في ظل الدولة الواحدة، فقد نصت اتفاقية نيفاشا 2005م الموقعة بين المؤتمر الوطني والجيش الشعبي لتحرير السودان على إجراء استفتاء في التاسع من يناير عام 2011م والآن وقد اقترب الموعد المحدد لإجراء الاستفتاء نشط الحديث عن مآلات ذلك الاستفتاء والقضايا المهمة التي تترتب على ذلك وهي القضايا التي أوردها قانون استفتاء جنوب السودان وتتمثل في الجنسية، والعملة، وضع الوحدات العسكرية المشتركة المدمجة، والخدمة العامة والأمن الوطني السوداني، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، الأصول والديون، وحقول النفط وإنتاجه وترحيله وتصديره، والعقود والبيئة في حقول النفط، والمياه، وحقوق الملكية، وموضوعات أخرى، وهي كلها قضايا، إستراتيجية خاصة في حالة الانفصال.
الذي يهمنا هنا هو موضوع العملة، وخاصة في حالة الانفصال، فما هو مصير العملة؟ هل يستبدل الجنوب العملة السودانية بعملة جنوبية ويستمر التعامل بالجنية في الشمال باعتباره الدولة الأصل؟ أم يستمر التعامل بالعملة المتداولة في الشمال في صورة سوق نقدي موحد؟ أم تختار كل دولة عملة جديدة وتتحمل التكلفة العالية التي تترتب على هذا التغيير؟ وما هي الآثار الاقتصادية المترتبة على تغيير العملة بالنسبة للشمال والجنوب؟
من بين القضايا الاقتصادية (النقدية) التي ستثار في حالة الاستفتاء على انفصال الجنوب هي قضية العملة، لأنه إذا كانت نتيجة الاستفتاء على استمرار السودان الموحد فسيستمر وضع العملة على ما هو عليه الآن.
نذكر انه بعد اتفاقية نيفاشا تم إصدار عملة جديدة حل فيها الجنية محل الدينار، وإن تبديل العملة لم يكن لضرورة اقتصادية وإنما جاء بناء على الفقرة 14 من اتفاقية تقاسم الثروة ضمن اتفاقيات السلام الشامل التي أبرمت في نيفاشا بكينيا في يناير 2005، على أن يروج التصميم الجديد للسلام والوحدة ويعبر عن التنوع الثقافي والديني والإثني في السودان، وتم إنشاء جهاز مصرفي في الجنوب وهو ما عبر عنه بالفصل الجغرافي إذ وجد نظام إسلامي في الشمال وآخر تقليدي في الجنوب وهو السائد الآن.
وعليه يجب توقع أن تكلفة الانفصال ستكون عالية جدا خاصة بالنظر إلى العملة وكل ما يتعلق بالسياسة النقدية التي تشتمل على إدارة الجهاز المصرفي وأنظمة التمويل والائتمان وسعر الصرف وهذا لا يعني إهمال الجوانب الأخرى التي ستترتب على الانفصال.
اقترح رئيس جنوب إفريقيا سابقا ثابو مبيكي، رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي المكلفة بمتابعة ملف السودان، على الطرفين إنشاء كونفدرالية من دولتين مستقلتين أو شكلا من إشكال التعاون المكثف في حال أيد الجنوبيون في الاستفتاء خيار الانفصال، من جهته، قال الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان اموم، في تصريح صحفي، إن على سكان جنوب السودان اختيار الاستقلال أو الوحدة وإذا كان الانفصال هو الخيار فإننا سنضمن تعاونا جيدا بين الدولتين المستقلتين وقد يأخذ ذلك شكل كونفدرالية أو سوق مشتركة.
العملة:
يجب أن نعرف أولا أن العملة الوطنية تعتبر لأي دولة مظهراً من مظاهر السيادة الوطنية للدولة.
سنعرف أولاً العملة ثم وظائفها وشروطها.
تعريف العملة أو النقود بأنها وحدة التبادل التجاري، وهي تختلف من دولة إلى أخرى، وتأتي كلمة العملة من كلمة التعامل، ويقصد بها شكل المال الذي يتم التعامل التجاري به.
يعرف الاقتصاديون النقود بأنها أي شيء مقبول قبولاً عاماً للدفع من أجل الحصول على السلع أو الخدمات الاقتصادية، أو من أجل إعادة دفع الديون، وتعرف أيضاً بانها كل وسيط للمبادلات يتمتع لقبول عام في الوفاء بالالتزامات.(1)
وظائف العملة: للعملة عدة وظائف منها:
1/ إنها وسيلة للتبادل
2/ انها وحدة حساب: بمعنى انها تستعمل لقياس القيمة الاقتصادية فنحن نقيس قيمة السلع والخدمات بصيغة النقود فمثلاً عند حساب الناتج المحلي الإجمالي لا نستطيع أن نجمع الأوزان مع المساحات مع الأعداد لهذا نحسب قيمتها بالنقود
3/ انها مخزن للقيمة: تقوم النقود بخزن القيمة الشرائية عبر الزمن وإن هذه الوظيفة تكون مفيدة لان الشخص لا يرغب بإنفاق دخله على الفور عند استلامه وليست العملة الورقية الشيء الوحيد القابل لخزن القيمة فيوجد الشيكات والأسهم والمعادن الثمينة كالذهب والفضة أو أي أصل من الأصول السهلة التحويل إلى عملة ويتضح ان العملة الورقية قيمتها السندية في المعاملات تفوق قيمتها الورقية بكثير.
4/ قابليتها للتجزئة
5/ إمكانية حملها ونقلها(2)
شروط العملات:
حتى نستطيع تسمية أي شيء بالنقد أو العملة يجب أن تتوفر فيه خصائص معينة وهي ان يكون قابل للقياس، لا يتلف بسهولة، قابل للتقسيم إلى أجزاء، مقبول على نحو واسع، سهل الحمل.
تجارب الانفصال والعملة:
توجد تجارب عديدة تشبه التجربة السودانية فهناك تجربة جمهورية تشيكوسلوفاكيا الفيدرالية فقد تم الاتفاق السلمي في عام 1993 لتقسيم جمهورية تشيكوسلوفاكيا الفيدرالية إلى دولتين منفصلتين وهما الجمهورية التشيكية والجمهورية السلوفاكية، كما توجد تجربة غامبيا والسنغال لكن تعتبر التجربة الاريترية الإثيوبية خير مثال لتجربة العملة والتعامل بها ومعها خلال انقسام الدولة كما تعتبر جغرافياً الأقرب إلى السودان وكذلك زمنيا.
لقد أعلنت اريتريا استقلالها رسمياً في مطلع عام 1993م بعد استفتاء أيد فيه الاريتريون الاستقلال
بدأ العهد الجديد بتوقيع خمسة وعشرين بروتوكولاً لتنظيم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بينها وبين إثيوبيا، وقد اشتملت هذه البروتوكولات على العديد من الاتفاقيات التي تنسق بين البلدين في المجالات الاقتصادية من بينها:
السياسة المالية وخاصة أسعار الصرف وأسعار الفائدة.
التحكم في الكتلة النقدية بحيث تتوافق مع سياسة محاربة التضخم في البلدين.
السياسة النقدية وخاصة فيما يتصل بتوفير السيولة للمستوردين، ومدخلات النقد الأجنبي في الاقتصاد، وإدارة الدين الخارجي.
السياسات المتعلقة بالضرائب والجمارك.
سياسات الاستثمار ومعاملة المستثمرين من البلدين على قدم المساواة.
اعتماد عملة واحدة ومصرفاً مركزياً واحداً، هذا في مجال العملة، إلى جانب حريات كاملة لمواطني البلدين في الإقامة والعمل والتملك.
وبالرغم من كل ذلك حدثت مشاكل في العملة أدت إلى صراع عسكري بين الدولتين.
لقد سبق ذلك شكوى اريترية حول انفراد إثيوبيا ومصرفها المركزي بالقرارات حول سعر صرف العملة الموحدة ومعدلات الفائدة، بينما كانت شكوى إثيوبيا بأن اريتريا كانت تبيع أرصدتها من العملة المشتركة بأقل من السعر المتفق عليه، من جهة أخرى وضعت إثيوبيا قيوداً متزايدة على حق اريتريا في استخدام أرصدتها من العملة (البر)، وهي في الأصل العملة الإثيوبية التي كانت سائدة في التعامل، لشراء بضائع من السوق الإثيوبية، خاصة تلك القابلة للتصدير مثل البن والجلود، وهذا بدوره جعل اريتريا في حيرة عما ستفعله ببلايين من عملة البر تراكمت في مصارفها(3)
وعندما قررت اريتريا إصدار عملة وطنية خاصة بها (ناكفا)، لتحل محل العملة الإثيوبية (البر)، التي كانت تستخدمها أسمرة، لدعم استقلالها الاقتصادي بدأت العلاقات تسوء بين الدولتين، حيث رفضت إثيوبيا الموافقة على إصدار هذه العملة، ثم رفضت كذلك أن تقبلها في التعامل بين البلدين، وأصرت على أن يكون التعامل بالعملة الصعبة، وبالمقابل قامت اريتريا بدورها بفرض التعامل بالعملة الصعبة لاستخدام ميناء عصب الذي كان وقتها الميناء الوحيد لإثيوبيا، وهذا أدى إلى تفاقم الصراع بين الدولتين بالرغم من العلاقات الحسنة بين النظامين في الدولتين.
هناك تجربة اتحاد دول شرق إفريقيا الذي نشأ بعد استقلال دوله الثلاث (كينيا ويوغندا وتنزانيا) في مطلع الستينات على خلفية وحدة كانت قائمة تحت الاستعمار البريطاني، بدأت باتحاد جمركي منذ عشرينات القرن الماضي. وقد أصبح لها بعد الاستقلال عملة موحدة ومصرف مركزي واحد وحدود مفتوحة ووحدة جمركية وخط طيران واحد وشركة سكة حديد موحدة، وحتى جامعة واحدة، ولكن الاتحاد انهار بسبب خلاف حول الاتحاد الجمركي الذي كان يعمل لصالح كينيا المتقدمة في مجال التصنيع عن دول الاتحاد الاخرى، ووصلت الأزمة مداها في عام 1977، وقامت على إثرها كينيا بحل شركة الطيران الموحدة، وردت تنزانيا بإغلاق حدودها مع كينيا، فانهار الاتحاد.
هناك تجارب أخرى عن وضع العملة بعد انفصال الدولة إلى دولتين مثل ما حدث عند إعلان استقلال كوسوفو حيث ظلت العملة المتعامل بها هي المارك الألماني لتتحول فيما بعد إلى اليورو بالرغم من أن كوسوفو خارج نطاق الاتفاقية الاتحاد الأوربي، أما الجبل الأسود فقد ألغت التعامل بالدينار اليوغسلافي في محاولة للاستقلال الاقتصادي عن بلجراد واستبدلته بالمارك الألماني ثم تحولت فيما بعد إلى اليورو كما فعلت كوسوفو، والجبل الأسود أيضا خارج نطاق اتفاقية الاتحاد الأوروبي.
أما تجربة ايرلندا عند انفصالها من بريطانيا في عام 1921م وإلى عام 1979م وقت انضمامها للنظام الأوروبي وتبنيها اليورو عملة لها، فبالرغم من إنشائها نظاما مصرفيا خاصا بها وعملة خاصة أيضاً (الجنيه الأيرلندي) قررت أيرلندا أن يتولى بنك إنجلترا المركزي نيابة عن البنك الايرلندي المركزي مهمة التسوية في كل معاملاتها النقدية عبر صندوق مقاصة يقوم بتسوية الشيكات التي يصدرها البنك الأيرلندي وتسديد الأرصدة المستحقة نقداً.
اما تيمور الشرقية عند الاستقلال من اندونيسيا لم تكلّف نفسها عناء إطلاق العملة الوطنية بل فضّلت اعتماد الدولار الأميركي رسمياً، ويوضح الرئيس التيموري ذاك لقوله: قرّرنا اعتماد الدولار فللبعض العملة الوطنية هي قضية سيادة وفخر، لكن بالنسبة إلي هي مجرّد أوراق.
البنك المركزي:
نتعرض للبنك المركزي وأهميته لأنه في السودان يوجد بنك في الشمال وآخر يمثل فرعا لبنك الشمال ويختلف التعامل المصرفي في البنك حيث يتعامل بنك الشمال وفق النظام الإسلامي بينما يتعامل بنك الجنوب بالنظام العادي التقليدي.
تنبع أهمية البنوك المركزية من اهتمام الحكومات المختلفة بنمو المعاملات المصرفية و التجارية وضرورة التحكم في حجم الائتمان الذي تقوم به البنوك المختلفة في الدولة، والبنك المركزي ليس كالبنوك التجارية فهو لا يهدف إلى تحقيق الربح ولابد من أن يخضع البنك المركزي للسياسة العامة للدولة ليحقق أهدافها نحو المجتمع ويؤدي وظائف معينة منها:
1/إصدار وتنظيم العملة داخل الدولة ولان العملة هي موضوعنا لذا يجب أن نعرف أن الدافع إلى توكيل عملية إصدار النقود إلى البنوك المركزية بدلا من أن تحتفظ الدولة لنفسها بحق الإصدار هو خشية الدولة من إفراطها لإصدار العملة لخدمة أغراض الميزانية دون النشاط الاقتصادي وهو ما يؤدي إلى تدهور قيمة العملة و انعدام الثقة بها، لذا نجد (ان البنك المركزي هو الجهة الوحيدة المخولة من قيل الحكومة بحق إصدار العملة الوطنية المتداولة) (4)
2/تأدية الخدمات المصرفية للدولة.
3/ المحافظة على الاحتياطي النقدي للبنوك في النظام المصرفي.
4/إعادة خصم الأوراق المالية والتجارية لتمويل البنوك الأخرى.
5/ القيام بأعمال المقاصة بين البنوك وبعضها.
6/ التحكم في حجم الائتمان بتنفيذ السياسة النقدية المساهمة في إعمال التخطيط الاقتصادي.
الآثار:
يلاحظ الآثار السالبة لتوقع الانفصال وما سيحدثه من اثر على العملة في ما تمر به البلاد اليوم من ارتفاع في أسعار العملات الأجنبية باعتبار أنها أكثر أمانا واقل تعرضا لأزمة قد تحدث نتيجة لانفصال الجنوب وخروج عائد النفط من الميزانية.
يمكن القول إننا نعيش هذه الأيام تحت تأثير المضاربة فالمضاربة في سوق الصرف تقوم على أساس التخمينات المستقبلية لأسعار العملات، فإذا ما توقع المتعاملون في سوق الصرف أن سعر عملة ما سيرتفع، وفي هذه الحالة ينظر الناس إلى الدولار، في المستقبل فسوف يتجه هؤلاء إلى شراء أكبر قدر من هذه العملة لبيعها عندما يرتفع سعرها في المستقبل ،وإذا ما توقعوا أن سعر إحدى العملات، ويعتبرون ان الجنيه سينخفض نتيجة الانفصال، سينخفض مستقبلا فإنهم سيبيعون كل ما لديهم من هذه العملة والاتجاه لشراء العملة الأخرى التي يتوقعون ارتفاع ثمنها مستقبلا.
والتركيز على السياسة النقدية لأن السياسة النقدية لأي بلد تقف خلف عمليات إدارة ذلك الاقتصاد والتحكم بمسيرته وبعبارة أخرى يمكن القول بان السياسة النقدية هي ما تسير دفة الاقتصاد وتوجهه حسب ما تراه مناسبا لها وهذا بالطبع لا يعني أنها في كل الأحوال قادرة على التحكم التام في الاقتصاد وتسييره فقد لا تكون السياسة النقدية محكمة ويتسبب هذا في حركة الاقتصاد وخروجها عن السيطرة.
للتقليل من تأثيرات نتائج الانفصال الاقتصادية، إذا اختار الجنوب ذلك، قال صابر محمد الحسن محافظ البنك المركزي الذي عقد مؤتمرا صحفيا من تداعيات نتيجة الانفصال إذا اختار الجنوب وقال إن الأثر لن يكون كبيرا وسيكون اقل وبنسبة كبيرة من آثار الأزمة المالية وأشار إلى تداول معلومات مغلوطة عن الوضع الاقتصادي حال الانفصال وأشار إلى أن عدم توافر المعلومات يؤدي إلى إرباك وخلل واعتبر محافظ البنك المركزي أن عدم اليقينية والهلع خلف ما يحدث في سوق النقد الأجنبي، والضغوط على سعر الصرف منوها إلى وجود عدم اطمئنان يؤدي إلى خلق نوع جديد من الطلب على النقد الأجنبي أجمله في الطلب لأغراض الحماية والمضاربة والطلب لغرض التجارة علاوة على الطلب كمخزن للقيمة مشيرا إلى أن الاقتصاد يتضرر من هذا الطلب وأشار إلى تحسن الوضع الاقتصادي مقارنة بسنة الأزمة المالية والتي أدت صدمة اقتصادية قائلا وهذا لن يحدث إذا حصل الانفصال وان الصدمة سوف تكون اقل بسبب ما اكتسبناه من خبرة ومدى جاهزيتنا للاحتمال للتعامل مع الوضع الأسوأ.
حديث محافظ بنك السودان يؤكد اثر الانفصال على العملة فقد أوضح محافظ البنك المركزي عن الجهود المبذولة للاستعانة ببيت خبرة لمعالجة مشكلة العملة حال اختيار الجنوب للانفصال وأكد على أهمية ضرورة اتفاق الطرفين بشأن العملة وقال إن الاتحاد النقدي بين الطرفين هو الحل الأسلم ولو كان هذا الاتحاد لفترة محدودة لحين اتفاق الطرفين بشأن العملة لتجنب الخسائر محذرا من تداعيات عدم الاتفاق لاقتصاد الدولتين(5)
أما إذا حدث الانفصال وانعدم التعامل بين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فان الخيارات، كما ذكرنا، ستكون أما استمرار التعامل بالعملة السائدة وهي الجنية السوداني وهو عملة ما بعد اتفاقية نيفاشا، أو أن تتعامل كل دولة بعملة جديدة وهذا أمر مكلف، أو الاتفاق على عملة موحدة والأنسب أن تكون الجنيه، أن الاختلافات غير كبيرة بين الجنوب والشمال وان البترول يفرض على الجانبين التعاون والتعامل لو حدث الانفصال ولو إلى فترة محددة وخاصة في الجوانب الاقتصادية، ونرى انه لابد من قيام تعاون اقتصادي لأنه يمكن قيامه بين دول مختلفة الأنظمة سياسيا واقتصاديا وهذا ما يتوفر للدولتين الشمالية والجنوبية في حالة الانفصال فيلاحظ ان النظام السياسي مختلف في الجنوب والشمال وكذلك النظام الاقتصادي حيث يطبق الشمال النظام الإسلامي بينما يطبق الجنوب، وحتى في ظل الدولة الواحدة، النظام التقليدي عبر فرع البنك المركزي الذي انشئ مؤخرا كواحد من شروط اتفاقية السلام، إذا استحال قيام تكامل اقتصادي فالتعاون الاقتصادي هو العمل الهادف إلى تخفيف التميز بين الوحدات الاقتصادية مع الحفاظ على سماتها الخاصة على خلاف التكامل الذي يهدف إلى إزالة التميز بينهما لخلق كيان اقتصادي جديد(6)
التعاون الاقتصادي يمكن بين الجنوب والشمال خاصة وانه توجد تنظيمات افريقية يقع داخل منظومتها الجغرافية الشمال والجنوب والسودان الآن عضو في هذه المنظمات ونقصد بها المنظمات الاقتصادية كدول الساحل والصحراء(7)
ومنظمة الإيقاد(8) والسوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا(9)
كما أن البنك المركزي قد اقترح تكوين اتحاد نقدي بين الدولتين حال الانفصال عبر لجنة مشتركة بين الطرفين متوقعا أن يصل الطرفان إلى اتفاق حول المقترح قبل الاستفتاء واقر محافظ بنك السودان بآثار سلبية للانفصال لكن قطع بأنه ليس من المستحيل تجاوزه ولا سيما أن التأثيرات الفعلية على اقتصاد الشمال سيكون في عام 2012م (10)
ونرى أن قيام وحدة نقدية بين الشمال والجنوب من الصعوبة بمكان خاصة إذا نظر إلى الوحدة النقدية الأوربية وعرفنا أنها لم تطبق بين عشية وضحاها بل مرت بعدة مراحل.
الخاتمة
بدأت الورقة بمقدمة ثم بعد ذلك عرفت العملة ووظائفها.
تناولت الورقة تجارب الانفصال التي حدثت في العالم المعاصر كتجربة تشكوسلوفاكيا وتجربة غامبيا والسنغال وبعد التجارب الأخرى.
أخذت الورقة التجربة الارترية الأثيوبية كمثال لتجارب انفصال الدول متناولة المشاكل التي حدثت.
عرفت الورقة البنك المركزي مبينة أهميته والتجربة السودانية التي تمخض عنها وجود بنك مركزي في الشمال يتعامل بالنظام الإسلامي وفرع له في الجنوب يتعامل بالنظام التقليدي.
ثم تعرضت الورقة للمشاكل التي ستحدث في حالة الانفصال والخيارات الممكنة. وأخيراً خلصت الورقة إلى النتائج وعلى ضوئها كانت التوصيات.
النتائج والتوصيات
أولاً النتائج:
على ضوء هذه الورقة توصلنا إلى النتائج الآتية
1/ الانفصال سيؤثر سلباً على العملة.
2/ توجد ثلاثة خيارات، في حالة الانفصال، بشان العملة تتمثل في إما الاستمرار بالجنيه السوداني أو اختيار عملة بديلة أو أن تصدر كل دولة عملة خاصة بها.
3/ إصدار عملة جديدة أمر مكلف لكل دولة.
4/ لابد من التعاون بين الدولتين ولو إلى فترة محددة لتجاوز المشاكل الاقتصادية وتقليل آثارها السلبية.
التوصيات:
1/ الإسراع في اتخاذ خطوات عملية تقلل من الآثار السالبة للانفصال على العملة ويمكن الاستعانة ببيت خبرة أجنبية.
2/ في حالة حدوث الانفصال يجب التعاون بين الدولتين لتجاوز سلبيات الانفصال وأثاره على العملة.
3/ يجب التمسك بالسودان الموحد فالعالم كله يتجه إلى الوحدة والتكتل والاندماج وليس الانفصال.
ورقة قدمت في المؤتمر العلمي الرابع لقضايا ما بعد الاستفتاء *.
المراجع
كتب:
- د. اسامة محمد الفولي ود. زينب عوض الله، اقتصاديات النقود والتمويل، دار الجامعة الجديدة، 2005م، ص 45
2 - د. عقيل جاسم عبدالله، النقود والبنوك منهج نقدي ومصرفي، 1999م، ص31
3 - د. عبدالوهاب حميد رشيد، التنمية الغربية ومدخل المشروعات المشتركة، النظرية والتطبيقات الدولية والتجربة العربية، المؤسسة العربية للنشر، بيروت، 1982م، ص 17
4 - د. فاطمة محمد الشمري ود. محمد موسى الشرف، مدخل غي علم الاقتصاد، دار زهران للنشر، 2009م، ص 339
مجلات ونت:
- صحيفة الرأي العام، الخرطوم،2 اكتوبر2010م، العدد 47504
2 - صحيفة الشرق الأوسط السعودية، 1اكتوبر 2010م، العدد11630
3 - [email protected] ABDELWAHAB EL-AFFENDI
1 - د. اسامة محمد الفولي ود. زينب عوض الله، اقتصاديات النقود والتمويل، دار الجامعة الجديدة، 2005م، ص 45
2 - د. عقيل جاسم عبدالله، النقود والبنوك منهج نقدي ومصرفي، 1999م، ص31
3 - [email protected] ABDELWAHAB EL-AFFENDI
4 - د. فاطمة محمد الشمري ود. محمد موسى الشرف، مدخل غي علم الاقتصاد، دار زهران للنشر، 2009م، ص 339
5 - صحيفة الرأي العام، الخرطوم،2 اكتوبر2010م، العدد 47504
6 - د. عبدالوهاب حميد رشيد، التنمية الغربية ومدخل المشروعات المشتركة، النظرية والتطبيقات الدولية والتجربة العربية، المؤسسة العربية للنشر، بيروت، 1982م، ص 17
7 - تجمع دول الساحل والصحراء أو (س. ص) تأسس في 4 فبراير 1998 بطرابلس، ليبيا، أثر مؤتمر القمة الذي شارك فيه رؤساء دول كل من: مالي، تشاد، النيجر، السودان ومندوب عن رئيس بوركينا فاسو، بناءً على مبادرة من القائد معمر القذافي إقامة اتحاد اقتصادي شامل وفقاً لإستراتيجية تنفذ من خلال مخطط تنموي متكامل مع مخططات التنمية الوطنية للدول الأعضاء وتشمل الاستثمار في الميادين الزراعية والصناعية والاجتماعية والثقافية وميادين الطاقة إزالة كافة العوائق التي تحول دون وحدة الدول الأعضاء عن طريق اتخاذ الإجراءات اللازمة
8 - منظمة الإيقاد تأسست فى العام 1986 كمنظمة إقليمية بإيعاز من عدد من الدول الإفريقية (أثيوبيا- كينيا- أوغندا- السودان) لمحاربة المجاعة التي اجتاحت القرن الإفريقي آنذاك، حيث جاءت فكرة إنشائها من بعثة السودان الدائمة بالأمم المتحدة في العام 1985م
9 - نشأت السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا الكوميسا في 21 ديسمبر 1981م تم التوقيع على اتفاقية منطقة التجارة التفضيلية لدول شرق وجنوب أفريقيا ودخلت حيز التنفيذ في30 سبتمبر 1982نتيجة للنجاح الذي حققته هذه الاتفاقية قررت الدول الأعضاء تطوير التعاون فيما بينهم وذلك بإقامة السوق المشتركة وتم التوقيع في 8 ديسمبر 1994م على الاتفاقية لتحل محل اتفاقية التجارة التفضيلية
10 - صحيفة الشرق الأوسط السعودية، 1اكتوبر 2010م، العدد11630


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.