جاء العيد هذه المرة بدارفورمختلفاً عنه منذ حلول أزمتها التى باعدت بين الاسر والارحام والتواصل، ليجيء طعم العيد هذه المرة حلوا فالكل احس بالسعادة والرضاء بالمقسوم رغم الظروف الاقتصادية الحرجة التى تمر بها الاسر خاصة محدودى الدخل. عدد من المواطنين الذين التقتهم «الصحافة» فى العديد من المواقع اكدوا الاحساس بالسعاد، وان العيد مختلف عن الأعياد السابقة في المدى القريب. يقول المواطن ابكر ادريس بحى السلام بنيالا انه سعيد جدا بهذا العيد لأنه وسط اهله وعشيرته رغم انه كان يسكن فى المعسكر، لكنه لظروف تعليم ابنائه خرج ليسكن بداخل المدينة، لافتاً الى انه ورغم قساوة الظروف التى اتت بهم الى المعسكرات، لكنهم هذا العام يحسون بفرح غامر في وجود الأهل والجيران الذين جمعتهم ايام العيد. واللافت في دارفور هذه الايام انتشار أغنيات السلام التى اصبحت شائعة على مستوي دارفور، وتلك الاغاني تسمع عبر مكبرات الصوت منذ الصباح الباكر، كما امتلات شوارع المدينة قبل صلاة العيد، اذ ترى جموع المهنئين وهم يدخلون كل بيت فرحين مسرورين، واكثر ما يلفت انتباه المرء عقب صلاة العيد تجمعات «الضرا» تحت الاشجار لتناول وجبة الإفطار حتى يستطيع «الغاشى والماشى» التبرك بفضائل العيد، حسبما حدثنى الحاج ابراهيم عمر الذى يسكن حى الثورة. واللافت للنظر ان تجمعات «الضرا» وحلقات النقاش لم تبارح مكانها حتى منتصف النهار، لتتناول الوضع الراهن من وجهه السياسى والاقتصادى والاجتماعى بالبلاد، وكيفية ايجاد الحلول له، وهنا يتساءل المرء هل هذه الظاهرة كانت مألوفة، ولكن رد لى بعض الشيوخ بأن مثل هذه الظاهرة لم تكن بتلك الحدة. وعزا الشاب خالد محمد هارون الظاهرة الى روح الاخوة التى سادة اهل المدينة اكثر مما مضى، مشيرا الى ان ما خلفته الازمة من مشاحنات كان ضحيتها المواطن البسيط، ولكن بعد مرور اكثر من تسعة اعوام من التشاحن القبيلي ادرك الناس انهم لم يجنوا غير الخراب، فبدأت العلاقات تعود وبشكل حميمى وسط سكان الاحياء والجيران وكل اهل المدينة. وللعيد هذه المرة نكهة خاصة، إذ تخللته العديد من المواقف والمداعبات بين الاهل والاصدقاء، لافتا الى انه وحتى اليوم الذي يصادف الرابع من العيد فإن الاطفال يتجولون بالشوارع وهم يلبسون ثيابهم الجديدة ويدخلون الى البيوت مهنئين بالعيد. وذكرت الشابة فاطمة محمد من حي الوادى بنيالا أنها ولاول مرة تقوم باعداد حلويات العيد بكمية كبيرة، فضلاً عن تخصيص اكثر من 50% من الخبائز للاطفال، لافتة الى انها قامت بهذا العمل، وهى تقول إن إحساساً داخلياً قد تملكها بأنهم سوف يستقبلون اعداداً كبيرة من الأطفال، وأن حركة الأطفال بالعيد سوف تستمر لأكثر من ثلاثة ايام، ويرى مراقبون أن مجتمع مدينة نيالا تحول بشكل كبير الى مجتمع راقٍ سادته روح المدنية وخاصة الاطفال الذين اصبحوا يحترمون الشارع مما ادى الى التقليل من ارتكاب الجرائم او المشاجرة بين الاطفال. اللافت في هذا العيد ان مجتمع نيالا اصبح محتمعاً تكافلياً وانسانياً اكثر من السابق، فالكل بات يحس بالآخر وبمعاناته وظروفه الاقتصادية التى يمر بها، فبات من الطبيعي رؤية رجال الخير والبر وهم يوزعون هباتهم سراً للفقراء من سكان المدينة مما رسم البسمة على شفاه المواطن. وفى ذات السياق التقى عدد من أبناء نيالا على صفحات الفيس بوك لتكوين مجموعة بالفيسبوك يطلقون عليها اسم «نيالا تناديكم»، فهذه المجموعة خرجت بالمدينة من حدها الجغرافي الى الاطار الاسفيرى لتتلمس قضايا المواطنين وخاصة الفقراء منهم لتقديم يد العون لهم، واستطاعت المجموعة وبجهد شخصى تمثل في مساهمات اعضائها ان تقوم بتوزيع كيس الصائم لبعض الاسر الفقيرة بمختلف أحياء نيالا، وأقامت إفطاراً جماعياً للمرضى ومرافقيهم بمستشفى نيالا، فضلاً عن حملة لجمع الفائض من الملابس من اهل المدينة لإعادة حياكتها بشكل جميل لتوزع فرحة عيد على الأسر الفقيرة المتعففة.