شهد العامان الأخيران هجرة واسعة للأستاذ الجامعي من السودان، خصوصا الى بعض دول الخليج ،وتصاعدت هذه الهجرة منذ بداية العام الجاري،بطريقة باتت تشكل خطورة حقيقية على مؤسسات التعليم العالي في بلادنا. بعض أصحاب الخبرات في الجامعات من عمداء كليات ورؤساء أقسام،وحملة درجة أستاذ «بروفيسور» من أحيلوا على التقاعد، وآخرون قرروا ترك بلادهم في هذه السن مما يشير إلى أن ظروفهم أجبرتهم لأن من بلغ هذه السن أي تجاوز الستين لن يكون حريصا على مفارقة الوطن والأهل إلا لضرورة. رغم قرار رئيس الجمهورية برفع السن التقاعدية لأعضاء هيئة التدريس بالتعليم العالي والباحثين من 60 الى 65 عاما، الذي صدر العام الماضي ، الا انه لم يتحول الى قرار الا الخميس الماضي بعد المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء،وقد خسر البلد بتأخير تنفيذ التوجيه الرئاسي عشرات الأساتذة من ذوي الخبرات والتأهيل العالي الذين إما غادروا الوطن أوبحثوا عن خيارات أخرى، ومن لم يرتبط منهم سينتظرعرضا أفضل من الجامعات التي ستسعى إليهم لسد النقص في هيئات التدريس.. نزيف هجرة الأساتذة خلال الفترة الماضية بات يهدد عددا من الجامعات، وصارت أقسام في بعض التخصصات بلا أساتذة،ويصعب سد النقص ، الأمر ربما دفع وزارة التعليم العالي الغائبة الى التفكير في دمج بعض الجامعات والمعاهد والكليات،وهو أمر لجأت اليه بعض الدول الغربية المتقدمة ليس لمواجهة نقص الاساتذة والمعامل وانما لتغيير في رغبة الطلاب في بعض التخصصات،وبحثا عن الجودة على حساب التوسع. أشعر أن درجة حساسية الحكومة تجاه هجرة أساتذة الجامعات لا تزال دون المستوى،وتكاد تكون منعدمة،ولا توجد خطوات ملموسة كأن هناك من يعتقد أن هذه الهجرة لا تأثير لها على التعليم العالي في بلادنا،والوزارة المختصة يبدو من غيابها أن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد،وهذا ما يدعو للأسى،فإن لم تتدخل المؤسسات المعنية لمجابهة هكذا قضية فمتى تتحرك؟!. لقد عقد قبل شهور مؤتمر عن قضايا التعليم العالي والأستاذ الجامعي، وخاطب جلسته الختامية نائب الرئيس الدكتور الحاج آدم يوسف، وهو أستاذ جامعي دخل القصر الرئاسي منتقلا من جامعة الخرطوم،وتعهد بتحويل توصيات المؤتمر التي خاطبت هموم الأساتذة الجامعيين الى واقع يمشي على الأرض،ولا تزال تلك التوصيات حبرا على ورق. نأمل أن تسرع الدولة لمعالجة مشكلة الأستاذ الجامعي قبل أن نلتفت يوما ونجد جامعاتنا خالية من الأساتذة،وطلابنا في المدرجات يندبون حظهم العاثر،ولا أعتقد أن وزارة المالية قادرة في وضعها الحالي على تحمل تكلفة جلب أساتذة أجانب،تحيات زاكيات إلى أساتذة بلادي وهم يقدمون التضحيات لوطنهم وتخريج أجيال المستقبل لا يرجون جزاء ولا شكورا. من المسؤول؟ اتهم والي ولاية شمال دارفور، عثمان يوسف كبر، مجموعة مسلحة تنتمي للقوات النظامية بالوقوف وراء الأحداث التي شهدتها مدينة كتم أخيرا، وقال في تصريحات لقناة «الشروق» بثتها الخميس الماضي إن المجموعة النظامية المسلحة صغيرة ولا تعبر عن الجهة النظامية التي تنتمي إليها، مشيرا إلى أن المجموعة التي قادت الأحداث تخلت عن مهنيتها وانجرفت في الصراع القبلي الذي تعاني منه حالياً كل دارفور. أخي كبر، هذه معلومات خطيرة ،نشكرك على الشفافية،ولكن طرح الموضوع بهذه الطريقة مضر ويهز ثقة المواطن في الأجهزة التي من واجبها حمايته والدفاع عنه،وما حدث يدعو للقلق ويتطلب مراجعة وتدابير حاسمة لمنع تكراره.