اطلعت على الخبر الآتي الذي نشر بصحيفة السوداني العدد رقم 2306 بتاريخ 28/8/2012م: «رسم حزب مؤتمر البجا صورة مخيفة للأوضاع الإنسانية بشرق السودان وقال إن المواطنين بالإقليم يعيشون وضعاً في غاية المأساوية. وأوضح أن الناس هناك يموتون من الفقر والمرض والجوع، في وقت طالب فيه مؤتمر البجا المصريين بالخروج من مثلث حلايب على الحدود مع السودان وتمسك بسودانية المثلث مطالباً الحكومة السودانية باتخاذ إجراءات قانونية في حال عدم استجابة السلطات المصرية للإجلاء من حلايب. وقال الأمين السياسي لحزب مؤتمر البجا صلاح باركوين في مؤتمر صحفي أمس الاثنين أن مواطن شرق السودان لا يزال يعيش الفقر والتهميش وانعدام التنمية، مشيراً إلى أن المواطنين بولاية البحر الأحمر يعيشون في ظل ظروف إنسانية بالغة التعقيد مبيناً أن الأمطار والسيول التي ضربت مناطق بالإقليم اخيرا خلقت أوضاعاً صحية وإنسانية غاية الصعوبة دون أن تحرك السلطات الحكومية ساكناً، وأشار إلى أن هناك آلاف المواطنين بتلك المناطق باتوا بلا مأوى أو غذاء وأضاف، الناس في شرق السودان يموتون من الجوع والفقر والعوز ولم تحرك الحكومة السودانية أي حملة لإغاثتهم، محذراً من انقراض إنسان الشرق في حال عدم تحرك أبنائه لتدارك الموقف» وللتوضيح فإن هذا الحديث قد جاء في مؤتمر صحفي تحضيراً للمؤتمر العام لحزب مؤتمر البجا الذي عقد الثلاثاء 28/8/2012م بقاعة الصداقة... وألخص تعليقي على ما ورد أعلاه في النقاط التالية مع احترامي وتقديري للأخوات والأخوان قادة وأعضاء حزب مؤتمر البجا: أولاً: إن الصورة المأساوية التي عرضها السيد/ صلاح باركوين هي صورة حقيقية صادقة ظلت مجسدةً أمامنا لعقود مضت... فبالرغم من قناعتي الشخصية بأن الأوضاع في جميع أنحاء السودان مأساوية إلا أنها الأكثر مأساوية في شرق السودان... ولكن الأخوة في مؤتمر البجا توهموا أن الوضع المأساوي سينتهي تلقائياً بعد مشاركتهم في السلطة... وللأسف تغير واقعهم الحزبي والشخصي ولم يتغير واقع أهلهم البؤساء في شرق السودان. ثانياً: لِمَن يوجه قادة حزب مؤتمر البجا هذه الرسالة وهم جزء من السلطة الحاكمة؟ فالحديث عن عدم امتلاكهم للصلاحيات التنفيذية لن يعذرهم فحزب مؤتمر البجا يتحمل جزءاً من مسؤولية هذا الوضع المأساوي ما دام أنه قد قبل المشاركة في السلطة مع حزب المؤتمر الوطني. ثالثاً: إذا كان قادة حزب مؤتمر البجا مهمومين بواقع بؤساء شرق السودان فلماذا لم يعقدوا مؤتمرهم العام تحت ظل خيمة كبيرة في جنوبطوكر مثلاً وسط هؤلاء البؤساء ووفروا الأموال التي صرفت على انعقاد المؤتمر بالخرطوم وبقاعة الصداقة ودعموا بها سكان المنطقة الذين يحتاجون للغذاء والدواء والكساء والمأوى؟ رابعاً: إن الأموال التي صرفت بولاية البحر الأحمر خلال السنوات الماضية كانت بلا رؤية تنموية وكان ذلك بعلم حزب مؤتمر البجا وفي ظل صمته... صُرفت على تحويل مدينة بورتسودان إلى مدينة سياحية في وقت يعاني فيه أغلبية أهل الولاية من الجوع والمرض والفقر... أنا لا أقول أن لا يتم تطوير مدينة بورتسودان وإنما أقول أن الأولوية الآن ليست لتطوير مدينة بورتسودان وإنما للتنمية الريفية لتغيير واقع أغلبية أهل الولاية. خامساً: من المضحك سياسياً أن ينشغل قادة حزب مؤتمر البجا بسودانية حلايب ويتحمسون للموضوع في وقت نحن أعلم أن حال المواطن السوداني المقيم داخل منطقة حلايب أفضل نسبياً من حال المواطن السوداني المقيم بسنكات أو هيا أو طوكر أو حتى بورتسودان نفسها... فعلى الأقل يضمن غذاءه ومسكنه وتعليم أبنائه وعلاجهم... فماذا لدينا لهؤلاء المواطنين إذا انسحب المصريون اليوم من حلايب... فهل هي مسألة أرض جرداء تابعة لمصر أو للسودان أم أنها مسألة بشر يقيمون على تلك الأرض؟ أقول للأخوة قادة حزب مؤتمر البجا اتركوا موضوع حلايب ولا تنشغلوا به واهتموا بمعالجة الواقع المأساوي لأغلبية مواطني شرق السودان... فما هو الضرر الذي يقع على السودان الآن بوجود حلايب تحت الإدارة المصرية؟ خلاصة ما أود أن أقوله هو أن العقلية السياسية السودانية هي عقلية سلطوية وليست تنموية تبحث عن السلطة كهدف نهائي وليس كأداة لإنجاز التنمية الشاملة لذلك لا أهل السلطة الأصليين ولا مَنْ يأتي لمشاركتهم قادرون على تغيير الواقع المتخلف الذي يعيشه أغلبية أهل السودان... فخلال السنوات الماضية التي شارك فيها حزب مؤتمر البجا في السلطة ظللنا نسمع عن مؤتمرات للمانحين ووفود تسافر وتعود... وبعد كل ذلك يأتي الأمين السياسي لحزب مؤتمر البجا ليقول لنا أن مواطن شرق السودان سينقرض من البؤس... وأين يقول لنا هذا... في وسط الخرطوم استعداداً لانعقاد مؤتمر عام مرفه وكأنه مؤتمر لأمراء البجا الذين يرقصون طرباً بكلماتهم الإنشائية الحماسية الشعاراتية الجميلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.