تغيرت الخريطة السياسية فى الشرق الأوسط اثر ثورات الربيع العربى لتفرض واقعاً جديداً فى المنطقة بتنصيب الإسلاميين فى سدة الحكم لتبدأ فصول رواية جديدة لم تكتمل ملامحها بعد ينظر اليها الغرب بحذر لتقاطع المصالح واختلاف موازين القوى فى رحلة البحث عن حلفاء جدد الشك فى نواياهم اكبر من الثقة فى تعاونهم، حيث يتجسد هذا الواقع فى العلاقات المصرية الأمريكية الحالية بعد تولى محمد مرسي لمقعد الرئاسة فى مصر. وبحسب مراقبين فان المخاوف الأمريكية بدأت تتنامى عقب تصريحات مستشار الرئيس المصرى للشئون العربية محمد عصمت سيف الدولة أمس بضرورة تعديل معاهدة كامب ديفيد، وانتقاده الحاد لتصريحات الجانب الاسرائيلى حول سيناء وأمنها ورفضه لتقسيم مصر بين إسلاميين وغير إسلاميين، وكشف عصمت ان هناك اجماعا وطنيا بين الحكام والمحكومين وبين الأغلبية والأقلية وبين كل التيارات السياسية في مصر على أنه لابد من استرداد كامل السيادة المصرية على سيناء، وقال «يجب أن يكون هذا معلوما أن الثورة سمحت بأن يعبر الصوت المصري الأصيل عما يريده ملايين المصريين بضرورة تعديل المعاهدة لتكون جزءا من مطبخ صناعة القرار، ونحن ننادي بذلك بكل وضوح ولا نخجل ولا نكف عن طرح هذه الغاية النبيلة». يعزز من هذه المخاوف الامريكية الاحتجاجات المناهضة للولايات المتحدة بسب الفيلم المسيئ للرسول الكريم محمد «صلي الله عليه وسلم» والتي بدأت في القاهرة وانتشرت الى جميع أنحاء العالم الإسلامي وربما كل ذلك كان السبب وراء ايقاف امريكا مفاوضات تزويد مصر بمساعدات اقتصادية أمريكية هامة، وأرجات مقترح تخفيف الديون التى تبلغ مليار دولار وكيفية تسريع مساعدات آخرى بالملايين لمصر، وحسبما قالت صحيفة الواشنطن بوست على لسان مسؤولين امريكيين فانه على الأرجح لن تتم الموافقة على مساعدات جديدة لمصر الى أن تجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالاضافة الى تعليق المحادثات التي تهدف الى كسر الجمود بشأن انفاق الأموال التي تمت الموافقة عليها بالفعل. ويرى المحلل السياسى محمد نور الأمين ان وصول الإسلاميين الى السلطة فى مصر مواجه بتحديات كبيرة فى مجال السياسة الخارجية وخاصة علاقة مصر مع الغرب، وقال الامين ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس ان مايجرى على مستوى السباق الرئاسى فى امريكا انعكس بصورة مباشرة على علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، لافتاً الى ان الجمهوريين فى الولاياتالمتحدة وجهوا سهام النقد على سياسات اوباما الخارجية وتساهله مع المسلمين والعرب على حساب اسرائيل واتهامهم له باعتناقه الإسلام متخفياً، واضاف ان الصراع الانتخابى العنيف أجبر اوباما على اتخاذ كافة الوسائل المتاحة حتى وان كان على حساب علاقات حكومته الخارجية مع بعض الدول خاصة العربية رغم ترحيب الحكومة الامريكية بتولى إسلاميين للحكم فى بلدانهم من شاكلة مرسي فى اطار ارساء الديموقراطية، واشار الى ان سياسة قطع المعونات الامريكية عن مصر ليست مستغربة فى هذا التوقيت الانتخابى حتى وان تم التعاطف فى الخفاء، وقال الامين ان صورة العلاقات الامريكية مع الدول العربية والإسلامية ستظهر بجلاء عقب نتيجة الانتخابات. وفى ذات الاتجاه يمضى الخبير الدبلوماسى الدكتور عبدالرحمن ابوخريس باشارته للانتخابات الأمريكية الساخنة وتأثيرها الواضح على الاوضاع فى الشرق الوسط، وقال ابوخريس ل»الصحافة» عبر الهاتف امس ان انعكاسات الفيلم المسيئ للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتعرض سفارات الولاياتالمتحدة لغضب المحتجين اثر على مجرى الأحداث فى المنطقة واشاع مخاوف الغرب خاصة الولاياتالمتحدة ومصالح وأمن اسرائيل فى المنطقة. وأشار ابوخريس الى ان مصر ادركت هذه التحولات منذ وصول الإسلاميين للسلطة وتوقعاتهم لمقاطعة الغرب وامريكا بقطع المعونات والدعم المباشر ما ادى الى توجههم نحو الشرق وتفعيل العلاقات مع السودان لسد العجز الغذائى والاقتصادى الذى تأثر بتذبذب العلاقات مع امريكا، ولفت ابوخريس الى ان زيارة مرسي الى الصين تأتى فى اطار البحث عن منافذ اخرى غير الدول الغربية. تجدر الاشارة الى أنه في أعقاب الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك أرفق الكونجرس شروطا للمساعدات الأمريكية من بينها طلب بأن تقدم وزارة الخارجية الأمريكية ضمانا بأن مصر ستلتزم باتفاقيتها للسلام مع اسرائيل، هذا الى جانب حديث عدد من المشرعين الامريكيين عن اضافة المزيد من الشروط.