مستشفى الخرطوم لن تقوم له قائمة وإن حشد له كل مال السودان وبتروله، هكذا تحدث السيد وزير الصحة الولائى الدكتور مأمون حميدة عن مصير مستشفى الخرطوم، بل وتوعد بأن هذا سيكون حال كل المستشفيات الكبيرة، والحل كما يرى السيد الوزير فى تفكيك هذه المستشفيات الكبيرة ونقل وحداتها المتخصصة الى الاطراف كالمخ والاعصاب والنساء والتوليد.. الخ. ونحن على يقين من أن السيد الوزير يعلم أن مستشفياته الكبيرة والمستشفيات التعليمية منها والصغيرة والمراكز الصحية تعانى من تلوث تام، ولم تعقم هذه المستشفيات منذ سنين عدداً، وأن المئات من الفيروسات والبكتريا السامة والطفيليات تسرح وتمرح فى هذه المستشفيات، وأصبحت هذه المستشفيات أكبر حاضنة لكل أنواع الفيروسات، حيث اشارت الى ذلك احدى الدراسات حول مستوى التلوث حتى داخل المعامل وعنابر المرضى، فهذه المستشفيات تسرح فيها الحيوانات المختلفة والغربان والحشرات الطائرة والزاحفة وتنبعث منها الروائح الكريهة وتتصاعد منها الابخرة والخمائر بكافة انواعها، وتتعامل مع نفاياتها الطبية كالنفايات العادية بحملها في أكياس القمامة بعد أن تتعفن وتتصاعد منها الروائح الكريهة، فهذه المستشفيات تتعامل مع نفايات العينات المعملية ونواتج العمليات الجراحية كما تتعامل مع نفايات المطبخ، فأين هى المستشفيات يا دكتور؟ ان هذه المجمعات الصحية هى مراكز لنفايات هائلة، لا يمكن ان يكون قراركم السماح بانتشارها فى المستشفيات الطرفية الاخرى كابراهيم مالك والبلك والبان جديد، وعلى الاقل هذه المستشفيات الطرفية لم تسجل مستويات عالية من حالات التسمم الدموى او التلوث البكتيرى اوالفيروسى حتى الآن، وأنت تعلم سيدى الوزير أن لا وزارتك الولائية ولا الوزارة الاتحادية قد وفرت المعدات والوسائل اللازمة للتعامل مع النفايات الطبية، ولا توجد كوادر مدربة للتعامل معها، بل يتم جمعها ونقلها عن طريق عمال النظافة العاديين بما فى ذلك النفايات المشعة أو المفضضة. الوزير المحترم بدلاً من مناقشة الوضع مع المختصين من الكوادر الطبية والصحية والعلماء فى مجال الطب وصحة البيئة، استصدر قراراته من مجلس تشريعى الولاية، ونحن اذ نؤكد احترامنا لسلطة الولاية التشريعية، الا اننا نرى انه قبل صدور مثل هذه القرارات كان عليهم ان يأخذوا برأى أهل الاختصاص، ونرى ان القرار جاء متعجلاً ولم يحظ بالدراسة الكافية ويراد له التطبيق ضربة لازب. وصاحبت ذلك التضارب فى القرارات المستعجلة إقالات وتنقلات قام بها السيد الوزير، ولكن التردى المرير للاوضاع الصحية والتدهور الذى شمل الخدمات الصحية وانعدام معينات العمل المريع الذى قاد الى فقدان ارواح بريئة جاء لانعدام الاساسيات كالاكسجين والخيوط الجراحية والشاش والادوية المنقذة للحياة، وسيادة الاحباط وسط العاملين فى الحقل الصحى نتيجة للصراعات، وغياب المؤسسية وتعارض مصالح من يقومون على الأمر مع مصالحهم الشخصية، وما شخصكم واستثماراتكم فى المجال الصحى سيدى الوزير الا ابلغ دليل على ذلك، وفي ما يبدو ان السيد وزير صحتنا قد نسى كل ما كان يقوله من خلال برنامجه «صحتك» وكيف بدد الآن الصورة الزاهية له كمقدم برنامج، ووضع مكانها صورة تتناقض ولا تشبه الاولى. السيد والى الولاية فى رده على مذكرة كبار الاختصاصيين قال إن وزير الصحة خط أحمر وإنه ينفذ سياسات حكومة الولاية، وبالتالى فالسيد الوالى بدلاً من المساعدة فى حل المشكلة زادها تعقيداً واصطف مسانداً لوزيره فى مواجهة الجميع، ولا شك أن السيد الوالى على دراية تامة بالاوضاع داخل المستشفيات، وهو على علم بأن سياسات وزيره قد فشلت فشلاً ذريعاً باعتراف السيد الوزير شخصياً، حيث صرح وأعلن «السودانى3 اكتوبر العدد 2441» أن المستشفيات الكبيرة وعلى الاخص مستشفى الخرطوم لن تقوم لها قائمة ولو رصدت لها كل اموال البترول وكل موارد البلاد، من حق الوالى ان يتمسك بوزيره كما يشاء، وعلينا أن نقول إن نجاح السيد الوزير بوصفه مقدم برنامج تلفزيوني يعنى بالصحة او نجاحه بصفته مستثمراً فى المجال الصحى ليس كافياً لنجاحه وزيراً، لكن على السيد الوالى ان يكون على يقين من ان الاوضاع الصحية في الولاية ستستمر في التردي وستنهار تماماً ما دام وزير الصحة فى مكانه، وان ما يقوم به ما هو الا تنفيذ لسياسة حكومته، وما لم افهمه هو ماذا كان يعني السيد الوزير بأن مقدمى المذكرة كلهم طلابه؟! هل يستنجد بقول الشاعر معن بن أوس: أعلمه الرماية كل يوم.. فلما اشتد ساعده رماني