تربطني بمؤسسة «سيقا» علاقة ذات أبعاد متنوعة، وهي علاقة احترام وتقدير لجهود هذه المؤسسة في التنمية وبناء رأس المال النقدي والبشري، وتعتمد عليها آلاف الأسر بالطرق المباشرة وغير المباشرة، كما أني عضو ملتزم ما امكن بالحضور إلى المشاركة في الأنشطة الثقافية والعلمية والفنية وغيرها. وأكثر من ذلك تربطني علاقة ود وعمل مع ابنائي في وحدة المسؤولية الاجتماعية على مستوى «دال» ومستوى ««سيقا»» والكلام عن هذه المؤسسة يطول. ولكن هذه الجزيرة التي أحببت تفعل بنا في كافوري مربع «1» ما لم يفعله النجار بالمسمار، فموظفوها كثيرو الوعود باللغة الجميلة وقليلو الوفاء بالفعل الجميل. ويعيش سكان هذا المربع وأنا منهم ثلاث مآسي، ورابعها كيفية تخلصها من الفضلات والنفايات. المأساة الأولى تتمثل في طنين الماكينات على مدى «24» ساعة ولمدة «366» يوماً، ولا تستثنى أيام الأعياد والعطل الرسمية، وانا هنا ادعو الإخوة إيهاب وأسامة للجلوس معنا على السطوح أو خارج الغرف حتى الثانية عشرة مساءً، ليحكموا بأنفسهم كأنما التكنولوجيا وهم أهلها لم توفر ماصات الضوضاء والطنين. والمأساة الثانية أبخرة الردة التي نجمعها كل يوم من انوفنا وانوف اطفالنا وزوارنا ومن كل ركن من اركان البيت. وعدد الحمام والقمري الذي يقتات على ذلك يتجاوز الآلاف. وأصبحت هذه الردة مصدراً لضيق النفس والحساسية والأزمة والغبن كذلك، وكأن مصافي الدقيق لم تتوفر في العالم. ثالثة الاثافي «آسف المآسي» تتمثل في الشاحنات واللواري «البلدية» بانواعها التي تعطرنا بغبارها ليلاً نهاراً ثم صيفاً وشتاءً، وأزيزها الذي يصم الآذان قبل أن يصم عقولنا وعقول أبنائنا العاملين ب«سيقا»، وكأن المواقف الآمنة والبعيدة معدومة وكأن الاسفلت لا يوجد. أما التخلص من النفايات فأسألوا «غنم العزبة» والكلاب الضالة والمساكين من الشماسة، فقد أصبحت هذه النفايات غذاءً لهم وكسباً مالياً، ويشترك في ذلك بعض مساكين «سيقا» أنفسهم. لقد تكلمنا بوصفنا اصدقاء ومسؤولين بيئيين وبكلمات شعبية، بل تحركت نساؤنا للتعبير عن شكواهم، لكن كما قلت يأتي الموظف ويشاركنا الالم والحزن، ويغادرنا ليشارك إدارته في النسيان هروباً من مواطني الحي او هروباً من مساءلة إيهاب وأسامة لهم، أو هروباً من نفسه «ومسؤوليته الاجتماعية». وعن المسؤولية الاجتماعية التي يتغنى بها الأحباب وبإنجازاتها فهي كالموءودة التي سئلت بأي ذنب قتلت، فبابها ومدخلها الى المجتمع هو إزالة ودرء الضرر قبل جلب المنفعة بشجرة هنا او هناك، او بعدد من لواري الردمية، او بمصرف مازال يتقيح بعوضاً وعفناً وطفيليات من النبات والاوساخ. وما كنت أود أن اكتب ذلك على الملأ، ولكن عندما يطفح الكيل وتغيب مسؤولية السلطات ومسؤولية المؤسسات الخاصة، وعندما نكتب ونتكلم ونرجو بلا مجيب.. يصبح من العيب علينا السكوت ونحن قادرون. وليعلم الاصدقاء والابناء في «سيقا» أن سيف السلطة او سيف المال أقل حدة وإيلاماً من سيف الغاضبين أصحاب الحقوق في العيش في بيئة آمنة. وأخيراً أهمس في أذنكم بأني: أرى تحت الرماد وميض نار واخشى أن يكون لها أوار، واقول ذلك لأن المستهلك هو الذي يدفع لكم من جيبه أو من دمه ما تجمعون به أموالكم، وبدونه لا يوجد استثمار ولا توجد مسؤولية اجتماعية، وبدونه لا توجد سلطة كذلك. وأنتم تعلمون أن أبا العصامية وأبا المسؤولية الاجتماعية طيب الذكر داوؤد عبد اللطيف، ما كان سيفعل ذلك او حتى قريباً منه. والله من وراء القصد ٭ خبير بيئي الأمين العام للمنظمة الوطنية لحماية المستهلك