(وجعلنا من الماء كل شيء حي).. يحتاج الإنسان إلى عناصر الغذاء العضوي والماء يمثل ما يحتاج إلى مقومات الحياة الأخرى المتمثلة في الأكسجين، الماء ضروري للانسان وأصبح ذلك في علم الكافة. بحمد الله نحن في السودان، حبانا الله بمصادر عدة بالنسبة لماء الشرب، منها الأنهار والخيران والآبار والأمطار، فقط إن كانت هنالك مشكلة فتتلخص في سوء التوزيع وإدارة المياه. استأثرت المدن بمياه نقية ومطهرة تصل أماكن العمل والسكن بثمن مقدور عليه، عكس المدن الصغيرة والقرى التي تجد مشقة في الحصول على الماء، غير النقي أو المطهر، لهم ولأنعامهم، وهناك صراع بين الهامش والمركز، أحياناً، في هذا الخصوص. الطبقة الرأسمالية، بجانب الحكام وكبار الموظفين، كبر سقف احتياجهم للماء المرشح بوسائل أكثر تطوراً المعبأ في قوارير، بدلاً من الماء الذي تشرف عليه الحكومة. هذا يدل إما، أن الماء الحكومي، غير صالح للشرب، وتكون تلك طامة، فلماذا تسمح الحكومة لقطاعات الشعب الأخرى بشربه، أو أن ذلك تميز تريد أن تتميز به الطبقة الحاكمة وموظفوها، أما الطبقة الرأسمالية، فليس لنا عليها سلطان، لأنها تعمل وفقاً للمثل الذي يقول (العندو حنة يحنن ضنب حصانو). إذا، عملنا احصائيات غير دقيقة، وحصرنا عدد الدستوريين وكبار الموظفين واتباعهم (يعني السواق والحرس ومدير المكتب..)، ثم حسبنا الحفلات والمؤتمرات واللقاءات التي تقام، وحسبنا جو السودان الساخن، والمسافات الطويلة التي قطعها المسؤولون جيئة وذهاباً لتفقد المواطنين وحل المشاكل، و... الخ.. وحسبنا استهلاك الفرد في اليوم والشهر، بكل بساطة سنخرج برقم مالي فلكي حكومي تحت بند (ماء الصحة) يصرف في هذا السودان ذو المصادر المائية المتعددة العذبة، هذا الرقم قد يحرك وزير المالية (وأرجو أن يقول ذلك لا يؤثر في الميزانية والعالم كله يشرب موية الصحة) ملحوظة: (شوهد أحدهم، يغسل ملابسه بموية الصحة... وطبعا اشتراها بقروش الحكومة ولم نسمع أو نشاهد حتى الآن.. أن أحدهم غسل ملابسه بموية الصحة التي دفعها من ماله الخاص). نعود للمشكلة ونقول أصبح ذلك شيئاً مكتسباً لن تستطيع الحكومة نفسها أن تلزمهم للعودة لشراب الماء الذي يشربه سائر خلق السودان، لأن ذلك، لن يجد أذناً صاغية، بل (الممنوع مرغوب)، وسوف نرى ونسمع بأن أحدهم (استحم بماء الصحة)... إذن لن يتخل المسؤولون عن شراب موية الصحة بل اتوقع زيادة الاستهلاك.. اريد متبرعاً لوجه الله، أن أساعد السيد وزير المالية، في تخفيف فاتورة (ماء الصحة) إلى أكثر من الربع، من خلال برنامجي الذي اسميته (تغيير ماء الصحة بماء الصحة)، فهذا لا يقع تحت طائلة (فسر الماء بالماء)، ولكني من خلال تجربة عملية ببورتسودان فقد ترك لنا الأمريكان مجمعاً مكتملاً كان يسكنون ويمارسون عملهم فيه، تركوا لنا فيه محطة تحلية مثبتة على (كونتينر) سلمناه لعسكري بعد أن أخضع لتدريب لمدة أسبوع، وهي لا تكلف كثيراً غير بعض المواد الكيماوية ومرتب الجندي، الذي كان يعمل حارساً للمجمع ومشغلاً لمحطة التحلية، ولكنه كان بكل بساطة يوفر لنا الماء في عبوات كبيرة نحضرها كل يومين أو ثلاثة، حيث إن ماء بورتسودان معروف بأنه مالح.. إذن البرنامج يبدأ بشراء مثل هذه المحطات التي لا تكلف كثيراً مقارنة بما يعرف (بماء الصحة)، وتوزع على رئاسات الولايات والوزارات المركزية، حيث يقوم المسؤولون، بإرسال من يمدوهم بالماء من خلال (جركانات) نظيفة بها نفس ماء الصحة، ولكن تتناقص التكلفة لدرجة كبيرة، مثلاً حتى عام 1990 كانت (جركانة) ماء الصحة في محطات الوقود بالسعودية بواحد ريال.. الآن نقول يمكن أن تزيد في السودان.. وقس على ذلك. قد ينبري أحدهم ويقول إن إدارة المحطات بواسطة الحكومة عكس توجه الدولة وهو (الخصخصة)، فأقول، فلتقم الإدارة العامة لمياه المدن بهذا الواجب خاصة أنها حكومية والآن مسؤولة من توفير الماء (الذي ليس ماء صحة)، وعلى الأقل تكتمل جميعها وتوفر ماء (الصحة والماء الذي بغيرها)... أو أن يطلب منها وزير المالية علاج الصرف المتزايد من ماء الصحة، من خلال دراسة علمية المهم ألا يكون ردها، (أن يمتنع الجميع من شراء ماء الصحة من مال الحكومة، والما عاجبو مويتنا يشتري موية الصحة من قروشو.. لأن الآن مدير الهيئة القومية للمياه يشرب هو وضيوفو من موية الحكومة الجاية بالمواسير والحمد لله نصيح ولم يشتكِ من كلى ولا حاجة.. حقوا الحكومة ما تهزم مشروعنا المائي.. رغم انهم عندما يشربوا ماء الصحة هم وضيوفهم، يوفروا لنا عدد الأمتار المكعبة من مائنا (الماعاجبهم) ويستفيد منه سائر المواطنين الذين تعودوا على مويتنا الوطنية بشرها وخيرها.. ثم أعملوا احصائيات للذين يصابوا بمشاكل في البطن أو الكلى بسبب الماء تجد زبائن موية الصحة كثر، وزبائننا بنسبة ضئيلة، كمان هنالك حل عملي مقدور عليه وهو شراء جهاز صغير (فلتر) لا يتجاوز مائة جنيه وربطه في الماسورة وملأ مواعين ماء الشرب منه... كذلك إن عملية التحلية بصفة عامة.. محفوفة بمخاطر إذ قد لا تكون مكونات الماء بعد التحلية وفقاً للقياسات العالمية وهنا تكون موية الصحة (سماحة جمل الطين). قصدت من هذا المقال: أن نجد حلولاً عملية لمثل هذه المشكلات البسيطة التي بالطبع ستتطور ويمكن أن تصبح بنداً في الميزانية، كذلك سؤال هل (ماء الصحة) صحي 100% وكيف نتأكد من ذلك.. وكذلك (موية المواسير) لا نريد أن ننظر لمثل ذلك السلوك الجديد ويكون في فمنا (ماء). أبيي.. الفرصة الأخيرة ذكرت سابقاً أن مشكلة أبيي بعد اتفاقية أديس أباباالجديدة سبتمبر 2012م يبدو أنها حلقت أفريقياً لتصل للعالمية (مجلس الأمن) وستصل ليس برؤية السودان، ولكن برؤية الحركة التي تبنتها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثابو أمبيكي، حيث حسمت الخلاف حول مدة اقامة السودانيين الآخرين بمنطقة آبيي ليكون وفقاً لرغبة دينكا نقوك (الإقامة لكامل السنة)، وهذا طبعاً يصب في صالح دينكا نقوك عند الاستفتاء، وبذلك يكون حظ منطقة أبيي للانضمام للجنوب أكبر. الآن هنالك فرصة أخيرة حيث رشح في الإعلام رغبة رئيس الآلية لمراجعة طرفي النزاع للحصول على رؤية يتفقا عليها بعد أن تباعدت مواقفهما. ولعمري هي فرصة أخيرة حقاً، ويمكن أن تستثمر من جانب السودان، إما: طلب التفاكر مرة أخرى على الأقل لكسب الزمن أو تقديم مبادرة أخرى.. وثمة تساؤل مهم وحتى لا نلدغ من (الجحر مرتين) فمن المعروف أن عدم حسم القضايا العالقة بين الدولتين، وخاصة قضية الحدود، سببت مشاكل أمنية واقتصادية للطرفين، ولذا فإن عدم معالجة مشكلة تحديد منطقة أبيي كما ورد في البروتوكول الخاص بأبيي (المادة) 5 (1 2 3)، تحت عنوان تحديد الحدود الجغرافية، حيث تأمر بإنشاء مفوضية لتحديد وترسيم الحدود لمنطقة أبيي وتقديم تقريرها النهائي للرئاسة حتى تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة مباشرة لإدخال الوضع الإداري الخاص للمنطقة حيز التنفيذ) وأيضاً عدم تنفيذ (الرعاية وغيرها من الحقوق التقليدية) وفقاً لحيثيات قرار التحكيم حيث أكدت على قرار الخبراء (في ضرورة احتفاظ قبيلتي دينكا نقوك والمسيرية بحقوقهما الراسخة في استخدام الأرض شمال وجنوب الحدود) (كذلك لا يجب المساس بالحقوق التقليدية الراسخة التي تمارس في منطقة آبيي أو في محيطها، لا سيما الحق المنصوص عليه بموجب الفقرة (1/1/3) من البرتوكول الذي تتمتع به المسيرية وغيرها من قبائل البدو لرعاية القطعان والانتقال عبر منطقة أبيي) كذلك رأت المحكمة (احتمال أن تؤدي الحدود المرسومة بشكل غير متعمد الى تقسيم مستوطنة دائمة مأهولة مثل قرية أو مدينة (وذلك لتحديد المنطقة التي تمت بواسطة لجنة الخبراء ومحكمة لاهاي، ثم بواسطة خطوط الطول والعرض الوهمية)، لذا تحث المحكمة الطرفين على الشروع في محادثات فورية، (يعني قبل اجراء الاستفتاء)، بهدف الوصول الى اتفاق سريع يلطف الصعوبات على الأرض ويسهل معالجة المشاكل الماثلة (والمتوقعة). أيضاً المحكمة تؤكد على أن (الحدود يجب ألا تخول للطرفين تجاهل سائر العلاقات المناطقية التي تمتعت بها الشعوب المقيمة في المنطقة وجوارها عبر التاريخ. كذلك لم ينفذ موضوع (إدارة أبيي المشتركة) التي اوصى بها مؤتمر أديس 20 يونيو 2011، والإدارة هي التي يجب أن تنفذ مطلوبات السلام. وضح من هذا السرد، أن هنالك قضايا مهمة وكثيرة ومفصلية نبه لها البروتكول وتقرير الخبراء وقرار محكمة لاهاي، ووجهوا بشكل قاطع بضرورة قتلها بحثاً، وللوصول الى توافق وتراضٍ، وأرضية تسمح بتنفيذ البروتكول وقرار محكمة التحكيم بصورة تحقق الأمن والسلام والتعايش السلمي، حتى تكون منطقة أبيي (جسراً بين الشمال والجنوب وتربط شعبي السودانين) كما وضح في ديباجة البروتوكول (عام 1/1) ولتحقيق طموحات شعب الدولتين في الحاجة الملحة لإحلال السلم والأمن) كما جاء في ديباجة بروتوكول ميشاكوس 20 يوليو 2002م. هنالك عمل كبير ينتظر الحكومة لإدارة ما تبقى من عقبات لحل مشكلة أبيي بما يضمن الحل الذي يحقق السلام. وإلا فإن أي حل يتجاوز تلك النقاط التي ذكرتها ولا يهتم بها، سيعود بالمنطقة لمربع الحرب.