قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    النصر الشعديناب يعيد قيد أبرز نجومه ويدعم صفوفه استعداداً للموسم الجديد بالدامر    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    فاجعة في السودان    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    أكوبام كسلا يعيد قيد لاعبه السابق عبدالسلام    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبيي؟! 1-2 .. بقلم: د. عمر القراي
نشر في سودانيل يوم 04 - 11 - 2010

بقى أقل من سبعين يوماً، على استفتاء أبيي، ولم تكون مفوضيتها، ولم تحدد مراكز التسجيل، ولم يعلن عن بدء التسجيل.. ولعل السبب في كل ذلك التأخير، بالإضافة الى عدم رغبة الحكومة في فقدان منطقة أبيي الغنية بالنفط، الخلاف الذي افتعل مؤخراً، بدعوى حق المسيرية في التصويت في أبيي.. فما حقيقة وضع منطقة أبيي، وما الذي جعلها منطقة نزاع، فضل أهلها إعطاءهم حق الإنتماء لجنوب السودان، بدلاً من العيش مع القبائل العربية، التي كانوا يتعايشون معها لمئات السنين، وهم يتبعون لشمال السودان؟ يقال ان شعب الداجو كان يسكن منطقة أبيي قبل القرن الثامن عشر، ولكنه هاجر منها الى الجنوب الغربي مغادراً السودان، وفي القرن الثامن عشر زحفت إليها قبائل دينكا نقوك، من منطقة أعالي النيل، وهم مزارعون ورعاة مستقرون ذوي قرابة بدينكا أعالي النيل في جنوب السودان. أما قبائل المسيرية الرعاة الرحل، الذين ينسبون الى العنصر العربي، كسائر قبائل وسط السودان، فقد كانوا يجوبون هذه المنطقة، بمواشيهم في دورات معروفة، ينزحون في الصيف والجفاف جنوباً حتى بحر الغزال، ويرجعون في الخريف شمالاً حتى وسط كردفان. ولم يكونوا أبداً مستقرين كقبائل الدينكا، وكانت العلائق بينهم وبين دينكا-نقوك طيبة، خاصة على عهد دينق ماجوك زعيم الدينكا وبابو نمر زعيم المسيرية. في عهد الحكم الثنائي اعتبر مقر المسيرية مديرية كردفان (التي تعتبر من ضمن الشمال)، بينما اعتبر مقر دينكا- نقوك بحر الغزال (التي تعتبر من ضمن الجنوب). ولكن في عام 1905م إعتبر الحكم الثنائي أن الزعامات التسعة لدينكا-نقوك تابعة لكردفان.
وعندما إندلعت الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب (1956-1972)، شعر أهالي منطقة أبيي بطبيعة إنتماءاتهم العرقية أنهم لا يمكن ان يكونوا محايدين، فمال المسيرية لتأييد حكومات الشمال، ومال دينكا نقوك لتاييد حركة التمرد الجنوبية، التي كانت تمثلها في تلك الحقبة الأنانيا الأولى. ومما عمق الخلاف مقتل 72 من دينكا- نقوك بواسطة المسيرية في مدينة بابنوسة في عام 1965م. وكان لموقف الحكومة السلبي، والتي كان على رأسها السيد الصادق المهدي، اكبر الاثر في إنحياز أعداد كبيرة من أبناء دينكا نقوك الى حركة الانانيا، إذ شعروا ان عدم التحقيق في الجرائم التي ارتكبها بعض المسيرية، تواطؤ من القبائل العربية، شمل حتى المسئولين في قمة السلطة، والذين كان من المفترض الا ينحازوا مع فئة من الشعب ضد أخرى. لقد حوت إتفاقية أديس أبابا التي أوقفت الحرب عام 1972م، بنداً يعطي منطقة أبيي حق الاستفتاء، لتقرر إذا كانت تريد ان تعتبر من ضمن الشمال أو الجنوب، ولكن هذا البند لم ينفذ حتى ألغيت الإتفاقية في عام 1983م، واشتعلت الحرب من جديد بين الشمال والجنوب. وفي منطقة أبيي استمر الهجوم على دينكا-نقوك، مما دفع بعضهم الى انشاء كتيبة خاصة بهم في أنانيا 2، التي بدأت حركتها في أعالي النيل عام 1975م. لقد فاقم إلغاء إتفاقية أديس ابابا من الأوضاع، وضاعف من الصراع في منطقة أبيي، إذ إستمر انحياز المسيرية للحكومة في الشمال. ومع بداية انتصارات الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب، بدأت حكومة الشمال بقيادة السيد الصادق المهدي، تسلح المسيرية، بغرض إستخدامهم، لوقف الجيش الشعبي لتحرير السودان من أن يزحف شمالاً. ولقد تكونت على يد حكومة السيد الصادق المهدي مليشيات عرفت ب (المراحيل) كانت تهاجم أعضاء قبيلة دينكا-نقوك من الكبار في السن والنساء والاطفال، وتحرق قراهم وتأخذ بعضهم كعبيد، حين يكون الشبان في صفوف الجيش الشعبي لتحرير السودان يقاتلون في مواقع مختلفة في الجنوب.. لقد مثلت كتيبة دينكا-نقوك أحدى أول الفصائل التي قادت حركة الثورة في بداية الحرب الأهلية الثانية (1983-2005م)، ولهذا نجد ان عدد من ابنائهم في مواقع متقدمة في الجيش الشعبي لتحرير السودان. بمجئ حكومة الإنقاذ في 89 ضمت المليشيات العربية، رسمياً، لما سمي بالدفاع الشعبي، وزاد تسليحها باسلحة حديثة ومدافع آلية. لقد أدى الهجوم المكثف على العزل من قبيلة دينكا-نقوك بهم للنزوح بعيداً عن أبيي.. وهذه الآن حجة من حجج المسيرية، في ان المنطقة لهم لأن كثير من دينكا-نقوك هجروها في سنين الحرب، وعادوا اليها بعد السلام.
لماذا اشتد الصراع الآن حول أبيي؟!
لعل ذلك يرجع للاسباب التالية:
1- المصالح الحياتية لأهل المنطقة: فدينكا-نقوك يريدون ان يعيشوا، ويزرعوا، ويربوا حيواناتهم، دون مضايقة من أحد. والمسيرية يريدون ان يتنقلوا عبر المنطقة، لترعى ابقارهم دون ان يعترضها أحد بدعوى انها اتلفت زرعه. كل فريق يحاول ان يجد سلطة تدعم وتحمي مصلحته. مع ان المطلوب سلطة قانون محايدة ترسم مسارات الرحل بحيث تحافظ على أراضي ومحاصيل المزارعين.
2- وقوع المنطقة بين الشمال والجنوب، وجمعها لخصائص الطرفين، يجعلها عظم نزاع، يتوقف استقرارها على حل الإشكاليات في علاقة الشمال بالجنوب، لأن كل فريق يريد ان يضمها له. ومن هنا تعين ان يسأل أهلها الى أي مكان ييدون الإنحياز.
3- ظهور البترول بكميات كبيرة في المنطقة: في عام 2003 ساهمت أبيي باكثر من ثلث بترول السودان الخام. ويرى الخبراء ان مخزونها يزيد على ضعف هذا الانتاج. كما ان خطوط الأنابيب تمر بها من حقول هجليج والوحدة الى بورتسودان مروراً بالخرطوم.
4 - مصلحة الحكومة في الشمال، اصبحت مرتبطة بمصالح القبائل العربية في المنطقة، لأنها لفترة طويلة كانت تمدها بالسلاح والعتاد.. ولأن أي خلاف مع هذه القبائل، يدفعها لفضح دور الحكومة في التسليح والإبادة، مما يمكن ان يشكل إتهامات دولية جديدة، شبيهه بإتهامات دارفور.. لهذا فإن انتصار هذه القبائل، أصبح يعني انتصار الحكومة، وهزيمتها تعني هزيمة الحكومة.. في المقابل ترى الحركة الشعبية، ان رفع الظلم عن قبائل جنوبية، هو من أهم اولوياتها التي قامت من أجلها، وهزيمة دينكا-نقوك لهذا تعني هزيمة الحركة الشعبية.
بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، أعلنت البروتوكولات الخاصة بالإتفاقية ومن ضمنها البروتوكولات الخاصة بمنطقة أبيي. البرتوكول الأول تم التوقيع عليه في محادثات مشاكوس 2002م. ولقد حدد ان حدود جنوب السودان، هي ما تركه عليها الاستعمار عام 1956م. بهذا تم استبعاد منطقة جبال النوبة، والنيل الازرق، وأبيي من الجنوب، واعتبرت كلها من ضمن الشمال. بعد ذلك انفق المحاورون من الحركة الشعبية لتحرير السودان عدة سنوات، وهم يحاولون اعطاء هذه المناطق الثلاث، حق الإستفتاء، لإختيار أن يكونوا مع الجنوب أو مع الشمال، بعد إجراء استفتاء الجنوب. لكن الحكومة رفضت هذا الأمر، محتجة بأن محادثات مشاكوس، جعلت حدود المناطق الثلاث لصالح الشمال.
وبعد ضغوط من الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مبعوثها جون دانفورث، قبلت الحكومة ان توقع على وثيقة (بروتوكول حسم نزاع أبيي) والتي وضعت أبيي في إدارة خاصة تابعة لرئاسة الجمهورية كما نصت وثيقة بروتكول حسم نزاع أبيي، على قيام مفوضية تسمى (مفوضية
حدود أبيي Abyei Borders Commission “ABC”) لتحل مشكلة حدود المنطقة.
ولم يطبق شئ من هذا البروتوكول سوى تكوين مفوضية حدود أبيي من 15 عضواً يعينون كالآتي: خمسة تعينهم الحكومة وخمسة تعينهم الحركة الشعبية – وثلاثة تعينهم Intergovernmental Authority on Development وشخصين واحد من الولايات المتحدة الأمريكية، وواحد من بريطانيا. واعتبرت هذه اللجنة هي لجنة الخبراء، ووافق عليها الطرفان، وذكرا انهما سيتقيدان بقرارها، واتفق على ان تكتب اللجنة تقريراً نهائياً على ان يبرز الخمسة المحايدون فقط التقرير النهائي. بعد زيارة المنطقة، والسماع للطرفين، والرجوع الى مراجع تاريخية، ووثائق لدى الحكومة البريطانية، ذكرت اللجنة الحقائق التالية:
* تعتقد حكومة السودان ان الزعامات التسعة لدينكا نقوك والتي حولت في عام 1905م لكردفان تقع جميعاً جنوب بحر العرب وهذا خطأ.
* إدعاء دينكا- نقوك بأن حدودهم مع المسيرية يجب ان تجري من بحيرة كيلاك الى المجلد لا أساس له من الصحة.
* ان المصادر التاريخية والحقائق البيئية ترفض إدعاء المسيرية بأن منطقتهم تمتد جنوب بحر العرب، وهي منطقة لم يحدث ان ادعوها أثناء الحكم الثنائي على السودان.
* مع ان للمسيرية حق ثانوي (موسمي) للرعي في مناطق شمال وجنوب مدينة أبيي إلا ان ادعاءهم حق السيطرة الدائم على هذه المناطق لا تدعمه مستندات او أدلة ملموسة.
هنالك دليل دامغ يؤيد زعم دينكا-نقوك بان لديهم حق السيطرة على المنطقة على طول بحر العرب والرقبة الزرقا.
* السجلات الإدارية لعهد الحكم الثنائي وشهادات الأشخاص اللصيقين بالمنطقة أكدت وجود مناطق استقرار قبائل دينكا-نقوك شمال بحر العرب بين عام 1905-1965م.
* إن الحدود الفاصلة بين دينكا-نقوك والمسيرية تقع في وسط القوز تقريباً بين خط عرض ْ10:10 وْ35: 10ش.
بناء على هذه الحقائق خرجت لجنة الخبراء بالقرارات التالية:
1-لدينكا- نقوك حق قانوني في إدعاء السيطرة الواقعة من كردفان حتى حدود بحر الغزال شمال خط العرض ْ10: 10 ش والتي تمتد من الحدود مع دارفور الى الحدود مع أعالي النيل.
2- في المنطقة شمال خط العرض ْ10:10 ش وخلال القوز حتى وتتضمن تبلدية (شمال خط عرض ْ35:10 ش) للدينكا-نقوك والمسيرية حق ثانوي مشترك.
3- للطرفان حق متساو في المنطقة المشتركة ولذلك من الحكمة ان يقسموا القوز بينهما ويجعلوا الحدود الشمالية على خط مستقيم تقريباً على 30 ْ22:10 ش.
4- يمكن لدينكا-نقوك والمسيرية استعادة حقهما الثانوي المؤسس لاستعمال الأرض جنوب وشمال هذه الحدود.
ويتضح من قرار لجنة الخبراء ان منطقة أبيي هي منطقة قبائل دينكا نقوك، ولا يمنع هذا قبائل المسيرية ان تواصل حقها في الرعي، كما كانت تجوب المنطقة شمالاً وجنوباً. ولقد سلمت اللجنة قرارها للسيد رئيس الجمهورية يوم 14 يوليو 2005م، وقامت الحكومة برفضه في الحال، وزعمت ان لجنة الخبراء قد استعملت معلومات، ووثائق، ومصادر بعد عام 1905م، لتحديد الحدود. كما رفض المسيرية قرار لجنة الخبراء، بدعوى ان اللجنة تجاوزت إختصاصاتها، ويجب ان يرفع تقريرها في شكل توصية، لرئيس الجمهورية الحق في قبولها أو رفضها. ولم ترض الحركة الشعبية عن موقف الحكومة، وصرح سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية، ورئيس حكومة الجنوب، وقائد الحركة الشعبية، بان اللجنة عملت وفق الصلاحيات التي حددت لها في ملحق بروتوكول أبيي، والذي وقعت عليه حكومة السودان والحركة الشعبية، ولقد جاء هناك ان قرار اللجنة نهائي وغير قابل للإعتراض. وقد حث جان برونك، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، الطرفين لقبول نتيجة لجنة الخبراء. ولم يعمل السيد الرئيس منذ اكتوبر 2005م وفق قرار الخبراء، ولم يقم بنشره على قطاع واسع، كما نص بروتوكول أبيي.
وكان من نتائج رفض حكومة المؤتمر الوطني لقرار لجنة الخبراء، ان تجدد التوتر والتحرش، وبعض الصدام، في منطقة أبيي في عام 2007. وخلال 2008م جرت تلك الصدامات بين الجيش الشعبي لتحرير السودان ومليشيات المسيرية، كما جرت بينه وبين قوات من جيش الحكومة. ولقد راح ضحية الصدام المسلح حوالي 75 شخص في ديسمبر 2007م. وزاد العدد في إشتباكات مارس 2008م ونزح الآلاف من ديارهم، وقدروا ب 25 ألف شخص.
في يونيو 2008 وافق الرئيس البشير، ونائبه سلفاكير ميارديت، رئيس حكومة الجنوب، ان يلجأوا للتحكيم الدولي في قضية أبيي. ورفع الأمر الى محكمة التحكيم الدائمة Permanent Court of Arbitration (PCA) بالهيج بهولندا.
ولقد ضمت لجنة التحكيم الدولية 5 محامين دوليين متميزين هم:
1- بروفسير بايير- ماري ديوي من فرنسا رئيساً.
2- القاضي إستيفن م. أسكوبل.
3- بروفسير و. ما يكل ريسمان.
4- القاضي عون الخواصنه.
5- بروفسير جيرهارد هافنر.
وعينت الحركة الشعبية رياك مشار نائب رئيس الحركة، و الوزير لوك بيونق دينق، كأعضاء، وقاري بورن، ودوندي مايلز كمراقبين. وعينت حكومة السودان السفير الدرديري محمد أحمد كعضو، وكممثلين للحكومة مراقبين عينت بروفسير جيمس كارفورت، و د. نبيل الرحبي، وبروفسير آلن بيلت، ورودمان وندي، ولوريتا ميلنتوبي.
في اثناء عمل لجنة التحكيم، وقبل صدور قرارها جرت اشتباكات، على اثر تحويل جزء من الوحدات المشتركة المدمجة للمنطقة، مما اثار الذعر ونزح في ديسمبر 2008 م ما قدر بثمانية أو تسعة ألف شخص.
وافق قرار لجنة التحكيم على ما وضعته لجنة الخبراء، من حدود جنوبية، ولكنه عدل الحدود الشمالية، والشرقية، والغربية، بما قلل من مساحة منطقة أبيي. إعادة ترسيم الحدود، وفق قرار لجنة التحكيم، أعطت مناطق غنية بالنفط مثل هجليج للشمال. واعطت حقل بترول واحد على الاقل للجنوب. ولقد قررت لجنة التحكيم، ان مدينة أبيي هي قلب أرض دينكا-نقوك. واصبح معظم المسيرية، حسب الحدود الجديدة، يقعون خارج منطقة أبيي، مما سوف يحرمهم من التصويت في الإستفتاء. وبمجرد صدور القرار اعلنت الحكومة والحركة الشعبية، قبولهما به، وكان هذا الإعلان مصدر راحة لامريكا، والاتحاد الأوربي، والامم المتحدة. ولكن ألف من قبيلة المسيرية إجتمعوا في منطقة ستيب في 5 أكتوبر 2009م، واقسموا على تحدي قرار لجنة التحكيم، بعد رفضه، وقالوا انه افقد المسيرية 56 قرية في منطقة أبيي. ورغم انها قبلت قرار التحكيم، لم تملك الحكومة نفسها، وساندت المسيرية في موقفهم، بل وشجعتهم على عدم قبول قرار التحكيم. واخذت تتحدث باسمهم، وتطالب لهم بالحق في التصويت في الإستفتاء، وهو حق لم يعطه لهم قانون إستفتاء أبيي- سنناقشه لاحقاً- الذي حدد بأن قبيلة دينكا نقوك، والمواطنين الآخريين المقيميين في أبيي، هم الذين يحق لهم التصويت.. ومعلوم ان المسيرية لا يقيمون في المنطقة، بل يتجولون فيها، ووضعهم معروف قبل الإتفاقية، إذ لم يطالبوا بأكثر من حق الرعي، ولم يحرموه في أي مرحلة من التاريخ.. فهل تريد حكومة المؤتمر الوطني ان تزج بهم في حرب ليس لهم مصلحة في خوضها، مادام حقهم في الرعي محفوظ، ولم يقل أحد بحرمانهم منه؟!
د. عمر القراي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.