بلغت جملة الطاقات الانتاجية للغزل التى خرجت من دائرة الانتاج 43.6% من الطاقة الانتاجية المصصمة فى مرحلة الغزل بالسودان، فى وقت تمت فيه تصفية بعض المصانع بقرار من المحكمة واخرى بارادة المالك، الامر الذى قاد مباشرة الى انخفاض الطاقة المتاحة والى التأثير فى حجم رؤوس الاموال المستثمرة فى القطاع، وايضا الى انحسار امكانية تشغيل واستخدام آلاف العمال لما لهذا القطاع من ميزة فى تشغيل العمال، كما بلغت الطاقات الانتاجية فى شركات غزل نسيج الهدى والغزل الرفيع وغزل الحاج عبدالله وغزل النيل للغزل حوالى 57% من الطاقة التى كانت مصممة ومركبة، فى حين أن الطاقة المتاحة تمثل فقط 26% من الطاقة المصصمة، وحوالى 45% من الطاقات المصممة للمصانع، الامر الذى يعنى ان اية خطة للنهوض بهذا القطاع يمكن أن تبدأ فورا بحوالى 16 الف طن للعامين الاول والثانى، ومن ثم يمكن أن تتحرك الطاقات المصممة المركبة والمتوقفة والتى تحتاج الى بعض التأهيل. ومن المصانع المتوقفة حاليا وتحتاج لفترة لا تقل عن العامين لاعادة الحياة فيها، غزل سنار بطاقة تصميمية 2.100 طن، والمنسوجات القطنية 1.740 طنا فى العام، والجزيرة والمناقل 1.500 طن فى العام، وغزل شركة الصداقة 1.800 طن فى العام. ويقول الدكتور عباس على السيد الامين العام لاتحاد الغرف الصناعية، إن قطاع الغزل والنسيج من اكثر القطاعات تشغيلا للعمالة واستيعابا لها، باعتباره احدى الادوات لمراجعة العطالة وتشغيلها ومحاربة الفقر بنسبة تصل الى 12%، مؤكدا اهتمام الدولة فى أعلى مستوياتها بالقطاع، باعتبار انها من اكبر المساهمين فى القطاع بحوالى 3 مليارات دولار، كما عدد محمد يوسف رئيس غرفة صناعة الغزل والنسيج مجالات صناعة النسيج ودور وزارة المالية وآلية النسيج فى إنفاذ مشروعات القطاع. وقال الدكتور بشير عبادى وزير الصناعة الأسبق إن الدولة تسعى الى تحقيق الترابط مع القطاع الزراعى والوصول الى قيمة مضافة تهدف الى تنشيط القطاع الزراعى والمساهمة فى الاستقرار وتخفيف حدة الفقر. وكشفت دراسة اعدها الدكتور الفاتح عباس نائب الامين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية، ان هنالك مشكلات كثيرة اعترضت القطاع متمثلة فى المسألة التاريخية والمعاناة الحقيقية فى القطاع من نوعية الاقطان المستخدمة، «عبر سياسة ما يتاح من الأقطان مهما اختلفت أنواعها وخواصها» مما قاد الى خسارة اقتصادية ومشكلات فنية مركبة اضرت بمسيرة مصانع الغزل فى البلاد، كما أن استمرار رداءة جودة الأقطان لعدة سنوات سابقة قادت الى كثير من الضرر على مستوى كل المصانع «تفاقم مشكلة العسلة» بالاضافة الى مشكلة الطاقة الكهربائية، مع اعتبار ان القطاع من اكثر القطاعات استهلاكا للطاقة الكهربائية، وتتلخص المشكلة فى طريقة التوصيل والمطالبة بمبالغ كثيرة عند التأسيس، واجبارها على شراء متطلبات التوصيل وتحويل ملكيتها للهيئة، ومازالت هذه المعضلة مستمرة ومقننة بعقود إذعان ظلت سارية الى اليوم، الأمر الذى يقود عمليا الى زيادة التكلفة، مشيرا الى ارتفاع اسعار الكهرباء والتغيير المستمر فى التعرفة بزيادة الاسعار عن اسعار الدول المنافسة مع تذبذب التيار وانقطاعه فى حالات متعددة، حول المصانع الى وحدات عمل موسمى بخطابات رسمية من الهيئة. وقال عباس انه على الرغم من تطور انتاج وتوليد الكهرباء بالسودان بعد دخول سد مروى للشبكة القومية، ورغم قرار رئاسة الجمهورية بتخفيض التعرفة للقطاع الانتاجى الصناعى، مازالت المشكلات مستمرة والانقطاع يتواصل، بالاضافة الى عقوبة عدم الاستغلال الامثل، فمازالت التعرفة عالية جدا ومازال امر تحديد التكلفة الحقيقية لانتاج الكهرباء وتسعيرتها غير واضح، فى وقت يتحمل فيه المستهلك التكلفة العالية للعملية الادارية لانتاج وتوزيع الكهرباء، بالاضافة الى ان الاسعار مازالت احتكارية. واشار الى ان اتباع نظام الاجور المطلق الذى لا يرتبط باى شكل كان بالانتاج والانتاجية ايضا من المشكلات، بحيث لا يوجد نظام مؤسس ثابت يربط الاجر بالانتاج، مما يشكل عائقا اساسيا وسلبيا يؤدي الى رداءة الانتاجية، ويؤثر سلبا على العمالة المنتجة والجادة التى تتوق لزيادة دخلها بربط اجرها بالانتاج، مؤكدا وجود نسبة عالية جدا لدوران العمالة التى تصل فى بعض الحالات الى 30%، وعدم استقرار العمالة حتى تلك التى مرت بفترات تدريب وتأهيل، ولكن دون التزام بالاستمرار فى العمل مع صاحبه الذي مول العملية التدريبية، الى جانب اضطرار بعض اصحاب العمل لمقابلة نصيب العامل 8% التى من المفترض ان يدفعها جراء الاشتراك فى صندوق التأمينات الاجتماعية، مما يزيد من تكلفة الانتاج ونسبة تكلفة العمالة التى لا ينبغى ان تزيد عن ال 12% حسب طبيعة العملية الانتاجية فى صناعة النسيج، بالاضافة الى عدم تأسيس أو قيام صناعات مساعدة لكل مراحل صناعة النسيج بالبلاد، رغم قدم وعراقة الصناعة، فكل الادوات والاكسسوارات تستورد من الخارج. وفى مجال النسيج قال الفاتح عباس إن الطاقة المصممة حاليا تفوق ال300 مليون ياردة، والمتاحة فى حدود 50 مليون ياردة، حيث أن معظم المصانع العاملة تعمل فى نسيج غزول مخلوطة مستوردة من الخارج بسبب توقف مصنع غزل نسيج الهدى، مشيرا الى ان من اهم اسباب تردى انتاج النسيج عدم توفر الغزول وصعوبة التمويل والمشكلات المشتركة والمتعلقة بالطاقة والعمالة والإغراق. ومن جانبه يرى البروفيسور عباس يوسف أبو سالمة مهندس الغزل والنسيج أن المعالجة لا تتم بمعزل عما يجرى فى الساحة العالمية فى ظل العولمة. وقال إن المعالجة تتم على محورين أحدهما تكنلوجى والآخر اقتصادى، ففى المحور التكنلوجى لا بد من إجراء التحديث وإعادة التأهيل للسوق المحلى والتصدير، اما النسيج فيحتاج الى احلال تكنلوجيا حديثة، وهذه تكلفة باهظة جدا، حيث يمكن احلاله عبر مراحل اذا اريد للمنسوجات السودانية أن تخترق الأسواق العالمية باقمشة عالية الجودة، اما فى مجال المحور الاقتصادى فيقول إن هنالك عوامل مساعدة، فيجب توفير الايدى العاملة بكافة مستوياتها بإنشاء ورش ومعاهد تدريب والتوسع فى التعليم التقنى اللصيق بالصناعة لصقل الخبرات فى شتى المجالات، والاستفادة من البترول وعائداته فى احداث النهضة التنموية بالبلاد، اما على المستوى العالمي فيجب الاستعانة بشركات عالمية فى مجال صناعة الغزل والنسيج، والاستعانة بموارد البلاد المالية، كما أن العائد من تصدير البترول يمكن تخصيصه بالتركيز على مصانع تصلح للتصدير، وايفاد نخب من المهندسين والتقنيين والعمالة المهرة للتدريب بالخارج على شتى فروع التكنلوجيا، مع إنشاء مركز حديث للتدريب المحلي وآخر لضبط جودة المنتجات، بجانب التوسع فى انتاج الطاقة الكهربائية، وإقامة ورشة لتصنيع قطع الغيار خاصة سريعة الاستهلاك، بالتنسيق مع مصنعى الماكينات المستخدمة بالبلاد.