لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعث حضور السودان في مجال حقوق الإنسان مؤتمر عمان
نشر في الصحافة يوم 12 - 11 - 2012

٭ تتم استضافة المؤتمرات الدولية للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الانسان بالتناوب على أساس اقليمي، وقد كانت الاستضافة لهذه الدورة من نصيب اقليم آسيا والمحيط الهادي الذي أعطى الموافقة للمركز الوطني الأردني لحقوق الانسان لاستضافة المؤتمر الحادي عشر للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان، وذلك لتمتع المركز الوطني الاردني لحقوق الانسان بالمرتبة (أ). وعلى هذا الأساس قام المركز الوطني لحقوق الانسان في الأردن باستضافة المؤتمر الحادي عشر للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان الذي اختار لهذا لعام موضوع (حقوق الانسان للنساء والفتيات تعزيز المساواة على أساس النوع لاجتماعي: دور المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان)، وتحت الرعاية الملكية السامية نظم المركز الوطني الاردني لحقوق الانسان بالتعاون مع مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان المؤتمر في الفترة من 4-7/11/2102م.
بصمات الاردن فندق لارويال:
٭ سارت فعاليات المؤتمر بصورة مكثفة، حيث شملت انعقاد اجتماعات المجموعات الاقليمية، وهى المجموعة الافريقية ومجموعة الامريكتين ومجموعة آسيا والمحيط الهادي ومجموعة اوربا. وحددت لجنة التنسيق الدولية اثنين من المحاور المهمة كاولويات لحوار المجموعات الاقليمية هما:
1/ العنف ضد النساء والفتيات.
2/ تمكين المرأة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق بالمشاركة، باعتبار أن هذين الموضوعين يهمان كل الدول وكل الأقاليم.
وتحاورت المجموعات الإقليمية كل مجموعة على حدة في هذين المحورين، ثم اجتمعت المجموعات المشاركة للاستماع لتجارب وخطط بعضها البعض، وسأعود في مقالٍ آخر مفصل لتجارب المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان التي تمثل الاقاليم الكونية الاربعة في محوري العنف ضد النساء والفتيات، وتمكين المرأة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق بالمشاركة بإذن الله.
وبعد مداولات مكثفة تمت بحرص شديد وهمة عالية، خرج المؤتمر بوثيقة عرفت بإعلان عمان وبرنامج العمل. وقد تبنى المؤتمر الدولي الحادي عشر إعلان وبرنامج عمان، كما تم إرفاق خطط العمل الاقليمية التي انجزتها مجموعات العمل الاقليمية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان بالاعلان وبرنامج العمل، كما تم إرفاق الوثائق الرئيسة التي تضمن حقوق النساء والفتيات.
وخرج إعلان عمان بنتيجة مداولات المجموعات الاقليمية الاربع وبحضور نائبة المفوضية السامية لحقوق الانسان ورئيسة مجلس حقوق الانسان وعضو لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ورئيسة مجموعة عمل الأمم المتحدة بشأن التمييز ضد المرأة في القانونة والممارسات، بالاضافة الى كلمة دولة رئيس وزراء الاردن نيابة عن جلالة الملك عبد الله. وخرج هذا المؤتمر بتأكيد المشاركين على أن حقوق النساء والفتيات هى حقوق الانسان المكفولة بموجب جميع اتفاقيات حقوق الانسان التي تشمل الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما شدد المشاركون على أن حقوق الانسان مترابطة كوحدة لا تتجزأ ويعتمد بعضها على بعض، وان هناك علاقة وثيقة بين مختلف أشكال الانتهاكات لحقوق النساء والفتيات، وبين الفقر والتمييز، وأن هذا ادى الى رفع معدلات التهميش والتمييز والجوع والعنف القائم على النوع الاجتماعي، كما أن النساء يعانين بشكل غير متكافئ من نتائج الحروب والبطالة والعنف والعمالة غير المستقرة، كما تؤثر تلك الخيارات بشكل سلبي في النساء والفتيات من نواحي الصحة والسلامة، حيث تتحمل النساء أعباء ونتائج الاجراءات المتشددة الناتجة عن تقليص ميزانيات الخدمة العامة مثل خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي. وايضاً تمشياً مع التزامات الدول بحماية حقوق الانسان للنساء والفتيات فإن الدولة ملزمة بمحاسبة الشركات عن انتهاكاتها لهذه الحقوق، كما لاحظ المشاركون أن هناك معاناة خاصة من التهميش لمجموعات من النساء كالاقليات أو السكان الاصليين واللاجئات والمهجرات والنازحات والريفيات وشديدات الفقر والسجينات والمعتقلات وذوات الإعاقة وكبيرات السن والارامل والنساء في ظروف النزاعات المسلحة وما بعدها، وضحايا التمييز بسبب إصابتهم بمرض الايدز، وضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، والمدمنات على المخدرات، وضحايا الاتجار بالبشر. وقد قدم المشاركون توصيات عديدة لمعالجة هذه القضايا.
ووافق المؤتمر على برنامج سمي برنامج عمل عمان، أشار فيه الى نقاط أعمال رئيسة طالب المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان بإيلائها أهمية قصوى خلال العقد القادم وهى باختصار:
1/ الدعوة الى إزالة أية قوانين داعمة أو مبنية على التمييز تمنع المرأة من المشاركة في الحياة العامة.
2/ تعزيز الإجراءات ومن ضمنها التثقيف وإزالة الحواجز التقليدية والاجتماعية والثقافية والنمطية التي لا تشجع أو التي تمنع النساء من ممارسة حقوقهن في الانتخابات أو من المشاركة في الحياة العامة.
3/ تقديم الدعم للنساء اللواتي يواجهن معيقات اجتماعية واقتصادية تحول دون مشاركتهن في الحياة العامة والسياسية مثل مشكلات الأمية واللغة والفقر.
4/ التأكد من حسن تمثيل النساء المنتخبات اللائي يتم تعيينهن ضمن الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية للحكومة، والعمل مع الاطراف أو الاحزاب السياسية على تبني اجراءات داعمة للنساء.
كما شملت التوصيات أيضاً إلزام المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان بمراقبة التزام الدول بواجباتها، وتقديم التقارير حول التزامات الدول بحماية واحترام حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بضمان عدم التمييز في تطبيق تلك الحقوق، وإيلاء الاهتمام الخاص لتأكيد تمتع النساء بحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حالات اتخاذ الاجراءات التقشفية، كذلك من التوصيات المهمة التي خرج بها المؤتمر والزم بها المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في مجال العنف ضد النساء والفتيات، تشجيع ومساعدة جمع الأدلة والشواهد ضمن قواعد بيانات (مثل: بيانات، تحقيقات، أبحاث) حول طبيعة ومدى أسباب وتأثيرات جميع أنواع العنف المبني على النوع الاجتماعي وحول الاجراءات الفعالة في الحد من العنف المبني على النوع الاجتماعي ومنعه. ودعم وتبني خطط العمل الوطنية لمعالجة العنف ضد النساء، وتوفير الرصد والتقييم المستقل لها.
ومن أهم الخطوات التي اتخذها المؤتمر موافقته على وجوب قيام لجنة التنسيق بعدة خطوات تجاه حقوق النساء، أهمها تخصيص جلسة حوار حول دور المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في تعزيز وحماية حقوق المرأة ضمن اجتماعاتها السنوية العامة، بجانب توصيات أخرى مهمة، هذا ليس مقام الإفاضة فيها.
هذا بعض ما دار في مؤتمر عمان سواء أكان من المنظمات الاقليمية أو الدولية، والشاهد في هذا المؤتمر هو تأخر حضور السودان في محافل حقوق الانسان، وحتى لا أطلق القول على عواهنة فإن وضع السودان في المؤسسات الدولية والاقليمية كالآتي:
1/ الشبكة الإفريقية: تضم هذه الشبكة اربعين دولة افريقية منها تشاد وسيراليون وحتى دولة جنوب السودان أحدث دولة في افريقيا، لكننا للآن لم نحظ بعضويتها، مما يعني تأخرنا عن المساهمة في رسم خطط وبرامج حقوق الانسان على مستوى القارة، وحرماننا من التدريب والتأهيل والوصول بكوادرنا العاملة في مجال حقوق الانسان الى المرتبة (أ) أو (ب)، وما يعني أيضاً جهلنا التام بما يدور في المفوضيات الوطنية الافريقية. وبعد إنشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان في السودان في يناير 2102م حضرت رئيسة المفوضية وبعض أعضاء المفوضية اجتماعاً بانجول الحادي والخمسين، ثم تقدمت بطلب للانضمام للشبكة الافريقية لايزال قيد النظر، وقد تابعنا الاجراءات مع الاخوة الافارقة في عمان عملية الاجراءات، وقد شارفت على نهايتها لنبدأ انضمامنا للشبكة الافريقية للمنظمات الوطنية ربما مطلع 3102م، بعد دفع رسوم الاشتراك، وهذا شيء مؤلم ومؤسف أن ننال عضوية الشبكة الافريقية في 3102م، حيث بدأت منذ 6991م، وهو مؤلم ومؤسف لأن بعض الدول الافريقية حائزة على المرتبة (أ) و(ب)، وهى وحدها التي يحق لها أن تكون في المكتب التنفيذي للشبكة، ونحن نركض لننال فقط شرف العضوية بوصفنا مشاركين وربما مراقبين.
2/ الشبكة العربية للمنظمات الوطنية: استضافت دولة قطر الاجتماع الثامن للمنظمات العربية لحقوق الانسان لأنها حائزة على المرتبة (أ)، وقد استضافت نواكشط المؤتمر السابع، وهناك تم اقتراح إنشاء الشبكة العربية للمنظمات العربية، وتم في المؤتمر الثامن في الدوحة اختيار الدوحة مقراً دائماً للشبكة العربية، وتمت اجازة النظام الاساسي للشبكة، وكما هو متعارف عليه فإن الدول الحائزة على المرتبة (أ) أو (ب) هى التي شكلت المكتب التنفيذي، وكما هو متوقع فإن تأخر السودان في إنشاء المفوضية جعلنا نحظى فقط بعضوية مراقبين لحين اكتمال إجراءات انضمامنا ودفع رسومنا.
إنه لشيء مؤلم جداً رغم مساهمات السودانيين الفنية والعلمية والاكاديمية والفكرية في محيطه العربي والافريقي، شيء مؤلم حقاً ان يتأخر في المجال الانساني مجال حقوق الانسان الذي اصبح ينال المرتبة الثالثة من الاهتمام بعد الاهتمام بالسلاح ونزعه والاتجار فيه والمخدرات.
لكن دعونا نسلم جدلاً بأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، ونتساءل هل بعد أن تم إنشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان متأخرة رغم النص عليها في دستور 5002م واجازة قانونها 9002م وانشائها بمرسوم جمهوري 2102م هل يمكنها ان تلحق لتلعب دوراً ريادياً يليق بالسودان والسودانيين ومساهماتهم الراقية في كافة مجالات المعرفة إقليمياً وعالمياً؟! وكذلك هل يمكن للمفوضية القومية لحقوق الانسان ان تكون رأس رمح في بناء الدولة والأمة بعد انفصال جنوب السودان؟ وما هي التحديات التي ستواجه المفوضية وتحول بينها وبين أن يكون لها القدح المعلى في إصلاح الواقع الانساني على صعيد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وعلى صعيد تحقيق العدالة الاجتماعية، وعلى صعيد تأسيس أركان الحُكم الراشد، الى آخر ما خوله لها القانون لتقوم به من جسر بين الحكومة ومؤسساتها وبين المجتمع في مراقبة ورصد وتعزيز وثيقة الحقوق الواردة في الدستور، وما خوله ايضاً القانون لها في أن تكون جسراً بين المجتمع الدولي والحكومة ومنظمات المجتمع المدني، وما هى التحديات التي تواجه المفوضية القومية لحقوق الإنسان؟
أولاً: لقد توفرت الإرادة السياسية للقيادة العليا في البلاد بإنشاء المفوضية طبقاً لقانونها المجاز منذ 9002م والمطابق لمبادئ باريس، لكن هل الجهاز التنفيذي المناط به تمكين المفوضية يملك الرغبة والهمة والايمان العميق بدور المفوضية في سد الفجوة الزمانية والمعرفية التي اقعدت السودان عن اللحاق بافريقيا والعالم العربي؟!
- ثانياً: هل يعقل عملياً أن يكون أعضاء المفوضية غير متفرغين عدا عضوين هما الرئيس ونائبه، ونحن نواجه تحدياً كبيراً في كيفية تأسيس المفوضية، وتحدياً اكبر في مجال مراقبة ورصد حقوق الانسان في بلد يعيش نزاعات مسلحة، وفي بلد مترامي الاطراف.
ثالثاً: هل يمكن لأى مسؤول مهما كانت عدم مبالاته أن يتصور أن يتمكن المفوض المسؤول عن الرصد والانتهاكات أو المفوض المسؤول عن تلقي الشكاوي أو المفوض المسؤول عن مفوضيات الولايات أو المسؤول عن التوثيق أو الاعلام أو المرأة والاسرة أو الطفل، هل يمكن تصور أن يتمكن هؤلاء من أداء مهامهم وهم لا يملكون مكاتب أو حتى تربيزة أو سكرتارية؟ هل يتوقع المسؤول أو المسؤولون عملاً ملموساً يُحسن من واقع حقوق الانسان أو يرتقي بالسودان الى قيادة وريادة العمل محلياً وإقليمياً؟ أقول هذا رغم إيجار مقر للمفوضية في شارع «33» لكنه غير كافٍ، ويغطي فقط العمل الاداري للرئيس ونائبه، أما المفوضون غير المتفرغين فهم لا يملكون إلا الحضور للاجتماع الشهري أو الوجود كما الزوار.
إن المفوضين يتطلعون الى أداء مهامهم لكي يتمكن السودان من النهوض بواجبه الانساني، ولا يتأتي ذلك إلا بإصلاح القوانين التي لا تتلاءم مع وثيقة الحقوق. وايضاً لا بد للمفوضية من تقديم تقارير واقعية عن حالة حقوق الانسان في اجتماعات جنيف الدولية واجتماعات بانجول الافريقية واجتماعات الدوحة العربية، تقارير نقر فيها بحاجتنا لمعالجة اوضاع النازحين واللاجئين والاطفال، والمعاناة من مسألة الاتجار بالبشر، حيث اصبحت بلادنا مأوى وممراً لهذا النشاط، ونقر بحاجتنا الى إصلاح التشريعات في مجال حرية الرأى وقانون الأمن وقانون المحكمة الدستورية وقوانين السجون وسد الفجوة بين بعض القوانين وتطبيقاتها. إن الاعتراف بهذه الحقائق هو الذي يبعد عنا المراقبين الخاصين، وهو الذي يُسهل علينا الحصول على الدعم من الجهات المانحة بما فيها الأمم المتحدة من أجل التدريب ورفع القدرات والمساهمة في ملاءمة التشريعات بخبراء من داخل السودان وخارجه، وهذا لا يساعدنا فقط في إصلاح تشريعاتنا، بل يمكننا من الإبداع في مجال التشريعات لنساهم مع العالم في تبادل الخبرات، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد تقدم الاخوة في الاردن كثيراً في مجال التشريعات الخاصة بالقانون الجنائي، كما أصبحت للمغرب تجربة عالمية في مجال المصالحات والعدالة الانتقالية، وهكذا اصبح العالم يتبادل الخبرات والمعرفة بأريحية وشفافية نابعة من الثقة في النفس والايمان بالقدرات. ونحن السودانيين ايضاً نملك الثقة في النفس، ونؤمن بقدراتنا، فلماذا لا نساهم في إثراء المجال الانساني العريض. لقد بذلت الحكومة القطرية المال والثقة للمفوضية القطرية لحقوق الانسان، فجازت على المرتبة (أ)، وتمكنت من خلال هذه الثقة من الابداع في مجال (التأصيل) إن جاز لي التعبير لوثيقة الحقوق العالمية، وإرجاع أى بند فيها إلى آية من كتاب الله الكريم أو حديث شريف.
والسودان يضم أحد أهم وارقى المجتمعات البشرية في التعامل الانساني (قلت المجتمعات ولم أقل الحكومات)، وهذه الشهادة أتت من بعض مجتمعات دول أوربا بعد أن راقبت هذه المجتمعات الجاليات الافريقية والعربية والآسيوية والكاريبية التي استوطنت في اوروبا منذ خمسينيات القرن الماضي، فوجدوا في السودانيين شمائل قلما تجتمع في غيرهم، وقد قال احد السويسريين لأحد الاخوان (لقد اخذتم انبل ما عند العرب وأفضل ما عند الافارقة). وهذا الاحساس بانسانية المجتمع السوداني (ولم أقل إنسانية حكوماته)، هو الذي جعل لجنة كارتر وايضاً سفيرة بريطانيا السابعة د. روز ليندا الآن هى مندوبة الاتحاد الاوروبي يرون في السودان مجتمعاً إنسانياً يجب ألا يذهب به الضغط الدولي الى الانهيار.. أقول قولي هذا ليس من باب التمجيد للمجتمع السوداني ولا الانبهار به، وهو يستحق، أى المجتمع السوداني، أكثر من التمجيد والانبهار، لكني أقوله من باب الحنق والغضب على الذين لم يدركوا حتى اللحظة عواقب استهتارهم بوظيفة مؤسسات الدولة العدلية والتشريعية والخدمية، خاصة المفوضية القومية لحقوق الانسان التي تمثل بارقة أمل في الإصلاح الناعم الواثق الهادي للانتقال الى مجتمع العدالة الاجتماعية الذي يرتقي بالبلاد الى دولة القانون الذي يكرس بدوره الى الاحساس بالمواطنة الذي يؤدي بدوره الى الطمأنينة العامة، ومن ثم الى ابداع وازدهار المجتمع ليأخذ فرصته في قيادة محيطه الاقليمي.
تمت دعوة المفوضية القومية لحقوق الانسان لحضور المؤتمر الحادي عشر للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان حقوق الإنسان للنساء والفتيات دور المؤسسات الوطنية، وحصلنا على إذن سفر لشخصي الضعيف بصفتي مسؤولة من لجنة الاسرة والمرأة، والسيدة رئيس المفوضية، ورغم حصولنا على أذن السفر لكننا لم نحصل على معينات الإعاشة والسكن، لكننا سافرنا، لأن موضوع المؤتمر مهم للغاية، ولأن مؤتمر لجان التنسيق لا يتم إلا كل سنتين، ولأننا نريد أن نتابع مع الشبكة الأفريقية والشبكة العربية موضوع عضوية المفوضية، وقد نجحنا في ذلك. وقد سافرت أيضاً من قبل الأخت عائشة صبيرة مسؤولة لجنة الطفل الى لندن لحضور مؤتمر يخص حقوق الطفل بدون معينات أيضاً، ونحن نتواصل مع أقاليم السودان المختلفة بلا معينات، وهذا ليس رجاءً ولا استرحاماً، لكن لماذا لا تكون ميزانية مفوضية حقوق الانسان من الاولويات لتأخر السودان في هذا المجال؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.