القوة المشتركة تكشف عن مشاركة مرتزقة من عدة دول في هجوم الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. حسناء أثيوبية تشعل حفل غنائي بأحد النوادي الليلية بفواصل من الرقص و"الزغاريد" السودانية    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الثامن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان
نشر في الصحافة يوم 21 - 05 - 2012

تلقت المفوضية القومية لحقوق الانسان دعوة كريمة من اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في قطر لحضور المؤتمر الثامن للمؤسسات الوطنية العربي حول ثقافة حقوق الإنسان في ظل المستجدات الراهنة في الفترة 15 16 مايو 2012م، حيث مثل السيد جوزيف سليمان خليل نائب رئيس المفوضية القومية وشخصي الضعيف المفوضية في المؤتمر الذي بدأ صباح الثلاثاء 2012/5/15م، بكلمة المفوض السامي لحقوق الانسان الامم المتحدة، كلمة سعادة السيد موسى بريزات رئيس لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في موريتانيا «لأن نواكشوط استضافت المؤتمر السابع للمؤسسات العربية لحقوق الانسان».. وكلمة سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر.. وبعد ذلك بدأت جلسات اوراق العمل، حيث ترأس السيد جوزيف سليمان الجلسة الاولى التي قدمت فيها ورقتان، الاولى حول برامج وتجارب المفوضية السامية لحقوق الانسان في مجال التثقيق على حقوق الإنسان في الوطن العربي التي قدمها السيد فريد حمدان من مركز الامم المتحدة للتدريب والتوثيق.. اما الورقة الثانية فكانت حول الخطة العربية للتربية على مبادئ حقوق الإنسان للفترة من 2009 2014م بين الواقع والمؤمل، قدمتها السيدة لبنى ممدوح عزام دبلوماسي من مكتب حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية.
أما الجلسة الثانية فترأسها الدكتور جعفر طاهر حكمت رئيس المركز الوطني لحقوق الانسان بالاردن، حيث قدمت في هذه الجلسة ثلاث اوراق عمل.. الورقة الاولى حول سبل تغيير الأنماط التقليدية الضيقة لمسألة المساواة بين الجنسين أي دور للمؤسسات الوطنية، قدمها السيد محمد بن جديري المندوب الجمهوري للجنة الوطنية لحقوق الإنسان وعضو سابق في مجلس الجزائر، أما الورقة الثانية فكانت حول التربية على المواطنة الحقوق والواجبات قدمها السيد أحمد حرب المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فلسطين، والورقة الثالثة حول عمل دعائم سيادة القانون ودور منظمات المجتمع المدني قدمها سعادة الدكتور محمد فايق نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.
وبعد ذلك انقسم المؤتمرون إلى ورشتي عمل ترأس الورشة الأولى الدكتور محمد إبراهيم العلاقي رئيس المجلس الوطني للحرية العامة وحقوق الانسان بليبيا، وكانت بعنوان دور المؤسسات الوطنية في التعامل مع إشكالات الهجرة السرية ابتدرها السيد محمد الصبار أمين عام المجلس الوطني لحقوق الانسان بالمغرب، أما الورشة الثانية فكانت حول حقوق العمال في ظل سياسات الشغل الدولية ابتدرها السيد عاطف عبد السلام المجالي رئيس وحدة المتابعة وإنهاء حالات التجاور بالمركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن، وترأسها السيد أحمد عبدالله فرحان ثاني أمين عام اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في البحرين في يوم الاربعاء 2012/5/16م، وتم تقديم نتائج ورش العمل واعتماد التوصيات.
وفي ختام المؤتمر عُقدت جلسة خاصة بأعضاء الوفود العربية سُميت بالجمعية العامة للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان تم فيها اعتماد النظام الأساسي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.. وهذه كانت أبرز الفعاليات الاساسية للمؤتمر.
أما أبرز الملاحظات فكانت كالآتي:
٭ عكس المؤتمر أهمية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بالنسبة للمنطقة العربية خاصة في ظل «المستجدات الراهنة»، حيث تواجه هذه المؤسسات تحديات مشتركة في ميدان تعزيز دولة القانون والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الانسان..
٭ توجد الآن في المنطقة العربية اثنتي عشرة مؤسسة وطنية لحقوق الانسان تختلف مسمياتها، حيث يطلق على بعضها اسم لجان وأخرى مجالس او مفوضيات او دواوين مظالم. وكما قال الدكتور علي المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان القطرية «رغم اختلاف مسمياتها إلا أنها تنتمي جميعها لأسرة واحدة تسمى المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان، وتهدف جميعها إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتمارس اختصاصات متشابهة، مع العلم بأن على هذه المؤسسات الوطنية الالتزام الصارم بمبادئ باريس المعتمدة من الجمعية العامة للامم المتحدة رسمياً 1993م، كونها المرجعية القانونية التي يجب النظر اليها اثناء وضع قوانين إنشاء المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان لضمان استقلاليتها، كذلك عليها أن تضع في الاعتبار قرار لجنة حقوق الإنسان بالامم المتحدة لسنة 1994م، بتبني إنشاء اللجنة الدولية للتنسيق بين المؤسسات الوطنية التي «تعتمد» المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من خلال «لجنة الاعتماد» التي تترأسها قطر في هذه الدورة.
٭ عقدت المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان عدة مؤتمرات سنوية حيث اثمرت هذه المؤتمرات فكرة انشاء الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية، وتم اتخاذ القرار في المؤتمر السابع بنواكشوط ابريل 2011م، وعقد اول اجتماع لجمعيته العمومية بالدوحة مايو 2012م، حيث أُجيز النظام الاساسي للشبكة، حيث وضع المؤتمرون الآمال العراض على الشبكة العربية الوليدة في دعم المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في التأهيل والتدريب وتبادل الافكار والتنسيق.
٭ انعقاد المؤتمر الثامن للمؤسسات العربية بالدوحة تحت عنوان «حول ثقافة حقوق الإنسان في ظل المستجدات الراهنة» يعني أن نشر ثقافة حقوق الانسان في المنطقة بات أمراً ضرورياً لاستمرار القيم الانسانية في هذه المجتمعات، وبات اكثر ضرورة في ظل المستجدات الراهنة، حيث يعتبر نشر ثقافة حقوق الانسان امتداداً للربيع العربي وداعما لاستمرار الثورة الناعمة، ودافعاً مهماً للتغيير الذي تنشده هذه المجتمعات حتى لا تنحرف ثوراتها عن قيمها ومبادئها المنشودة.
٭ قامت اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان بتنظيم هادف ومفيد لموضوعات المؤتمر الثامن للمؤسسات العربية، وتمثل ذلك في تقديم ورقة برامج وتجارب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مجال التثقيف على حقوق الإنسان في الوطن العربي، حيث تعتبر الورقة بمثابة خريطة طريق للمنظمات الوطنية لنشر ثقافة حقوق الانسان في بلدانها.. حيث عرفت الورقة التثقيف في مجال حقوق الانسان بأنه «أي جهد للتعليم والتعلم والتدريب والإعلام يرمي إلى إرساء ثقافة عالمية في مجال حقوق الانسان، ويشمل المهارات والمعارف وتعلم ما يتعلق بحقوق الانسان وآلياتها، فضلاً عن اكتساب المهارات لتطبيقها بصورة عملية، كذلك تنمية القيم وتعزيز المواقف والسلوكيات الداعمة لحقوق الإنسان واتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها.
كما استعرضت الورقة جهود المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مجال التثقيف على حقوق الإنسان في المنطقة العربية، من بينها جهود قسم حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة في السودان، حيث اشارت الورقة إلى أن القسم نظم العديد من البرامج التدريبية لتعزيز القضاء في إقليم دارفور. وأصدر العديد من المطبوعات والمواد التدريبية الخاصة بالمكلفين بانفاذ القانون، وذلك ضمن ما عرف بالمشروع السويسري وتنظيم العديد من ورش العمل الوطنية حول القضاء على العنف ضد المرأة في دارفور.
كذلك كانت الورقة التي قدمتها الأستاذة لبنى ممدوح حول خطة الجامعة العربية للتربية على مبادئ حقوق الانسان للفترة 2009 2014م، متسقة مع ورقة المفوضية السامية لحقوق الانسان، حيث ارتكزت خطة الجامعة العربية على المبادئ التوجيهية التي وضعتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان 1995 2004م، والتي جاءت استجابة لعدة قرارات صدرت عن الجمعية العامة للأمم المحدة لوجنة حقوق الإنسان، والاشارة الى البرنامج العالمي للتثقيف في مجال حقوق الانسان الذي اطلق في يناير 2005م، بالتشاور مع منظمة اليونسكو الذي يتألف من عدة مراحل احدثها مشروع خطة عمل للمرحلة الثانية 2010 2014م. ومن هذا المنطق هدفت الخطة العربية للتربية على حقوق الانسان 2009 2014م الى تحقيق اربعة اهداف رئيسية.
/1 إدماج حقوق الإنسان في المنظومة التربوية في مختلف المراحل التعليمية.
/2 تأهيل الكوادر البشرية وتدريبها في مجال التربية على حقوق الإنسان.
/3 تهيئة البيئة التعليمية للتربية على حقوق الإنسان.
/4 توسيع المشاركة المجتمعية في نشر ثقافة حقوق الانسان. وبناءً عليه تضمنت الخطة العربية متطلبات محددة لتنفيذها تلخصت في التشريعات والهياكل والعنصر البشري والمالي. كما حددت الجهات المعنية بتنفيذها التي تم حصرها في جميع القطاعات الحكومية «التربية والتعليم العالي، حقوق الإنسان، العدل، الاعلام، العمل والشؤون الاجتماعية، التنمية الاجتماعية ومجالس الطفولة» ومؤسسات المجتمع المدني. ودون أدنى شك فإن الجزء الرئيسي فيها هو ما يتعلق بالتربية على حقوق الإنسان في المجال التعليمي، وتم تحديد ثلاثة مجالات له، مجال المناهج الدراسية ومجال البيئة التربوية ومجال التدريب.. وبما أن الورقة حملت عنوان «بين الواقع والمأمول» فإنها لم تنس الواقع المأزوم في التعليم في الوطن العربي، ومن أبرز تحدياته عدم تحديد سياسة تعليم واعية في اطار ديمقراطي يواكب متطلبات العصر والتفجر المعرفي وثورة الاتصالات التقنية.. وأشارت التقارير الدولية والاقليمية إلى أن مستوى التعليم في العالم العربي متواضع مقارنة بمناطق اخرى في العالم، ويحتاج الى اصلاحات عاجلة لمواجهة مشكلة البطالة وغيرها من التحديات الاقتصادية.
أما الاشكالية الأكبر والأهم فهي تتعلق بمفهوم حقوق الإنسان ناهيك عن ادراج هذا المفهوم في المناهج الدراسية، ولم تصل بعض الدول العربية الى مستوى القناعة بأهمية وضرورة التربية على حقوق الإنسان والتسامح وعدم التمييز.
أيضاً لم يتطور الخطاب الرسمي العربي الى خطاب حقوقي مبدئي، وبقي في حدود الازدواجية والتناقض بين ما يقال وما يُشّرع من جهة، وبين التطبيق الفعلي المناهض لثقافة حقوق الانسان ومرجعياتها العالمية من جهة ثانية، وعليه تظل الخطة العربية للتربية على حقوق الإنسان في قالبها النظري، ويظل السؤال كيف نقارب؟ والسؤال الأكبر ما هو دور المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان التي أنشأتها ما يقارب من نصف الدول العربية التي نسبة كبيرة منها لا تفي بمبادئ باريس وقرار الجمعية العامة الصادر في شهر ديسمبر 1993م.
وفي الختام أشارت الورقة إلى أن المسؤولية الرئيسة عن تنفيذ الخطة العربية للتربية على حقوق الانسان تقع على كاهل الدولة، والخطة لا يمكن ترجمتها الى واقع الا من خلال اجراءات وتدابير تتخذ على الصعيد الوطني. وخلصت الورقة الى ان المطلوب اجراء دراسات مسحية تشخيصية لمحتوى حقوق الإنسان في المناهج الدراسية في الدول العربية بمختلف مراحلها «الابتدائي الاعدادي الثانوي الجامعي».
٭ جاءت كلمة الدكتور موسى بريزات مُكملة لورقتي المفوضية السامية لحقوق الانسان وورقة الجامعة العربية، مما يجعلنا نكرر التهنئة والإشادة باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر لتمكنها من وضع برنامج المؤتمر بكافة عناوينه في سياق منطقي متسق.
فكلمة السيد موسى بريزات المفوض العام لحقوق الإنسان في الأردن رئيس لجنة التنسيق الدولية، ألقت الضوء على أهمية نشر ثقافة حقوق الانسان وحاجة المنطقة العربية الى ذلك في الوقت الراهن، ودور المؤسسات الوطنية في ذلك. والدكتور موسى بريزات بما له من خبرة طويلة وضع حقوق الانسان في مكانتها اليوم بالنسبة للعالم قائلاً: «حقوق الانسان هي المكون الثالث لمصفوفة العلاقات الدولية، الى جانب الامن والسلم ونزع السلاح من جهة والتنمية المستدامة من جهة اخرى. وان احترامها والالتزام بمبادئها يعتبر من اهم المعايير او المؤشرات على مدى توفر عنصري الشرعية السياسية والعدالة الاجتماعية في اي نظام حكم كان... كما أنها أحد المحاور الرئيسة لحوار الثقافات وتحالف الحضارات.. ولا توجد أية ديانة سماوية او فلسفة انسانية او حضارة بشرية ازدهرت وخلّفت موروثاً دون ان تضمن في جوهرها أبرز القيم والمبادئ التي تتكون منها منظومة حقوق الانسان المعاصرة. واستطيع التأكيد انه لا يمكن ان تنهار اية حضارة او تتلاشى وتندثر اية كينونة سياسية تعتبر الاعلاء من شأن حقوق الانسان واحترامها واشاعة ثقافتها بين مواطنيها من بين اهدافها الاساسية».
وبعد ذلك طرح الدكتور موسى سؤالاً واقعياً عن انتهاكات حقوق الانسان التي عرّفها بالآتي: «إن تطبيق مبادئ حقوق الانسان هو ما تحتاج اليه الاسرة الدولية اليوم مثلها مثل كل المجتمعات والجماعات والمجموعات التي تتعرض لمختلف انواع الانتهاكات لحقوقها وحرياتها الاساسية سواء اكانت من صنف الأقليات التي ترى ثقافتها او حتى هويتها مهددة بسبب هيمنة أغلبية مسيطرة او جراء نشاط الشركات غير الوطنية .. او تحرم من مصدر عيشها او حقها في بيئة سليمة او في ملكية اراضيها بسبب برامج التطوير والتنمية الوطنية والاقتصادية والتحديث.. أو كانت من إحدى الجماعات من الشعوب الأصلية من بين شعوب المعمورة العديدة، او تلك التي تخضع للاحتلال الاجنبي، أو كانت من صنف الفئات المهمشة او الاكثر عرضة للانتهاكات في مجتمعاتنا الوطنية كالمرأة والاطفال وذوي الاعاقة والمسنين او العمال واللاجئين .. ولا تقتصر الانتهاكات لحقوق الإنسان على تلك الفئات، بل هناك المحرومون من حقوقهم وحرياتهم الأساسية في التعبير والاجتماع السلمي وحقوقهم في تكوين الأحزاب والجمعيات ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة او الإهانة او العقاب القاسي والحاط من الكرامة.. وتحدث هذه الانتهاكات بأشكال مختلفة وفي مواقع كثيرة على وجه المعمورة ومن قبل بعض الدول، وربما ذات الدول التي شاركت في وضع المعايير والصكوك والمواثيق الدولية التي تجرم مثل هذه المارسات.. ويتساءل د. موسى بريزات لماذا تعجز الدول «المتقدمة منها والنامية على حد سواء» عن الالتزام بشكل مرضٍ بالمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان؟! يجيب د. موسى قائلاً: «إن كلمة السر في اغلب الاحوال هي «السياسة» سواء ما كان منها على صعيد العلاقات بين الدول او ما كان بين الجماعات ومراكز القوى داخل الدولة.. لكن هذه الدول اقدمت على شيء ربما كان من اهم ما ابتدعته المنظومة الاممية وهو القرار 134/48 بتاريخ 1993/12/20م، الذي اقر مبدأ تشكل المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان ووضع لها الاسس والمبادئ التي تحكم تشكيلها وطريقة عملها وعلاقتها بالدولة الام وبالمؤسسات الدولية والاقليمية والوطنية الحكومية وغير الحكومية».. لذلك يرى د. بريزات ان المؤسسات الوطنية اذا استوفت المعايير فإن ذلك يمكنها من امرين، هما الاعتراف العالمي وخاصة من قبل لجنة التنسيق الدولية. والامر الثاني الإقرار الرسمي من سلطة الدولة ومؤسساتها وأجهزتها بصلاحياتها الكاملة ما يمكنها من متابعة جميع أشكال الانتهاكات لحقوق الانسان والتعامل معها من منطلق جميع اشكال الانتهاكات لحقوق الانسان والتعامل معها من منطلق الاستقلالية التامة، وبموجب آليات العمل المنصوص عليها في قواعد باريس.. لذلك يجب الأخذ بيد هذه المؤسسات الناشئة دون المساس او التهاون او التساهل في جوهر معايير الاعتماد الموضوعية.. مؤكداً «إذا كانت المجتمعات في اية بقعة على هذه المعمورة بحاجة دائمة لهذه اللجان الحقوقية فإن المجتمعات العربية هي أحوج ما تكون اليها اليوم.. فالربيع العربي أتى كرد فعل على حالة الاحباط وانسداد الافق السياسي، وفي ذات الوقت أتى الربيع مصاحباً لصحوة الفرد العربي بحيث اصبح مواطناً له حقوق يريدها ولا بد ان يحصل عليها ويمارسها مثلما أن عليه واجبات لا بد ايضا ان يتحملها وينفذها ويقوم بها. ومفتاح ذلك بالنسبة للمواطن هو قيم الحرية والمساواة والعدالة.
٭ بالنسبة للسودان فقد تم إنشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان بقانون مطابق لمعايير باريس، وقد بدأت نشاطها بتلاقح الأفكار مع المفوضيات النظيرة في العالم بحضورها لاجتماعات جنيف في مارس الماضي وفي افريقيا بلقاء بانجول في أبريل المنصرم، وفي الدوحة في مايو الجاري. والمفوضية القومية لحقوق الإنسان الآن في طور التكوين، وقد وقفت على الأوضاع في دارفور بزيارة شملت كافة الولايات والأوضاع في جنوب كردفان.. وتحتاج المفوضية إلى مبادرين من الأكاديميين والقانونيين وعلماء الاجتماع والدبلوماسيين والتربويين والعسكريين وكافة النشطاء، لدمج كافة الجهود الوطنية الانسانية من اجل تعزيز كرامة الفرد والمجتمع.
إن أهمية المؤسسات الوطنية تكمن في كونها حلقة وصل بين الحكومات من جهة ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع من جهة أخرى، وفي مراقبتها وحمايتها لحقوق الإنسان والحد من انتهاكات حقوق الانسان، سواء عن طريق مراقبة التشريعات والقوانين التي تؤدي للانتهاكات أو كتابة التقارير ولفت النظر إلى كافة الممارسات المجتمعية والرسمية التي لا تتطابق مع وثيقة الحقوق. وأبعد من ذلك السعي الدؤوب لتوطين معايير وقيم ومبادئ حقوق الإنسان وإعادة اكتشافها ونشر الوعي بشأنها في مجتمعنا، وهذا ما جعل المؤتمر الثامن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حول ثقافة حقوق الإنسان في ظل المستجدات الراهنة، يأخذ بعداً إنسانياً اجتماعياً رسمياً بالغ الأهمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.