حسب الإفادات الحكومية والحزبية ان هناك مؤامرة، ولكن الافادات متضاربة ومتناقضة.. قال السيد احمد بلال وزير الاعلام والناطق الرسمى باسم الحكومة فى مؤتمره الصحفى الذى اعلن من خلاله معلومات مقتضبة عما سمي بالمؤامرة التخريبية، ان السلطات اعتقلت عدداً من المشتبه بهم اعلن من بينهم «13» ما بين مدنى وعسكرى، وان ساعة الصفر كان محدداً لها الخميس قبل الماضى، ولكنها أجلت ليوم الخميس الماضى «23/11»، وبحسب هذه الافادات فنحن امام عمل مكتمل تحددت له ساعة الصفر والاهداف المطلوبة والعناصر المنفذة، ولكن غابت او ربما غيبت عنا بالطبع الاسماء المستهدفة بالاغتيال، والقوات التى ستشارك فى هذه العملية، وماذا سيحدث بعد اتمام عملية الاغتيالات، فحسب الأسماء التى أعلنت فهذه العناصر هى من نخبة النظام وهى شخصيات محترفة لا يمكن ان تقوم بحملة اغتيالات وكفى، ولا يمكن ان يكون هدفها تغيير النظام بالقوة العسكرية، فهى على يقين من ان الانقلاب فى حالة نجاحه في الاطاحة بنظام الانقاذ لن يجد القبول من المعارضة، وما من شك فى انه ليس السبيل الى اصلاح حال الحزب الحاكم ، كما ان المراقب للاوضاع يجد صعوبة فى تصديق ان هذه المجموعة المتهمة تريد الاستيلاء على السلطة للاحتفاظ بها، وكل الاطراف تعى نظرية «البردعة والحمار»!! الا ان الامر يبدو مختلفاً لدى السيد قطبى المهدى القيادى بالمؤتمر الوطنى، فقد اكد فى نفس اليوم بعد اجتماع المكتب القيادى للمؤتمر الوطنى ان المحاولة كانت فى بداياتها وانها لم تتعد الاتصالات الاولية لمن دبروا لها، واكد ان المكتب القيادى اطمأن فى وجود الرئيس الى ان المحاولة محدودة، من جانب آخر قال السيد قطبى ان المتهم الابرز فى المحاولة التخريبية صلاح قوش لا علاقة له بحزب المؤتمر الوطنى! وان الفريق صلاح قوش الذي تم اعتقاله فى اطار المحاولة قد تم ابعاده ولا علاقة له بالحزب، ومن جهة اخرى رفع السيد رئيس المجلس الوطنى الحصانة عن العضو صلاح قوش نائب الدائرة «5» عقب طلب تقدمت به السلطات الامنية نسبة لمشاركته فى المحاولة، وقال رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان الفاضل الحاج سليمان إن رئيس المجلس اتخذ قراراً فورياً برفع الحصانة عن النائب صلاح قوش إعمالاً لنص المادة «92» من الدستور الانتقالى لسنة 2005 والمادة «27/1» من لائحة تنظيم اعمال المجلس الوطنى، وذلك بعدما دفعت السلطات بطلب اوضحت فيه ضلوع عضو البرلمان في المحاولة الفاشلة التى تخالف القوانين الدولية والوطنية، وهى المرة الوحيدة التى تم الحديث فيها عن محاولة انقلابية او تخريبية من خلال طلب السلطات الامنية، وحيث ان المادة 92 «1» من الدستور تقرأ «لا يجوز، في غير حالات التلبس، اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو الهيئة التشريعية القومية، ولا يجوز اتخاذ أية تدابير ضبط بحقه أو بحق ممتلكاته دون إذنِ من رئيس المجلس المعني»، وهكذا نجد ان المجلس تعجل فى تصديق امر التلبس ولم يتحرعنه ونفذ ما طلبته السلطات الامنية، كما ان رفع الحصانة عن العضو من صلاحيات المجلس الوطنى وليس للرئيس ان ينوب عن المجلس وهو فى حالة انعقاد كما هو الحال الآن، اضافة الى ان لائحة تنظيم اعمال المجلس الوطنى تنص فى المادة 26 - «2» على أنه يجوز للمجلس المعني، في حالة اتهام العضو أو الممثل بجريمة خطيرة، أن يرفع الاستئذان بموجب المادة 92 «1» من الدستور باتخاذ أية إجراءات جنائية أو تدابير ضبط بحق أي عضو أو بحق ممتلكاته من وزير العدل إلى الرئيس مشفوعاً بصورة من أية شكوى أو بلاغ دعوى أو تحريات وفقاً للقانون. ونصت كذلك على ان رفع الحصانة يتم بتوصية من لجنة التشريع والعدل، كما ورد فى نص المادة 26- «4» «يجوز للمجلس فى حالة اتهام اى عضو بجريمة من الجرائم الخطيرة أن يقرر رفع الحصانة عن ذلك العضو بتوصية من لجنة التشريع والعدل». وعليه فإن ما جرى للعضو البرلمانى صلاح قوش نائب الدائرة «5» مروى فيه تجاوز للدستور الانتقالى لسنة 2005 م، ويتعارض مع لائحة تنظيم اعمال المجلس الوطنى. إن ما يجرى من احداث يمثل انسداداً كاملاً وأزمة داخلية كبيرة للحزب الحاكم، ومن الواضح ان الامور تطورت من مجرد خلاف فى الرأى الى انعدام تام للثقة، ومن تبادل للاتهامات بالتهاون او تجاوز السلطات والسكوت على الفساد، الى اتهام بالتخريب والانقلاب، واستخدام شتى الوسائل بعد ذلك لتصفية الحسابات والتخلص من الخصوم، وإزاء ذلك يبقي المطلوب من الحكومة ان تسارع الى اطلاع الرأى العام على حقيقة ما جرى، وان تقدم المتهمين الى محكمة علنية او تطلق سراحهم دون ابطاء. ولم افهم ما ذهبت اليه المعارضة بنفيها ان تكون ضالعة فى ما سمته السلطات المحاولة التخريبية، والتأكيد على ان طريقها لاسقاط النظام سيكون سلمياً، وتكتمل الحيرة من تصرفات المعارضة بتصريحات السيد الإمام الصادق المهدى ودعوته للرئيس البشير لتشكيل حكومة انتقالية يشترك فيها الجميع «بأوزانهم السياسية والاجتماعية» لوضع خطة عاجلة تنتشل الوطن من الحال الذى وصل اليه، وكان السيد الإمام الصادق المهدى قد دعا الاسبوع الماضى الى العصيان المدنى، وذلك بنزول الجماهير الى الساحات والشوارع، فهذا اضطراب وتناقض فى اداء الحكومة وحزبها الحاكم تجاه التعامل مع ما سمته المحاولة التخريبية، فقد اتهمت بعض الشخصيات الكبيرة، وبعض قيادات الحزب الحاكم نفت عن نفسها التهمة دون أن يتهمها احد، وارتباك للمعارضة إزاء توصيف الحاصل وكيفية التعامل معه، وفشل فى توظيفه لتشديد حملتها ضد النظام.