يعتبر تبني مشروع موازنة العام 2013 م الذي أودعه وزير المالية والاقتصاد الوطني منضدة البرلمان التخلص التدريجي من شهادات شهامة تحديا حقيقيا يختبر جدية الوزارة في إنفاذ أطروحات لا سيما أنها أوضحت انخفاض الاستثمارات الحكومية خلال العام الحالي حيث بلغ الاداء 16.82 مليون جنيه بنسبة أداء 14.1% من إجمالي الربط المقدر ب119 مليون جنيه. واتجاه المالية للتخلص التدريجي من شهادات شهامة وأخواتها ليس بالجديد حيث سبق أن أوصى به المراجع العام في تقارير سابقة لجهة اعتقاده أنها غدت عبئا على وزارة المالية وأنها لم تحقق الأهداف المصممة من أجلها مما حمله على التوصية بإيقافها درءا وتخفيفاً للأعباء التي يمكن أن تتراكم على ظهر الحكومة في المستقبل المنظور، لجهة أن شهادات شهامة بحسب إفادات خبراء أنها لم تسخر في الغرض الأصلي والأساسي والاستراتيجي المتمثل في سد عجز الموازنة في تغطية تمويل مشاريع التنمية واتفق الخبراء على ضرورة إعادة النظر في أمر شهادة شهامة وأخواتها وأضافوا أن الأرباح التي توزع على المساهمين تحوم حولها شكوك فقهية واقتصادية كونها لم تشهد خسارة منذ تأسيسها رغم المصاعب الجمة التي تعترض مسار الاقتصاد الكلي السوداني مما يشير إلى أن الحكومة توزع أرباحاً وهمية على المساهمين حتى تضمن الاكتتاب فيها مجددا مما يرمي أعباء جمة على عاتقها بتحمل توزيع الأرباح. يقول البروفيسور عصام بوب إن شهادات الاستثمار الغرض الأساسي منها تغطية الدين العام وتنشيط حركة الاقتصاد ودورته عبر استثمار الأموال المجموعة منها وشهادات شهامة وشمم وأخواتهما من تلك المنظومة التي لجأت إليها الدولة لذات الغاية بيد أن ثمة خلل صاحب أداءها قاد إلى تراكم الدين على ظهر الدولة مما جعلها تشكل عبئا عليها والاقتصاد الكلي. ويزيد بوب من المفترض تداول واستبدال شهادات شهامة بسوق الخرطوم للأوراق المالية بصورة سهلة، مما ساهم في ذلك تردي قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدل تآكل رؤوس الأموال (التضخم) الأمر الذي يعني أن المشتري للسندات قبل ستة أشهر مثلاً لا تغطي الفائدة من استثمارات مدخراته تآكل قيمتها الأساسية جراء ارتفاع معدل التضخم الذي في تزايد مضطرد ويرى بوب أن أساس معضلة الاستثمار في الأوراق المالية بمختلف أسمائها وصفاتها تدهور قيمة العملة الوطنية وبطء حركة الدورة الاقتصادية التي تلقي بظلال سالبة على قيمة رأس المال المدخر الأمر الذي يمثل عبئا وخطرا ماليا على المستثمر والدولة على حد سواء وهذا ما يفسر توصية المراجع العام في تقريره بالكف عن الاستمرار في شهادات شهامة، ليطل تساؤل مشروع عن البديل لها لتغطية عجز الموازنة ويواصل بوب للهروب من مشكلات الشهادات المالية لا بد من تنشيط قطاعات الإنتاج الحقيقي حتى تكون للعملة الوطنية قيمة مادية قوية تمكنها من الصمود أمام مد وجزر التضخم وتآكل رؤوس الأموال. أما المحاضر بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون يرى أن ثمة شكوك وظنون ظلت تحوم في الأفق حول شرعية الأرباح التي توزع على المساهمين أو المكتتبين في السندات الحكومية دون خسارة منذ تأريخ إنشائها رغم المصاعب التي تعترض مسار الاقتصاد السوداني مما يشي بتعارض الأرباح الثابتة التي درجت على توزيعها الحكومة مما يجعلها عرضة لفقدان الشرعية الفقهية القائمة على تقاسم الأرباح والخسارة. ويضيف هنون أن ما يحدث يفسر بجلاء أن الحكومة توزع أرباحاً وهمية للمساهمين لجذبهم للاكتتاب فيها مجددا ويقول هنون ما لم تتوفر إرادة قوية وعزيمة صادقة على معالجة هنات شهامة عبر مراجعة حقيقية لن تؤدي وأخواتها إلى تغطية عجز الموازنة وتمويل مشروعات التنمية وطالب هنون بتصحيح مسار الشهادات لتخدم تمويل مشاريع التنمية لا تمويل عجز الموازنة.