٭ الطبعة الخامسة من كتاب دكتور محمد جلال أحمد هاشم منهج التحليل الثقافي.. مشروع الوطنية السودانية وظاهرة الثورة الديمقراطية والذي حوى ثمانية فصول ذات أهمية عرضنا لاسمائها في الحلقة الاولى.. كلها تستحق الوقفة ولكن الاطلاع عليها تفصيلا يجد فيه القارئ المتعة والفائدة معا ،فهي طوفت على حال الراهن الثقافي والسياسي في السودان على مر الحقب والانظمة.. ولكن هناك.. موضوعات شغلت وما زالت الناس كثيرا وعلى رأسها مسألة الهوية ومؤلف الكتاب وتحت عنوان «جدلية الهوية الانتماء وصراع السلطة قال: ٭ الصراع الثقافي ليس سوى صراع جدلي في معنى انه عندما تصطرع ثقافتان لا تنتصر احداهما على الاخرى والا ما كان الصراع جدلياً.. ولكن عندما يبلغ الصراع بين ثقافتين او اكثر ذروته ينبثق عن خصائص ثقافية مشتركة بينهما تتطور فتسمح بالتعايش السلمي بينهما او تؤسس لذلك على اقل تقدير. ويقودنا هذا الى القول بان الثقافة اذا ما تلاقحت مع ثقافة او ثقافات اخرى فانها تثري نفسها وبالمقابل اذا ما انغلقت على نفسها وانكفأت فانها تتحلل وربما تموت او تحتوي وتبتلع من قبل ثقافة او ثقافات اخرى اذ ان اصالة الثقافات ذات صلة وشيجة بعملية توليد السلطة ومن ثم الدفع بالمنتمين اليها لاستشعار السيادة والعمل على بسطها على من عداهم. وينجلي كل هذا في العديد من القيم من قبيل الكرامة والعزة.. الخ، وربما ينجم عن هذا الصراع صدام دموي كما هو الحال بين مجموعة من قبائلنا في السودان لدى نقاط التماس والاحتكاك القبلي بيد ان هذا كله صراع ثقافي لانه يدور حول النفوذ والسلطة والسيادة كما انه سيمهد الى تلاقح ثقافي.. الامر الذي سيغني ويثري كلا الثقافتين وما كل هذا الا لان طبيعة الصراع الثقافي في السودان جدلية ليس من المتوقع ان تنتصر فيه ثقافة على اخرى.. كما من المفترض ان تنبثق عن كل هذا قواسم مشتركة تجعل من الثقافات المصطرعة اكثر اصالة. ٭ لكن هل يعني هذا ان هناك ثقافة ثالثة تتولد من جدلية الصراع يفترض فيها ان تدفع بالثقافتين المتصارعتين الى التعايش بلا تناقض؟ هنا نقطة لا بد من اجلائها. ٭ ترتقي الثقافة بالانسان وفي مضمار هذا الترقي تتولد المجردات من المحسوسات ثم تتبلور هذه المجردات في مجموعة من القيم الثقافية.. هذه القيم رغم كون البشرية قد تواضعت عليها الا ان كل مجتمع ينماز فيها جراء تلوينها مادياً ومعنوياً بلونية يتصف بها دون الآخرين كما ان السلطة الممارسة بانواعها داخل هذا المجتمع دون المجتمعات الاخرى هذا الانتماء وان يكن ثقافياً الا انه يتم اسقاطه على الارض والعرق اي اللون اي على المحسوسات وهنا تكمن النقطة التي وددنا اجلاءها بهذه الكيفية تختط الثقافة لنفسها حدود Boundaries معنوية تدعمها بأخرى مادية تكمن في اللغة.. اللون.. الزي.. الارض.. الخ، وانما من خلال هذه الحدود يحس الانسان بالانتماء «بارث 0791» ونطلق على هذه العملية هنا اسم «الآيديولوجيا» ولكن ماذا عن الآيديولوجيا في وضع متعدد الاثنيات؟ هل يحمل ايضاً هذا التنافر والتضاد الآيديولوجي «خيرا عميماً في خاتمة مطافه». ٭ الكتاب كما قلت جدير بالاطلاع لانه يطرح موضوعاً مهما وماثلاً بكل فرضياته. شكري الجزيل للدكتور محمد جلال أحمد هاشم. هذا مع تحياتي وشكري