عصام شاب سودانى فى مقتبل العمر، اصطاده رصاص حرس الحدود المصرى بعد ان تخطى السلك الشائك الاول على الحدود المصرية الاسرائيلية، وكان عليه اجتياز حاجزين آخرين من الاسلاك، قال وهو يعانى من جروح بالغة «إنه يأسف لانه لم يستطع ان يفى بما وعد به أسرته»، تقرير قناة «العربية» سجل مراسم مواراته الثرى فى مقابر مدينة العريش، والتقرير اظهر فظائع وانتهاكات جسدية وقتل تم لسودانيين وافارقة، عشرات الجثث نزعت أعضاؤها وتم لفها باكياس من البلاستيك ورميت فى الصحراء، وطبيب الهلال الأحمر أفاد بأن هذه الجثامين تم افراغها من اعضائها الداخلية عن طريق جراحات دقيقة وتجهيزات لا تتوفر فى المنطقة الا للجانب الاسرائيلى، وسودانى آخر وصف كيفية الترتيبات لرحلتهم من داخل السودان وعبر الصحراء تمهيداً لدخولهم اسرائيل، وآخر روى كيفية الاستدراج والوعود التى تتحول للاعتقال والتعذيب، ويطلبون فدية «3.000» دولار لاطلاق سراحهم، ومن يطلب مهلة تزاد فديته لتصل الى «5.800» دولار، ومن يعجز عن دفع الفدية يطلب منه تعذيب زملائه ليدفعوا نيابة عنه، والتعذيب يكون بالحرق بالنار وبالتيار الكهربائى، ويتم ثقب الأيدي «منطقة الكف» ويربطون بسلاسل فى مجموعات كما كان يحدث فى العصور الوسطى، ورصد احدى المنظمات الحقوقية المصرية يفيد بأن العمليات منظمة، وهى عدة شبكات تعمل فى تجارة البشر والاعضاء البشرية، وصحيفة «الشرق الاوسط» الصادرة بتاريخ 9 اغسطس 2008 العدد «10847» ذكرت فى تقرير لها موثق بشهادات وصور إن السلطات المصرية القت القبض على «578» متسللاً بينهم «178» سودانياً، وقتل نحو «19» مهاجراً حاولوا التسلل إلى إسرائيل منذ بدء العام، فيما أصيب «25» آخرون برصاص حرس الحدود، بينما أصيب «19» بجروح بالغة نتيجة ارتطامهم بالأسلاك الشائكة أثناء محاولاتهم الفرار، وتكررت بعد ذلك حوادث قتل الفارين واعتقالهم، حيت يرزح عدد غير معروف منهم فى السجون المصرية، وهناك اختلاف فى وجهات النظر بين السلطات المصرية التى تعتبرهم متسللين وبالتالى يجب عليها منعهم من العبور عبر أراضيها الى اسرائيل، وبين الأممالمتحدة التى تصنفهم بأنهم لاجئون يجب معاملتهم وفقاً للقانون الدولى دون أن يجدوا منها ومن منظماتها هذه المعاملة، كما أن اسرائيل استبقت جزءاً منهم ومنحتهم تصاريح اقامة مؤقتة لاسباب سياسية، وعزلت القسم الاكبر فى معسكرات تحت حراسة الجيش الاسرائيلى، تحت وطأة الاهانات اليومية والتحرش والاغتصاب والاعتداء اللفظى والجسدى، وتزايد التظاهرات المعادية لهم من المتشددين اليهود الرافضين لوجودهم فى المجتمع الاسرائيلى، لدرجة ان شبهوهم بالسرطان، وطالبوا حكومتهم باعادتهم من حيث اتوا، وحرضوا اصحاب المزارع والاعمال الصغيرة على عدم توظيفهم، فهؤلاء هم ضحايا للجهات التى صورت لهم الكيان الصهيونى باعتباره ارض الفرص وجنة الحريات والأمان وفرص العمل المجزية، وكأنهم لم يسمعوا بمآسى اليهود الفلاشا ولا عن المشكلات بين الاشكناز والسفارديم ، ولم يروا ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين يومياً من تقتيل وتعذيب، إنهم ضحايا حكومتنا التى صمتت لسنين طويلة، رغم ان المعلومات والتقارير تواترت اليها منذ عام 1995م، وتداولت الصحف ووسائل الإعلام الموضوع منذ عام 2005م، وبعد ان اثيرت المشكلة رسمياً فى عهد البرلمان الانتقالى 2008م، شكلت الحكومة لها اللجان الميتة «بعض اعضاء تلك اللجان الآن مسؤولون فى حكومة دولة جنوب السودان» التى لم تكشف ما توصلت اليه من حقائق ولم تقدم توصيات لحل المشكلة حتى الآن، وهم بعض ضحايا كبار المسؤولين فى الدولة الذين ادلوا باحاديث عن امكانية اقامة علاقات مع اسرائيل، وهم بالتأكيد ضحايا لحركة عبد الواحد التى بقصر نظر فاضح زينت لهم نكاية فى الحكومة الذهاب الى اسرائيل، وهى ان كانت اخرجتهم من «جحيم دارفور»، إلا أنها القت بهم فى جحيم اكثر فظاعة ووحشية، حيث يقتلون وتباع اعضاؤهم ويلقى بما تبقى منهم فى العراء، يموتون فى الطريق الممتد من شلاتين الى بئر سبع مروراً برفح، وحسب تقديرات جمعيات حقوق الانسان انخفض عدد السودانيين الى «17.000» سبعة عشر الف مواطن اغلبهم من دارفور بعد ان اعادت دولة الجنوب بعض رعاياها الى موطنهم فى الجنوب وتخطط لاعادة البقية، فمتى تتحرك حكومتنا لانقاذ ما تبقى من آدمية هؤلاء الضحايا، متى يتحرك الذين يتحدثون باسم المواطن فى دارفور سواء أكانوا سلطة انتقالية او حركات تحرير؟ متى تكون كرامة الانسان فوق الصراعات سواء أكانت مسلحة او غير مسلحة، إننا نقول للجميع إن هذه مشكلة قومية تهم الوطن كله، الحكومة والمعارضة المسلحة او السلمية، ومنظمات المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الانسان وكل ابناء الشعب السودانى، فهناك ملايين السودانيين فى المهاجر وعشرات الآلاف مسجلون لاجئين على امتداد الكرة الارضية وفى مختلف البلدان، منذ الستينيات وحتى الآن، لم يحدث لهم مثل هذا؟ فقط يحدث فى إسرائيل؟ من شلاتين وحتى بئر السبع! ما رأى الاممالمتحدة؟ هل هم متسللون أم لاجئون؟ وما قول وزير الخارجية السيد على كرتي؟ إنها مأساة شعب ووطن.. والتحية لقناة «العربية».