تسعى المعارضة خلال الأيام القادمة الى اعلان «سياسي لاسقاط النظام» ومن ثم تأسيس مرحلة انتقالية مرنة بعد ان ركل «المؤتمر الوطني» بحسب رؤيتها طوق النجاة باغلاقه لأبواب الحوار وقيادته للدولة الى حالة من الانهيار المحتمل» الأمر ليس مستغربا من قبل قوى الاجماع الوطني والتى سبق ان صرحت أكثر من مرة بحتمية اسقاط الحكومة الحالية، الا ان الجديد يتمثل فى موقف حزب الأمة القومي بتأكيده لطرح المعارضة والتى أعلنت موقفها من داخل داره منتصف ليل أمس الأول، بدعوة منه، ما أثار عددا من التساؤلات حول هل تخلي حزب الأمة القومي عن «معارضته الناعمة» التي كثيراً ما اتصف بها؟وهل وصل الحزب الى قناعة تامة بعدم فائدة الحوار مع المؤتمر الوطني واقناعه برؤية اشراك الآخرين فى ادارة شئون البلاد؟، والى أي مدى سيكمل الأمة القومي خطوات التغيير مع قوى الاجماع الوطنى. عضو تحالف المعارضة والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام ابلغ «الصحافة» ، بان اجتماعا ضم عددا من رؤساء الأحزاب وممثلين رفيعي المستوى انتهى في ساعة متأخرة من ليل امس الأول خلص الى ضرورة التوقيع خلال اليومين المقبلين على اعلان سياسي لاسقاط النظام . واكد كمال بان الاجتماع عقد بدعوة من حزب الأمة القومي بداره والذى اتسقت مواقفه مع دعوات المعارضة، وأشار الى ان الحزب الحاكم لم يترك خيارا للمعارضة سوي المضي قدما في هذا الشأن، وكشف انه برز اتجاه قوي داخل الاجتماع بتفعيل الآليات الكفيلة بالتغيير والتوقيع على اعلان يأتي بالتزامن مع توقيع وثيقتي الاعلان الدستوري والبديل الديمقراطي. واوضح ان اللجنة المكلفة بصياغة «الاعلان السياسي لاسقاط النظام» قطعت شوطا كبيرا ، لافتاً الى ان عملية التوقيع ستعلن فى الفترة القليلة القادمة، هذا قبيل ان يشير الى ان التحالف سيطرح المسودة في محفل ضخم بحضور رؤساء أحزابه. بحسب مراقبين ان حزب الأمة بهذه الخطوة تحول من خانة «المعارضة الناعمة» الى «الخشنة» وان كان فى السابق تعرض الى انتقادات عنيفة بسبب مواقفه المرنة مع الحكومة ، ووصف بأنه بين المعارضة والسلطة وتحكمه عدة جزر متناقضة، وان كان البعض يصنف مواقفه بأنها توزيع أدوار «ليكسب المعارضة ان انتصرت وليكسب الحكومة لو ظلت صامدة»، وكان لمذكرة التفاهم التى وقعها حزب الأمة القومى بكمبالا مع حركة تحرير السودان بقيادة منى اركو مناوى تأويلات عديدة لمواقف الحزب من قبل الحكومة والمعارضة خاصة المؤتمر الوطنى الذى خرج بردود أفعال صاخبة وعنيفة فى منابره ووسائل اعلامه المختلفة، وصلت الى حد مطالبة الأمة القومي بحسم موقفه من المذكرة إما قبولاً وإما رفضاً بحسب رئيس القطاع السياسي للوطني نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم يوسف في مؤتمر صحفي خصصه للهجوم على المذكرة بتاريخ 15/8/2012 أشار فيه الى أنه بناء على موقف حزب الأمة ستترتب مسيرة العلاقة معه، وهو ما أثار وقتها العديد من الأسئلة عن طبيعة هذه العلاقة التى تحدث عنها الحاج ادم، ونتيجة للهجوم العنيف الذى تعرض له الحزب أعلن الأمة القومى فى بيان ان حزب الأمة وأجهزته ليست طرفاً في اجتماعات الجبهة الثورية ولا الوثائق المنبثقة عنها وأي شخص شارك في تلك الاجتماعات أو وقع على وثائقها لا يمثل حزب الأمة القومي، وان خط الحزب الذى اعتمده باختصار يرى ان مشكلة السودان هى مشكلة قومية لها تجلياتها المختلفة ولا يمكن أن تحل الا في اطار قومي جامع بعيداً عن الحلول الثنائية أو الحزبية، وان حزب الأمة يرى بكل مؤسساته ولعوامل كثيرة أهمها هشاشة الأوضاع القائمة في البلاد ومخاطر التشظي ان أنسب حل هو الحل القومي السلمي الديمقراطي الجامع الذي لا يستثني أحداً الا من أبى، وعقد مؤتمر قومي جامع يحقق السلام العادل الدائم والتحول الديمقراطي الحقيقي، وان الحزب يواصل سعيه بكل ما يملك لتحقيق الاجماع الوطني حول هذا الحل ولكن حال اصرار الحزب الحاكم على نهج العناد والانفراد سوف يواصل حزب الأمة ضغطه عبر الاضرابات والاعتصامات في كل الساحات العامة وبكافة الوسائل السلمية حتى تتحقق مطالب الشعب، والسؤال ايضاً هل حان وقت «الاضرابات والاعتصامات فى الساحات العامة وكافة وسائل الضغط». ويقول القيادى بحزب الأمة القومى رئيس لجنة الاتصال بالقوى السياسية الدكتور حسن امام ل«الصحافة» عبر الهاتف امس بذات اللغة الوسطية ان الحزب سيظل يمد أيديه للنظام الى اخر مرحلة ولكن هذا لا يعنى الاستكانة وتعطيل ادوات النزول الى الشارع وكافة اشكال العصيان المدنى، والتى قال انها ستتواصل، واضاف ربما يرى المؤتمر الوطنى فى أخر اللحظات بعد تضييق الخناق انه يرغب فى حوار جاد للخروج بالبلاد الى بر الأمان، واكد امام ان الحزب حالياً يسعى بكافة الوسائل السلمية المتاحة لتغيير النظام ، وقال ان الضغط من الوسائل الفعالة لاقناع المؤتمر الوطنى باللجوء الى الطرق السلمية قبل فوات الآوان، واكد ان المعارضة حالياً على قلب رجل واحد وتوافقت وتواثقت على التوقيع على مذكرة التفاهم لاسقاط النظام. ويفسر القيادى السابق بحزب الأمة القومى محمد حسن التعايشى فى حديث ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس ، انه من حيث المبدأ يصبح الموقف الطبيعي لاى حزب سياسى ان يبنى موقفاً واضحا حيال اسقاط النظام او الوصول معه الى تسوية، واوضح انه خلال الفترة الماضية كان هناك تردد طويل من حزب الأمة القومى فيما يتعلق باسقاط النظام ترتب عليه فقدان ثقة القوى المتحالفة فى مواقفه من جهه والمراقبين السياسيين من جهة أخرى. واضاف، أصبح هناك اتهام شبه متفق عليه من جميع المهتمين بالشأن السياسى ان قيادة الحزب ناورت للحد الذى جعل الآخرين يتشككون فى صحة مواقفها، وقال التعايشى ان المحك الفعلى هو تطمين الحلفاء وعامة الشعب السودانى حول ما اذا كانت قيادة الحزب مستعدة للمضى قدماً فى منازلة النظام بدعوى السقوط او التغيير، وأضاف «اعتقد ان جزءا من قوى المعارضة ليست بحاجة الى تطمين من حزب الأمة بقدر سعيهم الى ادخال الحزب فى حوش المعارضة» لتحقيق مكاسب سياسية ليس اقلها توحيد القوى المعارضة، وقال «بصراحة ان الحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي وآخرين لا يطمئنون الى موقف حزب الأمة القومى ولكن بمجرد دخوله الى الصف ان كان صادقاً او لا يعطى هذا مؤشراً على تماسك المعارضة ووحدة رؤيتها». ويقول المحلل السياسى صلاح الدومة عن تحول موقف حزب الأمة القومى فى حديث ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس ان الحزب ينتهج سياسة «المعارضة الناعمة» التى تريدها حكومة الأنقاذ وتعتبرها اخف الأضرار، الا ان الأزمة «المالية» التى تمر بها الحكومة والضغوط الداخلية والخارجية تشجع المعارضة ومن بينها حزب الأمة الذى يقف دائما فى دائرة الوسطية الى تصعيد جهودها، وقال ان حزب الأمة القومى يفكر بعقلية مختلفة حال عودة الديمقراطية ويصنف نفسه الحزب الأول وانها ستأتى به فى كل الأحوال فى المرتبة الأولى ان لم تكن الثانية ولذلك لا يريد ان يخرج من دائرة الفعل السياسى.