بعد يومين تحل علينا ذكرى الاستقلال المجيد، ويمثل عام 1956م بداية بزوغ فجر الحريه والاستقلال، وذكرى الاستقلال لها طعم خاص عند أهل كردفان لدورهم الكبير فى تحقيق الاستقلال الوطنى، وضمت مدن كردفان شخصيات شكلت نواة الحركة الوطنية فى السودان، وساهمت فى تشكيل وجدان وفكر وحماسة ووعى المواطنين لتحرير البلاد من ربقة الاستعمار، حيث احتضنت مدينة الأبيض ثلة من الوطنيين الاخيار الذين كان لهم القدح المعلى فى المشاركة فى استقلال البلاد، حيث أنجبت أسماعيل الازهرى حفيد الشيخ اسماعيل الولى ابن القاضى الشرعى أحمد الأزهرى، وحفيد ابراهيم المفتى أول وزير للتجارة فى حكومة الاستقلال، ويقف منزل آل الأزهرى بحى القبة شاهداً على تاريخ إحدى الأسر التى ساهمت فى النضال الوطنى، وعلى مسافة قريبة من منزل آل الأزهرى الذى يجاور ضريح ومسجد الشيخ إسماعيل الولى تتوزع منازل الرعيل الأول من صناع الاستقلال، على سبيل المثال ميرغنى حسين زاكى الدين أول وزير زراعة بعد الاستقلال، ومحمد بخيت حبة أول عضو فى مجلس الشيوخ فى اول برلمان سودانى، وعبد القادر دفع الله واحمد الفكى عبد الله والفاتح النور وحاج الطاهر المحامى ويس مصطفى وعثمان السيد عبد الباقى ومحمد صالح عبد الباقى وحسن عبد القادر هلال أول نائب برلمانى عن الأبيض ومدثر حامد مهدى وعبد الرحمن سعد وابو حسنين واحمد يوسف اسماعيل، وغيرهم من الذين ضحوا بالغالى والنفيس، وعانوا من الاعتقال والتشرد حتى نالوا مبتغاهم وحققوا اشواق المواطنين وحررواالبلاد من ربقة الاستعمار البغيض، وانتظمت روح النضال مدن كردفان الأخرى، حيث برزت أسماء المناضلين أمثال الحاج وقيع الله سيد أحمد بأم روابة، والشاذلى الشيخ الريح ببارا، ومحمد ابراهيم دبوجة وكامل السيد مكى بالنهود، والضو محمد الضو بالاضية، وبكرى محمد مدنى وخليل يعقوب وعمر الخليفة احمد بكادقلى ومشاور جمعة سهل بالمزروب وهو من ثنى اقتراح الاستقلال الذى قدمه دبكة من داخل البرلمان. ولعبت الاندية دوراً بارزاً فى تأجيج مشاعر المواطنين، مثل نادى السلام بالنهود ونادى الخريجين بالأبيض الذى استقبل أول مظاهرة فى 13/ سبتمبر 1953م مطالبة بالحكم الذاتى، وتحركت من ميدان الإسماعلية مروراً بشارع القبة وشارع البديرية وانتهت بنادى الخريجين، وشاركت فيها من النساء المناضلة الحاجة فاطمة زوجة المناضل محمد بخيت حبة، وكان ذلك فى عهد آخر حاكم انجليزى لكردفان المستر لورمر، الذى خلف المستر كامبل، وكان مفتش المركز هو مستر ايفنز، الذين وقفوا يتفرجون على هذا المد الثورى دون تدخل، وكان هذا الحدث ايذاناً ببداية الاستقلال الحقيقى بفضل مجاهدات ونضال ذلك النفر الذين سطروا تاريخهم بمداد من نور.