/2 بالنسبة لمسألة التنمية خاصة مشروعات البنية التحتية وعلى رأسها طريق الانقاذ الغربي، اذا لم يستطع الاستاذ علي محمود وزير المالية ودكتور احمد بابكر نهار وزير النقل والطرق ودكتور تيجاني سيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور، حسم مسألة طريق الانقاذ الغربي وهم يمثلون دولة السودان في اعلى سلطاتها التنفيذية المختصة بانفاذ الطريق، اذا لم يستطيعوا ذلك لمن توكل المهمة؟! الى لجنة برلمانية جديدة؟! ام تفاوض جديد؟! ام مظاهرة شعبية دارفورية تطالب المركز؟! ومَنْ هو المركز الآن في حالة طريق الانقاذ الغربي..؟!! /3 في مسألة العدالة الانتقالية والمصالحات وموضوع المحاكم الخاصة، ألا يستطيع دكتور تيجاني سيسي ووزير العدل محمد بشارة دوسة وهو الذي لا يحتاج الى من يذكره بضرورة العدالة في دارفور واثرها في الاستقرار والسلام الدائم، الا يستطيعا الجلوس معا لابتكار آليات ومؤسسات يفرضها الواقع، منها ما يحتاج الى شراكة اقليمية كما اوصى بذلك تقرير ثامبو أمبيكي الذي قبلت به الحكومة، ومنها أي آليات العدالة ما يحتاج الى اصلاح شامل للجهاز العدلي في دارفور محلية محلية وادارة ادارة، ومنها ما يتطلب بعث وتطوير آليات العرف المحلي... ان الدراية الكاملة لدكتور تيجاني سيسي والاستاذ محمد بشارة دوسة بالتركيبة النفسية والاجتماعية تجعلهما بعيداً عن الشكليات والبروتكولات يجلسان معا لتصميم معايير للعدالة التي تحقق الطمأنينة لانسان دارفور الذي طال انتظاره لتجاوز المرارات عبر تسويات قانونية طبيعية ومنطقية.. وستجد خطوتهما مباركة من مركز القرار فى اعلى مستوياته، والا فليطرحاها للرأي العام السوداني، ولا اعتقد ان الضمير الانساني الوطني قد مات بكامله. /4 في مسألة الحوار الدارفوري / دارفوري، كما اسلفت كان الاتحاد الافريقي ولاحقاً اليونميد يوليان بند الحوار الدارفوري/ دارفوري اهتماماً خاصاً بجانب الحراك القومي والمحلي الآن، ثم تشكيل لجنة عليا للاتصال بالحركات برئاسة الحاج صديق ودعة، وللحاج صديق ودعة تجربة قديمة متجددة في قيادة الحوار بين ابناء دارفور وبمبادرة ذاتية منه منذ بداية الازمة، وقد التف حوله كثير من ابناء دارفور بمختلف انتماءاتهم الحزبية والاثنية، وقد استضاف اكثر من لقاء في لندن وغيرها الآن، وقد باركت الحكومة في اعلى قياداتها لجنته، فما هي الاستراتيجية التي سيتخذها؟! هل سيركز على الحركات فقط؟! ام سيستعين بالمجتمع الدارفوري؟! ام سيناشد الاحزاب السودانية التي تتحالف مع الحركات؟! ام سيجلس مع الممسكين بملف دارفور في المؤتمر الوطني الذين يتعاملون بتكتيك خاص بالحزب عوضاً عن استراتيجية وطنية تضع في حسبانها مخاطر مآلات ازمة دارفور على مستقبل السودان؟! ام ستركز لجنة الحاج صديق ودعة على الجانب الانساني الذي اصبح جريمة اخلاقية انسانية بكل معى الكلمة؟ فماذا بعد نقص الغذاء وتلوث المياه والحمى الصفراء..؟!! ام سيركز على المجتمع الدارفوري داخل دارفور ليبتكر آلياته للحفاظ على ما تبقى من سلامته؟ وهل سيجد في كل هذا وذاك الضوء الاخضر من حزبه، والضوء الاخضر هنا ليس المال ولا النفوذ انما الحرية؟! /5 في مسألة الترتيبات الامنية التي اصبحت مرتبطة بالحل السياسي، حتى بات الامر مثل مسألة البيضة والدجاجة، ولكي نوضح هذه النقطة دعونا نعود لبداية الامر، لنرى تداخل مسألة الترتيبات الامنية مع الحل السياسي الشامل .. ففي 9 فبراير 2004م اصدر الرئيس السوداني عمر البشير بياناً يوضح رؤية الحكومة للحل السياسي لمشكلة دارفور على النحو التالي: 1/ العفو العام عن حملة السلام اذا سلموا اسلحتهم خلال شهرين من تاريخه. 2/ بدء معالجة اوضاع النازحين واعادة توطينهم. 3/ وضع خطة شاملة لمشروعات تنموية وخدمية في الاقليم. 4/ ضبط حيازة السلاح في دارفور. 5/ تكوين لجنة قومية لإعادة بناء النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي بين القبائل. 6/ عقد مؤتمر قومي جامع للتنمية والسلام والتعايش لجميع الاطراف بما فيها حملة السلاح تحت رعاية الدولة. ورفضت حركة تحرير السودان المبادرة، وطالبت الحكومة بالدخول في مفاوضات جادة تحت رعاية دولية وفي مكان محايد، وقد استجاب ابناء دارفور في الداخل والخارج الى ضرورة الحوار وكذلك الحكومة، وتفاوض الجميع تحت ملفات تقاسم الثروة والسلطة والمصالحة والتعويضات والترتيبات الامنية، وتم بذلك اعتراف كامل بالملف السياسي وغيره، لكن ولكي ننفذ ما اتفق عليه ان كان في ابوجا او السلام من الداخل او في الدوحة، فإن عقبة الترتيبات ظلت تعترض التنمية والمصالحات والحل السياسي ممثلاً في تقاسم السلطة، ليطرح السؤال المنطقي نفسه من أين نبدأ؟ هل نستمر في الحرب رغم الاعتراف بالحل السياسي وشروطه؟! واذا قال قائل ان الحل السياسي لم يكتمل ولم يستوف الشروط وسلمنا جدلا بهذا اين هو (المحور) السياسي الوحيد لقضية دارفور كي نحل معه اشكالات الملف السياسي بابعاده كافة وشروطه مجتمعة (المحور المركزي للقضية) الذي يمثل رؤية اهل دارفور مجتمعين، ويمثل ثقافتهم وقناعاتهم اين هو؟ هل نرهن وقف اطلاق النار والترتيبات الامنية الى ان (يتم النضج السياسي)؟!! اذا كنا نريد تغييراً جذرياً في نظام الحكم في الخرطوم لماذا يدفع انسان دارفور وحده الثمن؟!! وهل يستطيع احد ان يفرض رؤيته على بقية اقاليم السودان؟!! الا يقود كل هذا الى ضرورة الحوار السياسي، ولكي يتم حوار سياسي يعكس رؤية التنوع الا نحتاج الي تنظيم سياسي ديمقراطي نزيه؟!! إذا فشلنا في هذا هل نعود الي المربع الاول المتمثل في تشتت ارادة قادة الحركات الذي يؤدي الى تضارب ارادة المجتمع الدولي، فبعض الحركات تتوجه بخطابات سياسية ليس فقط لا تهم انسان دارفور الضحية، ولكنها تعيق حتى توحد ارادة ورؤى المتمردين انفسهم، فهناك خطاب لأمريكا وخطاب لمصر وخطاب لتل أبيب وخطاب لجوبا وخطاب لكمبالا وخطاب في الدوحة، وحتى لا نطلق القول على عواهنه دع عنك الذين تحفظوا على منبر الدوحة ولم يوقعوا على الوثيقة، ما بال الذين وقعوا من قادة الحركات من امثال احمد عبد الشافع الموجود الآن في امريكا وتيراب احمد تيراب الموجود الآن في مصر ومعه هارون عبد الحميد وغيرهم من الموجودين في جوبا وكمبالا، هل خرجوا على الوثيقة بسبب تباطؤ الحكومة في التنفيذ ام بسبب غياب التجانس فيما بينهم؟!! اليس في خروجهم مدعاة لتشكيك المجتمع الدولي الذي توحد وتعهد بمؤتمر مانحين بعيد الاستقرار والتنمية لدارفور؟ هل هم الآن يضرون بالقضية ام بأنفسهم أم بانسان دارفور؟ ام يريدون الحاق مزيد من الضرر بالمركز الذي عفاهم عن ذلك الدور وبات يلحق الضرر بنفسه اكثر مما يتصورون او يطمعون.. اننا الآن نقف على مسافة واحدة من تحمل المسؤولية الوطنية تجاه السودان ودارفور، ومن يقل لبيك وطناه فقد فاز.. وفي الختام فإن على الحكومة او المؤتمر الوطني بالتحديد ان يعي تماماً ان اساليب التاكتيك ومحاولة محاصرة المتمردين بالظروف الخارجية والداخلية ليس من الوطنية في شيء، بل دع عنك الوطنية الفريضة الغائبة، فحتى من ناحية منطقية فإن المتمردين لن يتبخروا في الهواء، بل تجدد اساليبهم ووسائلهم، وسترهق الدولة ومستقبلها ومستقبل الاجيال.. ان الحيل ستذهب بكم وبهم، وستهطل امطار الوطنية والانسانية على تربة السودان الخصبة بمعاني الخير والحق والجمال، وسينبت عشب اخضر يانع مثل الذي نراه عقب الحريق الذي يقوم به المزارع للعشب الجاف الذي يحمل (الضريسة والحسكنيت) قبيل هطول الأمطار.. اللهم هل بلغت فاشهد.. إن إعادة الاهتمام بقضية دارفور وبقية القضايا المماثلة في كردفان والنيل الازرق ليست فرض كفاية اذا قامت به الحكومة سقطت عن الباقين، فهناك بُعد اخلاقي وانساني ووطني يهم كافة الضمير الوطني يجب ان تنهض به مراكز البحوث في الجامعات والإعلام وصنّاع الرأي وابناء دارفور في مجموعاتهم التي تراضت، فيجب اعادة منبر ابناء دارفور للحوار والتعايش السلمي، ومنبر ابناء دارفور للسلام والتنمية، ومجموعة هايدلبرج، ومجموعة نساء دارفور، ومجموعة صديق امبدة، وراكوبة اجاويد دارفور، فلا بد من حراك اجتماعي كبير يضم الشخصيات القومية التي عملت باخلاص وايمان وشهامة من اجل الحق من امثال د. دفع الله الحاج يوسف وبروفيسور الطيب حاج عطية وبروفيسور قاسم بدري ود. الطيب زين العابدين والاستاذ محجوب محمد صالح والاستاذ عبد اللطيف البوني و غيرهم كثر... وبروفيسور ابراهيم منعم منصور.. ان الوضع الآن في دارفور ينذر بنقطة تحول في مسار الأزمة، ويجب أن يكون الرأي العام هذه المرة ممسكا بزمام المبادرة.