تحية طيبة وبعد.. نفيد بالآتي: في بداية القرن التاسع عشر كانت سلطنة دارفور تعيش عصرها الذهبي في رخاء دائم وسلام شامل تحت مظلة الحاكم القوي العادل السلطان علي دينار، ولها ثرواتها الزراعية والحيوانية والمعدنية، دولة مسلمة وصلت خيراتها ارض الحرمين، وكانت السلطنة ترسل كل عام المحمل لأرض الحرمين بها خيرات دارفور للأرض المقدسة وقامت السلطنة بحفر آبار علي بالقرب من المدينة لتقديم خدمات المياه للحجاج، وكان ذلك يمثل سياسة خارجية ممتازة، ولها علاقات مع دول الجوار، تشاد وافريقيا الوسطى، وكانت تقوم بتأمين طريق الحجاج في افريقيا وتقدم لهم الخدمات، وكان شعبها يعيش أمن وسلام. وبدون اي مبرر او اسباب زحفت جحافل جنودكم البريطانيين مدججين بالاسلحة المحرمة عابرين المحيطات بقيادة الغازي هدلستون وهاجموا حاضرة السلطنة، واشاعوا الارهاب لدى شعب آمن مسالم يعيش في بلاده، وازالوا بقوة السلاح الحكم الشرعي في السلطنة، وقتلوا السلطان علي دينار، وفرضوا نظاماً استعمارياً قهرياً مستبداً يتمثل في المديرية ومجموعة من المفتشين الانجليز، واهانوا وأذلوا السكان، وفرضوا الضرائب والعوائد والدقنية، واستولوا على ارض الدولة، وتصرفوا فيها بقوانين استعمارية ظالمة، وقاموا بتقسيم السلطة تقسيماً قبلياً يمكنهم من خلق سياسة «فرق تسد» اطلقوا عليها دار المساليت، دار الزغاوة، دار التعايشة، دار الرزيقات ودار القمر ، دار البرتي، دار الهبانية ..الخ. وبذلك خلقوا الفوارق بين القبائل بعد أن وحدهم السلطان وأرسى نسيجاً اجتماعياً متجانساً متآخياً ذابت فيه العرقية والقبلية، وكان ذلك له اثر طيب وسط السكان، الا انهم بالتقسيم القبلي الذي تم بواسطتهم قصدتم به فرض التفرقة وخلق الخلاف. ومنذ عام 1916 الى 1956م تاريخ استقلال السودان كان لكم دور فعال في خلق الفوارق بين القبائل، وخلق المشكلات بينهم في الزراعة والرعي التي مازالت آثارها مشتعلة، فأنتم سببها الرئيس، وانتم الذين اججتموها وخططتم لها. وشعب دارفور لم يستكن لهذا الاستعمار الظالم الجائر، فثار ضدكم، ولم يهب قوتكم وجبروتكم ، فثار أكثر من مرة، وقام بإنزال علمكم في عام 1955م، وحرقه وداسه بالاقدام، معلنا للعالم المطالبة بالاستقلال والحرية، واصبح سنة يتعامل بها العالم بحرق الاعلام باعتبار ذلك نوعاً من الاحتجاج المعبر. إنني من جراء ذلك أطالب بالاعتذار الفوري لشعب دارفور بسبب الاستعمار والظلم الذي وقع عليه من تصرفاتكم الظالمة في حق الانسان والانسانية وخرقكم حقوق الإنسان، وتقديم التعويض المادي والمعنوي لشعب دارفور والشعب السوداني بصفة عامة، والاعتذار كذلك لأسرة السلطان واعادة حقوقها المنهوبة. وشكراً. * مدير أراضٍ سابق بدارفور الكبرى آنذاك