عقد والي شمال دارفور، عثمان كبر امس، سلسلة اجتماعات مع النائب الاول للرئيس ووزيري الدفاع والداخلية الفريق اول عبدالرحيم محمد حسين وابراهيم محمود حامد، قدم خلالها مصفوفة مطلوبات انسانية وأمنية لمعالجة آثار المواجهات التي وقعت بمحلية السريف الاسبوع الماضي، ونزوح اكثر عشرات الآلاف جراء القتال بحسب الاممالمتحدة. وناشد هارون الحسين جامع، معتمد محلية السريف بولاية شمال دارفور، كافة الجهات بضرورة التدخل الفوري والعاجل لاحتواء الاثار الانسانية السيئة التي خلفها النزاع، وقال انه خلف اكثر من مائة الف نازح توزعوا جميعا على المدارس والمرافق الحكومية المختلفة برئاسة المحلية وبمنازل المواطنين والشوارع وتحت الاشجار دون أن يمتلكوا غذاءً او كساءً او مأوى مع اشتداد موجة البرد هذه الايام. وقال جامع ان عدد النازحين لا يشمل الذين نزحوا الى محليتي كبكابية وسرف عمرة او الذين لايزالون يهيمون على وجوههم في العراء، واصفا الوضع بأنه مأساوي ويفوق طاقة المحلية والولاية معا، مشددا على أن الامر لا يحتمل الانتظار لساعات ناهيك عن الانتظار ليوم او اكثر، وقال إن محليته لم يعد ما لديها لتقدمه لتك الاسر. وروى كبر للصحافيين ان اشتباكات جبل عامر مشكلة ذات طبيعة امنية بدأت بشجار من اطراف محددة على منجم ذهب بالجبل، وتطورت الى صراع اتخذ شكلا قبليا انتشر من الجبل الى القرى وحول مدينة ومحلية السريف، الامر الذي ادى الى توافد عدد كبير من قطاع الطرق من كافة انحاء دارفور الى هذه المناطق وبدأوا في حرق القرى وترويع المواطنين ونهب ممتلكاتهم. واضاف ان الاجهزة الامنية «تمكنت سريعا من اخماد الفتنة بين الطرفين». وحسب مصادر، فإن 24 قرية في محليات السريف بني حسين وسرف عمر وكبكابية تضررت من الأحداث. وطالبت اللجنة الاعلامية لقبيلتي الرزيقات وبني حسين في بيان مشترك امس، طرفي النزاع بوقف الاقتتال فورا وتغليب صوت العقل اخمادا للفتنة، وناشدت اللجنة الدولة والمنظمات الانسانية لمد يد العون لاحتواء الاثار الانسانية الناتجة جراء القتال. ووجه النائب الاول للرئيس، علي عثمان محمد طه، والي شمال دارفور، عثمان كبر، بتأمين وإغاثة المتضررين من أحداث منجم جبل عامر. واكد والي ولاية شمال دارفور في تصريحات للصحفيين عقب لقائه النائب الاول بالقصر الجمهوري امس، هدوء الاوضاع الامنية بالمنطقة، وانتقد خطوة الولاياتالمتحدة الاميركية بسحب موظفيها الاساسيين من السودان بسبب تدهور الاوضاع بدارفور، واعتبر ان سحب اية جهة لموظفيها ربما تم لمعادلات دبلوماسية اخرى لاعلاقة لها بأحداث جبل عامر. واوضح كبر، ان الاجهزة المختصة تمكنت من اخماد الازمة وتواصل مطاردة قطاع الطرق والحركات المسلحة التي ارادت بث سمومها وسط الناس، واشار الى ان عددا كبيرا من المنقبين بدأ بالعودة الى جبل عامر، كما اكد ان الولاية تجري ترتيباتها لعقد مؤتمر اولي في 17 يناير الجاري بمنطقة السريف تمهيدا لعقد مؤتمر مصالحة شامل، سيحدد فيما بعد، وابدى كبر تفاؤله بنجاح المؤتمر لاسيما بعد الاستعداد الذي ابداه الطرفان المتنازعان للجلوس للمصالحة. وقال كبر ان لقاءه بالنائب الاول ووزيري الدفاع والداخلية يأتي في اطار حزمة من المقابلات لاحاطة الجهات المختصة بحقيقية الاوضاع في المنطقة، واوضح انه في هذه الاجتماعات قدم مصفوفة مطلوبات في هذه المرحلة خاصة بالشأن الانساني والاجتماعي والاهلي والترتيبات الامنية لبسط هيبة الدولة. في ذات السياق كشفت قيادات من الادارة الاهلية بدارفور، عن مقتل اربعة من الاعيان قرب سرف عمرة امس اثر تعرض موكبهم المتجه الى محلية السريف للاتفاق على التهدئة لهجوم بالاسلحة، وقالت ان منطقة جبل عامر شهدت 61 حادثة اغتيال قبل اندلاع الاحداث، لكن السلطات فشلت في احتواء الموقف مبكرا. وحملت القيادات في لقاء للمكاشفة امس بدار اتحاد المزارعين، والي شمال دارفور عثمان كبر وحكومة غرب دارفور مسؤولية الصراع القبلي في محلية السريف بسبب ما اسموه عدم القدرة على حماية القبائل، وحذرت من دخول قبائل اخرى في الصراع. واكدت القيادات هدوء المواجهات الاخيرة الا انهم اشاروا الى ان هناك بعض المتفلتين يستغلون الاحداث يقومون بمناوشات وعمليات نهب. واعلنت قيادات قبلية عن مبادرة لتقديم اغاثة للمتضررين وحقن الدماء وتأمين الصلح بين قبيلتي الرزيقات وبني حسين، يقودها الوزير الاسبق حامد محمد احمد تورين. وقال تورين فى تصريحات صحفية محدودة أمس ان المبادرة كونت لجنة بقيادة 25 شخصا من الرزيقات وبني حسين وقبيلة البني هلبة، واجرت اللجنة مشاورات مع والي شمال دارفور وستغادر الى سرف عمرة بالخميس. وقال احد عمد الرزيقات، ابرهيم ازرق، في لقاء المكاشفة ان المواجهات الاخيرة في السريف كان يكمن اتقاؤها، مشيرا الى انه كانت هناك حوادث قتل في جبل عامر منذ فترة بشكل يومي الا ان حكومة الولاية تجاهلت الصراع المندلع منذ شهور الى ان انفجر وانتقل الى القرى، مشيرا الى 61 شخصا من قبائل مختلفة واجانب قتلوا فى جبل عامر قبل انفجار الاحداث، وتساءل: «اين هيبة الدولة في تلك المناطق؟». من جانبه، قال احد اعيان الرزيقات بالخرطوم، امير عبدالله يعقوب، انهم يحملون مسؤولية الاحداث للحكومة، موضحا ان الحكومة غير قادرة على جمع السلاح وتوفير الامن، ورفض اتهام الرزيقات بالتسبب في الصراع، وقال ان الصراع الاخير نشب بسبب تماطل الحكومة فى حماية المدنيين، مشيرا الى ان قبيلته قتل منها 25 شخصا فضلا عن عشرات المفقودين. وقال رئيس السلطة الاقليمية لدارفور، التجاني السيسي، ان دارفور تمر الان بمرحلة فاصلة تتطلب التماسك والا فإن النتيجة الحتمية ستكون انهيار الاقليم والسودان كله. وتفقد السيسي امس محلية السريف بني حسين بشمال دارفور وقال في خطابه لاهالي المنطقة ان ما حدث بمحلية السريف امر غير مقبول مهما كانت المبررات، وكان يمكن احتواؤه، وطالب الحكومة المركزية بأن تضطلع بكل مسؤوليتها وان تلعب دورا ايجابيا لتوفير قوات لحماية المواطن وممتلكات الدولة. واعرب السيسى عن خشيته من ان الصدامات الاثنية اذا استمرت ستكون ضد تنفيذ وثيقة الدوحة، اضافة الى تشويه سمعة السودان امنيا فى الخارج فى الوقت الذى تواجه فيه البلاد كثيرا من التحديات الاقتصادية والامنية. واعلن السيسي عن تبرع السلطة بمبلغ 100 مليون جنيه للمتضررين وتسيير جسر جوى لاغاثتهم.