إنه الدكتور حسن أبشر الطيب الذي لقى ربه في داره بالقاهرة يوم الأربعاء 9 يناير 2013م - 28 صفر 1434ه ليقبر صباح الخميس في مقابر (حلة حمد) حيث عرف والده في حياته بأنه أحد خليفة خلفاء الختمية في بربر. كما نصب له ديوان أمام داره بحي كوبر - الخرطوم بحري حيث توافد إلى هناك الكثيرون من مختلف فئات المجتمع. فقد كان للراحل حضوره ومساهماته وعطاؤه في كل المجالات - تقريباً - ونخص منها بالذكر تلك الفكرية والثقافية والإدارية والمجتمعية.. فالراحل حسن أبشر - كما تقول الذاكرة - وهو طالب بجامعة الخرطوم كان له برنامجه الاذاعي المشهور يومئذ (من المدرج إلى الميكروفون) الذي صعد عليه وعبره الكثيرون من الشعراء والفنانين والمفكرين إلى الشهرة والاحتراف. وما جاء بعد تخرجه وتخصصه في الإدارة وانشغاله بالفكر والثقافة والأكاديميات والدبلوماسية ثم التوثيق في الداخل والخارج واشتهاره بالموضوعية والشجاعة المهنية كثير، كما ذكر البعض عشية تأبينه. ومنهم السيدان حسن تاج السر وأحمد عبد الرحمن وهما الأكثر قربى منه. فقد تابعا كغيرهما مسيرته كوزير دولة ودبلوماسي ثم خبيراً في منظمة العمل الدولية وسلطنة عمان والأردن ومصر في الخارج. لكن، وكما نعلم نحن من عاصرناه فيما بعد، فقد كان الراحل حسن أبشر - تقبل الله منه - مستودع وفاء وخزينة معرفة وعلاقات فكرية وثقافية واجتماعية وصحفية. ففي داره بالمعادي في القاهرة كنت تجد من الرموز الطيب صالح وعلي التوم وصلاح أحمد وأحمد عبد الحليم ومحمد الحسن أحمد ودفع الله الحاج يوسف وأحمد عبد الرحمن وغيرهم كما الحال في لندن حيث حسن تاج السر وهؤلاء كلهم أهل فكر وعطاء اعترف ببعضهم ووثق لمن رحلوا منهم الراحل مع آخرين منهم الدكتور التجاني الطيب. ولأن الراحل كان مستودع وفاء - كما ذكرنا - كنت تجده في مقدمة من يهبون من يرحلون من رموز المجتمع وأبنائه البررة كالراحلين فتح الرحمن البشير رجل الأعمال الكبير ورجل القانون والتشريع محمد يوسف محمد إذ بالنسبة للأول كان الراحل حسن أبشر أبرز من أداروا عشية التأبين في دار أصحاب العمل اعترافاً ووفاءاً لأهل الفضل ثم عكف من بعد على سيرة الراحل فتح الرحمن وأخرج سفراً ضخماً خاصاً بذلك. وكذلك الحال مع الراحل الأديب الطيب صالح حيث تابع ترتيبات رحيله من الألف إلى الياء - كما يقولون - وختم ذلك بالعكوف على ماأنتج الراحل الطيب صالح حيث جمعه وعلق عليه. أما بالنسبة لمحمد يوسف محمد فقد قاد بما له من خبرة واخلاص خطة التوثيق والسيرة الذاتية للراحل إلا أن ظروفه الصحية لم تمكنه من مواصلة المشوار حتى وافته منيته قبل أيام وعثر عليه ذووه في غرفته وهو يبتسم ويرفع اصبعه بالشهادة - كما رووا.. وذلك حسن الختام فيما نحسب. لقد رحل أخونا الدكتور حسن أبشر الطيب - رحمه الله - تاركاً خلفه الكثير مما هو حري بالذكر والتوثيق. فقد عاش لذلك وبه ضارباً المثل لغيره من تلاميذه وزملائه وأصدقائه وعارفي فضله - تقبل الله منه وأحسن إليه وعَزّى أهله ووطنه وعارفي فضله في الداخل والخارج فيه - انه نعم المولى ونعم النصير.. والموت حق.