في خطوة يرى البعض انها تأخرت كثيرا اعلن ممثلو جبهة الشرق بصندوق الإعمار والتنمية رفضهم للطريقة التي يدار بها الصندوق ،وامهلوا رئاسة الجمهورية شهرا لتصحيح الاوضاع ،فيما اعتبرت احزابهم الغاء المؤتمر الصحفي الذي كان مزمعا عقده امس بوكالة سونا يندرج في اطار الصراع بين من يريد كشف الحقائق ومن يسعي الي حجبها. ويعتبر صندوق إعمار وتنمية الشرق الذي تشارك في مجلس ادارته جبهة الشرق حسب اتفاقية اسمرا بثلاثة ممثلين مقابل سبعة من المؤتمر الوطني من الملفات التي حوتها الاتفاقية ومثل غيره من الملفات الاخري مثل الترتيبات الامنية والخدمة المدنية والمشاركة في السلطة، ظل مثار انتقاد من جانب الموقعين علي الاتفاقية الذين يتهمون الحزب الحاكم بالسيطرة عليه، وكأن ممثلو جبهة الشرق ارادوا امس توضيح حقائق غائبة عن الرأي العام عما يجري بالصندوق ، وهنا يقول عضو مجلس ادارة الصندوق ورئيس حزب الشرق للعدالة والتنمية عبدالقادر ابراهيم ان التهميش الذي ظل يتعرض له ممثلو جبهة الشرق في مجلس ادارة صندوق الإعمار وجهازه التنفيذي دفعهم للمطالبة بضرورة احداث اصلاح حقيقي ،مبينا في حديث ل«الصحافة» عبر الهاتف امس ان هدفهم من المؤتمر الصحفي الذي تم الغاؤه كان توضيح الحقائق كاملة للرأي العام ، ويبدي عضو مجلس ادارة الصندوق اسفه من تصرف وكالة سونا التي اخبرتهم بالغاء قيام المؤتمر قبل ساعة فقط من موعده ،كاشفا عن دفعهم من قبل بمذكرات لرئاسة الجمهورية اوضحوا من خلالها الخلل الذي يشوب اداء الصندوق ،وانهم طالبوا بتدخلها لتصحيح الاوضاع، ويشير عبدالقادر ابراهيم الى عدم استجابة رئاسة الجمهورية لملاحظاتهم ، موضحا انهم سعوا كثيرا خلال الفترة الماضية لاصلاح الاعوجاج الموجود في ادارة الصندوق الا ان مساعيهم ذهبت سدي ولم تنجح ، دامغا مدير الصندوق بالهيمنة الكاملة علي الجوانب التنفيذية والتشريعية ، ويري ان اصلاح حال الصندوق يتوقف علي اعمال مبدأ الشفافية في طرح العطاءات وكل مايتعلق بالدعومات المالية التي يستلمها ،ويعود ليشير الي عدم معرفتهم بتفاصيل الملف المالي الذي وصفه بالغامض ،معتبرا ان ما جاء في تقرير المراجع العام الاخير يستوجب معالجة السوالب التي اوضحها ، ويري ان استفادة مواطن الشرق من الصندوق تتوقف علي ضرورة ان يدار بشفافية ومؤسسية بعيدا عن سياسة الاقصاء والغموض . ويعتقد قطاع واسع من مواطني الشرق ان الصندوق لم يحقق الاهداف المرجوة منه ،وهذا الرأي يستحوز علي انطباع سكان الولايات الثلاث الذين يرون ان الحزب الحاكم يفرض سيطرته علي اموال الصندوق وان المشاريع التي تم تنفيذها خلال السنوات التي اعقبت اتفاقية الشرق لم تأت ملبية للطموحات وذلك لأنها ركزت علي جوانب محددة واهملت المشروعات التنموية التي يستفيد منها مواطنو اقليم ظلوا يشكون الفقر والمرض والجهل ،ويعتقد عضو تشريعي ولاية البحر الاحمر حامد ادريس ان المشروعات التي نفذها الصندوق لم يكن لها اثر علي حياة المواطنين . ويقول في حديث ل«الصحافة» عبر الهاتف امس ان الصندوق اهمل اهم مشروعين بالشرق وهما دلتا طوكر والقاش ،وزا:اذا قام الصندوق بتأهيل هذين المشروعين لاخرج نصف سكان الشرق من دائرة الفقر ،وهنا ايضا لابد من الاشارة الي ان المناطق المتأثرة بالحرب في كسلا والبحر الاحمر وللمفارقة لم تحظ باهتمام من جانب الصندوق الذي اهتم بتنفيذ المشروعات التي تحددها حكومات الولايات وليس المواطنون الذين تم انشاء الصندوق من اجلهم ،ويعتبر ادريس ان صندوق تنمية وإعمار الشرق يحتاج لاعاة صياغة حتي يستفيد منه المواطن. ومن القضايا التي تحسب علي الصندوق وظلت بمثابة القنبلة الموقوتة ملف المسرحين الذين وبشهادة رئيس مؤتمر البجا موسى محمد أحمد لم يتم حسمه وانصاف المسرحين وان الصندوق لم يفئ بحقوقهم ،وقضية المسرحين ظلت تمثل هاجسا لقادة احزاب جبهة الشرق ،وكان مدير الصندوق قد صرح في العام الماضي بان هناك مبلغا تم تخصيصه للمسرحين وانه سيتم صرفه لهم ،الا ان هذا لم يحدث وهو الامر الذي جعل المسرحين يدخلون في اعتصام العام الماضي بكسلا لايصال قضيتهم التي ماتزال تراوح مكانها بحسب القيادي بجبهة الشرق محمود اسماعيل «الازهري» الذي يؤكد ان حقوق المسرحين مهضومة ،ويقول في حيث ل«الصحافة» امس ان المسرحين محرومون ايضا من التوظيف في الصندوق الذي قال انه يرتكز علي محاصصات بين مدير الصندوق وبعض من قيادات جبهة الشرق،معتبرا الخطوة التي قام بها ممثلو الجبهة بالصندوق جيدة وان كان الازهري اعتبرها جاءت متأخرة وان كان يري بان تأتي متأخرا خير من الا تأتي . ورغم الحديث الذي ظل يدور حول اموال الصندوق واخفاقاته الا ان المكون الرئيس الاخر لجبهة الشرق حزب الاسود الحرة ورغم اسهامه الكبير في قيام مؤتمر المانحين بالكويت الا انه بدأ وكأنه زاهد في مشاريع الصندوق خاصة في مناطق ثقل الحزب بكسلا التي تشكو فقر الخدمات ،واعتمد الحزب في إعمار هذه المناطق علي جهود رئيسه وابناء المنطقة ،الا ان ماحدث بالامس يعتبره الامين العام بالانابة للاسود الحرة حميد محمد حامد خطوة جريئة ستدفع الصندوق الي الاتجاه الصحيح ،ويؤكد حميد في حديثه مع «الصحافة» عبر الهاتف امس علي ضرورة اعمال مبدأ الشفافية في ادارة الصندوق وذلك للاستفادة من الاموال تتوفر لها وتوجيهها نحو المستهدفين من توقيع اتفاقية الشرق . وحين ذكرت للناطق الرسمي باسم مؤتمر البجا عصمت علي ابراهيم ان الخطوة التي اتخذها ممثلو جبهة الشرق في مجلس ادارة الصندوق والادارة التنفيذية جاءت متأخرة وذلك من واقع الشكاوي المتكررة من قادة الاحزاب والمواطنين من ضعف مردود الصندوق ،ورغم تأييده لحديثي الا انه يلتمس العذر لممثلي الجبهة ،الذين اشار الي انهم كانوا يأملون في اصلاح الحال ومن اجل ذلك دفعوا بعدد من المذكرات الي رئاسة الجمهورية ممثلة في راعي الاتفاقية النائب الاول وذلك عبر مساعد الرئيس موسى محمد أحمد ،موضحا عدم تلقيهم استجابة وتفاعل ،لافتا الي انهم اتفقوا مع المدير التنفيذي للصندوق علي تسوية بعض القضايا العالقة ابرزها تسجيل الصندوق وفق القانون الاتحادي وذلك حتي لاتتغول الوزارات الاتحادية وحكومات الولايات علي صلاحياته ،وان تعاد هيكلة الصندوق المترهلة مع ايقاف التعيينات ،الا انه والحديث للناطق الرسمي باسم مؤتمر البجا تفاجأ ممثلو الجبهة بان رئيس الصندوق يمضي في تنفيذ خططه غير عابئ باتفاقه السابق معهم ،ويقول ان هذا دفعهم لعقد مؤتمر صحفي امس تم الغاؤه لاسباب غير مبررة من سونا ،معتبرا ان ماحدث بالامس جزء من الصراع الدائر بين من يريد كشف الحقائق ومن يسعي لحجبها ،مؤكدا دعم حزبه لخطوة ممثلي الجبهة في الصندوق. من ناحيته يري المحلل السياسي محمد علي اونور، ان الخلل الموجود في مجلس ادارة الصندوق والمتمثل في وجود 3 ممثلين فقط للجبهة مقابل 7 ينتمون للمؤتمر الوطني اثر كثيرا علي اداء الصندوق وافقده التجانس والانسجام ،لافتا في حديث ل«الصحافة» ان السبب الثاني لما حدث اخيرا بالصندوق يتمثل في عدم وجود كيان سياسي علي ارض الواقع لجبهة الشرق التي قال انها موجودة فقط علي اوراق الاتفاقية ،معتبرا ان غياب هذا الجسم احدث خللا بينا في اداء الصندوق وغياب دور الرقابة عليه، ويقول اونور ان ادعاء الحكومة بان اتفاقية الشرق نموذجية يهزمها ما حدث في ملفات المسرحين والخدمة المدنية وصندوق الإعمار ، ويري ان الخروج من الأزمة الحالية بصندوق الإعمار يتوقف علي تدخل رئاسة الجمهورية وذلك لانقاذ الاتفاقية من الانهيار.