ويقصد بمفهوم الجماعة ائتلاف بين مجموعة من الاشخاص لهم خصائص عامة مشتركة مثل مستوى المعيشة ومستوى التقارب في الدخل Income أو أصحاب مهنة واحدة متشابهة في السلوك العام بجانب التقارب العلمي والثقافي وربما الانتماء الى جنس ومذهب ديني واحد. اما مفهوم الضغط فإنه مرتبط بالعمليات السياسية تحاول التأثير في صانعي القرارات في النظام السياسي من أجل تحقيق أغراضهم وفق مصالحهم، وفي عبارة أخرى فإن جماعة الضغط عبارة عن تنظيم قائم للدفاع عن مصالح معينة (نقابات اتحادات جمعيات) وقد يمارس هذا التنظيم عند الاقتضاء ضغطاً على السلطات العامة بهدف الوصول لقرارات تخدم مصلحة هذه الجماعة، وفيما بعد عرفت جماعة الضغط في الفقه والسياسة باصطلاح لوبي (Lobby) وهي كلمة انجليزية تعنى الردهة أو الدهليز أو قاعة انتظار لأصحاب المصالح لتقديم طلباتهم للوزير أو عضو البرلمان ومن هنا نشأ مصطلح لوبي (Lobby) والذي أصبح اليوم بمعنى كل نشاط يمارسه أي شخص لدى السلطات العامة بهدف الضغط في الحياة السياسية. وبات واضحاً ان الفرق بين الاحزاب السياسية وبين جماعات الضغط في أن الاحزاب قوى تهدف للوصول الى السلطة وممارستها، بينما تكتفي جماعات الضغط بالتأثير على السلطة من الخارج ولكن بهما معاً تكتمل اللعبة السياسية. وعلى هذا النحو الذي بيناه فإنهما يجعلان من هذه اللعبة أو النشاط أمراً ممكناً ولا بأس ان خالطها شيء من الدعابة القاسية في بعض الاحايين ما دام للشأن قواعد من الدهاء ان كان للدهاء قواعد وآداب ولأن السياسة كسائر الانشطة البشرية لها أولافها ومريدوها وفي هذا اعتراف بأهمية التعددية الحزبية في ممارسة الديمقراطية، إلا أنه قد يتعذر الحكم لها أو عليها خاصة اذا كان التعدد مهولا أو كبيراً مثلما الحال في الاحزاب والقوى السياسية في سائر دول العالم الثالث، ولنأخذ السودان حالة تطبيقية لها الا ان القول بجدوى هذه الاكثرية أو عدمها لم يعد مناسباً الآن الا بعد خوضها انتخابات عامة حرة ونزيهة، وفي ظل دستور يشارك في اعداده كافة الاحزاب السياسية ثم يستفتى فيه الشعب باعتباره صاحب الارادة الحقيقية وعندها فقط يمكن الحديث عن ضرورة التعددية الحزبية ومركز كل حزب وقوته السياسية وعضويته من حيث الكم بجانب امكانية تلمس القواسم المشتركة مثل التقارب في البرامج. اما الغاية او المحصلة النهائية فلا خلاف حولها بين الاحزاب وهي في ممارسة السلطة العامة خدمة الانسان السوداني تبعاً لمقتضيات الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والارجح بعد كل انتخابات تضاؤل عدد الأحزاب الحية او الفاعلة سواء بالائتلاف أو بالتساقط وشيئا فشيئا نصل الى التعددية الحزبية المثالية وان كنت لا أعرف تماما كم عدد الاحزاب السياسية السودانية حتى الآن ولكن جميعها عندي محل تقدير رغم قناعتي ان برامجها في ادارة الشأن العام قد لا تختلف كثيرا بعدد الاحزاب او القوى السياسية ولكن لا يضير وجودها حتى الآن مادام المحك أو الفيصل هو الانتخابات بمستحقاتها وفيها يكرم بعض الاحزاب بالفوز ونيل حظها في الجهازين التشريعي والتنفيذي على كافة مستويات الحكم في البلاد (اتحادية ولائية ومحلية) وبقاء بعض الأحزاب في خانة المعارضة. أما الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز لشغل أي من الجهازين فلا يعنى هذا نهاية تاريخهم بقدر ما هي لحظة أو سانحة لاعادة ترتيب أوضاعها أو تنظيم خطاها في جولات قادمات وربما اتوا بما لم يأت به الاوائل وهكذا نجد انفسنا نمتدح التعددية وندعو لها بطول البقاء حتى نصل الى حزبين او اكثر بقليل شأن كثير من الدول العظمى مثل المملكة المتحدة وتتكون من (انجلترا وولز وعاصمتها لندن، اسكتلندا وعاصمتها ادنبرة ايرلندا الشمالية وعاصمتها بلفاست، ايرلندا الجنوبية »جمهورية مستقلة« وعاصمتها دبلن) وكذلك الولاياتالمتحدةالامريكية مثالا آخر فالاحزاب الحية فيهما قليلة جدا لا تتعدى الاثنين الا بقليل وهذا لا ينفي التعددية الحزبية فيهما، ففي المملكة المتحدة نجد حزب المحافظين وحزب العمال والشيء الملاحظ فيهما سيادة المنافسة الشريفة وقدرتهما في اثراء الحياة السياسية بالعمل الديمقراطي حتى قال البعض ان نظام الحزبين السياسيين في بريطانيا يعتبر حالة خاصة وجديرة بالاهتمام أو الاقتباس منهما فهما يتنافسان ولكنهما متعاونان وهناك مقولة تبدو بريطانية المنشأ او الاصل تقول لدينا حزب واحد مقسم الى فرعين أو كذا الحال في الولاياتالمتحدةالامريكية حيث يتبادل الحزبان الديمقراطي والجمهوري مقاليد الادارة الامريكية كيفما تأتي نتائج الانتخابات ووفق ثوابت دستورية لا يحيد عنها أي حزب تكون له الرئاسة. صحيح انه ليس من المنطق ان نقيس كل شيء بالدول العظمى خاصة في ممارسة الديمقراطية فلكل ظروفه ولكن الشيء الطبيعي أن تكون الممارسة الديمقراطية في الدول الاسلامية أرسخ من غيرها اذا ما طبقت الآية الكريمة حقيقتها (وأمرهم شورى بينهم) أي أن الشأن الاداري في الدولة يبنى على مجمل الآراء في رأي واحد أو التعددية الحزبية وقبل أن نختم القول في حق التعددية الحزبية حقيق علينا التمييز او الابانة بين التعددية والتفككية والاخيرة تفيد انشطار الحزب الى أجنحة متعددة تحمل اسم الحزب الام سواء بالاضافة او بالحذف، والناس في مثل هذه الحالات يشيرون الى الحزبين الكبيرين ولكن بمقياس او بنتائج انتخابات عام 1986م وهما حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي ولا يمكن وصف ما جرى وما يجري الآن في حقهما بالتعددية الحزبية بقدر ما هي حالة من التفكك أصابت جسم أو كيان كل منهما، اللهم الا اذا اريد بالتعددية (العددية)، فالعضوية ذاتها توزعت والمبادئ في جلها هي هي، والغاية معلومة وهي اعتلاء سدة الحكم وهكذا دخلت التعددية الحزبية منعرجات ومتواليات اللعبة السياسية، وقد يتيه البعض أو يقف في منتصف الطريق (فلا كلبا بلغت ولا بنية) ومع هذا نعظم ونعلي من شأن التعددية الحزبية في بلادي من أجل لعبة سياسية تنتهي دورتها بفريقين لا أكثر، ورغم يقيننا بالقول القائل قلما تجد من بين لاعبيها (اللعبة السياسية) من لهم أخلاق رياضية، وان وجدت فهي أخلاق من نوع آخر، ومن قبيل ردات أقوال وأفعال لا تفسر.