من أول وهلة يدرك الزائر أن ولاية شرق دارفور الوليدة ولاية قامت على إمكانات وإرث محلية الضعين العريقة حاضرة نظارة عموم قبيلة الرزيقات، تماماً كما أكد معتمد محلية الضعين العقيد شرطة محمد زين محمد الشريف فى حديثه ل «الصحافة» أن الولاية قامت على أنقاض ميزانية محليته، حيث استغلت حكومة الولاية مباني المحلية، وارتكزت على ميزانيتها، مما أدى لتعطيل كل مشروعات المحلية الخدمية والتنموية، إلا أن المواطن نفسه ظل يطالب الولاية الوليدة بالخدمات والتنمية بشيء من العذر. والمعتمد من جانبه كشف أن إدارته شرعت فى إيجاد موارد إضافية من خلال إعادة وتنظيم الأسواق، فالولاية تواجهها تحديات جسام على رأسها المشكلة الأمنية وتمدد الحركات المسلحة وانتشار ظاهرة السلاح والمخدرات «إنتاجاً وترويجاً وعبوراً»، وجميعها انحرفت بأولوية الولاية الخدمية والتنموية والبنيوية للقضاء على هذا الخطر الداهم الذى استهدف الشباب فى المقام الأول، إلا أن المعتمد يؤكد أن الولاية وضعت فى خطتها عام 2013م عاماً للتنمية. فساد مالى وإدارى: التصريحات التى أطلقها نائب الوالى أحمد كبر جبريل متهما دولاب العمل بالولاية بالفساد المالى والإدارى، علاوة على اتهامه الحكومة بالمماطلة فى تنفيذ الترتيبات الأمنية، رغم اتفاق مراقبين على أنها جاءت فى غير توقيتها، إلا إنها ظلت حديث الشارع هنا فى الضعين ومحل اهتمام ومتابعة من قبل المواطنين، ولكن يظل السؤال مطروحاً لماذا جاءت تصريحات الوالى المكلف هكذا؟ فمن يدرك حقيقة وضعية الوالى المكلف الذى ينتمى إلى حركة التحرير والعدالة الموقعة على اتفاق الدوحة مع المؤتمر الوطنى، يدرك أن تصريحات كبر مقصودة لذاتها، إذ يسعى الوالى المكلف خلالها لمنحه مزيداً من الصلاحيات والسلطات التى عادة ما يحجبها الحزب الحاكم عن شركائه، وكشفت مصادر تشريعية بالولاية ل «الصحافة» أنهم سيدفعون فى منتصف الأسبوع الجارى بمسألة مستعجلة للتقصى حول تصريحات واتهامات الوالى المكلف. مشروعات تنموية وخدمية: لماذا هتفت جماهير حى السكة حديد بمدينة الضعين «كاشا، كاشا، كاشا»؟ بل أجبرته على الترجل من سيارته مطالبة الحكومة تعيين كاشا واليا عليهم، فى حضور ومسمع وزير الحكم اللا مركزى حسبو محمد عبد الرحمن ضيف الشرف، فالمتتبع لحديث المنصة عند افتتاح ثلاثة مشروعات خدمية بحى السكة حديد شملت مدرسة السكة حديد بمحلية الضعين التى نفذتها اللجنة الشعبية بتكلفة «265» ألف جنيه، ومشروع الكهرباء بتكلفة «370» ألف جنيه، ومركزاً صحياً بتكلفة «558» ألف جنيه بالتعاون مع بعض الجهات الخيرية والجهد الرسمى، يدرك أن لكاشا جعلا مقدراً فيها، فتبرع الوزير بتكلفة 50% من سور مدرسة البنات بالسكة حديد، موجها حكومة ولاية شرق دارفور للمشاركة ب 50% فى الجهد الشعبى الذى يتبناه المجتمع فى أعمال التنمية والخدمات، فيما كشف ل «الصحافة» مدير تعليم محلية الضعين الأستاذ التيجانى ماكن توتى أن 40% من مدارس الأساس بالضعين قشية من جملة «57» مدرسة أساس بالضعين، منها «41» حكومية «30 بنين، 11 للبنات» و«16» مدرسة خاصة «10 للبنين، 6 للبنات» ويبلغ عدد الطلاب «21119» طالباً وطالبة، فى وقت ينعدم فيه الكتاب المدرسى بنسبة 100% إلا عبر جهد خالص من قبل الطلاب، فضلاً عن نقص 50% من الإجلاس رغم جهود الحكومة والمنظمات، وأن مدارس الأساس تعانى انعداماً كاملاً لأى نوع من أنواع الدعم بما فيها المياه التى ظلت تشكل هاجساً، ويبلغ سعر برميل الماء سعة «44» جالوناً «8» جنيهات، ولا يوجد نقص فى المعلمين بالمحلية، أما عن التعليم غير المدرسى فقد أفصح مدير التعليم عن «62» روضة بها «4958» تلميذاً تلميذة. ومن جانبه كشف معتمد الضعين عن خطة لتأهيل شبكة مياه الضعين بتكلفة «11» مليون جنيه، ولا توجد مشكلة فى مصادر المياه لوقوع المدينة عند «حوض البقارة»، فضلاً عن توفير «ألف» لمبة لإنارة شوارع المدينة لتعزيز الحالة الأمنية، وعدد من المؤسسات العلاجية وبرنامج لإصحاح البيئة وتخطيط المدينة ومعالجة مشكلة تصريف مياه الأمطار التى أصبح سوق المدينة مقراً لها، فضلاً عن خطة لتشييد مطار الضعين فى مساحة «32» كيلومتراً مربعاً ليكون مطاراً دولياً عبر جهود الطيران المدنى وتمويله للعام الجارى، أو عبر اليونميد لتنفيذ «3» كيلومترات باعتبارها مهبطاً، و«4» كيلومترات طول الطريق بين المطار ومدينة الضعين. وأكد المعتمد أن منظمة «سبدو» للسلام والتنمية تعمل بالمحلية فى ترقية وتطوير الضعين. كود خاص لطلب المخدرات والمسكرات: ولم تكن الأوضاع الأمنية بالمنطقة بالجيدة فى وقت ترصد وتتابع فيه القوات الأمنية تحركات «80» عربة تاتشر مدججة بالسلاح فى طريقها من الجنوب، وقد أصابت منطقة الدبكر وأم بركة وما حولها بالقطاع الغربى بجنوب كردفان، ويتوقع لها أن تمر بالمنطقة، فيما مازالت القوات الأمنية تطارد « شبكة إجرامية» استولت على «4» سيارات عند منطقة غزالة جاوزت وقد استعادت إحداها، إلا أن المنطقة كما وصفها معتمد الضعين فإنها «بؤرة للجريمة» منظمة وفردية من حيث الحركات المسلحة وانتشار السلاح وترويج وإنتاج وتجارة المخدرات، إلا أن المعتمد فجرها مدوية بأن انتشار المخدرات وسط شباب الولاية سيما بداخل أسواق ومدينة الضعين بشتى الأساليب شيء مؤلم، كاشفاً عن عدة مواقع تستخدم تجارة المخدرات بعدة أساليب عبر استخدام الشيشة والخمور عبر أماكن المرطبات، وتستخدم كوداً خاصاً «13» وموسيقى خاصة معروفة لشراب الشربوت المخلوط بالمسكرات، إلا أن المعتمد أكد أن لدى إدارته خطة لتنظيم وضبط أندية المشاهدة وليس إلغاءها، واصفاً وجودها بالأهمية بمكان لقتل الوقت ومراقبة السلوك، متخوفاً من أن يؤدى قفلها نهائياً لعواقب وخيمة. «التمليش ظاهرة» مجتمعية خطيرة: وأبان معتمد الضعين أن سكان محليته «650» ألف نسمة يوجدون فى ثلاث وحدات إدارية هى «الشمالية والجنوبية والجلابى»، منهم «102» ألف شخص من النازحين بمعسكر «النيم»، ولم ترصد مهددات سلوكية حسب إفادات المعتمد، إلا أن معسكر خور عمر الذي به «8» آلاف نازح فقد رصدت فيه حالات سلوكية غير سوية. وكشف معتمد الضعين عن خطة لقيام مجالس تشريعية بمحليات الولاية المختلفة لتساهم بالتشريعات اللازمة بالمحليات، إلا أن المعتمد كشف عن ظاهرة سلوكية خطيرة سماها عملية «التمليش» قال إنها ثقافة الحرب المكتسبة جراء تصرفات الحركات المسلحة، ولكن دعونا نتعرف على الظاهرة نفسها، يقول إن الأطفال يتحركون من حى لآخر فى شكل مليشيات يسمونها «تورا بورا، جنجويد» يقوم خلالها فريق بالهجوم على آخرين وربما يؤدى ذلك لإصابات بالغة، ويقول المعتمد إنها تشكل عقبة كبرى فى سبيل الاستقرار ومستقبل هذه المجموعات. العريضة مجاناً للمواطن: وللوقوف على حجم القضايا والسلوك المجتمعى، يؤكد مدير الإدارة القانونية بشرق دارفور مولانا أحمد المصطفى آدم، أن عام 2012م شهدت فيه الولاية «12574» بلاغاً، منها «142» بلاغاً جنائياً تحت المادتين «139» الأذى الجسيم و «130» القتل العمد، وبلاغات أخرى عن جرائم المخدرات والتهريب، مبينا أن أغلب البلاغات عبارة عن مشكلات مجتمعية من زواج وخمور. وأكد مدير الإدارة القانونية أن بعض الجماعة تعتبر الخمر «غذاءً» وليس «سكراً»، كاشفاً عن إنشاء «4» نيابات جديدة، وأن إدارته خطت خطوات جادة لإصدار قانون للإدارة الأهلية بالتنسيق مع وزارة العدل، مشيراً إلى لائحة تعويضات البترول الفردية، وقال إنها «5» آلاف جنيه للكيلومتر، فضلاً عن خدمات جماعية، وأن هنالك لجاناً للمتابعة، فيما طالب مولانا بتقوية الإدارة الأهلية التي يراها مهمة لمساعدة إدارته في حسم الكثير من السلوكيات المجتمعية والظواهر السالبة وحل إشكاليات الرعاة والمزارعين، مؤكداً أن دارفور يشهد لها بذلك، وأن إدارته تسعى للعودة لتلك الجذور. عودة الإدارة الأهلية لدورها الفاعل: رئيس المجلس التشريعى لولاية شرق دارفور موسى جالس «ناظر عموم البرقد» أكد ل «الصحافة» أن الحركات المسلحة والمخدرات وظاهرة انتشار السلاح من أكبر المهددات بالمنطقة، مؤكداً أن المجلس يسعى لوضع كل هذه الأمور فى نصابها الصحيح، إلا أن جالس طالب رئاسة الجمهورية بإصدار قانون للطوارئ لحسم التفلتات القبلية والحركات المسلحة معاً، مع تفعيل أجهزة الدولة للقيام بدورها والاستعانة بالإدارة الأهلية، لأنها وحدها من تستطيع أن تفرق بين «النهب» و«المجموعات السياسية». وكشف رئيس المجلس التشريعى ل«الصحافة» عن مبادرة لعقد مؤتمر للأمن تحت شعار «الأمن أساس التنمية والاستقرار» يعقد بالخرطوم تحت رعاية وإشراف رئاسة الجمهورية.