لاتزال حرفة وتجارة «العنقريب» حاضرة رغم المنافسة من الاثاث المستورد، هكذا تبدو الصورة فى سوق العناقريب بسوق امدرمان العتيق. ويقول التاجر مدثر ابراهيم حاج حسين قسم السيد بشارع العناقريب بسوق امدرمان انهم من مؤسسي سوق العناقريب وان جده مصطفى حسين أول من فتح محلا لصناعة وتجارة العناقريب ويعتز مدثر بالمهنة التي توارثها ابا عن جد. ويصف مدثر مراحل صناعة العنقريب التي تعتمد على اشجار السدر والسنط مشيرا الى ان اهم مناطق انتاج الاخشاب هى الدمازين والرصيرص وكان العنقريب يصنع قديما باستخدام آلة «القدوم» فى نحت وتسوية القطع الخشبية لتحول الى قطعة فنية لتأتي بعدها مرحلة اللمسات الاخيرة بوضع عجينة خاصة لمعالجة الشقوق الناتجة من تمدد الخشب والصنفرة والطلاء بالوان العنقريب المميزة ويوضح مدثر ان اخر المراحل هى النسج والذي يختلف باختلاف المادة التي ينسج بها، البعض يفضل جلد البقر فيما يعرف بعنقريب القد نسبه لتخريم الجلد، ويستخدم البعض السعف والدبارة التي تستورد من كينيا وتنزانيا ومصر وهناك العصب يستورد من كوريا ومصر والصين واكثر فترات رواج تسويق العنقريب مواسم الاعياد (الفطر والاضحية) ولان العنقريب موروث ثقافي يحدد هوية المجتمع الذي ينتشر فيه فان مسمياته تختلف من مكان لاخر حسب نوع الصناعة او الاستخدام يقول مدثر ان اشهر مسميات العنقريب هي عنقريب القد المنسوج من جلد البقر والهبابي القصير الذي يكاد يلامس الارض مشيرا الى انه انحصر الان في خلاوي الطرق الصوفية وهناك عنقريب المنجرة ويكشف عن بعض انواع العناقريب انتشرت في حقب معينة كعنقريب ابو السروج الذي زاع صيته في فترة الاربعينيات وحتي منتصف ستينيات القرن الماضي مشيرا الى ان هذا العنقريب يتميز بطول ارجله ومساحته العريضة ويتميز العنقريب بخفة وزنه وجمال شكله وسهولة تنقله. ويؤكد مدثر ان العنقريب تتعدد استخداماته واغراضه مشيرا الى السعة والراحة التي يوفرها العنقريب وابان ان العنقريب يتميز بسهولة الحمل والتناول والاستخدام دون اي تعقيدات مشيرا الى ان معظم اهل الريف ينامون فيه دون استخدام مرتبة، ويلفت مدثر الى دور العنقريب في الحياة الاجتماعية عند لحظات الموت حيث تحمل الجنائز الى المقابر بالعناقريب واشار الى الدور الذي يلعبه العنقريب في لحظات الفرح حيث يستخدم «عنقريب الجرتق» وعنقريب الحق الذي ظهر في فترة السبعينيات واشار مدثر الى اشكال العناقريب التي ابتدعها اجداده حينما ادخلوا عليه اشكالا ومسميات كعنقريب البلابل وعنقريب الكادر واحفظ مالك على ان تطور الحياة ودخول خامات جديدة مجال الصناعة القى بظلاله على العنقريب ويقول مدثر ان دخول خام الحديد كان احد اسباب تراجع العنقريب في حياة الاسر السودانية نسبة لرخص التكلفة وسهولة التصنيع ويؤكد مدثر ان اهتمام الناس بعاداتهم ورغبة البعض في استعادة الايام الخوالي تدفع بالعنقريب الى دائرة الضوء مجددا وتعانى هذه الصناعة التقليدية من ندرة الايادى العاملة وانعدام تواصل الاجيال مهنيا الامر الذى سوف يقود الى ضياع اسرار وفنون الصنعة.