ما أن توقفت كرنڤالات نهاية العام في رياض الاطفال وتوزيع شهادات الطلاب في مدارس الاساس معلنة بداية الاجازة الصيفية حتى ارتفعت نداءات بداية الانشطة الصيفية من المساجد والمراكز الاجتماعية وارتفعت الدعوات بان يقبل الصغار الى الخلاوي. وان كانت الخلوة جزء من الموروث الثقافي والاكاديمي السوداني الا ان كثيرلً من التغيير والتعديل بدأ يظهر على ملامح المؤسسة العتيقة وان حافظت على جزء كبير من موروثها القديم في بعض مراكزها العتيقة فالعودة المعتادة للموروث السوداني للخلوة المتمثل في التقابة والنار التي توقد لطرد الحشرات وتوفير الضوء للطلاب الذين يسهرون في القراءة والحفظ اصبح نادرا ان يتوفر في خلاوي المدن. فلم يعد للمسيد وجود في الاحياء داخل المدينة واستبدل بمسجد الحي او الزاوية او النادي الاجتماعي وكذلك تبدلت مظاهر الطلاب ووسائل تلقيهم للدروس والحفظ فالالواح الخشبية التي كانت عماد الخلاوي تلاشت الآن واختفت بزخارفها الجميلة التي تنتعش بالحجر الجيري والالوان التي يصنعها الطلاب وكذلك اختفت الاحبار واقلام القصب وذهب معها الخط الجميل الذي تميز طلاب الخلاوي، فقد كان لنسخ الرقعة والثلث مكان يوازي ابن مالك في التجويد، وكان لكتابة الآيات المباركة من القرآن الكريم اعتقاد خاص للحفظة، فالزمن في حفظ القرآن الكريم كان يتبعه تشريف فني للزخارف الاسلامية على جنبات لوح للحفاظ يجعل لعلاقة اللون والزخارف دلالات ذات معنى جمالي وروحي وتشريف وسط الطلاب في الخلوة، وفي رحلة البحث عن آثار الماضي وسائل التعليم الخصائص المتميزة لمؤسسة الخلوة تظهر طريقة التلقين المتميز المعروفة «بالجدعة» والتي تجعل من اذهان الحفظة في حالة اتقاد مستمر في الحفظ لمختلف القراءات، وكانت قراءة ورش الاشهر عند اهل السودان. وعلى الرغم من التطور الكبير الذي شهدته مؤسسات التعليم في السودان فان مؤسسة الخلوة تميزت بانها الاكثر قدرة على تطوير المهارات، فقد ارتبط التعليم ما بين مهارة الحفظ والعمل الجماعي ومهارات الكتابة والرسم، فالنشاط التعليمي يعمل على تنمية مهارات متقدمة ليبقى تساؤل مهم يجب ان تطرح ماذا ستقدم خلاوي اليوم بعد عام دراسي مرهق تنعدم فيه الانشطة الخفيفة وخالي من معايير قياس نمو المهارات هل تستطيع الاندية والمراكز الاجتماعية والخلاوي الموسمية في المساجد في تطوير مهارات الصغار. ربما تستطيع ولكنها وفي غالبها تحتاج الى توفير الكثير حتى تصبح جاذبة لاجيال تسهم التقنية في تشكيل شخصياتهم.