إحتفلت الشركة السودانية للهاتف السيار(زين) بختام فعاليات الدورة الثالثة لجائزة الأديب الطيب صالح للإبداع الكتابي العالمية وقد إستمرت فعاليات عرس الزين لمدة يومي 21،22 فبراير 2013م ، صحبها برنامج إفتتاحي فخيم وراقي حضره ممثل رئاسة الجمهورية والعضو المنتدب والسفراء و الدبلوماسيين وحضور كبير من الأدباء والمثقفين والمهتمين كماصحبها تقديم أوراق علمية ونقاشات أدبية متنوعة بصحبة أساتذة وأدباء ومفكرين وأساتذة جامعات من داخل وخارج السودان من الأشقاء والأخوة العرب وإختتمت الفعاليات مساء الجمعة 22 فبراير 2013م علي يد وشرف النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ/ علي عثمان محمد طه ،الذي ظل راعياً ومتابعاً للإحتفال بالجائزة منذ الدورة الأولي وتأسيسها وكذلك بحضور العضو المنتدب لشركة (زين) سعادة الفريق طيار/ الفاتح عروة وكذلك البروفسير العلامة /علي محمد شمو رئيس مجلس أمناء الجائزة وبقية الأعضاء و الطاقم الفريد الذي إجتهد فأحسن الإخراج وكانت اللفتة البارعة من القائمين علي أمر الجائزة بإختيار الصحافي الكبير العملاق محجوب محمد صالح كشخصية العام وتكريمها علي مابذلته من جهد مقدر في مجال الصحافة لمدة أربعة وستون عاماً بحس مهني ووطني عالٍ. أود هنا أن أتقدم بملاحظة أومقترح ،لماذا لايحول القائمون علي أمر الجائزة الإحتفالية إلي موسم ثقافي أسوة بالموسم الثقافي الذي يعقد في مدينة أصيلة المغربية التي كان يزينها الطيب صالح عليه رحمة الله بحضوره الأنيق وللطيب صالح القدح المعلي في تطوير منتدي وموسم أصيلة بالمغرب العربي ، وهنا تجدر الإشارة إلي الإهتمام والإعجاب والود العميق الذي يكنه أهل شمال إفريقيا له ولأعماله الأدبية الموسومة، وإذا نقبنا في دفاتر مدينة أصيلة المغربية نجد أن الطيب صالح جزءاً مهماً فيها وأن الطيب صالح كان يحضر علي الدوام هناك ولكن لم يتردد من الحضور إليها الإ عندما علم إن إحدي مواسم أصيلة إختارت أن تكرمه فحاول الإعتذار والتردد إلا أن إصرار السيد محمد بن عيسي وزير الخارجية أصر أيما إصرار ولعل إفادته في ذلك خير شاهدٍ ((وتحدثنا مرات هاتفياً من واشنطن ولندن للتحضير لحفل تكريمه في أصيلة ،شيء لا يصدق ،في كل مناسبة كنت أشعر بأن الطيب صالح كان يتهرب في عفوية الطفل وإمتعاض العذراء. لم يستسغ قط فكرة تكريمه « لا ياراجل والله لا أستحق التكريم ، هناك غيري ممن يستحقونه». كان يردد لي ذلك كلما فاتحته في الموضوع حتي أحسست أنه فعلاً لايرغب في أن يكرم وأنه فعلاً غير قادر علي الرفض ، وصارحته بذلك وإعترف وأخيراً رضخ.هكذا هو سيدي الطيب .. الحشوم الوقور المتواضع المتقشف البسيط .. الإنسان البسيط ..الإنسان المسالم بقلبه ووجدانه وعقله وتصرفاته وقلمه .وأصيله وهي تكرم سيدي الطيب إنما تردّ للرجل بعضاً مما أعطي للعرب أولاً ، وللفكر والإبداع العالميين ثانياً))1. ماقدم من أوراق علمية إبان الدورة الثالثة 21/22/فبرير2013م كان أمراً جيداً وقطعاً مفيداً مهما إختلفت الأراء وإتفقت فالتقديم دوماً يعد إضافةً إلا أن ملاحظتي أن الزمن الذي خصص للأوراق كان ضيقاُ جداً من ناحية المساحة التقديمية لصاحب الورقة وضيق من ناحية التعقيب لأن المجهود الذي يبذل في الورقة أكثر من المجهود الذي يبذل في البحث فيمكن تسمية الورقة العلمية بأنها بحث مختزل وتحتاج للياقة الزهنية العالية حتي يحسن تقديمها وكذلك الحال في التعقيب عليها ونقدها والإفادة فيها وحتي فرصة المشاركة للجمهور بمختلف قطاعته الحاضرة ومستوياتهم العلمية المتفارقة لكن هذا لايمنع من الثناء والإشادة بالأوراق التي قدمت وإبتدر النقاش فيها إيماناً بمذهب صاحب عرس الزين وموسم الهجرة إلي الشمال(الطيب صالح) بأن النقد المبني علي المحبة أفضل من النقد المبني علي الكراهية وإن التركيز علي الجوانب الإيجابية أفضل من الجوانب السلبية لأن القاعدة تقول إن نسبة الإيجابيات إذا زادت تغفل الإهتمام علي السلبيات إن وجدت فتامل!!. أحاول هنا أن أتقدم بمقترح بإنشاء صندوق إقتراحات خصيصاً للجائزة حتي تستفيد الجهات التي يقع علي عاتقها أمر الجائزة من أراء النقاد والمثقفين والمهتمين حتي يتوسع شأن الجائزة وتستفيد من كل تجارب الدورات السابقة من أجل تحسين الدورات القادمة وهنا أشير بوضوح إلي أن باب التراجم كان مغلقاً في الدورة الثالثة وأن تستوعب الجائزة الأعمال بلغات مختلفة حتي ولو تدريجياً وأعلم أن هذا الأمر يصعب من مهمة المحكمين ومع الملاحظة أن هناك زيادة في حجم المشاركات المحلية والعالمية وهي زيادة تحكمها علاقة التناسب الطردي ،وأتمني أن يزيد الإهتمام بموضوعية المسابقة والأراء حولها لأن الدورة الثالثة في إعتقادي كانت صعبة من حيث الأسئلة والموضوعات التي تنافس فيها المتنافسون وبها نوع من التقيد الشديد وأن المبدع لايحب التقيد بل يحب المسافات العريضة ليطلق العنان لقلمه وخياله الخصب لأحظت أن أسئلة الدراسات النقدية كانت مقيدة وأقرب إلي مجال التخصصية الشديد وأرجو أن لاتفوت هذه الملاحظة علي اللجنة المنظمة للمسابقة . التهنئة للأخوة الفائزين وهم من المغرب والجزائر ومصر والعراق والسودان ونقول لهم الف مبروك وأنتم تتوشحون بجائزة الطيب صالح وتضعون علي رؤسكم عمامته السودانية المميزة التي أغرت الشاعر العراقي بلند الحيدري وعلق عليه قائلاً( ويبقي أخيراً أن أقول إن صورة الطيب صالح بعمامته السودانية والتي تتصدر كلماته الأسبوعية في مجلة « المجلة» قد أخذت تغريني بعمة كردية لرأسي تتصدر صفحتي الأسبوعية في المجلة المذكورة.. لم لا فشعبانا حريان بأن نذكر العالم بهما حتي بالزي الذي يرمز إليهما)2. كما لايفوتني الثناء علي كلمة البروفسير علي محمد شمو في البرنامج الإفتتاحي لختام فعاليات الدورة الثالثة وهويزجي الشكر لمركز عبد الكريم ميرغني الثقافي الذي بدوره ينظم جائزة بإسم الطيب صالح يتنافس فيها المتنافسون ولها إسهام كبير في وصول أصوات والوان روائية جديدة علي الساحة الأدبية دون شك مقتدرة وواثقة من نفسها تنم وتبشر بمستقبل واعد للأدب السوداني عموماً. أيضاً ثناء وتذكر البروفسير علي محمد شمو للراحل المقيم د.حسن أبشر الطيب رحمة الله عليه والذي فارق الدنيا قبل شهرين الأوهو الصديق الوفي للطيب صالح وهو الذي أقام المحاضرات والندوات منوهاً عن أدب الطيب صالح في السودان وفي خارجه بصورة كثيرة وقد أوفي لصديقه الطيب صالح أيما وفاء ويقول الطيب صالح عن صديقه الدكتور حسن(صديقي حسن أبشر الطيب تعرفت عليه في الستينات أحببته كثيراً وفيه دماثة وطيبة أهل القري).وأظن أن الدكتور حسن أبشر رحمه الله ضرب لنا مثلاً من الوفاء النادر وهو يحرر كتاباً رائعاً عن صديقه الطيب صالح ويقول الدكتور في مقدمة الكتاب (تقديراً لهذه السجايا الفاضلة والقدرات الإبداعية المتميزة فقد وجدت دعوتنا لتكريم الأستاذ الطيب صالح الترحاب والإستجابة الفورية التي تفيض حماسةً من أصدقائه ومريديه وقرائه.وكان نتائج إسهاماتهم الخصبة الوافرة هذا الكتاب الذي يمثل أنشودة محبة ووفاء في عيد ميلاده السبعين)3. وحدثني ذات مرة الدكتور حسن أبشر الطيب أن هذا الكتاب قامت بطباعته وتجهيزه للنشر دار رياض الريس للكتب والنشر ،لبنان ،بيروت لصاحبها الصحفي رياض نجيب الريس ، وأن كتاب الطيب صالح ،دراسات نقدية يعتبركتاب أنموذج model وكان رياض نجيب الريس يبحث عن نموذج كتاب يوثق فيه لمسيرة والدة الراحل نجيب الريس فماوجد إلا كتاب الطيب صالح نموذجاً يحتزا به في ذلك فتامل!!. أخيراً وليس أخراً مبروك للفائزين بالجائزة ورحمة الله علي الأديب الطيب صالح الرجل الذي ملاء الدنيا وشغل الناس كما فعل أستاذه من قبل أبي الطيب المتنبي ورحم الله الدكتور حسن أبشر نموذج الصديق الوفي.ولشركة زين ومجلس أمناء الجائزة والعقد الفريد مني إليكم منظوم الشكر الجزيل. الهوامش: 1/ الطيب صالح دراسات نقدية ،سيدي الطيب الحشوم الوقور، محمد بن عيسي ص21 . 2/ الطيب صالح دراسات نقدية ،الطيب صالح في إبداعه وغربته،بلند الحيدري ص64. [email protected]