كشف تفاصيل القصف على فندق مارينا في بورتسودان    صور خاصة للعربية للحرائق في ميناء بورتسودان عقب هجوم بمسيرة    . إلغاء رحلات جوية عقب استهداف مطار بورتسودان بمسيرة    الناطق الرسمي للحكومة: قضية الأمة السودانية ضد دولة الإمارات لن تتوقف عند محطة المحكمة الدولية    ما هي "الخطة المستحيلة" لإيقاف لامين يامال؟ مدرب إنتر يوضح    ((منتظرين شنو أقطعوا العلاقات واطردوا سفيرهم؟؟))    تركيا تعلن استنكارها استهداف المرافق الحيوية ببورتسودان وكسلا بمسيرات المليشيا المتمردة    كيف سيواجه السودان حرب الصواريخ والمسيّرات؟!    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط سخرية الجمهور.. خبيرة تجميل سودانية تكرم صاحبة المركز الأول في امتحانات الشهادة بجلسة "مكياج"    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    عبد الماجد عبد الحميد يكتب: معلومات خطيرة    تشفيره سهل التحرش بالأطفال.. انتقادات بريطانية لفيسبوك    باكستان تجري تجربة إطلاق صاروخ ثانية في ظل التوترات مع الهند    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ((آسيا تتكلم سعودي))    "فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتحاد الكتاب السودانيين.. تحديث التخلف
نشر في الصحافة يوم 23 - 03 - 2013


الشيخ فرح ود تكتوك
قررت في البداية تجاهل بيان اتحاد الكتاب السودانيين عن جحود مدير مركز الدراسات السودانية، بهدف عدم إثارة معارك جانبية سوف تثير الشماتة.
كما أنني فهمت البيان في حجمه الطبيعي باعتباره تصفية حسابات شخصية من قبل عضوين فقط، قاما باختطاف مؤسسة ديمقراطية، وللأسف تمثل افتراضا عقل وضمير هذا الشعب المغلوب على أمره. ويضاف الى ذلك أنني مشغول بعمل كبير عن التاريخ الاجتماعي للسودان ولا أريد الخروج من أجوائه للمهاترات التي أجادها اصحاب البيان، واعترف بأنني لا أستطيع مجاراتهم في هذه الموهبة الربانية الفريدة.
استشهد بمقولة الاستاذ «محمود محمد طه» حين يطلب منه تلاميذه الرد على اسفاف خصومه: «كل زول يدي العندو». أخواننا في اتحاد الكتاب لو كان عندهم شيء غير العنف اللفظي والمهاترة واغتيال الشخصية لقدموه. فهم للأسف تربوا في أحزاب أوحت لهم أن القوة في العنف وتقليل قيمة الآخرين وعدم احترامهم طالما لم تشملهم الطبيعة بنعمة الايديولوجية التي احتكرتها هذه الأحزاب التقدمية. فقد قلت في الورشة عن طريق «الاسكايب» إنني عاتب، وهذه كلمة ودودة وشديدة التهذيب، عند الذين ليس في قلوبهم مرض. ولم أصدر بياناً ولم أقل «أشجب» أو «أدين» موقف اتحاد الكتاب. وبيانهم نفسه يقول: «الما رادك ما لامك» كما نقول. ولكن للعتاب شروط منها العلم بحقائق الموقف المستوجب للوم ودقائقه بأفضل مما توافر لحيدر في القاهرة. ورأس هذه الشروط في اللوم أن يقع على بينة من حسن النية. وأعلم أن لي نية واحدة هي التي جلبت لي كل هذا الحقد والعداء غير المبرر. ولكن كان البعض يترصد وقرر القيام بحملة الدفتردار التأديبية ويجب ألا يضيع هذه الفرصة. وسكت.
لكن عندما رأيت خطاب الدورة الكارثة يذكر ضمن أهم إنجازات الاتحاد البيان التأديبي عن جحود مدير مركز الدراسات. وقلت هؤلاء قوم استفزازيون وحقّارين. وتأسيت بأن وضع الندي في موضع السيف فعلاً مضر ويجلب لك سوء الأدب. فقد كان عليّ أن استوعب كيف لي، وقد بدأت التدريس عام 1966 ويأتي بعض صبية عام 2013 ويصفونني بالجحود، رغم كل العمر الطويل الذي أفنيته في خدمة هذا الوطن بلا امتنان ولا طمع. فهذه صفة وضيعة لو يعلم من أطلقوها مجاناً. ولكن شكرا لهم فقد أجابوا على سؤال «الطيب صالح»: من أين أتي هؤلاء؟ وصارت الاجابة واضحة مادام في الجانب الآخر من يصدرون مثل هذه البيانات عن رفاق لهم. فقد أتوا من عيوبنا وقصورنا. وقلت فعلاً: كما تكونوا يول عليكم! فهؤلاء معارضون وديمقراطيون يشبهون حكامهم تماماً. فلماذا نغضب من لغة نافع والطيب مصطفى واسحاق فضل الله، هل لأنهم إسلامويون؟ عذراً، هناك من يشبهونكم في المعسكر المقابل، يشتركون معكم في الجلافة والعنف والعنجهية.
كنت أطمع أن يخاطبني رئيس الاتحاد بنفس اللهجة والروح التي خاطب بها ابراهيم غندور رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، بصفته الاخرى كمنسق الملتقي التفاكري «الدوحة» يطلب منه تحديد موعد للقاء أعضاء الملتقى. ولكن هذا الأخ، للأسف، يحمل حقداً جارفاً وخالداً، منذ أن عارضت طريقة ترشيحه نفسه لرئاسة الجمهورية. والحقيقة استغرب كيف يستطيع إنسان في مثل هذه السن أن يحمل مثل هذا العبء من الحقد ويتجول به طوال هذا الوقت؟
تصور أيها القارئ الكريم أن يفخر اتحاد كتاب في الدنيا في خطاب دورته، بإنجازات تتمثل في تأديب «شبكة الصحفيين» ثم مدير مركز الدراسات السودانية؛ ببيانات رادعة! كنت انتظر أن يعدد الاتحاد، ويسرد عدد الكتب والاصدارات التي نشرها خلال عام الدورة، وعدد المسرحيات التي أخرجها أعضاؤه، والأفلام التي أنتجها منتسبوه، ومعارض التشكيل والندوات والمؤتمرات. هذا مجرد هلاوس،لأن قيادات الاتحاد التي اشتهرت بسبب ابداعها في الشعر والمسرح والقصة، لا يستطيع الشاعر منهم الآن أن يذكر لنا متى قرض آخر قصيدة شعرية؟ ولا المسرحي متى كانت آخر مسرحية ؟فقد باعد الانشغال بالترهات المسافات بين كتابة مسرحية واخرى. ولا يقدم الروائي أو القاص آخر رواياته أو مجموعات قصصه.
أما القضية الثانية، وهنا استشهد بخطاب الدورة حرفيا الجزء الخاص بالانجازات، جاء فيه ما يلي:
«أ/3: لكن، ومع أن العمل العام، بطبيعته، مطروح للنقد والتقويم، إلا أن اللجنة، بقدر ما رحبت بالنقد العفيف، وحرصت على الاستماع إليه يصدر من مواقع الحدب وحسن النية، سواء من داخل الاتحاد أو من خارجه، بقدر ما قامت بواجبها في اتخاذ المواقف الصارمة في الدفاع عن الاتحاد إزاء أية محاولة متعمَّدة لاستهدافه بسوء التفاهم المفتعل، أو التجريح الغوغائي الظالم، أو الإشانة المغرضة لسمعته بالباطل، أو ما إلى ذلك من المتاعب التي ابتلي بها العمل المدني العام في بلادنا للأسف. ومع أننا لم نضطر لمواجهة شيء من ذلك، خلال العام المنقضي، سوى في حالتين فقط، فإنه يجدر بنا التنويه بهما هنا، ولو بشكل مقتضب، وذلك، أولاً، من باب التوثيق، وثانياً من باب التنبيه لأهمية عدم التغافل عن مثل هذه المحاولات، وضرورة مجابهتها بالحسم اللازم، خاصة عندما يكون عدم البراءة فيها جلياً، وذلك كالآتي».
يذكر الحالة الاولى عن «شبكة الصحفيين ثم يورد حرفياً: «الحالة الثانية: هي المشكلة التي افتعلها، أيضاً، مدير مركز الدراسات السودانية المعطل مع الاتحاد، حيث تحدث عبر الإسكايب إلى ورشة عمل نظمها حزب الأمة بداره بأم درمان في 13 يناير 2013م، منتقداً اتحادنا لكونه لم يصدر بياناً يشجب فيه تعطيل المركز، وبخس كل الجهد الذي بذله الاتحاد مع منظمات أخرى.
ولم يتراجع مدير مركز الدراسات عن موقفه الخاطئ هذا حتى بعد أن علم بكل تلك الحقائق، الأمر الذي اقتضانا، بعد صبر طال أكثر من شهر، إصدار بيان في 16 فبراير 2013م نعينا عليه فيه أنه جَهِلَ ولم يطلب العِلم، وعَلِمَ ولم يعمل بما عَلِمَ!»
نعود الي الامساك بالقضية من جذرها ونستشهد بالبيان الأصل، لكي نفهم لماذا لم يتراجع مدير مركز الدراسات عن موقفه الخاطئ؟وأركز على موضوعين التكريم ثم عدم المضي في رفع قضية؟يقول البيان في المستهل:
«الاتحاد غير مشحود ليقف مع المركز في محنته، فسالفه على الثقافة السودانية محفوظ عندنا، رغم مآخذ بعضنا الكثيرة عليه، ولهذا، بل وربما مع هذا، كرمناه في بعض بواكير مؤتمرات الميلاد الثاني لاتحادنا، ووضعنا صورة مديره في صالة العرفان بدار الاتحاد، وما تزال في موضعها».
من البداية يطل الخبث واللؤم وسوء الطوية، حين يتحدث البيان عن «مآخذ بعضنا الكثيرة عليه». وكان يجب ذكر المآخذ «من باب التوثيق والتنبيه» كما قال البيان قبل أسطر قليلة. ولكن ترك هذا لخيال وتخمينات المتلقي. ولكن أذكر نيابة عنهم أهم المآخذ، وقد تكررت، وهي: عدم المؤسسية في المركز. وقد أوضحت اختياري في التسيير الأفضل لعمل المركز، خاصة وأنني أعرف جيداً «مؤسسية» التربيطات والشلليات وكيف تجري الانتخابات؟ والقوائم الجاهزة التي يبصم عليها يوم التصويت. وأعلم كل اشكال الاقصاء والاستلطاف وعدم الاستلطاف. ومن مظاهر المؤسسية الزائفة وتحديث التخلف، أن الاتحاد صار أقرب الى الادارة الأهلية يسيره عمدة أو شيخ خط بدرجة بروفيسور بمساعدة كوميسار لثقافة هي مجرد سياسوية فجّة تصدر البيانات عن معارك «هجليج» ومصنع اليرموك. فالاتحاد في تنافس مع الاحزاب الكسيحة على حساب الابداع والخلق. تصور أن الاتحاد عجز عن إصدار دورية منتظمة، ليس لأسباب مالية لأنه حاصل على منحة معتبرة من الاتحاد الاوربي. ولكن بسبب الفقر في القدرات والموهبة وعدم المثابرة في الكتابة الجادة، والجري وراء أعمدة الصحف اللقيطة غير معروفة المنبت.
لجأ البيان للتدليس في موضوع تكريمي، فقد وقف «الكوميسار» ضد تكريمي في الدورة الأولى، وشنت بعض الصفحات الثقافية هجوماً على الاتحاد، وأذكر بالتحديد د. وجدي كامل، وتساءلوا عن أسباب استبعادي والمركز عن التكريم؟ولم يرد أحد، ولكن في الدورة الثانية وبمنتهي الفهلوة قررت الإدارة الأهلية تكريمي، وقد رفضت ذلك التكريم واعتبرته مجرد خزعبلات، ولم أحضره ولم استلم درعا أو درقة. واتحدى الاتحاد أن ينشر أية صورة ليّ تثبت أنني قد شاركت في مهازل وألاعيب الاتحاد، واستلمت من مسؤول منهم درعاً مثلاً. وهذه مسألة تكون عادة موثقة ولا تحتاج للمغالطات. والسؤال مازال قائماً بدون رد: ماذا حدث في الدورة الأولى ولماذا كان الاستبعاد؟
لقد عاتبت الاتحاد، ليس افتعالا لمعركة ولكن تذكيراً بالدور الحقيقي للاتحاد. لأن وظيفته هي الدفاع عن الثقافة والتنوير، وهنا يتميز عن نقابة النقل الميكانيكي أو عمال البحرية. وتوقعت بياناً خاصاً بالثقافة والمثقفين ثم بعد ذلك يأتي عملهم الجماعي مع الكونفدرالية أوغيرها. ولكن يبدو أن الاتحاد مازال يعمل بعقلية «الكومسومول» والحشد وكثرة التوقيعات. وللعمل الثقافي جانب فردي وخصوصي، بالذات هناك في الاتحاد من يتكلم عن الحداثة، وما بعد الحداثة، ودريدا وفوكو، أمثال هؤلاء الحداثيون يجب الا يكونوا مجرد رعية أو قطيع يسيره العمدة.
أما الأمر المتعلق بالتقاضي، نقرأ معا ثم أرد:
«لقد بدا لنا في الاتحاد أن حيدر ربما كان أقلنا عناية باستمرار مركزه في الخدمة الثقافية، أو لعله يرى إمكانية تحقيق هذه الاستمرارية بوسائل أخرى! ذلك أن الكونفدرالية والحملة تواثقتا على رفع دعوى إدارية باسم المنظمات المعتدى عليها لاستنفاد الجانب الحقوقي من المسألة. وطلبتا من القائمين على هذه المنظمات التوقيع على تكليف هيئة المحامين الذين تم تعيينهم للبدء في هذه الإجراءات، وتصادف أن كان الأمين العام للاتحاد هو أحد قادة الهيئة المشار إليها. لكن ممثل مركز الدراسات في الخرطوم اعتذر عن توقيع التكليف بأنه تلقى مهاتفة، لعلها عن طريق الإسكايب أيضاً، من حيدر بالقاهرة، منعه فيها من ذلك التوقيع بحجة أنه لا يثق في جدوى مثل هذه الإجراءات! ثم حدث، بعد ذلك، أن عاد حيدر، من تلقاء نفسه، واتصل بأحد أعضاء هيئة المحامين، معرباً عن رغبته في الانضمام إلى الإجراءات! لكنه ما لبث أن انقلب، بعد أيام قلائل، واتصل بنفس المحامي، معتذراً عن الانضمام، ومبرراً ذلك بأنه لا يريد أن يزجَّ بممثله بالخرطوم في مثل هذه المتاعب»!!
أولاً ،هذا النص القصير به أربع علامات تعجب كما يلاحظ القارئ وهذا لزوم الغمز واللمز، فكيف يمكن أن آمن مثل هذا أن يدافع عني وعن المركز؟هؤلاء أعداء وكانت عداوتهم أشرس وأخبث من آخرين. فقد قاموا منذ قيام المركز بنشر دعاية التمويل الأمريكي، ولن أدخل الآن في تفاصيل الحرب القذرة التي أطلقوها في القاهرة منذ مولد المركز. ولكن اكتفي بتوضيح فحوى البيان. ولا بد من القول أنني لم أطلب أية مساندة قانونية لأن لديّ طرق أخرى. ولكن ما حدث بالضبط، هو أنه بعد محادثة مع الاستاذ معز حضرة المحامي، طلب مني ارسال تفويض قانوني ووافقت. كتبت التفويض ولكن اتصلت بالاخ معز مستفسراً عن أسماء المحامين القائمين بالأمر. وبعد أن عرفت الأسماء، لم أرسل التفويض لأنني وجدت أسماء ليست مؤهلة إنسانيا للدفاع عن المركز، لأنهم ليسوا أصدقاء حقيقيين ولم يقفوا معه ايجابياً في الماضي. وهم الآن يريدون «شو إعلامي» يكرس مسرحية الدفاع عن حقوق الانسان والحريات. وقلت للاخ حضرة هؤلاء ممثلون سيئون، فقد تم تزوير الانتخابات ولم يرفعوا ولا قضية واحدة. أما الفساد فالمراجع العام ينشر لهم البينات القاطعة، ولم يتبرع أي استاذ بتبني قضية وملاحقة المفسدين. وهذه أولويات عامة وقوية وتهم الشعب السوداني كله. والآن يقبع في السجن انتصار العقلي، ود. محمد زين العابدين، وعبد العزيز خالد، والمفتي، والكودة وآخرون وسيتكرر معهم الاهمال الذي تعرض له علي السيد ورفاقه عام2007م.
رفضت دفاعهم لأن علي رأسهم أستاذ كبير وناشط عالمي، جاء مرة للمركز بكتاب يريد نشره وطلب منّا تجهيزه فقمنا بذلك، وأرسلنا المخطوطة له خارج مصر. وظللنا ننتظر لإكمال المهمة، وكانت المفاجأة حين وجدنا الكتاب يصدر من دار «المستقبل العربي» لصاحبها الاستاذ «محمد فائق» رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان. وتزحلقت على الموقف لأنه تكرر، ولكنني فجعت حين قابلت الاستاذ «هاني مجلع»، ممثل مؤسسة فورد بالقاهرة، وذكر ضمن الحديث أنهم مولوا كتاب فلان. وهنا فهمت، نظام شيلني واشيلك، فالمؤلف له مصالح مشتركة مع «فائق» فلماذا يضيعها من أجل مركز الدراسات السودانية؟مثل هذا غير مؤهل أخلاقياً في هذه الظروف لأن يدافع عننا. أما الحادثة الثانية، فقد كانت خلال الاحتفال باليوبيل الذهبي للاستقلال، حيث اكتشفنا أن تكلفة احضار الفنان «مارسيل خليفة» عالية، وقلنا نعمل تذاكر اكرامية ب «50» جنيهاً لاصدقاء المركز. وذهب أحد أعضاء المركز لأحد الاسماء التي ستدافع عننا، فرد عليه: والله أنا المركز ده مليم واحدة ما ادفعها له! كويس موقف نحترمه، ولكنه جاء للحفل في كامل مشمشه وهندامه مصطحباً بعض من يحب. طبعا يستحيل أن أقبل أن يكون لمثل هؤلاء فضل الدفاع عن المركز لانهم ليسوا اصدقاء حقيقيين وصادقين.
في النهاية أنا حزين أكثر مني غاضب، أن تدار أعلى مؤسسة ثقافية بعقلية القطيع، وحقيقة هناك اشخاص أحترمهم كنت أريد أن أعرف هل صوتوا على هذا البيان بالموافقة وبنفس هذه اللغة والنفس والروح؟
أما مظاهر التخلف المخلوط بحداثة مغشوشة، فهي:
1/ أين التداول وروح الشباب ولماذا الكنكشة في ان يرأس الاتحاد عام 2012م شخص كان على رأس «أباداماك» عام1965م؟ لماذا نلوم الصادق المهدي الذي صار رئيساً في ذلك الحين؟
2/ أين هو وجود الاتحاد في النشاطات الاقليمية والدولية؟ وهل تكفي ندوات «أغاني البنات» التي أوردها خطاب الدورة في الانجازات، دليلا على حيوية الاتحاد؟
3/ عنوان الندوة السنوية هذا العام، وهو: «نسبنا الحضاري» منتهى الانصرافية، وسوف تكرر سؤال: هل نحن عرب أم أفارقة بعد فصل الجنوب؟هذه القضية الوهم والماسخة. لماذا لا نتحدث عن المستقبل ونطرح أسئلة ثقافة المستقبل من تعليم وعقلانية ودولة حديثة وتكنولوجيا وعولمة وتجديد ديني؟سوف يأتي المشاركون بأوراق تمت تلاوتها عشرات المرات في ندوات سابقة، وهي نفسها مع تغيير التاريخ فقط. إنه الكسل الفكري والتصحر الثقافي الذي جعل المثقف السوداني يهتم بجحود زميل اكثر من اهتمامه بفكرة جديدة أو كتاب جديد.
إن السودان يتقدم بخطوات سريعة من حالة الدولة الفاشلة إلى حالة الدولة المنهارة، ويقترب من الدورة الخلدونية في التفسخ والانحلال. ولا يمكن تجنب السقوط إلا إذا أبعدنا هؤلاء الطواويس والنرجسيين من قيادة حركة الفكر والثقافة، لأن السمكة تفسد من رأسها ورأسنا قد فسد تماماً.. أفيقوا من هذه الاحقاد والضغائن وأحلام العصافير، أنكروا ذواتكم مرة واحدة في هذا الزمن الحرج من مصير الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.