إلى سيادة الرئيس والنائب الأول ونائب الرئيس ومساعدي الرئيس وكل مسؤول وحادب على شأن هذا الوطن، أدعوك «أن تمشي على كلماتنا بالعين لو صادفتها، اسقط عليها قطرتين من العرق كي لا تموت» وأن تتبنى هذا العنوان وتعمل بكل ما لديك من سلطة ومقدرة لإنفاذه على الفور من أجل هذا الوطن ومستقبله. يعلم خبراء الاقتصاد والمهتمون بشأنه أن المعيار والمؤشر الحقيقي لثبات قوة العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية واستقرار الأسعار والحياة العامة للمواطنين، هو الميزان التجاري للدولة الذي في حالة ثبات أو قلة طرف الصادر فيه، لا بد أن تتخذ التدابير الفورية في الطرف الآخر الواردات لتكون الغلبة للصادرات بقدر الإمكان، وفي الحالات الطارئة وبصورة ثانوية تتخذ التدابير الإسعافية مثل تقليل الإنفاق وإيقاف الدعم عن بعض السلع وغيره بوصفها عمليات آنية، وتعطى افضلية الصرف على الأولويات والضرورات. ونعلم جميعا أن زيادة العائد الجمعي للصادرات بزيادة كميتها وتحسين نوعيتها، يجب أن يكون مفهوماً وممارسة مستمرة ودائمة وتوفر لها كل الاحتياجات الممكنة، ولكنها عملياً وفي الغالب الأعم تتطلب مدة زمنية أطول حتى ندرك نتائجها، وقد يستغرق ذك عدة أعوام. أما الواردات فأغلبها يمثل موجودات جاهزة في بلاد المنشأ، وعليه تصبح المدة اللازمة لاستيرادها والاستفادة منها أقل بكثير من الفترة الزمنية المطلوبة لزيادة الصادرات، لذا يصبح منطقياً ان يتم التركيز الأكبر هو الاستفادة من متغيرات وأساليب الواردات في الدول الفقيرة والنامية لزيادة حصيلة العائد المالي العام. ما هي التدابير اللازمة للاستفادة من متغيرات وأساليب الواردات؟ كفاية الواردات: بمعنى أن «نمد أرجلنا على قدر ألحفتنا» باستيراد ما نحتاجه فقط مع نسبة زيادة طفيفة تغطي سوء التقدير والحساب، حتى نتمكن من توفير عملات صعبة يتم توجيهها بجلب نوعيات أخرى ومدخلات ضرورية لحياتنا ولزيادة كمية وتحسين نوعية صادراتنا لتنافس في الأسواق العالمية. وفي الحالات الطارئة والصعبة أن نركز فقط على استيراد الضروريات وبالقدر المحسوب والمطلوب فعلاً، ونقلل بقدر الإمكان من الكماليات كفاءة الواردات: بمعنى أن تكون نوعية كل الواردات حسب المقاييس والمواصفات العالمية والعلمية المتعارف عليها من حيث جودة النوعية «المواد المستعملة والتصميم» الاداء «الكفاءة المثلى للمنتج والملاءمة المثلى للبيئة والظروف المحلية» ومدة الاستخدام «العمر الافتراضي/ مدة الصلاحية» التي تتناسب مع القيم المدفوعة لشرائها بالعملات الأجنبية. وهذان الشرطان هما مربط الفرس والأساس لبقاء الدولة متوازنة في أحلك الظروف، ومهتمة بالأساسيات والضروريات، وقادرة على العيش باستقرار نسبي. وألا نكون كالذين ينتجون ويزرعون دأباً وتأكل دول الشرق وغيرها حصيلتنا بدفع مقابل للمنتجات تقل قيمتها الحقيقية كثيراً عما دفعناه. دعنا نضرب امثلة واقعية لبعض المنتجات التي تستورد للسودان حتى يتمكن المسؤول أو المواطن العادي من معرفة مقدار المال المفقود فيها ومن تقدير حجم المال المفقود لذات الأسباب في النوعيات الأخرى ذات القيم الكبيرة والنسب والاعداد الكثيرة مثل الآلات والشاحنات والبصات وقطع الغيار والإطارات التي تشاهدوها ممزقة على طول جانبي الطرق السريعة.. الخ الكفاءة ومدة الاستخدام: دعنا نفترض أن هنالك «8» ملايين «أسرة، مجمع سكني وشركات.. إلخ» تصرف كما هو الحال الآن متوسط «15» دولاراً شهرياً على أدوات السباكة وقطع الغيار الكهربائية الخاصة بالإنارة الداخلية التي يلاحظ أغلب المواطنين حالياً أنها تتكسر في أيديهم خلال التركيب أو تعمل في أحسن الأحوال وبحد أقصى لمدة شهرو علماً بأنه وبحسب المواصفات العالمية يفترض أن تعمل هذه القطع على الأقل لمدة عام. ويعني ذلك أن ما ندفعه في الشهر لشرائها يجب أن يبقى عاملاً لمدة عام ولكننا نكرر شراءها شهرياً، عليه دعونا نحسب ما تخسره الدولة والمواطنون في هذه المواد البسيطة ونقيسه على ما هو أكبر: ٭ ما ندفعه شهريا =8.000.000 أسرة * 15 دولاراً شهريا = 120.000.000 دولار هذا يجب أن يكفي لمدة عام ما ندفعه في السنة حسب الواقع الحالي =120.000.000* 12 =1.440.000.000 دولار عليه بسبب عدم إعمال إجراءات واختبارات المقاييس والمواصفات الضرورية ما نخسره من عملة صعبة في هذه القطع البسيطة يزيد عن مليار دولار سنوياً «الفرق بين ما ندفعه لقطع حالياً وباستمرار وما ندفعه لنفس القطع لتبقى لمدة عام»، عليه يمكننا ان نقيس على ذلك مقدار الخسارات الناتجة مما هو أكبر وأضخم وأكثر عدداً من الآليات والشاحنات والبصات وقطع الغيار والإطارات.. إلخ والمستمرة إلى أن يقضي الله امراً كان مفعولاً. حاشية: كنت في الصين ضمن وفد فني تابع لشركة سعودية، فسألت احد المهندسين عن سعر طلمبة مياه متوسطة الحجم، فكان سعرها مناسباً جداً، فطلبت منه أن يمدني بمواصفاتها الفنية، وبما انه كان يظنني سعودي الجنسية فقد أفادني بأنه وبحسب مواصفاتها غير مسموح بدخولها للسعودية، فقلت له أنني اريد توريدها للسودان، فضحك وقال لي في هذه الحالة لا توجد مشكلة، ويمكن أن نتفق على الكميات المطلوبة وأسعارها ...إلخ. كفاية الواردات : في عام 2005م صدر قانون تشجيع الاستثمار، وعليه جرى استيراد شاحنات وبصات سفرية بأعداد مهولة بدون اعداد وأسقف مقدرة ومدروسة، فحدث إغراق في كثير من القطاعات «وما جرى للشاحنات ليس ببعيد» كما أن في قطاع البصات السفرية عدد البصات الموجودة الآن ثلاثة أضعاف الاحتياج الفعلي «نشير الى أن نصفها الآن متعطل بالورش بسبب خسارات الشركات وعدم مقدرتها المادية على تأهيلها»، ويمكنكم أن تقدروا مليارات الدولارات التي دفعت نظير هذا الفائض وقطع الغيار التي يتم توريدها ليظل هذا الفائض عاملاً. أضف إلى ذلك وبسبب ان العرض أكثر من الطلب ولعدم تفعيل أنظمة تشغيل مناسبة لأن أسلوب التشغيل الحالي مبني على السوق الحر، أدى ذلك إلى خسارات مالية بالشركات ومظاهر اجتماعية سالبة ترونهم في المواقف من منادين وغيرهم، وزاد من إهلاك الطرق ببصات شبه فارغة ورفع نسبة الحوادث واستهلاك الوقود، وسيؤدي ما هو حادث والارتفاع الكبير في المدخلات التشغيلية بسبب زيادة سعر صرف الدولار وثبات سعر التذاكر «الغريب في الامران قطاع البصات السفرية هو وسيلة النقل الوحيدة التي تسعر تذاكرها الدولة وتتخوف من زيادتها وتعلم أن جميع قطع الغيار مستوردة بالدولار المتزايد سعره يومياً» «وحتماً»، سيودي كل ما ذكرناه إلى تدمير كامل لهذا القطاع. وأقول ذلك من واقع معرفتي بهذا القطاع بوصفي عضواً في المكتب التنفيذي بغرفة البصات السفرية، علماً بأننا أوجدنا الحلول المناسبة والعادلة لأنظمة التشغيل والكفيلة بإبقائه متوازناً ومؤدياً دوره على الوجه الأكمل، ولامتصاص الفائض من البصات مع إيقاف الاستيراد، لكنها لم تنفذ حتى الآن بالرغم من فوائدها الجمة لأصحاب الشركات والدولة والمواطن، لأن المعارضين للنظام والمنتفعين مادياً بهذه الفوضى في محاكم وصراعات مستمرة مع الغرفة كسباً للزمن وتقويضاً للنظام، علماً بأن المحكمة الإدارية العليا حكمت بأحقية الغرفة لاختيار النظام المناسب وكل الجهات ذات العلاقة وزارة النقل، الأمن الاقتصادي السياسي على علم بذلك. وعليه أجزم بأنه إذا لم تدخل الدولة ممثلة في أعلى مستوياتها وبصورة مباشرة وفاعلة فإن هذا الحال سيؤدي إلى تدمير كامل لقطاع البصات السفرية وعدم قدرته القسرية على نقل المسافرين في غياب السكك الحديدية والغلاء النسبي للطيران. إن وزارة المالية هي الجهة المسؤولة عن أمر المال العام، ومهمتها توزيع ما هو موجود منه حسب الميزانيات المخططة والمعتمدة لكل جهة، وفي الحالات الطارئة قد تطلب تقنين بعض الضرائب والرسوم الإضافية لتغطية العجوزات وتوجيه الصرف حسب الأولويات والضروريات . أما الوزارات المنتجة كالصناعة والزراعة والثروة الحيوانية والبترول والمعادن إلخ، والتنظيمية كالتجارة، جميعها وبشكلها الحالي غير قادرة على تغطية المواصفات والمقاييس الكلية لجميع الواردات، وقد تهتم كل جهة حسب ما هو حال الآن بتحديد كميات ونوعيات ما تريده من واردات دون الرجوع إلى جهة مركزية ذات مرجعية موحدة وخبرات في تحديد الكم والنوع الخاص بهذه الواردات، وعليه نقترح تأهيل هيئة المقاييس المواصفات وترقيتها الى هيئة قومية موحدة وتكون تابعة بشكل مباشر لرئاسة الجمهورية، مع تحديد الاسقف التي تعتمد بواسطة الرئاسة، وتوفر لها كل الإمكانات المادية وإمدادها بالمعينات الضرورية من أجهزة قياس والمختبرات الخاصة بكل الواردات مهما كانت التكلفة، كما يجب أن تكون زاخرة بالمعلومات وقواعد البيانات الضرورية لتحديد الاحتياجات الكلية لكل واردات السودان، حيث تودع لديها كل الطلبات الولائية والقومية والأفراد والشركات والمصانع والوزارات إلخ، لتحديد كمياتها ونوعياتها حسب المواصفات العالمية التي تلائم بيئتنا وواقعنا، وتحديد الاولويات والضروريات، وبناءً على ذلك تحدد الكميات والنوعيات المطلوب استيرادها، ونقترح أن يكون تكوينها قومياً ونسبياً بعيداً عن الانتماءات السياسية، وذات مشاركة واسعة من العلماء والخبراء وذوي التجربة والدراية في هذا المجال، وتدريب وتأهيل كوادر شابة للإلمام بهذه التقنيات من كل مصادر تنوعها في العالم شرقاً وغرباً ووسطاً، ومدهم بكل المعينات الضرورية وإعطاؤهم مميزات وظيفية ممتازة بغية استقرارهم، وفي ذات الوقت وضع الضوابط والوسائل الرقابية الصارمة التي تمنع التلاعب في هذا الشأن، لأن مخرجات عملهم هذا سيكون عائده لأهل السودان جميعاً. نسأل الله العون والسداد