شهدت مدينة الفاشر أمس هدوءًا مشوبا بالحذر والترقب من احتمال انفجار الاوضاع مرة أخرى، في ظل تهديدات وشائعات سرت بأن مجموعات مسلحة تحاصر المدينة من الخارج تأهباً لتنفيذ هجوم. في هذه الاثناء ابدي تحالف قوي جوبا، بالغ اسفه للاحداث ودعا الي تشكيل محاكم عاجلة لمحاكمة المتورطين في قتل المواطنين، مطالبا والي الولاية عثمان محمد يوسف كبر، بتقديم استقالته. ورصدت «الصحافة» خلو شوارع المدينة من حركة المواطنين، بينما ظلت الاسواق مغلقة لليوم السادس على التوالي، مع توقف المواصلات ،ودفعت السلطات أمس بالمزيد من التعزيزات الامنية على مداخل المدينة والطرقات الرئيسية، حيث تمركزت ناقلات الجنود والمدرعات والآليات الثقيلة، ولم تمنع التعزيزات الامنية وصول أعداد اضافية من متضرري «سوق المواسير» من الولايات الاخرى إلى مدينة الفاشر، واخضعت السلطات القادمين إلى عمليات تدقيق وتفتيش مشددة. وفي الاثناء واصلت أسعار السلع الاساسية الاستهلاكية بالمدينة ارتفاعها وبلغ سعر برميل مياه الشرب 15 جنيهاً، رطل السكر، جنيهين، بجانب ارتفاع في اسعار الخضر واللحوم. واشتكى المتضررون القادمون من الولايات الاخرى ل «الصحافة» من ارتفاع اسعار الوجبات مع صعوبة اجراء الاتصالات حيث شهدت محال تحويل رصيد الهواتف النقالة طوابير طويلة من المواطنين للحصول على ما يمكنهم من الاتصال مع أقاربهم. وعززت الشرطة من تواجدها داخل الاحياء التي انطلقت منها تظاهرات أمس الاول، خاصة حي الوحدة جنوبالمدينة والثورة جنوب تحسباً لأية اعمال عنف جديدة. وبرغم التعزيزات الامنية، تجمع المئات من المتضررين امس امام نيابة الثراء الحرام في صفوف طويلة بهدف تدوين بلاغات بينما امتنع آخرون عن التسجيل بحجة ان الحكومة حتى الآن لم تقم بتعويض أي من المتضرين، وذكر عدد من المتضررين ل «الصحافة» ان السلطات تطلب منهم 100 جنيه كرسوم تسجيل وتدوين البلاغ. ووصلت جملة البلاغات المدونة حتى الساعة الرابعة مساء أمس 1600 بلاغ حسب مصادر ،وقالت ان جملة الاموال التي تم ضبطها من منازل وكلاء ومديري المعارض بسوق المواسير (35) مليون جنيه بجانب 120 عربة وأصول أخرى ومواد تموينية. الى ذلك، اضرم نازحون متضررون من انهيار سوق المواسير أمس الاول النار في جزء من مقر قوات اليوناميد بمعسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور اثناء المظاهرات. وقالت مصادر ل»الصحافة» إن المتضررين من سوق المواسير بمعسكر زمزم سيروا مسيرة احتجاجية ،واحرقوا جزءًا من مقر البعثة ومركز الشرطة المجتمعية التابعة لشرطة اليوناميد، مما ادى الى اتلاف مولد كهربائي ،وسرقة بعض الاثاثات المكتبية وخزانات المياه، وتم تجميد نشاط اليوناميد بالمعسكر. بينما قتل طفل في حادث بعربة تابعة لليوناميد اثناء هروبها من المتظاهرين. من جهة أخرى، قتل سبعة اشخاص بمنطقة طويلة غرب الفاشر من قبل مجهولين، وقالت مصادر ان مجموعة مجهولة هاجمت المواطنين داخل منطقة طويلة وقتلت سبعة أفراد في منازلهم. وفي سياق متصل، تمكنت السلطات الأمنية من ضبط (10) من المتهمين الهاربين في قضية سوق المواسير ،بمدينة واو امس بحوزتهم مبالغ مالية كبيرة . ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية عن مصادر شرطية ،وجود ترتيبات لتهريب المتهمين الى خارج السودان بقيادة التاجر الصادق الفاضل ابراهيم ،مبيناً ان السلطات بولاية غرب بحر الغزال تمكنت من ضبطهم جميعاً وبحوزتهم مبالغ مالية كبيرة. وأكدت المصادر أن الاجراءات تمضي لنقل المتهمين الى الفاشر لاستكمال التحقيقات. وفي السياق ذاته ابدي تحالف قوي جوبا، بالغ اسفه للاحداث التي راح ضحيتها عشرات القتلي والجرحي ، بسبب خروجهم في مسيرة سلمية للمطالبة بحقوقهم المالية، ودعا الي تشكيل محاكم عاجلة لمحاكمة المتورطين في قتل المواطنين، مطالبا والي الولاية عثمان محمد يوسف كبر، بتقديم استقالته. واعلن عضو تحالف قوي الاجماع الوطني، كمال عمر ل»الصحافة»، وقوف تحالف جوبا مع مواطني الولاية المتضررين واسر الشهداء، وعزا الانهيار الذي شهدته مدينة الفاشر الي سياسات المؤتمر الوطني في الانتخابات التي جرت اخيرا، رأي انها تسببت في هذه (الكارثة)، مطالبا بالاسراع في معالجة الامر، ورأى انه مطلوب من والي الولاية اتخاذ موقف بتقديم استقالته، وقال ان ما تم يؤكد فشل حكومة ولاية شمال دارفور والحكومة الاتحادية في معالجة قضايا المعاملات المالية والصرف علي الدعاية الانتخابية، ورأي انها اثرت علي احوال عامة الناس ومعايشهم. من جانبه، أكد مدير شرطة شمال دارفور، اللواء عبد الرحمن الطيب النورابي، هدوء الأحوال الأمنية، مؤكداً السيطرة على الأوضاع بالولاية بعد أحداث الشغب التي صاحبت تداعيات مايعرف بسوق المواسير . وقال النورابي في تصريح ( للمكتب الصحفي للشرطة ) إن وزير العدل قام بتكوين لجنة قانونية لمتابعة الأمر، مناشداً المواطنين بإلتزام الهدوء وإتباع الخطوات القانونية لإرجاع حقوقهم وعدم اللجوء الى أي عمل يقود الى تفلتات أمنية. وشكلت أسر الضحايا والمصابين من احداث الشغب التي شهدتها الفاشر أمس لجنة بغرض التواصل مع الجهات ذات الصلة والمطالبة باستحقاقاتهم ورفع الظلم الذي لحق بهم. وذكرت مصادر ل «الصحافة» ان اللجنة تم تكوينها من اشخاص محايدين ولم يُستصحب فيها السياسيون والادارات الاهلية حتى لا تفشل مساعيها ، وحددت منازل الضحايا مقراً لها، مشيرة الى ان اللجنة بصدد اعداد بيان تطالب فيه بضرورة تعويض الجرحى ودفع الديات لأسر القتلى، بجانب اطلاق سراح المعتقلين من قبل السلطات وضرورة صرف اموال المتضررين من السوق. واعلنت اللجنة حالة اعتصام داخل سرادق العزاء لمدة أسبوع تبدأ من صبيحة اليوم، حتى تتحقق مطالبهم. من ناحية أخرى، تجمهرت اعداد كبيرة من النساء والامهات بمدينة الفاشر أمام مباني القسم الاوسط للشرطة احتجاجاً على اعتقال ابنائهم واطفالهم، مطالبات بضرورة اطلاق سراحهم.