لا يخفى على كل ذي بصيرة ما آلت اليه الاوضاع في السودان على كافة الصعد، فأي مجال في السودان تنظر اليه تجده قد انهار، وهذه ليست نظرة متشائمة بل هو واقعنا المرير، وكل الفساد والتردي كوم وتدهور الخدمة المدنية كوم آخر، ولا يصدق ما وصلت اليه الخدمة المدنية وقد تعدى مرحلة التدهور فهي في طريقها الى الزوال. وفي زمن كنا نظن انه عهد الفوضى والانحلال كانت الرشوة موجودة لكن كان الراشي يعمل الف حساب عندما يريد ان يرشي موظفاً، وتجده يتلعثم ويتصبب عرقاً ثم يغلفها بأي شيء حتى لا ترى بالعين المجردة ثم يقذف بها في درج الموظف، وإذا لا قدر الله انتهره الموظف قائلاً «ده شنو؟» فحينها صاحبنا سيكون اصيب بكل امراض العصر. اما اليوم، ولا اطلق الكلام على عواهنه، ولكني الخص لكم سادتي تجربة مغترب سافر الى السودان في اجازته السنوية ليعانق تراب الوطن ويلتقي الاهل بعد غربة سنين اضناه فيها الحنين لناس كان يظن انهم كما تركهم قبل ان تعصف بأخلاقهم الظروف المعيشية، وكان يخطط للبدء في بناء قطعة الارض التي ظل يقدح سنين عدداً في الغربة من اجل شرائها، وبلهفة قريبة من العبط كان اخونا المغترب يمني نفسه برؤية معالم منزل المستقبل لكن هيهات!! انت في السودان انت في بلد بات فيه الموظف العام كرجل العصابات لا يخاف الله ولا يخاف من الحكومة، وقديماً قالوا من «لا يخاف الله خافه». تريدون ان تعرفوا مصير اجازة اخينا المغترب وانجازاته المعمارية، انه لم يزر اقرب الاقربين له ولم ير الحدائق او المتنزهات، ولقد انقضت كل اجازته ولم يكمل اجراءات تصديق البناء، ورغم انه دفع ملايين مقدرة رسوماً رسمية وأكثر منها لموظفي الدولة ، و «ما عارف اسميها شنو» اذا قلنا رشوة فهي تخطت عملية الرشوة لأن الموظف او الموظفة غير المحترمين اصبح كل منهما يقاول الزبون اقصد صاحب المعاملة، وفي اجراءات رسمية وقانونية، ولكن في النهاية لو كانت لحيتك في بطنك لازم تدفع، وعلماؤنا ما قصروا اراحونا من تأنيب الضمير وقالوا في مثل هذه الحالة هي تسهيلات، والله يسهل على حكومة وصلت الاوضاع فيها لهذا الحد بالمخارجة من غير رجعة غير مأسوف على شيخوختها. وفي هذه الأوضاع الناس منشغلون بالتجديد للرئيس بولاية لا أدري هي ثانية أم أولى، في وقت لم نتحدث فيه عن إنجازات الحكومة، وهل هي على يقين بأن الشعب سيجدد للرئيس الذي ستدفع به؟!