يوجد بالمنطقة التي تمتد من المطار شرقاً وحتي شارع الحرية غرباً وبين شارع «1» العمارات جنوباً وحتي السكة الحديد شمالاً أربعة عشر نادياً اجتماعياً وثقافياً وهو تكدس غريب للأندية في منطقة صغيرة جداً لثلاثة أحياء متجاورة ذابت الفوارق بينها مع مرور الزمن وتم تأسيسها وبناؤها في فترة زمنية واحدة في نهاية الأربعينيات وأوائل الخمسينيات كامتداد جديد لسكان الخرطوم عموم « وسط الخرطوم الان ». معظم هذه الأندية عبارة عن تجمعات للرجال الذين يهجعون اليها في الأمسيات للترويح عن أنفسهم بعد يوم شاق من العمل وضجر الحياة الأسرية ، ومعظم الذين يترددون علي هذه الأندية لا يصطحبون معهم أسرهم التي لا يعرف معظمها الطريق الي هذه الأندية الا مصادفة في مناسبة فرح ، وقد تسبب ذلك في تحويل هذه الأندية الي ما يشبه الكافتيريات الذكورية لاحتساء المشروبات الباردة والساخنة والتسلية البريئة . أتابع بانتظام أمسيات النادي العائلي بالخرطوم «1» حيث مقر النادي ، وهو نادي يندر أن تجد فيه جمهوراً كبيراً من ابناء الحي الذين أعرفهم فرداً فردأ ، ومعظم رواده من خارج المنطقة التي يمثلها وقد اصبح متنفساً في يوم الاثنين من كل أسبوع لعدد كبير من سكان العاصمة كلها وليس الخرطوم فقط وهذا أمر يحمد له ، ولكنه نشاط محدود ولا يعبر عن فكرة النادي الاجتماعي بمفهومه الشامل وهو عيب تشترك فيه معظم أندية العاصمة بما في ذلك الثلاثة الكبار « الهلال والمريخ والموردة» . المنطقة التي تمتد من شارع الحرية غرباً وحتي شارع المطار وتشمل مناطق الخرطوم 1،2،3 ، توجد بها اكبر واشهر الأندية الاجتماعية والثقافية بالخرطوم منذ عشرات السنين وأشهرها الأن نادي الأسرة بالخرطوم «3» ، ونادي القوات المسلحة، والنادي السوري، والنادي الدبلوماسي بالخرطوم «1»، ونادي الخرطوم«3»، والنادي الوطني بالخرطوم «1»، وقد كان سابقاً يعرف بالنادي العربي « المصري »، والنادي النوبي ، كما يوجد بالخرطوم «1» مقر الاتحاد السوداني العام لكرة القدم، ونادي الخرطوم، والنادي الألماني، ونادي البياطرة . ومعظم هذه الأندية لا تتردد عليها الأسر سواء كان ذلك من داخل الأحياء الثلاثة أو خارجها بالنسبة للأندية الفئوية ، وبعضها يكاد لا توجد فيه حياة أو نشاط رياضي أو ثقافي طوال أيام الأسبوع والشهور باستثناء عدد محدود من الأشخاص الذين يترددون علي النادي في فترات متقطعة مثل نادي الخرطوم الذي يحتل مساحة لا بأس بها ويحمل اسم الخرطوم ولايعرفه أهل الخرطوم « فكرة نادي الخرطوم انطلقت من أبناء الخرطوم غرب الذين ينتشرون الان في الخرطوم 1و2و3 » ، ولولا النشاط الشهري الذي تشرف عليه الأستاذة سارة ابو لأصبح النادي أثراً منسياً، ونادي الخرطوم مجرد مثال ينطبق علي بقية الأندية في هذه المنطقة. في هذه المنطقة يوجد عدد من أكبر بيوت الرأسمالية السودانية، وقد لاحظت من خلال متابعتي لنشاط النادي العائلي الثقافي الاسبوعي بالخرطوم «1و2» الصعوبات التي يواجهها النادي العائلي ليتمكن من مواصلة برنامجه الثقافي والفني الأسبوعي وكيف أنه يبدو مثل اليتيم الذي لا أب ولا أم ترعاه وتقف بجانبه ، وتركه أغنياء الحي يتكفف الناس ويستجدي الرعاية التي لا تتوفر في بلد مثل السودان بانتظام ، وباستثناء الوجيه أسامة داؤد عبداللطيف لا يوجد من أثرياء الحي الكبار جداً أحد من الذين ولدوا وترعرعوا في الحي وهو غائب عن نشاط النادي ، فآل النفيدي وآل ابراهيم مالك قدموا الي الخرطوم «2» من الخرطوم «3» وكانت بالنسبة لهم منطقة عبور رحل معظمهم بعدها الي منطقة سوبا وما جاورها حيث قاموا ببناء مجمعات سكنية ضخمة هناك ، لذلك تجدهم يسجلون ما يشبه الغياب الدائم عن أنشطة النادي وآل النفيدي أقرب الي نادي الخرطوم «3» ، وخلال حفل تكريم السيد عزالدين السيد الذي أقامه النادي العائلي الأسبوع الماضي لاحظت أن بعض أعيان الحي سجلوا غياباً عن تكريم أحد أكبر الشخصيات الوطنية التي تسكن الحي منذ سنوات طويلة وعلمت أنه قد تم اخطارهم كما لم يحضر رئيس مجلس أمناء لجنة تطوير حي الخرطوم «1 و 2». أنفق آل النفيدي مئات الملايين أو المليارات في شارع الستين لمجرد أن تتم تسمية الشارع باسم والدهم المرحوم الحاج بشير النفيدي وهو هدف لم يتحقق تماماً لان الاسم الذي علي لسان الناس حتي الان ما زال هو شارع الستين ، والحقيقة فان العديد من شوارع الخرطوم لا زالت تحتفظ بأسمائها القديمة مثل شارع الحرية الذي اسمه « شارع السيد علي » كنت أتمني أن ينفق ابناء المرحوم النفيدي أموالهم في تنمية منطقة الخرطوم «2 -3» لان المثل الشائع يقول « جحا أولى بلحم توره » ولان المنطقتين أولي بمال الحاج النفيدي من مناطق الرياض والطائف والمعمورة وحارات الجريف التي يشقها شارع الستين /بشير النفيدي ، وهي امتدادات جديدة ضخمة كان من الممكن تطوير شارع الستين من الجبايات التي تجمع من سكانها المحظوظين. وبمناسبة تسمية الشوارع في الخرطوم يري المرء العجب فمثلاً شارع الأديب الطيب صالح الذي هو شارع « أوماك » الذي يفصل بين الرياض وامتداد ناصر ما زال الناس يطلقون عليه شارع أوماك ، بل العلامات الارشادية التي تم تعليقها بواسطة المحلية في شارع عبيد ختم كتب عليها شارع أوماك وليس الطيب صالح ! نعود لحكاية تكدس الأندية وفي اعتقادي أن علي محلية الخرطوم أن تعيد النظر في حكاية هذه الأندية المنتشرة في هذه المساحة التي تقع غرب مطار الخرطوم ، واعادة تجميعها كلها في نادي واحد هو نادي الأسرة بالخرطوم «3» الذي يحتل مساحة دائرية شاسعة وبه ميادين وصالات يمكن اعادة تأهيلها بصورة حديثة ليصبح بعد اخلائه من المباني الادارية التي شوهت النادي متنفساً لكل المنطقة من المطار وحتي شارع الحرية غرباً، كما يمكن نقل الأندية الفئوية الأخري الي أماكن أرحب وأوسع ، وحسناً فعلت وزارة الخارجية التي أقامت لها نادياً فسيحا في منطقة كافوري. لقد سبق أن اقترحت بعد تأجيل فكرة مطار الخرطوم الجديد بسبب الصعوبات المالية ، أن تتم توسعة المطار بالتمدد غرباً حتي شارع المطار « شارع أفريقيا » وتحويل منطقة الأندية الي موقف كبير للسيارات وأن تلحق بها بعض المكاتب الادارية الموجودة الان حول المطار ، ويمكن الربط بين موقف السيارات ومباني المطار بمجموعة من المعابر الكهربائية فوق شارع المطار كما توجد في العديد من المطارات الدولية « مطار دبي مثلاً». عندما تم إنشاء نادي الأسرة بالخرطوم «3» في عهد محافظ الخرطوم المرحوم اللواء طبيب عبدالله قلندر كانت الفكرة أن يصبح النادي متنفساً للأسرة في كل المنطقة وليس الخرطوم «3» فقط ، وأعتقد أسندت رئاسته للدكتور أحمد عبد المجيد وهو من سكان الخرطوم «2» ، ونادي الأسرة يعتبر أكبر نادي في المنطقة الان من حيث المساحة وتفوق مساحته نادي القوات المسلحة، ويوجد به عدد كبير من ميادين كرة القدم والسلة والكرة الطائرة وغير ذلك من الألعاب الرياضية الأخرى ، الأمر الذي لا يتوفر بكل الأندية الأخرى ، وفي اعتقادي لابد من اعادة تخطيط منطقة الأندية فهذه الأحياء الثلاثة لا تحتاج لغير نادي واحد يجمعها ، كما لابد من تحقيق مفهوم النادي الاجتماعي بكل أبعاده الأسرية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والتربوية ، كما أن من الضروري لكي يتحقق ربط الأسر بالنادي من فرض رسوم للاشتراكات لكل أسرة كما هو حادث الان في أندية القاهرة الاجتماعية « نادي الجزيرة ونادي الصيد ونادي هليوبولس» ليساعد ذلك في تطوير الخدمات داخل النادي بالصورة التي تمكن الأسرة من الانتظام في الحضور وممارسة نشاطها داخل النادي.